تابعوا ڤوغ العربية

هل تبحثون عن مأكولات متوسطية بنكهة شرق أوسطية؟ إليكم هذا المطعم الذي يلبّي تطلعاتكم على أفضل نحو

مطعم ميكس في فندق إميرالد بالاس كمبينسكي، دبي

يثير مطعمُ ميكس، الذي تم افتتاحه مؤخراً في فندق إميرالد بالاس كمبينسكي بإمارة دبي، الأعصابَ إلى حدٍّ ما بسبب مدخله المزدان بالمرايا – فليس هناك شيء يحرّك الخوف في النفس قُبيل لقاء واحدٍ من أشهر الشيفات في العالم أكثر من أن يشاهد المرءُ أمامه مئة صورة لنفسه؛ ولكن عندما لمحتُ ألان دوكاس بإطلالته المشرقة والسعيدة داخل المطعم الفسيح بينما تنساب أشعة شمس ما بعد الظهيرة عبر النوافذ الممتدة من الأرضية لأعلى السقف، شعرتُ بالارتياح. إنه أمرٌ لا يُستهان به. يتواجد دوكاس منذ السابعة صباحاً في مطعمه الجديد، الذي يتضمن نادياً ليلياً، رغم أنه بقي ساهراً لما بعد منتصف الليل في حفل الافتتاح الذي أقيم في الليلة السابقة على ذلك. يقول الشيف، الذي كان أول مَن يمتلك ثلاثة مطاعم حائزة على ثلاثة نجوم ميشلان لكلّ واحدٍ منها في ثلاث مدن (هي: لندن، وموناكو، ونيويورك): “اخترتُ وحسب ألا أكون متعباً”. قد يبدو ألاندوكاس، إضافةً إلى كونه شيفاً عبقرياً، فيلسوفاً إلى حَدٍّ ما.

جلسنا على مائدة عالية، تشرف على كامل المطبخ وما يجري فيه، لتناول الغداء. يبدو دوكاس كما لو كان في منزله تماماً، بالرغم من أنه لا يعمل في المطبخ هذه الأيام. وتعلو وجهه ابتسامةٌ وهو يقول: “يمنحني ذلك الوقتَ لأتحدث مع أناسٍ مثلك”، ويعني بذلك وقتاً ليغازل وسائل الإعلام، ويبني علاقات عامة، ويلتقي المسؤولين عن تسيير الأمور.

ودوكاس، الذي ألّف نحو 30 كتاب طهوٍ، منخرطٌ شخصياً في جميع مشاريعه، حيث عمل عن قُرب مع المهندس المعماري مانويل كلاڤل لتشييد هذا المكان الجديد الذي يمتد على ثلاثة طوابق، ويشتمل على مائدة الشيف على السطح، ومساحة طعامٍ ذهبية خاصة تشرف على مناظر بديعة لأفق المدينة، ومطعم رئيسي فسيح ذي شرفات يزدان بالمرايا وأرضيته بيضاء، وردهة استراحة. يوضح بالقول: “تكمن الفكرة في منح الناس فرصة اختيار التجربة التي يريدونها”.

غداء شهي في مطعم ميكس

نُشِر للمرة الأولى على صفحات عدد فبراير 2019 من ڤوغ العربية.

وبينما نتجاذب أطراف الحديث يصل أول طبقٍ من أطباقنا المشتركة، وهو طبق فلافل مع حمص وبطاطا حلوة مشوية مع العسل والزنجبيل، إلى جانب طبق تاتاكي التونة الحمراء المتبّل لمدة أربعٍ وعشرين ساعة في صلصلة فُولِ الصُّويَا ومزيج السمسم. ويشير دوكاس الذي يتصرف بأسلوب لائقٍ دوماً في تعامله مع النادل ليقدم لي الطبق أولاً وينظر باهتمام شديد بينما أتذوق أول لقمة منه. لا شك أنه ليس متوتراً، فحالما أؤكد له كم أن مزيج النكهات والقوام لذيذٌ للغاية، يبدو راضياً، ونواصل حديثنا.

ولكن، لِمَ اختار دبي ليفتتح فيها مطعماً؟ يضحك بأسلوب يوحي بأنه قد تعرض لمثل هذا السؤال من قبل، ويجيب قائلاً: “لأنها وجهة جذابة ومثيرة جداً”، ويردف: “إنها المرة الأولى التي نفتتح فيها مطعماً في الإمارات. قبل أربع سنوات، أرانا شريكنا الإداري مشروع إميرالد بالاس، وارتأينا أنه مناسب جداً – مساحة فسيحة جداً تتضمن أربع أرضيات واسعة بتجارب مختلفة”.

ويتم تقديم طبق كروك موسيو مع كمأة سوداء مبشورة والأخطبوط المحمَّر على المائدة. أنا متحمسة لتجربة طبق الأخطبوط، وينظر إليّ بلهفة بينما أتناول لقمةً تنمُّ عن الرضا. ولد دوكاس في بلدة أورثيز الفرنسية، وجميع أطباقه تمتاز بمذاقٍ متوسطي. يقول بالحديث عن قائمة أطباقه التي تتحلّى بمذاقٍ شرق أوسطي: “في الإمارات مزيجٌ متنوعٌ من الزبائن – طيفٌ واسعٌ من الجنسيات”، ويردف: “لذا، نسعى إلى ابتكار مزيجٍ من التجارب”. وهو يستعمل كلمة مزيج [’ميكس‘ بالإنجليزية] كثيراً عندما يتحدث عن المطعم؛ لذا لا عجب أن اختياره قد وقع عليها عند تسمية هذا المكان. ويواصل حديثه بالقول: “لدينا بار بسيط للمأكولات في الردهة، ثم هناك مطبخ ذو طابع رسمي أكثر في المطعم الرئيسي”، ويردف: “ثم هناك احتفالات في ’بيضة فابرجيه‘”. ويسارع مدير المطعم للإشارة هنا إلى أنها ليست بيضة ’بيضة فابرجيه‘ فعلياً.

وبغض النظر عن ذلك فإن البيضة الذهبية العملاقة هي العمل المحوري في المطعم؛ ولأنها تمتد على الطوابق الثلاثة، فهي بالتأكيد موضوعٌ مثيرٌ للحديث، حتى وإن كان هذا الموضوع هو: “هل هذه بيضة فابرجيه؟”.

وهذه القطعة اللافتة للغاية أمر متوقع من مطعم يعود للشيف ألاندوكاس، فكل مطعمٍ من مطاعمه التي تزيد على الخمسين يتميز بديكورات داخلية تمتاز بجمال وإثارة يكادان يضاهيان ما يتمتع به المطعم الحائز على نجوم ميشلان ذاته من جمال وإثارة. ورغم ذلك، فإن دوكاس إنسانٌ متواضعٌ. وهو واحدٌ من شيفين اثنين فحسب على مستوى العالم أجمع حازا على أكثر من 20 نجمة ميشلان خلال مسيرتهما المهنية – فقد حاز هو على 21 نجمة، بينما حاز الشيف جويل روبوشون على 31 نجمة. ومع ذلك، لا يبدو منزعجاً مطلقاً بسبب ذلك؛ فعندما طرحت عليه السؤال: “أنت حقاً لا تشعر بأي ضغطٍ نتيجة هذا التكريم؟”، رد سريعاً: “أبداً!”.

وينظر دوكاس إلى طبقي، ويكاد يشعر بالإهانة لأنني لم أتذوق الكروك موسيو، فأوضح له أنني لا أستطيع تناول أيٍ من منتجات الأجبان أو البيض. أطرح عليه سؤالي: “هل يزعجك الأمر عندما تستقبل زبائن مثلي، يعانون حساسية مفرطة أو لا يفضلون أطباقاً معينة؟”، وأوضحُ أنني غالباً ما أتناول الخبز والسوربيه فحسب في العديد من المطاعم ذات النجوم الخمس لأنها لا تسمح بتغيير قائمة الأطباق التي تقدمها. ويُصدَم دوكاس بهذا الاعتراف ويقول: “نحن ماهرون جداً في التعامل مع الحساسية؛ فجميع مكوناتنا طازجة وبسيطة، لذا من السهل تعديل قائمة الأطباق”.

الشيف ألان دوكاس

أراد دوكاس منذ سن الثانية عشرة أن يصبح شيفاً. يستذكر بسعادة مزرعة والديه في كاستل سارازان في إقليم لاند جنوب غرب فرنسا بالقول: “كانت غرفة نومي فوق المطبخ، لذا أول ذكرى تحضرني عن الطعام هي الرائحة”. وعلى خلاف رغبة والديه، بدأ في سن السادسة عشرة فترة تدريب في مطعمٍ محلي، وبعد ذلك بستة أعوام كان يعمل بالقرب من ليون مع أسطورة الطهو الجديد الشهير، ألانشابيل، الذي ساعد في الإشراف على الشيف الشاب. وبعد ذلك بعامين، حاز دوكاس على نجمتيّ ميشلان في مطعم لا تيراس بفندق جوانا في مدينة جوان ليه باه، وكان ذلك بمثابة بداية لمسيرة مهنية مرصّعة بالنجوم. إنها حكاية شاعرية تخلَّلتها لحظات كاد فيها أن يترك هذه المهنة، وعن ذلك يقول: “لا يدرك الناس صعوبة هذا العمل. يتطلب الأمر الكثير من العمل المجهد لتصبح شيفاً ناجحاً، فهو يتطلب مجهوداً جسمانياً كبيراً وساعات طويلة من العمل”. ويكاد دوكاس يسمو فوق السلبية هذه الأيام؛ فكونك الناجي الوحيد من طائرة تحطمت على جبال الألب سيؤدي بك إلى ذلك. “منذ تلك اللحظة، قررت تقدير كل يوم وعدم التوتر كثيراً”، هكذا أوضح عن تجربته التي واجه فيها الموت في العام 1984، عندما تحطمت طائرة ليرجيت التي كان يستقلها في حادث مأساوي على الجبال. يقول: “هناك دوماً حل”. أتفق معه في ذلك، وأخبره بأن هناك الملايين من عشَّاق الطعام الممتنون لأنه لم يتخلّ عن مئزره إلى الآن.

والآن اقرؤوا: لن تصدقوا كم دفع متحف اللوفر أبوظبي مقابل الاستحواذ على هذه اللوحة للفنان رامبرانت

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع