تابعوا ڤوغ العربية

أماني الخطاطبة أوّل شابة مسلمة تخوض غمار الانتخابات الأمريكية وهذا ما قالته بعد إعلان النتيجة

أماني الخطاطبة أوّل شابة مسلمة تخوض غمار الانتخابات الأمريكية وتسعى لحجز مقعدٍ لها في الكونغرس الأمريكي. من هي وما هي التحديات التي تواجهها؟

مجرد التفكير في الأمر يرفع مستوى الأدرينالين في دمي، ولا أخفي أنني فوجئت كثيراً حين عرفت أنني الفتاة المسلمة الأولى التي تدق باب الانتخابات في أمريكا. قد يبدو الأمر للوهلة الأولى مخيفاً لا سيما بعد أن تلقيت اتصالاً من مجهول يهدد بقتلي؛ إلا أنني أتذكر معاناتي كفتاة مسلمة محجبة في مجتمعٍ لا يزال ينظر إلينا نحن المحجبات نظرة ريبة ويضع أمامنا العوائق فيزيد إصراري للوصول كي أمتلك مفاتيح أفتح بها أبواب التغيير الموصدة. أحلم أن أنصف أبناء الأمة على اختلاف فئاتهم برعاية صحية شاملة وأن أساوي حظوظهم بالاستفادة من كلّ الفرص في مختلف المجالات. خلفيتي وبيئتي وتجربتي الخاصة شقّت لي طريقي وأنا ملتزمة بهذا الطريق إلى أن أحقق مبتغاي.

ولدت وترعرعت في نيو جيرسي، والدي مهاجر أردني ووالدتي لاجئة فلسطينية، مما ضَمِنَ خلفية عائلية وموروثاً بيّنا لي تماماً معنى القمع وزرعا في نفسي عزيمة شديدة وإصراراً قوياً لأقاتل نصرةً للفئات المهمشة. عرفت مبكراً أن طريقي لن يكون مزروعاً بالورود وبالفعل بدأت الصعوبات مذ كنت طفلة. أذكر العام الذي انتقلنا، عائلتي وأنا، إلى الأردن، كان عاماً صعباً جداً. كان عمري في حينها 13 عاماً. عرفت عائلتي أوقاتاً عصيبة جداً. وكمراهقة تعاني مصاعب فترة المراهقة وتفتش عن تفاصيل ترفع من تقديرها لذاتها، عانيت كثيراً لأتقبل ثقافةً جديدة تختلف كلياً عن ما اعتدت عليه. وجدتني مجبرة على التعامل مع أفكار غريبة عني، ونظام تعليمي لم أتمكن من التكيف معه بسهولة بينما أرعى أخوَي الصغيرين. انفصلنا عن والدينا في تلك الفترة، اكتسبنا من رحم المصاعب قوةً عظيمة. اليوم تغيّرت نظرتي إلى تلك الفترة، أصبحت أراها عاملاً محفزاً دفعني للمضي قدماً ولإحداث تغيير جذري في حياتي.

السنوات التي قضيتها في الأردن عرفتني إلى بيئتي وديني بشكلٍ أفضل، فتصالحت مع نفسي كمسلمة وأحببت تعاليم ديني والتزمت وقررت ارتداء الحجاب. حين عدت إلى أمريكا ودخلت المدرسة الإعدادية، وجب عليّ إخفاء ديني. فكثر لم يتقبلوا اختلافي عنهم. طوال سنوات المرحلة الابتدائية تلقيت الكثير من التهديدات، ولطالما حاول البعض إخافتي. هذه التصرفات المسيئة لم تردعني بل قوّت من عزيمتي وقررت أن انتهز الفرصة لأحدد هويتي الخاصة وأرفض الهوية التي فرضها عليها زملائي. للأسف لم ألقى إلا الرفض وتعيّن عليّ أن أواجه الكثير من العدائية التي أظهرها لي الناس، ولكنني أشكر الله أن هذه المرحلة لم تدم طويلاً.

اختلافي وإصراري على الخروج عن القطيع، تطلب مني الكثير من القوة؛ قوة كنت استمدها من كلّ امرأة تعرضت قبلي لمواقف مماثلة، ومن النساء اللاتي أنعم الله عليّ بوجودهن في حياتي. أنا فعلاً محاطة بالكثير من القدوات والمرشدات والصديقات والأخوات اللواتي تعرفت عليهن عبر منصتي الخاصة MuslimGirl.com التي أسستها لتوفير منصة مشتركة تستطيع النساء المسلمات من خلالها تقديم صورة أفضل للمرأة المسلمة تلغي الصورة النمطية السلبية التي حدّت المسلمات. بعد مرور السنوات، أعتقد أن مدونتي بلغت هدفها، فقد جذبت بمواضيعها الجريئة التي تفصّل حياة المسلمات آلاف المتابعين ويزورها نحو مليوني شخص، وأعتقد أن هذه الأرقام إن دلّت على شيء فهي تدلّ على فضول الناس من غير المسلمين للتعرف على المجتمع الإسلامي وعلى تقبل أفراده نساءً ورجالاً. بيّنت هذه المدونة أن المشكلة تكمن في جهل الآخر لثقافة المسلمين وطبيعة حياتهم. هذا النجاح كان لا بدّ من تكريسه بخطوةٍ فذة ولامعة فكانت فكرة إطلاق يومٍ للمرأة المسلمة واخترنا السابع والعشرين من مارس من كلّ عام للاحتفال بالنساء المسلمات ولتوصيل أصواتهن وآراءهن ومطالبهن في ما يتعلق بقضايا مختلفة تمسهن عن قرب وتؤثر عليهن.

وبقدر ما قدمتُ لهذه المنصة، وجدت فيها أيضاً ملاذاً وملجأً دائماً يحتضنني في كلّ مرة أحتاج فيها إلى الدعم أو الإلهام، وأنا فخورة جداً بكل امرأةٍ جمعتني بها الحياة. هذه الحياة أثبتت لي أن النساء قويات فعلاً لا يحتجن لمن يدافع عنهن، بل على العكس من ذلك قاتلن وناضلن على مدى أجيال في الصفوف الأمامية لما فيه خير مجتمعاتهن. أرى في نساء العالم القويات صورة جدتي التي نجت من النكبة حين كانت طفلة ومهدت الطريق لنسبٍ كامل من النساء عشن من بعدها. نظراً لقوة النساء، أعتقد أن النساء المسلمات يلزمهن فقط التخلص من العوائق التي يزرعها الناس في طريقهن ولفرصة لاعتلاء المنابر لإيصال أصواتهن بدلاً من تكليف من يقوم عنهن بهذه المهمة.

القوة التي أتسلح بها، لم تمنع عني الكثير من المضايقات. كفتاة مسلمة اختارت الحجاب في مراهقتها وسعت لاستعادة هويتها المسلمة وتحدّت رهاب الإسلام، لمست نفور البعض مني في المجتمع ومعاملتهم السيئة فكنت سجينة الصورة النمطية والفرضيات التي يحيكها الناس حول الفتاة المحجبة، وكنت كذلك مستهدفة من قبل القوانين فلم أكن أستطيع أن أستفيد من الفرص والامتيازات التي يُفترض أن القانون يكرسها. إلا أن المضايقات لا تأتي فقط من الغير المختلف عني، إنما من الغير الذي يشبهني أي من المسلمين. هاجمني مسلمون كثر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعلّقوا بسلبية على الطريقة التي أرتدي فيها حجابي، ظناً منهم أن خياري بتغطية رأسي يمنحهم الحق بامتلاكي أو محاسبتي. مؤسف جداً سماع قصصٍ عن فتيات كثيرات فضلن عدم ارتداء الحجاب خوفاً من مواقف وتعليقات مماثلة.

يقلقني جداً العنف الذي تتعرض له النساء المسلمات والعديد من الأقليات الأخرى عندما يتم تطبيع الخطاب العنصري من قبل قادتنا السياسيين، لذلك أنا عازمةُ على النضال، فنحن بحاجة إلى الوصول إلى مستوى تمثيل يمنع الآخرين من تعريفنا استناداً إلى هويتنا، وأدعو دائماً إلى رفع الصوت وإلى خلق مساحة للآخرين ليسمعهم الجميع. يجب أن نعرف أن من يتم إسكاتهم بشكلٍ منهجي أسوء بكثير من أولئك الذين لا صوت لهم، وأن ندرك أن شجاعتنا وصوتنا يلهم الآخرين ويحثهم على طلب التغيير.

ونضالي اليوم لنصرة المرأة عامةً والمسلمة خاصةً لن يقف عند حدود منصتي الإلكترونية MuslimGirl.com إنما سأسعى جاهدةً لتولي مناصب عالية يصل صوتي من خلالها عالياً ويكون مسموعاً بشكلٍ يحدث فعلاً التغيير المنشود وقد مشيت فعلاً في هذا الدرب من خلال خوضي الانتخابات لدخول الكونغرس الأمريكي، ولم لا من يدري قد أجلس يوماً على مقعد الرئاسة الأمريكية فأؤمن رعاية صحية للجميع، خاصةً بعد ما اختبرناه بسبب تفشي فيروس كورونا على الصعيد النفسي، فقد أصيب كلّ من والدتي ومدير حملتي بالفيروس وكان التعامل مع تداعياته صعباً جداً؛ وكذلك على الصعيد اللوجستي فقد أظهرت لنا هذه اللحظة بشكلٍ صارخ المساوئ التي تشوب قدرتنا على تأمين الإغاثة والموارد اللازمة لمجتمعات الأقليات وعجزنا عن إعطاء الأولوية لصحة الفئات الأكثر ضعفًا ورفاهيتها، فأنا أعتقد أن أسوأ أنواع التمييز ليس ذلك القائم على الهوية أو الشكل، إنما على منع الناس من تلقي العلاج عند الضرورة والاستفادة بشكلٍ متساوٍ من الفرص المتاحة لهم في المجتمع. وصولي إلى سدة الرئاسة إن حصل فعلاً، سيتيح لي فرصة وضعٍ حدِ للإهانة التي يتعرض لها الدستور الأمريكي وكذلك آداب الإنسانية الأساسية بعد حظر دخول المسلمين إلى الأراضي الأمريكية، فمنظر الأطفال في الأقفاص عند الحدود وتجريد الناس من صفتهم البشرية عند اقتيادهم إلى مراكز الحجز أثرّ بي كثيراً وأهان إنسانيتي.

أؤمن بأحقيتي بتمثيل ولاية نيوجيرسي في الكونغرس، فأنا ابنة هذه الولاية، فيها ولدت وتعلمت ولا أعتقد أن المرشح المنافس والذي سبق أن مثل الولاية لسنوات طويلة جداً قد قدّم لها الكثير والمفيد، كما سنّه لا تسمح له بفهم متطلبات الجيل الجديد وأفكاره، وبالتالي هو لم يوصل أصواتنا في الكثير من القضايا ولم يُحدِث أي تغيير يُذكر مما أصابني وأصاب غيري الكثيرين بالإحباط.

وفي هذا الفيديو تشرح أماني: “شاركت في هذه الانتخابات لأن أعمالنا في هذه الفترة لها قيمتها. سيسأل أطفالنا وأحفادنا أين كنّا في العام 2020، ماذا فعلنا في خلال عهد ترامب، في خلال الأزمة الصحية التي ضربت العالم بسبب فيروس كوفيد 19. منذ اليوم الأول قلت إن مشاركتي كانت لتسجيل موقف في هذه الفترة المهمة من التاريخ سنفخر “به كلما عدنا إليه، هذه الحملة هي أكبر شرف في حياتي إنها صوت كل فتاة بكت في الظلمة.

أقرئي أيضاً : أفلام عربية تعرض لأول مرة في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي لهذا العام

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع