تابعوا ڤوغ العربية

متسلقة الجبال اللبنانية التي تحطم مزيداً من الحواجز كلما تسلقت جبلاً جديداً

الصورة بإذن من جويس عزام

“الفتاة في مجتمعي لا يصحّ أن يكون لها أحلام عريضة، وأنا اخترت حلماً لم يكن ينبغي لي أن أحلم به”، هكذا تصرح جويس عزام بينما ترتشف فنجاناً من الإسبريسو. بالتأكيد كان لمتسلقة الجبال، وأول لبنانية تنجح في تسلق خمس من قمم العالم السبع، أحلاماً عريضة، ولا تزال تسعى نحو تحقيق المزيد منها.

وتعتزم المعمارية المحافظة والمصممة الحضرية في نوفمبر القادم تسلق جبل ڤينسون في القطب الجنوبي (أنتاركتيكا)، في مهمة لتسلق القمة السادسة لها. وفي ربيع 2019، ستحاول أيضاً تسلق جبل إيڤريست. وتأمل جويس أن تصل إلى القطبين لتغدو بذلك ثاني امرأة في العالم تكمل تحدي المستكشفين “إكسبلوررز غراد سلام”. ويبدو أن هذه الفتاة البالغة من العمر 34 عاماً تتعلم من كل جبل تتسلقه، إذ تصف تلك الجبال بأنها “معلميها”. وقالت أثناء جلوسنا في ركن هادئ بأحد المطاعم الأرمينية في بيروت: “الجبال غيرتني وجعلتني أكثر قوة”.

ولدت جويس أثناء الحرب الأهلية اللبنانية لعائلة من الطبقة المتوسطة، ولديها أربعة أشقاء. وقد تسببت الحرب، التي استمرت 15 عاماً، في فرار أسرتها من منزلها ببيروت. ورغم الدمار والاضطرابات التي أفسدت عليها صفو طفولتها، لا تعزو متسلقة الجبال حبها للانطلاق والمغامرة إلى سنوت نشأتها الصعبة. “أثناء الحرب، كنت ألوذ دائماً إلى ملجأ تحت الأرض في بيروت. وتمر عليّ أوقات لا أرغب فيها تذكر طفولتي لأني رأيت أحداثاً مروعة حقاً. وكنا في أحيان كثيرة نضطر إلى الفرار من منزلنا بسبب القصف”.

وقد نما شغف جويس بالرياضة أثناء سنوات مراهقتها عندما دعاها أحدهم للتنزه سيراً على الأقدام، لتتسلق لاحقاً 25 جبلاً، ولا تزال تواصل مغامراتها. ولكن ما الذي تشعر به بعدما حققت أحلامها، على المستوى الرياضي والأكاديمي (حصلت المعمارية على شهادتي ماجستير ونالت أيضاً درجة الدكتوراه)؟ “رائع. فأنا أنتمي للطبقة المتوسطة الدنيا في بيروت. لذا فهو شعور رائع. وأشعر بغاية السعادة”.

ورغم ما حققته من نجاح لا يمكن إنكاره، ورغبتها في أن تلهم غيرها من النساء السعي وراء أحلامهن عبر الحركة التي أطلقتها تحت شعار “نعم تستطيع” #YesYouCan، تعترف مستلقة الجبال اللبنانية بأنها اضطرت لمواجهة شكوك المحيطين بها. وتكشف جويس أنها كادت تتخلى عن شغفها بتسلق الجبال عام 2013 نزولاً عند رغبة والدتها. بيد أنها تؤمن بما تسميه “البذرة” – وأهمية أن نسمح لها بالنمو. “أؤمن بأننا يجب أن نبذر البذور ونمنحها فرصة للنمو في الضوء. لذا لا تستمعي إلى والديكِ عندما يقولان لكِ لا تتابعي نمو البذرة. بالنسبة لي، هذا ما فعلته مع والداي. كنت عنيدة معهما حقاً لأنه كان يجب أن أسعى وراء أحلامي”.

كما قاومت متسلقة الجبال فكرة التخلي عن أهدافها في العام الماضي، ولكن أحد الصبية الصغار قدم لها سبباً دفعها إلى المواصلة. فقد اختار الطالب، ابن الثمانية أعوام، أن يقدم تقريراً مدرسياً عنها، وذكر أنها “بطلته” في الاستكشاف، عندما حضرت المغامِرة عرض التقرير الذي كتبه عنها في الفصل. “كان ثمة فتاة في الفصل ارتدت السترة التي أرتديها أثناء تسلقي الجبال وقالت: ’سأصبح ثاني امرأة لبنانية تتسلق القمم السبع‘. وقد بكيت في هذا اليوم عندما عدت إلى سيارتي لأني كنت على وشك التخلي عن مشروعي، ولكني قررت الاستمرار”. وقد كانت هذه اللحظة هي التي جعلت جويس تُدرك أن تسلق الجبال ليس شيئاً خاصاً بها وحدها، إنما يتعلق بتمكين الناس من جميع الأعمار- لذا هي في سبيلها الآن لخوض مغامرتها الجديدة في موعدها.

والآن اقرئي: الملكة رانيا تتألق بأحد تصاميم هذه العلامة اللبنانية خلال زيارتها للأمم المتحدة

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع