تابعوا ڤوغ العربية

نساء شغوفات نسجن مع الطهو علاقة حب وإبداع وأطلقن كتباً للطهو

نساء شغوفات نسجن مع الطهو علاقة حب وإبداع وأطلقن كتباً للطهو تخطت الوصفات الجامدة وكانت انعكاساً لجذورهن. لم يكتفين بدخول المطبخ واقتحام عالم كان الرجال هم «الشيف» فيه وأصحاب المعرفة والقدرة، بل تخطين الدور المرسوم لهن وجعلن من المطبخ ساحة شغفهن ومن كتبهن مراجع في عالم الطهو. من خلفيات متنوعة جئن لكن الجامع المشترك بينهن الرغبة في الحفاظ على التقاليد ونقلها إلى الأجيال القادمة. «ما نكتبه ليس مجرد وصفات، بل تاريخ وقصص عائلية عاطفية وعميقة للغاية، هي ذكريات تم تدوينها وتصويرها بأجمل طريقة ممكنة تقول جودي القلا. الكتابة كما تقول كلوديا «ممارسة عميقة لإظهار جمال الثقافات وراء الأطباق وفهم الأماكن التي خلقت المأكولات»، وتابعت: «نشر كتب الطبخ صناعة مهمة جدا والعودة إلى الجذور هي أساس التوجهات الحالية لكل الفنون ولاسيما فنون الطهو العالمية». تؤكد كلوديا رودن، فعلى مشارف الثمانين لا تزال هذه الكاتبة المبدعة تحتفظ بشغف البدايات المكلل بعقود من الخبرة وبنجاحات كبيرة جعلت من كتبها العديدة مرجعاً في عالم الطهو وتوجتها بالعديد من الجوائز العالمية.

لكل منهن قصتها الحميمة مع كتاب الطهو، جودي القلا التي بدأ حبها للطعام في المنزل مع والدتها وخالاتها وجدتيها عندما كانت صغيرة جدًا تروي كيف بدأ كتابها افتراضياً بتسجيل وصفات جداتها للطهي الذي يعمل معها، وببطء أخذ الكتاب يتكوّن واستمر في النمو. «كانت فلسطين تقول جودي، أرضًا غير مكتشفة تقريبًا في مجال الطهو في ذلك الوقت. لذا كان إصدار أول كتاب طبخ يحمل اسم فلسطين في عنوانه أعظم إنجازاتي التي رافقتني حتى اليوم. وأعتقد أن وصفة نجاح الكتاب أن يكون أصيلًا، وأن يمثل بوضوح المكان الذي نستمد منه إلهامنا».

من جهتها تعترف بربارة مسعد: «أردت أن أعيش مغامرة مع الناس الحقيقيين في بلدي من خلال الطعام قاسمنا المشترك». هي الكاتبة والمصورة والناشطة الإنسانية ورئيسة جمعية تعمل على حماية تراث الطهو في لبنان وجدت في الطهو شغفاً وعلاجاً وطريقة للتعبير عن نفسها ووجدت في الكتابة طريقة لتترك بها أثراً عند قرائها والناس الذين تعيش معهم. تختصر بربارة وصفة النجاح لأي كتاب طهو قائلة: «يجب أن يكون كاتبه أصيلًا وشغوفًا بعمله. بعدها يأتي التصميم والطموح والمثابرة». هذا السعي للأصالة كان ما حذا ببلانش شاهين لإصدار كتاب «العيد في الشرق الأوسط» الذي كان ثمرة حب وسعي لمدة عشر سنوات. «العديد من الوصفات مأخوذة من قرى صغيرة، أو من تقاليد قديمة تمتد لأكثر من 2000 عام. أردت إظهار تميّز الوصفات الإقليمية خارج نطاق المعايير الشعبية المتداولة مثل الحمص والفلافل». وبلانش الآتية إلى الطعام من خلفية إعلامية أرادت أولاً عبر برنامجها «وليمة في الشرق الأوسط» الحفاظ على الوصفات التي ورثتها عن والدتها ونقل التقاليد العربية إلى المشاهدين العرب المتفرقين في أنحاء العالم. «حرصت والدتي دومًا على الحفاظ على مذاق بيت لحم مسقط رأسها في أطباقنا، وكانت قلقة من أن يتم استبدال هذه الأطباق بالوجبات السريعة». كان هدف بلانش من خلال كتابها السعي لإعادة إحياء طعم الصيف في بيت لحم بأطباقه وروائحه وناسه كما سعت لأن تجمع في أطباقها المكونات الطازجة التي اكتسبت حبها من نشأتها في كاليفورنيا والتوابل والمواد الشرق أوسطية الفريدة وأن تجعلها تتكيف مع الأذواق الغربية.

إذا كانت العودة إلى الجذور وحفظ التقاليد هي الدافع الأكبر للكتابة عند هؤلاء السيدات، فبالنسبة لريم قسيس الفلسطينية الشابة كان النظر إلى المستقبل هو الضوء الذي رسم لها الطريق. «كنت قد أنجبت ابنتي للتو وأعيش في لندن، شعرت أنه عليّ الحفاظ على ثقافتنا وتراثنا من أجلها. وكان هذا مصدر إلهامي وجوهر ما أفعله. ووجدت ما بدأ كمجموعة من وصفات تقليدية وقصص من ثلاثة أجيال من عائلتي يمكن أن يروي قصة أي عائلة فلسطينية لذا قررت مشاركة وصفاتي مع العالم. هكذا ولد كتابي الأول بعنوان «المائدة الفلسطينية».

وفي النظر إلى المستقبل كان لا بد من العودة أيضاً إلى التاريخ، من هنا جاء كتاب ريم الثاني بمثابة مجموعة من الوصفات العربية الحديثة التي تم تتبعها عبر التاريخ. «بمجرد أن انغمست في عالم الطعام، رأيت كم من التاريخ قد أسيء فهمه أو تم التغاضي عنه وشعرت بمسؤولية مشاركة هذه المعلومات مع العالم». كلهن نجحن في مواجهة تحديات حصرت دور المرأة بالطهو للعائلة كسرن هذا المفهوم التقليدي وتألقن في المطبخ كما في الكتابة.

فبالنسبة لجودي عندما بدأت العمل كطاه لم يكن معها في المطبخ سوى رجال وكانت بيئة يسيطر عليها الذكور ويصعب للغاية التنقل فيها عقليًا، ولكن مع الشغف والتصميم والإرشاد الصحيح وجدت أنه يمكن أن يكون مكانًا رائعًا للمرأة للنمو والتقدم. أما بربارة فلم تعتقد يوماً أن النساء بحاجة إلى التنافس مع الرجال فهن بتكوينهن يحافظن على التقاليد وبخبرتهن ينقلن الوصفات من جيل إلى آخر وغالبًا ما يلامسن بحساسيتهن المناطق التي يغفلها الرجال. «أعداد الطهاة الإناث اليوم بات أكبر من ذي قبل، لكن صناعة المطاعم شاقة للغاية، ما يصعب على النساء مهمة التوفيق بين الوظيفة والعائلة تقول ريم». أما بلانش التي قادت فريقًا من الطهاة المحترفين فتؤمن أن المرأة قادرة أن تنافس الطهاة الرجال إذا شاءت تكريس الوقت المطلوب لذلك. في النهاية يبقى الطهو كما تقول ريم عملاً فنياً متعدد الثقافات يتطور وينتشر منذ بداية الحضارة. «المهم أن نسعى دوماً للحفاظ على الوصفات التقليدية حتى لا تضيع وسط كل الابتكارات».

 

اقرئي ايضاً : دليلك لمجموعة من الهدايا المناسبة لشهر رمضان الكريم بعيداً عن الشكولاتة والتمر

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع