تابعوا ڤوغ العربية

تعرفوا إلى البطلة الأولمبية المحجبة ابتهاج محمد

بعدسة زيغا ميهيلسيك لعدد أبريل 2019 من ڤوغ العربية

قبل أن تثير ابتهاج محمد إعجابَ العالم بعدما مثّلت الولايات المتحدة الأمريكية في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2016 التي أقيمت في ريو دي جانيرو وتفوز بالميدالية البرونزية للفرق في رياضة سلاح الشيش لتتصدر على إثر ذلك عناوين الصحف العالمية كأول أمريكية تشارك في هذه المنافسات مرتديةً الحجاب وأول أمريكية مسلمة تفوز بميدالية، خاضت هذه البطلة تجربة أليمة أشبه بـ”الحرب النفسية”. 

توضح قائلةً: “كان ذلك أصعب شيء قمت به في حياتي. فقد كان مثل الذهاب إلى العمل كل يوم مع أشخاص لا يحبونكِ، ولا يريدونكِ معهم… أشخاص كانوا يفعلون ما بوسعهم ليس فقط لوضع العقبات في طريقكِ، بل ولضمان أنكِ ستفقدين الثقة بنفسكِ”.

وحين كانت في صفوف فريق المبارزة الأمريكي، عانت لسنوات طويلة سوءَ المعاملة من الزملاء والعاملين. وتعتقد بأن ذلك منبعه التحيُّز والبُعد عن الإنصاف. “عندما تواجهين تمييزاً وتعصّباً، لن تتوقفي لتسألي الشخصَ المسيء: ’لماذا لا تعجبك بشرتي، أهذا بسبب أني امرأة، أم لأني أرتدي الحجاب؟‘. أعلم أن سوء المعاملة الذي لاقيته لم يكن يعاني منه سائر زملائي في الفريق”. وتوضح: “إذا كنتِ ضمن فريق يضم أربعة أشخاص وواحد منهم لا يُستدعَى للتدريبات، أو أحد أعضائه لا يتم حجز تذكرة سفر جوية له، أو لا يُحجَز له غرفة في فندق، حتى صار ذلك شيئاً معتاداً على مدى ثمانية أعوام، سيدفعكِ هذا حتماً للتساؤل عن سبب ذلك”. 

وتروي ابتهاج ما خاضته من قصص نجاح وإخفاق خلال رحلتها الأولمبية في كتابها الجديد الذي أطلقته بعنوان Proud: Living My American Dream (فخورة بعيش الحلم الأمريكي). وفي هذا الكتاب، تقدم سرداً صادقاً عن أحداث حياتها، بما في ذلك معركتها مع الاكتئاب. وعن هذا الكتاب تقول: “لم يغب عن ذهني الشباب وأنا أكتبه. فقد أردتُ أن تمنحهم قصتي الإلهامَ. فأنا مجرد فتاة من جيرسي اختارت العمل بجد. ولا أعتقد حقاً بأني شخصية مميزة، أريد فقط أن يعلم الشباب هنا أن بوسعهم الوصول إلى ما وصلتُ إليه بالعمل الجاد”. 

بدأت ابتهاج رياضةَ المبارزة في الـ13 من عمرها. وكانت والدتها حريصة على أن تشارك ابنتها في رياضة تتيح لها الحفاظ على احتشامها، وكانت رياضة المبارزة تفي تماماً بهذا الهدف. في بادئ الأمر، كانت ابتهاج تناضل للاندماج مع مَن حولها، فقد كانت الطفلة السمراء الوحيدة في فصلها كما كانت الرياضية الوحيدة المحجبة في المنافسات الرياضية. وقد نصحها والد أحد المبارزين أن تبحث عن المبارزين السود في نيويورك ما حثّها على الانضمام إلى مؤسسة بيتر ويستبروك، وهي منظمة غير ربحية أسسها هذا المبارز الذي فاز بميدالية أولمبية عام 1988 بهدف الترويج لرياضة المبارزة في المجتمعات المحرومة. وتقول ابتهاج، التي تملك أربعة أشقاء وتأمل أن تيسر لها هذه الرياضة فرصة الحصول على منحة لاستكمال دراستها: “كانت المرة الأولى التي أشاهد فيها المبارَزة تمارَس على أعلى مستوى”. ورغم أنها كانت دائماً تهوى الاشتراك في المنافسات، لم تفكر قط في أن المبارزة يمكن أن تكون مهنة لها، فضلاً عن وقوفها على منصة التتويج في الأولمبياد. 

نشر للمرة الأولى على صفحات عدد أبريل 2019 من ڤوغ العربية.

بعدسة زيغا ميهيلسيك لعدد أبريل 2019 من ڤوغ العربية

وبكل عزيمة وإصرار، رفضت ابتهاج الخضوعَ لما يمليه عليها المجتمع – وهو أمر لم يكن سهلاً، خاصةً مع انتمائها لأقلية دينية. “كنا إحدى العائلات المسلمة القليلة التي تسكن المدينة. وكنتُ لزمن طويل الطالبةَ المحجبة الوحيدة في المدرسة. والطالبة المحجبة الوحيدة بجامعة ديوك في ولاية كارولينا الشمالية. وأذكر أن الأطفال كانوا يطلقون على حجابي “مفرش المائدة”، وكان الناس يجذبونه. وكنتُ أشعر كثيراً بأني مقيدة في مكان معين. لذا تعلمتُ منذ صغري أن عليّ أن أحب نفسي رغماً عن كراهية المتنمرين والمنتقدين”.  

وقد تزامنت إنجازاتها الأولمبية مع انتخاب دونالد ترامب رئيساً لأمريكا، ما دفع ابتهاج لأن تكون منبراً يمثّل المجتمع المسلم. “كانت إحدى أروع اللحظات في حياتي. ليس فقط بالنسبة لمسلمي أمريكا، ولكن على مستوى العالم. والتمثيل مهم لنا للغاية – لمقاومة هذا السرد الظلامي الذي اختلقه التاريخ عن الجالية المسلمة. ومن المهم أن يكون لدينا نساء مسلمات يتم إبرازهن برؤية مختلفة – وهو أمر لم نره من قبل”.  

وقد أصبحت ابتهاج مثلاً أعلى – حتى إن شركة ماتيل أطلقت دمية باربي تجسّدها وتحمل السيف وترتدي قناع المبارزة والحجاب تكريماً لها. وتعلق بفخر: “أعيش من أجل هذه الدمية. وقد لعبتُ لزمن طويل بدمى باربي خلال نشأتي، وكان من أقسى الأشياء عليّ كطفلة تلعب بباربي أنه لم يكن لديّ خيار الحصول على واحدة منها تشبهني. لقد كان من الرائع أن أساعد ماتيل على أن تكون أكثر شموليةً، وأن أشجع نهج التنوّع هذا”. وقامت ابتهاج أيضاً بمساعدة علامة نايكي في تطوير غطاء الرأس للمحجبات، نايكي برو. وعن ذلك تقول: “عندما كشفت نايكي عنه في مقرها بأوريغون أمام كبار المسؤولين التنفيذيين، كنتُ على وشك البكاء وأنا أحاول أن أوضح لهم ما تعنيه هذه القطعة من القماش لي كامرأة مسلمة ورياضية محترفة. وأنا أرتديه دائماً كلما مارستُ الرياضة”.

ومنذ أربع سنوات، أطلقتْ ابتهاج، بالتعاون مع ثلاثة من شقيقاتها، علامة للأزياء المحافظة باسم “لويلا”، وتستعين هذه العلامة بمصنِّعات من النساء وعاملات بمقرها في لوس أنجليس. “لقد أطلقنا هذه العلامة بدافع حاجتنا إليها، فلم يكن هناك أحد في الولايات المتحدة الأمريكية يصنع أزياء محتشمة بأسعار ميسرة، وهي بالنسبة لي خطوة سبّاقة في مجال الموضة. إنه لإحساس رائع أن تكوني قادرة على سد فراغ في المجتمع”. ومع شعار “ليكن إيمانكِ أكبر دائماً من مخاوفكِ”، تعيش ابتهاج يومها مؤمنةً بأن عليها استخدام مواهبها لتكون عنصراً فاعلاً في التغيير. “لقد ولدنا جميعاً ولدى كل منا شيء منحه الله لنا، وعلينا أن نكتشف بأنفسنا ما هذه الهدية، وأن نعمل على تغيير عائلاتنا، ومجتمعاتنا، والعالم. فأنا أؤمن حقاً بأن هدفنا يكمن في أن نترك بصمة إيجابية على هذا العالم”. 

والآن اقرؤوا: تعرَّفوا إلى أول امرأة تشغل منصبَ مدير عام بأضخم شركة اتصالات سعودية

بعدسة: زيغا ميهيلسيك

تنسيق الأزياء: محمد حازم رزق

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع