تابعوا ڤوغ العربية

المتزلجات المحجبات يركبن أمواج الحرية في إيران

بعدسة جوليا فريجيري على صفحات عدد يوليو وأغسطس 2018 من ڤوغ العربية

“إنها بمثابة ثورة. فالجميع يركبون الأمواج معاً في رامين. ولا حدود تفصل بين الجنسين”، بهذه الكلمات وصفت المصورة الصحفية جوليا فريجيري هذا المجتمع الذي لم يكن أحد ليتصور وجوده على شاطئ قرية إيرانية صغيرة لولا جماعة من النساء المسلمات الرائدات في رياضة التزلج على الأمواج.

وقد عرفت فريجيري ساحة التزلج الفريدة تلك بعدما شاهدت إعلاناً دعائياً للفيلم الوثائقيInto the Sea(في عمق البحر) الذي حصل على عدة جوائز وأخرجته ماريون بوازو وتناولت فيه مؤسسة “أمواج الحرية”، وهي مؤسسة غير ربحية تسهم في تمكين الفتيات والنساء عبررياضةالتزلج على الأمواج في أفقر مناطق إيران. وقد ألهم هذا الفيلم فريجيري، فحملت الكاميرا ورحلت إلى منطقة بلوشستان النائية، التي تقع على ساحل خليج عُمان على الحدود بين باكستان وأفغانستان، وقررت التقاط صور لهؤلاء النساء اللواتي ظهرن في الفيلم، وإلقاء مزيد من الضوء على قصتهن.

بعدسة جوليا فريجيري على صفحات عدد يوليو وأغسطس 2018 من ڤوغ العربية

وتجدر الإشارة إلى أن ساحة ركوب الأمواج في إيران لم يكن لها أي وجود على أرض الواقع قبل أن تسافر المتزلجة الأيرلندية الشقراء ذات العيون الزرقاء، إيسكي بريتون، إلى إيران عام 2010. وهناك اعتلت لوح التزلج مرتديةً بذلة سباحة مناسبة للمحجبات، وأصبحت أول امرأة تركب الأمواج في هذه البلاد. وقد أذهل هذا المشهدُ أهلَ القرية – فلم يمارس أحد رياضة التزلج هناك من قبل. وقد أسفرت هذه الرحلة عن تأسيس بريتون لمؤسسة “أمواج الحرية” بمشاركة بوازو.

وتُعلل بريتون سبب نجاح هذا المشروع قائلةً: “عبر إدراج مبادرة التزلج على الأمواج في إيران بمشاركة الشابات الرائدات في مجال الرياضة، أصبح التزلج على الأمواج رياضة قامت على أيدي النساء، ووسيلة تتحدى الفوارق، وتعمل على التواصل بين الناس في هذه الدولة على اختلاف أجناسهم، وطبقاتهم، وأعراقهم، ودياناتهم”.

بعدسة جوليا فريجيري على صفحات عدد يوليو وأغسطس 2018 من ڤوغ العربية

وعادت بريتون مرة أخرى إلي إيران بعد ثلاث سنوات، لتكون هذه المرة مثالاً يُحتذي به بين بنات جنسها ولتعمل كمعلمة لرياضة التزلج. وكانت المتزلجة على الجليد منى سيراجي، والسباحة والغواصة شهلا ياسيني، من بين مَن تعلمن على يديها، وأصبحت شهلا أول امرأة إيرانية تركب الأمواج. وشكّلت بريتون وسيراجي وياسيني فريقاً نسائياً للتزلج وبدأن تعليم غيرهن من النساء، والفتيات، والفتيان، وأقمن خلال هذه المسيرة مجتمعاً جديداً.

وبسبب إعجابها البالغ بفكرة الفرص الإيجابية التي قدمنها لجيل الشباب في رامين، سعت فريجيري للتعرف إلى ياسيني وقررت أن تجعل منها بطلة لقصتها المصورة. وعن ذلك تقول فريجيري: “كان التواصل بيننا رائعاً رغم حاجز اللغة”، وتضيف: “نسيت ياسيني فيما بعد وجودي مع الكاميرا وأنني أُصورها”. وأتاحت هذه الصداقة لفريجيري التقاط صور تعكس منظوراً أكثر تلقائية ووضوحاً. “كلما أمضيت وقتاً أطول مع المتزلجات، ازددت يقيناً بأنها كانت قصة إيجابية تستحق أن تُروى. أليس من الرائع لو ألهمت هذه القصة مبادرات أخرى مماثلة في أماكن غير متوقعة تماماً؟”.

بعدسة جوليا فريجيري على صفحات عدد يوليو وأغسطس 2018 من ڤوغ العربية

وعبر هذا المشروع، أصبحت فريجيري شاهدة على حركة يُمكن أن تساهم في كسر الحواجز الاجتماعية أو على الأقل التخفيف من وطأتها. “كل ما قامت به إيسكي وشهلا أنهما بدأتا ثورة صغيرة، ساعدت منطقة بلوشستان، وإيران عموماً، على الانفتاح، خطوة بخطوة. وقدمتا أدوات التغيير لشبابها فيما جذبتا الناس من سائر مناطق البلاد ونشرتا رسالتهما بين عدد كبير منهم”.

ورغم أن ساحة التزلج على الأمواج في رامين لا تزال بدائية مقارنةً بعواصم التزلج مثل هاواي أو جنوب أفريقيا، إلا أن الجهود المبذولة في إقامتها تقف خلفها قوة مذهلة. فقد منعت الجمهورية الإسلامية النساء من حضور الأحداث الرياضية للرجال –ليس مسموحاً لهن حتى بركوب الدراجات في الأماكن العامة– لذا تعمل المتزلجات على تخطي هذه الحواجز. وحسب القانون المتبع في إيران، يجب على النساء تغطية أجسامهن من الرأس إلى القدمين، حتى أثناء المشاركة في الرياضة، كما تعاني المتزلجات عدم توافر بذلات سباحة مناسبة للمحجبات، وخاصة أثناء ممارسة تدريبات التزلج.

وتقول ياسيني: “إن قلة الحركة تمنع النساء من التحرك سريعاً في الماء، وتعيق شعورهن بالراحة” – بيد أن الفوز بدعم الرجال لحركتهن شكّل التحدي الأكبر أمامهن. وتوضح قائلةً: “كانت تلك العقلية المؤمنة بالهيمنة الذكورية أكبر عقبة أمامنا، ولا سيما هنا في بلوشستان. وكان يجب علينا مواجهتها ومقاومتها”. وهن يقاومن هذه العقلية كما يبدو في الصور التي التقطتها فريجيري – ففي إحداها تبحث ياسيني عن السلام بين الأمواج. وتقول عاملة الإنقاذ البالغة من العمر 28 عاماً: “أشعر معها بالثراء والسعادة”، وتضيف: “أفخر بريادتي في هذا المجال، وبأني امرأة لا تعرقلها الحدود بل تتبع ما يخبرها به قلبها. إنها شغفي”.

بعدسة جوليا فريجيري لصالح عدد يوليو وأغسطس 2018 من ڤوغ العربية.

وقد بدأ شعب البلوش يُقبل على هذه الساحة. وتوضح ذلك قائلةً: “إنهم يقدمون دعماً كبيراً لي ولمجتمع التزلج الجديد. وهم معروفون بأنهم شعب مضياف”. ورغم أن ساحة ركوب الأمواج في إيران ما تزال في مهدها، بدأت تحظى تدريجياً بجمهور من المتابعين من خلال مواقع التواصل وأحاديث الناس. ويأتي الشباب الإيرانيون من جميع أنحاء البلاد لتجربة هذه الرياضة، والاختلاط بالمجتمع المحلي. وتقول فريجيري: “إنها رياضة تمهّد لمستقبل أفضل”، وتضيف: “وتصنع أداة تمكين للشباب الذي يبحثون عن بدائل لأنفسهم والأجيال القادمة”.

تضيف ياسيني التي تخطط للتزلج في نيوزيلندا يوماً ما: “التزلج على الماء أكثر من مجرد رياضة. وأتمنى أن تتطور هذه الساحة وأن ينقلها هذا الجيل إلى الأجيال القادمة. وبما أن النساء يناضلن دائماً من أجل الحرية، أود أن يركبن الأمواج ليتنسمن عبير الحرية الحقيقية”.

اِقرؤوا الآن: خمسة مساجد لا يجب أن تفوّتوا زيارتها في المدينة المنوّرة
نُشر للمرة الأولى على صفحات عدد يوليو وأغسطس 2018 من ڤوغ العربية.

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع