تابعوا ڤوغ العربية

أوان الحقيقة في حوار ڤوغ العربيّة مع النجمة آن هاثاواي

بعدما وُضِعت في مرمى الانتقاد وإثر تعرُّضها للتجريح وحتى للكراهية، اختبأت آن هاثاواي خلف عدة أسوار لتحمي نفسها. ولكن نجمة فيلم “أوشنز 8” أصبحت الآن مستعدةً لتحطيم كلِّ تلك الجدران

نشر هذا اللقاء في عدد شهري يوليو/أغسطس من ڤوغ العربيّة

لا يوجد كثير من الأماكن على غرار مقهى لوكسمبورغ في مدينة نيويورك. إذا ما قلت لمسؤولة استقبال ضيوفه إنك على موعدٍ مع آن هاثاواي، ستكتفي بأن تهزَّ كتفيها وتجيب: “أوه لقد أتت إلى هنا ملايين المرات”. الأجواء بكل تفاصيلها راقية دون تكلّف، كأنما تلتقي تحت سقف المكان أجواء مطعم ليفت بانك ذي الطابع الفرنسي مع أجواء حي الجانب الغربي الشمالي المعروف برقيّه في مانهاتن.
بالفعل، عندما تدخل هاثاواي، لا يحدث أي تغييرٍ ملفت في المكان؛ فلا أحد يمدّ عنقه هنا أو يخرج هاتفه الآيفون هناك. فربما رأى الزبائن الآخرون هذه الممثلةَ الحائزة على الأوسكار مئة مرة هنا، أو ربما كانوا جميعهم فرنسيين.

وبعد مضي خمسة أعوام على موجة الكراهية #HathaHate -تلك العاصفة الإعلامية التي ثارت ضد هاثاواي عام 2013 بعد فوزها بجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة مساعدة عن دورها في أداء شخصية فانتين في فيلم Misérables (البؤساء)، والذي نُظِر إليه على أنه مبالغٌ في جديته وإيماءاته وكل ما يتعلق به- خرجت الفنانة البالغة 35 عاماً من العمر بنتيجة بسيطة مفادها: ليس مهماً إن كان الناس يحبونها أم لا، لأنها تحبُّ نفسها حقاً. وعن ذلك تقول: “يهمني أن أحيا حياةً صادقة للغاية. لا أدري إن كان ذلك يجعلني شخصاً مملاً. لا أبالي حقاً إن كان كذلك”، وتردف بالقول: “كانت الأمور ستكون أسهل لو كنت أفضل في لعب دور المخادعة أو ذات الوجهين، أعلم كيف تجري كلُّ تلك الأمور. لستُ حمقاء أو ساذجة، فأنا أعلم أنني لو كنت لئيمة قليلاً في تعاملي مع الآخرين، سيقول الناس: ’أوه، إنها مرحة‘، وكل ما سأقوله عندها سيكون: ’هل لنا أن نأخذ مشروباً بدلاً من أن نمزّق بعضنا البعض إرباً إرباً؟‘”.

آن هاثواي بعدسة تصوير بيلي كيد لصالح عدد شهري يوليو وأغسطس من ڤوغ العربيّة

ولِدت آن -أو آني، كما تطلب مني أن أدعوها- في بروكلين. وعندما كانت في السادسة من عمرها، انتقل والداها -جيرالد، وهو محامٍ عماليّ؛ ووالدتها كيت، وهي ممثلة سابقة- إلى ملبورن في ولاية نيوجيرسي. لديها أخَوان. ”أن تمتلك حقيقتك“ تحوّل إلى ما يشبه الشعار في حياة العائلة. تقول: “عندما كنت مراهقة وبدأت الحياة تأخذ مجراها، قال لي أبي: ’عليكِ أن تحافظي على ثلاثة وعود: لا تقومي بوشم جسمك حتى تبلغي الثالثة والعشرين، ولا تركبي الدرَّاجات النارية‘ -لدينا في عائلتنا تاريخٌ حافلٌ بالحوادث الناجمة عن ركوب الدرَّاجات النارية- ’ولا تكذبي‘. وقد حرصت جداً على الوفاء بتلك الوعود”. (رسمت نجمتنا وشماً بالفعل، وهو عبارة عن حرف M في باطن معصم يدها اليسرى، وذلك عندما كانت في الثامنة والعشرين من عمرها).
بعد تخرجها في الثانوية، التحقت هاثاواي بكلية ڤاسار لمدة قصيرة ثمّ التحقت بكلية غالاتين للدراسات الفردية الاختيارية التابعة لجامعة نيويورك العريقة لكنها لم تكمل الدراسة فيها، وعوضاً عن ذلك أصبحت ممثلة مشهورة. فبعد مشاركتها في مسلسل Get Real (كن واقعياً) على شبكة فوكس، الذي استمرَّ لمدةٍ وجيزة، شاركت في فيلم The Princess Diaries (مذكرات الأميرة)، ثمَّ وصلت إلى قائمة مشاهير الصف الأول من خلال مشاركتها في فيلم Brokeback Mountain (جبل بروكباك) الذي نال إعجاب النقاد، وكذلك الفيلم الناجح تجارياً The Devil Wears Prada (الشيطان يرتدي برادا). وخلال مشوارها، اكتوت وعانت الكثير؛ فبالإضافة إلى ردة الفعل السلبية التي لاقتها بعد فوزها بجائزة الأوسكار، سرق شريكها السابق ما يزيد على ستة ملايين دولار أمريكي من مستثمرين خلال علاقتهما التي دامت لأربع سنواتٍ ونصف السنة. لكنها تمكنت من استعادة توازنها وتزوجت من مصمم المجوهرات والمنتج آدم شولمان عام 2012، وبعد ذلك بنحو أربع سنوات رُزِق الزوجان بطفلٍ أطلقا عليه اسم جوناثان. ووفقاً لها، فقد كانت الأمومة تجربةً شافيةً، حيث تقول: “ما سيشعر به جوني تجاه نفسه سيكون له علاقة كبيرة بما أشعر به تجاه نفسي أمامه، فإذا ما شعرت بعدم الأمان، أحرص على عدم إظهار ذلك أمامه. إلا أنني أعمل بجدٍ حقاً للاعتراف بذاك الشعور وإفساح مجالٍ له، ثمَّ تحرير نفسي منه. أنا أكثر محبةً وعطفاً الآن، حتى تجاه نفسي”.

وخلال مسيرتها تلك واصلت هاثاواي العمل؛ فقد ظهرت فيما يزيد على 35 فيلماً، وعن ذلك تقول: “كنت أحاول عمداً خلال العشرينيات من عمري تمثيل أكبر عددٍ ممكن من الأدوار المختلفة تحت إشراف مختلف المخرجين، من أجل أن أصبح ممثلةً أفضل. إن كان هناك أيُّ هدف، فقد كان دائماً لعب أدوار إلى أن يقول الناس: ’أوه، يمكنها أداء ذلك الدور‘ وحسب”. ولم تمض الأمور دوماً على أفضل ما يكون، فقد شهدت بنفسها سوء استعمال السلطة. تقول: “تنطوي مسيرتي المهنية على عشرين عاماً من العمل، وقد خضتُ تجارب سيئة للغاية، كما خضتُ في المقابل تجارب رائعة بحق – مع أشخاصٍ من كلا الجنسين”. ويمكنني التكهّن بأنها متردِّدة تجاه الحديث عن الأوقات العصيبة، لكنها تخبرني لاحقاً: ”قبل بدء الكشف عن القصص الفظيعة والمثيرة للحنق التي روتها الأخريات في الأشهر القليلة الماضية، عانيتُ تجارب سلبية أثناء وجودي في موقع التصوير، بعضها ذات طبيعة جنسية. بعضها في بداياتي المهنية، وبعضها الآخر في فترة لاحقة – وجميعها غير مقبولة”.

آن هاثواي بعدسة تصوير بيلي كيد لصالح عدد شهري يوليو وأغسطس من ڤوغ العربيّة

تسعد هاثاواي أكثر بالحديث عن التجارب الإيجابية، وما يمكننا أن نتعلم منها. تقول: “كان هناك العديد منها؛ أحدها فيلم Serenity (صفاء) مع المخرج ستيفن نايت؛ فهو يميِّز نفسه على الدوام في كلِّ سيناريو من خلال التصرف كما لو أننا شخصان يحاولان رواية القصة ذاتها. لم أشعر يوماً بوجود ديناميكية القوة في تعاملنا، بل كان بالأحرى تعاوناً فنياً محترماً. والأمر عينه ينطبق على ماثيو ماكونهي وجيسون كلارك وطاقم العمل”. آن هاثاواي توظِّف تلك التجارب -والحوارات التي تثيرها تلك التجارب كذلك- لتثري عملها بمبادئ حركة Time’s Up (حان الوقت). وكان أحد أسباب انخراطها في تلك الحركة معرفتها شخصياً أنَّ موقع تصوير فيلمٍ ما يمكن أن يكون إما مؤذياً أو متناغماً، وعن ذلك تقول: “ولكن ليس فقط بسبب كوني ممثلة، فبصفتي امرأة في الخامسة والثلاثين من العمر، فإن اختلال التوازن اليومي للعالم جعلني أيضاً أرغب في أن أكون جزءاً من حركة للتغيير… أعلم أنَّ العالم يمكن أن يكون أسوء بكثير بالنسبة لنساء أخريات مما كان عليه بالنسبة إلي، ولكنني، مثل معظم من تأذُّين، أنني أريد حماية الأخريات من التعرُّض لتجارب أسوء مما عانيته. أريد المساعدة في جعل ما أعتبره أفضل جزءٍ من تجاربي هو المعيار السائد، كما كان يجب أن تكون عليه الأمور دائماً”. لقد أطالت التفكير في كيفية توغل التحرش بعمق في هذا القطاع، تقول: “أظن أنه لابدَّ أن هناك بعض الرجال الذين ينتشون عندما يكونون في موقع سلطة.يريدون أن تتردد أصداء آرائهـم. معظمهـم يـرون مايريدونـه”.

’’قلَّما يعاملني الناس كشخصٍ غريب، لقد أجدتُ على الدوام الغوص في أعماق الآخرين‘‘

وتدفع هاثاواي نفسها لرؤية الأمور بطريقةٍ مختلفة، تقول: “أحد الأمور التي أُجابهها في نفسي هي ميلي إلى التحيُّز وحقيقة أنني أطمح إلى أن أكون جزءاً من هذه الصناعة من دون أن أتخيل كيف يمكن أن تبدو عليه حين ينضم إليها الكثيرون. إن كان التغيير سيحدث، يجب أن نبذل جهداً. لقد أخبرني شخص فائق الذكاء ذات مرةً أنَّ الوحي لا ينتقل عبر الحمض النووي. فنحن نتعلم من خلال رواية القصص لبعضا البعض”. ومع إقدامها على مواصلة العمل وخوض غمار العمل الإنتاجي، تأمل أن تصبح راوية قصصٍ من نوعٍ مختلف، “أعمل على أمرٍ ما في الوقت الراهن، وأتمنى حقاً أن يتم إنجازه”، تقول، مع تسلُّل نغمةٍ تتجاوز السخرية إلى صوتها، وتضيف: “يدور العمل حول النسخ المتعددة للحقيقة، وما إن كان ممكناً الحكم عليك بمعيار أخلاقي من قبل شخص لم يتخيل مطلقاً كيف سيكون الأمر لو كان في مكانك”.
إلا أنَّ هاثاواي تركِّز حالياً على إطلاق فيلم أوشنز 8، حيث تلعب فيه دور دافني كلوغر، وهي ممثلة ربما تشارك في سرقة ألماسة وربما لا تفعل ذلك، مع ساندرا بولوك وكيت بلانشيت وريهانا، خلال حفل ”ميت“ السنوي الذي تُقيمه ڤوغ. ومن المُبشِّر حقاً رؤية مجموعة من النساء الذكيات ينجحن في تنفيذ عملية سرقة لا أن تكون كلٌ منهن المرافق الجذاب للبطل وحسب [في الأفلام]. وأسألها ما إن كان لعب دور شخصية شهيرة تحضر حفل الميت غالا، وهي فعالية شاركت فيها مراتٍ عديدة، أمراً غريباً. تجيب: “كنت متحمسة جداً لدعوتي للمشاركة مع الفريق، لقد كان عرضاً كبيراً أتى من حيث لا أدري. ولكن قلتُ لنفسي: ’لا تحرجي نفسكِ أمام بطلاتكِ. لا تحرجي نفسكِ‘”، ثم توقفت عن الكلام هنا كما لو أنها تريد إسكات منتقديها – بمن فيهم هي نفسها.

آن هاثواي بعدسة تصوير بيلي كيد لصالح عدد شهري يوليو وأغسطس من ڤوغ العربيّة

إنه نوعٌ من التصحيح الذاتي المتعمَّد الذي قد تتوقعونه من أيِّ شخصٍ تعرَّض للنقد وكانت حياته تحت المجهر. وأطرح أمامها موضوع فيديو التمارين الرياضية الذي نشرته مؤخراً على صفحتها في انستقرام وأرفقته بالتعليق: “أعمل على كسب وزنٍ من أجل دورٍ سينمائي والأمر يسير على خير ما يرام”، وكانت تلك طريقتها للسيطرة على دائرة الأخبار الملفَّقة، تقول: “لم أرغب في التعامل مع شائعات الحمل”، مضيفةً: “أجد من الغريب أن يكون بانتظاري عاصفة ينبغي عليَّ تجاوزها، لكن لدي تاريخٌ حافلٌ من التعرض للانتقاد والتجريح لعدة أسباب مختلفة”. وقد شهد زملاؤها أيضاً صراعها مع العوائق. تقول ريبيل ويلسون، النجمة المشاركة معها في الفيلم الكوميدي الجديد الذي يحمل العنوان The Hustle (الصخب): “أحياناً تقول نكتةً مضحكةً حقاً، وأقول لها: ’يجب أن تغرّدي بها [على تويتر] أو تنشريها على انستقرام يا آني!‘، وتجيبني: ’لا أستطيع‘. أعتقد أن الكثير من الناس لا يعرفون ذاك الجانب من شخصيتها”.
في فترة ما بعد الظهيرة التي قضيناها سوياً أرى لمحات من آن هاثاواي تلك. حيث تسرع في تناول شرابها، وتقشعرُّ رقبتها عندما تتوتر، ولا تجد حرجاً من ذكر أسماء من قبيل رايان غوسلينغ وكذلك ديفيد فوستر والاس والكاتبة النسوية ريبيكا سولنت، كما تحتفظ بصورة مضحكة على هاتفها تظهر فيها عندما كانت “جاهزة للولادة” وفركت باربرا سترايساند بطنها. تقول: “ما من غرباء في حياتي، فقلَّما يعاملني الناس كشخصٍ غريب، لقد أجدتُ على الدوام الغوص [في أعماق الآخرين]. وفي حين أتمنى أحياناً الحفاظ على مسافة أبعد قليلاً، إلا أنني أحبُّ حقاً قدرتي على الوصول إلى أعماق الناس على الفور”.

’’لستُ مهتمةً بالوصول إلى قمة الجبل، إنما أتمنى أن يكون هناك عند قمة الجبل، جبلٌ آخر‘‘

مثلما يحدث لنا جميعنا، أحياناً تنزعج هاثاواي حقاً. تقول: “لديَّ سجلٌّ حافلٌ بالحنق، فقد اعتدت أن أتبع هذا الأمر على النحو التالي: ’أكون لطيفة 29 يوماً من أصل 30 يوماً، وبعدها أسمح لنفسي تماماً بالتصرف على نحو لئيم تجاه أي أحد ولأي سببٍ كان‘. وقد أدركتُ أنه إن كان باستطاعتي في الواقع الابتعاد عن إطلاق الأحكام والتعامل مع مشاعري في تلك اللحظة، لن أكون في واقع الأمر بحاجةٍ إلى اليوم الإضافي. الحنق لا يقود المرء إلى السلام، وبالنسبة لي ليس الهدف تحقيق السعادة، بل السلام”. لكن السلام، مثل النجاح، هو أقرب إلى رحلةٍ منه إلى وجهة. تقول هاثاواي: “ذكرت كيت بلانشيت مرةً ما مفاده: ’لا أريد أن أشعر أبداً أنني قد وصلت، لأنه حالما تصل، عليك أن تغادر‘، وذاك هو ما شعرت به دوماً حيال هذا الأمر. لستُ مهتمةً بالوصول إلى قمة الجبل، إنما أتمنى أن يكون هناك عند قمة الجبل، جبلٌ آخر”.
وفي نهاية المطاف، لقد جعلها كل هذا التحليل الذاتي في حالة فضلى -أمٌّ فضلى، وممثلة فضلى، وإنسانة فضلى. يقول غاري روس، مخرج فيلم أوشنز 8: “آن مدركة تماماً لذاتها، وأكثر ما لفتني بالعمل معها شجاعتُها، فهي تنخرط تماماً بالشخصية التي تلعبها، بجرأة ودون محاولة حماية نفسها – إذ تفهم أنَّ الأداء الرائع لا يكون مطلقاً أداءً خجولاً”.
ندفع الفاتورة ونقطع مسافة شارعين إلى أن نصل إلى الشقة في ضاحية تابعة للمدينة حيث تعيش مع أسرتها عندما لا يتواجدون في لوس أنجليس. وقبل أن تعود إلى حياتها المليئة بأضواء الشهرة والتناقضات والأطفال الباكين والنقد الذاتي، نتعانق. إنه ذاك النوع من العناق الذي يجمع الأصدقاء المقرَّبين الذين يعانقونك بودٍّ، وليس عناقاً خجولاً على الإطلاق.

فريدة خلفة تتحدث عن الأزياء الراقية، وأسرار تنسيقها للأزياء وكيف تمضي أسابيع الموضة

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع