تابعوا ڤوغ العربية

لهذا السبب تتسارع خطوات التغيير في السعودية

تصوير عبد الله الشهري لعدد يناير 2019 من ڤوغ العربية

ينتابني الحماس لرؤية النساء السعوديات يقمن بدور أكثر فعاليةً في عالم الرياضة، وبذلك يلعبن دوراً أكبر في مجمل رؤية 2030 للمملكة العربية السعودية – وهي خطة تهدف إلى تقليل اعتماد المملكة على النفط، وتنويع اقتصادها عبر تطوير قطاعات الخدمات العامة مثل التعليم والترفيه والسياحة. وقد شكَّل العام الماضي نقطة تحوّل للنساء على وجه التحديد، إذ جرى تشجيعنا على قيادة السيارات، وحضور الفعاليات الرياضية الحيّة، والذهاب إلى دور السينما، وحتى الانضمام إلى الجيش. هذه وثبات عظيمة بالنسبة للمملكة. ونحن فخورون بأن المملكة العربية السعودية كانت أول دولة عربية تستضيف سباق فورمولا إي، وهو إنجازٌ كان من المستحيل تحقيقه لولا دعم ولي عهدنا المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود. وجَعْل السعودية جزءٍ من خريطة سباقات السيارات العالمية عبر استضافة بطولة دولية هي خطوة تُغيِّر الكثير بالنسبة لنا. ومن المؤكد أنها ستعزِّز سمعة السعودية دولياً كبلد متقدم التفكير يتطلع نحو المستقبل ومستعدّ لتقبُّل التغيير في عالم العلوم والابتكار والتكنولوجيا. وتلعب أيضاً استضافة سباق فورمولا إي -وهو واحدٌ من أهم فعاليات سباقات السيارات في العالم- دوراً مهماً في تعريف النساء بعالم الرياضة. ومن وجهة نظري، تشكّل أيضاً تأكيداً عاماً على التمكين وتركيزاً على المجتمع. وقد برهن السباق الذي طال انتظاره أن كلّاً من الرجال والنساء مُرحَّبٌ بمشاركتهم في المجالات التي يعشقونها. ووفقاً للهيئة العامة للرياضة في السعودية، سيكون هناك مزيد من الفعاليات الرياضية المهمة في المملكة العربية السعودية خلال الأعوام المقبلة.

نُشِر للمرة الأولى على صفحات عدد يناير 2019 من ڤوغ العربية.

ولا يمكن التقليل من شأن السماح للنساء بالقيادة في السعودية، فلم يكن رفع الحظر يوم 24 يونيو 2018 حدثاً احتفالياً لصناعة السيارات وحسب، بل أيضاً خطوة مهمة نحو الأمام في تقبُّل السعودية لدور النساء في المجتمع، حيث شرَّعت طموحاتنا وآمالنا وأحلامنا، وسمحت لنا بالتعبير عن هوياتنا وتشكيلها بأنفسنا بعيداً عن عائلاتنا وأزواجنا. وقد لعبت النساء عديداً من الأدوار المحورية خلال فعالية جائزة سباقات فورمولا إي في الدرعية. وسُرّرت برؤية عرضٍ قويٍّ كهذا للسائقات اللواتي دخلن التاريخ في مرحلة اختبار روكي خلال السباق في عطلة نهاية الأسبوع، حيث شاركت فيه تسع نساء. وعلاوةً على ذلك، لعب عديد من النساء دوراً خلف الكواليس، حيث عملن مع الهيئة العامة للرياضة ليلاً ونهاراً على مدار الشهرين الماضيين لتنظيم الفعالية. وأهنئ على وجه الخصوص صاحبة السمو الملكي الأميرة هيفاء بنت محمد آل سعود، أمين عام اللجنة التحضيرية للفورمولا إي في الدرعية، وفريقها الرائع.

صورة أسيل الحمد

وخلال الفعالية، هتف القيِّمون على المراسم المتطوعون لأداء هذه المهمة بعبارة “فريق واحد، حلم واحد”. وقد أتوا من جميع أنحاء المملكة العربية السعودية لدعم الفعالية، وتأثرتُ كثيراً لرؤية عديد من النساء. هؤلاء الجنود المجهولون في الفعالية قاموا بدورٍ جليل في هدوء تام خلال مجريات السباق، وكنتُ فخورةً بمساهمتهم وإنجازاتهم. ولا يتعلق الأمر دوماً بالشهرة أو تصدّر عناوين الأخبار، بل بالقدرة على أن نصبح جزءاً من مجموعةٍ أكبر. وعلاوةً على ذلك، يتقبل الرجال الدور الذي يمكن أن تلعبه النساء بكل إخلاصٍ وصدق. وفي سباق فورمولا إي، شعرتُ بأنني مرحَّبٌ بي كجزء من المجتمع، وقمت بجولتين تكريميتين حول مضمار السباق: إحداهما برفقة جون تود (رئيس الاتحاد الدولي للسيارات) وصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان الفيصل (رئيس الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية)، والأخرى مع تود وميشيل موتون (رئيسة لجنة المرأة بالاتحاد الدولي للسيارات)، وصاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر آل سعود (وكيلة الهيئة العامة للرياضة للتخطيط والتطوير).

ومن وجهة نظري، أرى أن جودة الفعاليات الداعمة وتنوعها أسهما في نجاح سباق الفورمولا إي بصفة عامة. وقد أُقيم حفل موسيقي عالمي المستوى في القرية الإلكترونية، بحضور مجموعة متنوعة ومثيرة للإعجاب من المواهب الموسيقية الدولية -كان من بينهم إنريكي إغليسياس، وديڤيد غيتا، وفرقة بلاك آيد بيز؛ وفنانون عرب مثل عمرو دياب؛ وكان هناك زاوية لمحاكي القيادة، وقرية ’الجنادرية‘ التراثية، ومنطقة زاخرة بالمتاجر والمقاهي والمطاعم. وبالنسبة لي، تمثّلت التجربة الأهم في افتتاح [مشروع تطوير] حي الطريف، الذي كان فيما سبق مقرَّاً للعائلة الحاكمة للسعودية، في الدرعية، وهو موقع مدرج على قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو، ومنطقة سياحية.

إنَّ نشأتي في بلدٍ كانت فيه قيادة النساء للسيارات أمراً غير قانونيّ تمثّل واحداً من أعظم التحديات التي واجهتها في حياتي، بما أن شغفي الرئيسي تمحور دوماً حول السيارات. وعندما كنتُ فتاةً صغيرةً، كنتُ ألعبُ بسياراتٍ صغيرة وقطع ليغو تناسب الصبيان أكثر. وقد قادني شغفي إلى شراء سيارة، ركنتها في الإمارات. ومع مرور الوقت تطور عشقي للسيارات، وأصبحت أكثر فضولاً من قبل. بدأتُ حضور دورات تدريبية وفعاليات في دنيا السباق والمضمار، وانخرطتُ بالكامل في هذا القطاع. وقادني هذا لبناء العلاقات التي أمتلكها الآن، مع مضامير القيادة وكذلك علامات السيارات، مثل رينو. لقد كانت قيادة السيارة التي احتفت بعودة رينو إلى سباق فورمولا وان، والتي قادها كيمي رايكونن من قبل في العام 2012، تتخطى أي أمرٍ تخيلته في السابق. وعلى المستوى الشخصي، كانت تلك لحظةً امتلأت ببهجةٍ وسرورٍ بالغٍ. إنه لشرفٌ عظيمٌ أن أكون أول سعودية وامرأة عربية تقود سيارة فورمولا وان. وعلى مستوىً أعمق وأكثر رمزيةً، مثّلت كذلك لحظةً فارقة للشعب السعودي – نساءً ورجالاً. كنتُ مبتهجة وفخورة ومتأثرة في آنٍ معاً.

وفي حين يعتبر المجتمع أنَّ سباق الفورمولا وان مضماراً للرجال وحدهم، من المهم أن نتذكر أنه ما من قواعد فعلية تحظر على النساء المنافسة على الحلبة. أريد أن أظهر أنه مع الإرادة والتصميم والأحلام الكبيرة، بوسعنا إعادة صياغة ما يعتبر ’طبيعياً‘، وتشجيع مزيد من النساء على التقدّم ولعب أدوار في عالم سباقات السيارات. وفي الخريف الماضي، استضافت السعودية بطولة سباقات كارتينغ ريادية وفريدة من نوعها شهدت مشاركة 10 سائقات تنافسن على الحلبة في احتفاءٍ بهيجٍ برياضة الكارتينغ. وكان شرفاً كبيراً بالنسبة لي تقديم جوائز الاتحاد العربي السعودي للسيارات والدراجات النارية (واختصاراً SAMF) إلى الفائزين بالسباق. وطُلِب إليَّ تبوء مقعدٍ في مجلس الإدارة في وقتٍ سابقٍ من هذا العام، وأنا أول امرأة تفعل ذلك. ودوري هو دعم السائقات من النساء في المملكة، وتوجيه آمالهن وأمانيهن إلى مستوى الحوكمة. وهدفي الرئيسي أن أصبح أكثر انخراطاً في حكومة المملكة العربية السعودية، وأن أكون رمزاً لتمكين المرأة بجميع أشكاله. وتطوير قطاع سباقات السيارات والدراجات النارية طريقة رائعة للبدء [في ذلك]. وفي ديسمبر من العام الماضي، أطلق الاتحاد العربي السعودي للسيارات والدراجات النارية أول جولةٍ من بطولة “تايم أتاك” السعودية؛ وهو سباقٌ آخر جرى في المملكة وتضمن مشاركة العنصر النسائي، ما جعله أول سباق مضمارٍ للنساء في السعودية. ويشير مثل هذا التقدم السريع إلى أن مستقبل سباقات السيارات في السعودية سوف يزدهر.

أعملُ بلا كللٍّ أو مللٍّ لإلهام أخواتي من النساء للتعبير عن أنفسهن بجلاء وامتلاك ناصية إمكاناتهن الحقيقية غير المحدودة. علينا أن نؤمن بأنفسنا وألا نفقد الأمل مطلقاً. وبغض النظر عن التحديات التي تواجهها المرأة، فإن كان بوسعها مواجهتها مباشرةً ودون تردُّد واكتساب القوة من كل ناحية، فسوف تتقدم. وعبر عدم الاستسلام مطلقاً والإخلاص لكلٍّ من قيم أمتنا وطموحاتنا الشخصية، يمكننا أن نُري النساء أنَّ كلَّ شيءٍ ممكنٌ بالعمل الجاد والطموح. أُشجِّع النساء على فعل ما يحببنه، وأن يلاحقن أحلامهن، ويدفعن أنفسهن حقاً ليصبحن التعبير الأصدق عن شخصياتهن. لا نكسب شيئاً من التظاهر بالضعف. الحياة تشبه السباق. علينا أن نتطلع دوماً لتحقيق أهدافنا وفي نهاية المطاف نصبح بطلات.

– روته أسيل الحمد على مسامع كاتيرينا مِنت

والآن اقرئي: أوّل دفعة من مضيفات الطيران السعوديّات يباشرن العمل هذا الشهر

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع