تابعوا ڤوغ العربية

إليكم مسيرة كارين إلسون في كتابها الجديد

في كتابها الجديد، تستعيد كارين إلسون ذكرياتها وتتناول اللحظات الرائعة والإساءات القاسية التي تعرضت لها خلال مسيرتها في عالم الموضة

مسيرة كارين

الصورة لصالح مجلة ڤوغ العربية

حين جلست كارين إلسون تخطّ سيرتها الذاتية الجديدة التي عنونتها باسم “الشعلة الحمراء” The Red Flame (صادرة عن دار “ريزولي” للنشر)، شاءت أن تكون “مختلفةً بعض الشيء”، على حد قولها. وبالطبع، ازدانت صفحات الكتاب بالصور الأيقونية للعارضة والمغنية والناشطة، والتي التقطها في الواقع جميع أساطين التصوير في عالم الموضة خلال أواخر القرن العشرين، ولكنها خططت أيضًا لإقران هذه الصور الرائعة بكلمات صادقة إلى أبعد الحدود. توضح: “أردتُ أن يضفي السرد قدرًا من الإنسانية على الصور. فإن عملكِ كعارضة يجعلهم ينظرون إليكِ غالبًا بصورة غير واقعية – ويمجدونكِ من فرط الإعجاب. وأردت أن يدرك الناس مدى عمق تجربتي – تجربتي الحقيقية بأحداثها القاسية”. تلك الأحداث التي دفعتها إلى مناهضة الممارسات المسيئة التي لطالما شابت صناعة الموضة، كما حثتها على النضال لكي تصبح هذه الصناعة أكثر تنوعًا وشمولاً وأخلاقًا ووعيًا.

ومعنى ذلك أن كتابها ليس مجرد سيرة ذاتية شيّقة وصور تبهر الأنظار لمراحل مسيرتها: بل أيضًا دعوة وجيهة للنضال. وقد أخبرتني إلسون، التي تبلغ الآن 41 عامًا، بكل ذلك هاتفيًا من منزلها في مدينة ناشڤيل حيث تقيم مع ولديها اليافعين: سكارلت، وهنري. ولأن تطبيق “زووم” لم يكن يعمل، تملّكني الفضول لمعرفة ذوقها المميّز في اختيار أزيائها، فسألتها أن تصف لي ماذا ترتدي. وجاءت إجابتها منسجمة تمامًا مع شخصيتها، حيث كانت ترتدي: فستان ڤينتج أصفر مزينًا بالأزهار، ونظارة “واربي باركر” بنقشة صدفة السلحفاة؛ أما شعرها القصير القرمزي فقد زينته بما أسمته “غرة كوڤيد”، ورغم أنها جددت تسريحته مؤخرًا إلا أنه ظل متموجًا دون أمل في التغيير في ظل صيف ولاية تينيسي الأمريكية.

ويعدّ جمال إلسون البوهيمي أبرز سماتها بنفس قدر سحرها الخيالي الذي جعلها عارضة عظيمة بكل تحمله هذه الكلمة من معنى – وقد تمكنت، بقدرتها على تقمّص الشخصيات دون أن تفقد شخصيتها الحقيقية، من أن تغمر حتى أكثر الأزياء أناقةً وبساطةً ببريقها الفريد الذي يكاد يثير الرهبة في النفوس. وقد جسّدت إلسون خلال مسيرتها المرموقة جميع الشخصيات، بدايةً من امرأة تنتمي إلى حركة المذهلات الثورية “Incroyable في القرن الثامن عشر، ومرورًا بفتاة فاتنة الجمال تُعلَّق صورها على الجدران في أربعينيات القرن العشرين، ووصولاً إلى سيدة مجتمع راقٍ، وانتهاءً بكائن فضائي مرصع بالترتر. بيد أن طريقها لم يكن مفروشًا دائمًا بالورود: فقد كتبت، على سبيل المثال، أنها لم تكن في كثير من الأحيان على قدر كافٍ من النحافة يؤهلها لارتداء الأزياء مقاس صفر، فتعرضت للسخرية الصريحة والسب والاستهزاء والألم من قِبَل هذه الصناعة القادرة على أن تجعل المرأة النحيلة تشعر بأنها ضخمة مثل الفيل. ولا زالت تذكر نظرات الامتعاض التي كانت تُسدَد إليها والكلمات القاسية والجارحة التي جعلتها تعاني لعقود من اضطرابات الأكل بسبب محاولاتها التوافق مع معايير يستحيل الوفاء بها. وقالت إن ذلك استمر طيلة عمرها، ولكنه يكاد يثير ضحكها الآن: “في العروض، أنا الفتاة التي ترتدي المعطف!”.

الصورة لصالح مجلة ڤوغ العربية

وكان السبب الرئيسي لارتدائها أطقم الغرنج في بداياتها هو ضيق ذات اليد؛ فقد ترعرعت في ظروف قاسية في شمال إنجلترا وواجهت زملاء في المدرسة كانوا ينظرون إلى عالم الموضة الراقية باعتباره حلمًا سخيفًا. وعلى صفحات كتابها، تروي أحداث رحلتها الأولى إلى مانهاتن، حيث تقول: “أذكر بوضوح وصولي إلى نيويورك… كنت أرتدي معطفًا قديمًا وباليًا، وفستانًا قصيرًا وخفيفًا، وكولون برتقاليًا زاهيًا، وأنتعل حذاء كونڤريس خفيفًا، فبدوت مثل ديزي بوكانان ولكن بملابس رخيصة بمختلف الألوان”. وكانت إلسون شابةً مفلسةً تمامًا في الثامنة عشرة من عمرها حين ظفرت بأهم فرصة في حياتها، ألا وهي الوقوف أمام المصور ستيڤن مايسل لالتقاط صور لــڤوغ الإيطالية. “منحتُه كل ما عندي. وقد استغرق التصوير ساعتين رائعتين. لم أشعر قط بمثل هذا الحماس في حياتي. ورغم أني غادرت الاستوديو وعدت أشق طريقي تحت الثلوج المتساقطة ولم يكن معي سوى تذكرة مترو واحدة، إلا أنني شعرت بسعادة غامرة لم أعهدها من قبل”.

وقد أقنعها مايسل بأن تصبغ شعرها بلون أحمر زاهٍ؛ وأحالت بات مغراث وجهَها العاجي إلى لوحة رسم مذهلة. وتعترف في كتابها بأنها اُستبعِدَت من بعض الأوساط لأنها بدت مثل كائن فضائي من عالم آخر، مؤكدةً: “ولكني لم أشعر قط بأني محطّ للأنظار بصورة أكبر من المعتاد، أو أكثر جمالاً، أو أكثر زهوًا… وحين صدرت المجلة –وأنا على غلافها– انطلقت مسيرتي سريعًا إلى عنان السماء، ولكن بعضهم كان ينظر إليّ كشخص غريب الأطوار من عروض السيرك”.

ولعل الجاذبية غير المعهودة لأميرة البانك القادمة من عالم الخيال كانت أحد الأسباب التي جعلتها تدرك على وجه الخصوص السُبُل التي يتعيّن بها تغيير معايير الجمال التي عفا عليها الزمن. وتأمل في أن يسفر التحوّلُ المنشود في خطابنا السياسي الحالي عن شعور النساء الشابات العاملات في صناعة الأزياء اليوم بالتمكين والجهر بآرائهن، خاصةً وأن هذا الخطاب انطوى على بعث الحركة النسوية، كما شهد نشأة حركتي “أنا أيضًا” #MeToo، و”حياة السود مهمة”. ففي الماضي، كان طرح الكثير من الأسئلة والدفاع عن نفسكِ كفيلاً بالتسبب في تصنيفكِ كامرأة مثيرة للمشكلات أو يكلفكِ فقدان وظيفتكِ. “يحبكِ الناس حين تقضين الليالي في الحفلات والسهرات – وكلما ازداد جنونكِ، ازداد حبهم لكِ. ولكن أن تكوني سيدة أعمال ناجحة؟ فلا”. ورغم ذلك، لا زالت إلسون تحتفظ بتفاؤلها. تقول: “أعتقد أن قواعد اللعبة قد انقلبت رأسًا على عقب مؤخرًا. والسؤال هو: مَن سيظفر بمقعد على طاولة القواعد الجديدة؟ إن الجمالَ بمختلف أطيافه شديدُ التنوّع في عالم الواقع، والمرأة البيضاء الممشوقة القوام ليست سوى فرد ضمن أطيافه”.

الصورة لصالح مجلة ڤوغ العربية

ولا تقاتل إلسون للحصول على مساحة أكبر على الطاولة بل في سبيل الوصول إلى مدوّنة سلوك موحدة – تفرض بيئة عمل “غير سامة”، ولا تتسامح مع السلوكيات غير اللائقة جنسيًا، ولا تسمح بلغة تثير المشكلات في موقع التصوير. “إن الوكالات بحاجة إلى التدريب، والمسؤولين عن اختيار فرق العمل بحاجة إلى التدريب – نحن بحاجة إلى دورات تدريبية قبل أسبوع الموضة. يجب أن نُرِي الناس كيف تبدو بيئة العمل الآمنة”.

ومما يدعو للعجب أن جائحة كوڤيد، التي أرغمتنا على إعادة النظر في الأمور المهمة، كانت سببًا في ترسيخ قناعة إلسون بأن صناعة الموضة يمكن أن تغيّر نفسها. “كل ما جرى مؤخرًا جعل الناس يدركون مدى ابتعاد الصناعة عن الاستدامة – لقد كنا على شفا الإنهاك الجماعي مع هذا العدد الكبير من المجموعات. شعرنا جميعًا بأننا كنا نجري بأقصى سرعة للتمتع بحياتنا وقد جعلتنا هذه المأساة نتباطأ جميعًا. إلا أننا توصلنا إلى نتيجة مفادها أننا لو استطعنا الحفاظ على حسّ اللياقة والشعور أكثر بالمجتمع، فبوسعنا أن نصبّ هذا الاهتمام في نهجنا في العمل”.

أقرئي أيضاً: المطربة المصرية أنغام تشارك متابعيها جزء من ألبومها الخليجي الجديد “مزح”

بقلم Lynn Yaeger

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع