تابعوا ڤوغ العربية

وئام الدخيل أول مذيعة تقدّم نشرة الأخبار على التلفزيون السعودي تروي تجربتها لڤوغ العربيّة

كما نشرت في عدد شهر يونيو 2019

وئام الدخيل أول مذيعة، منذ 45 عاماً، تقدّم نشرة الأخبار على التلفزيون السعودي، تكتب عن تجربتها وعن اليوم الذي شهد تقديمها النشرة الأولى 

نشر للمرّة الأولى في عدد شهر يونيو 2019 من ڤوغ العربيّة

«أذكر أنني منذ كنت في الثامنة أواظب على قراءة الصحيفة اليومية. كنت أنضمّ إلى والديّ في غرفة الجلوس وأتناول الجريدة لقراءتها، مهتمة بها راغبة في إتمام تحدي قراءتها. ومع مرور الأعوام وبعد التعمّق في معرفة الذات وفهم الأهداف، أدركت أنّ افتتاني بالصحافة والإعلام شغف. التوصّل إلى هذه النتيجة وهذه الشفافية مع الذات رافقه شعور بالمسؤولية ومعه رغبة في السعي إلى تحقيق ما أصبح هدفاً واضحاً. في سنّ صغيرة قرّرت أنني سأدرس الإعلام، ووعدت نفسي بالإصرار على النجاح. 

وبعد الأعوام المدرسية في جدة حيث نشأت، قرّرت أن أتابع التعليم الجامعي في لبنان. السفر طلباً للعلم تجربة عرّفتني إلى نفسي وسمحت لي بأن أضع أهدافي في إطارها الصحيح، وبأن أرسم ملامح واضحة لطموحي. تخصّصت في الصحافة في الجامعة اللبنانية الأميركية حيث تعلّمت أساسيات المهنة وتخرّجت عام 2011. أما أيامي في لبنان، فقد علّمتني احترام الآخر والاعتماد على الذات وتقدير الفرص التي تقدّمها لنا الحياة. 

هذه الفرص نقتنصها لنصل إلى ما نريده. ربي أقفل العديد من الأبواب حتى يفتح لي أوسعها. تدرّبت في صحيفة الحياة وقدّمت الأخبار في قناة العرب في البحرين وعملت مراسلة في «سي إن بي سي» عربية. كل محطة أضافت إلى تجربتي، وتلك التجارب مجتمعةً شكّلت من هي وئام اليوم.

في كل مرحلة في حياتي أبدأ من حيث انتهيت، أراكم التجارب وأتعلّم من أخطائي. لكني أجتهد في مهنتي كأنني أبدأ من الصفر كي لا أفقد الحماسة، ولأنني أدرك أن العمل الدؤوب والاجتهاد أهم مقوّمات النجاح في هذه المهنة.

وئام الدخيل أول مذيعة سعوديّة تقدّم نشرة الأخبار على التلفزيون السعودي

 التجارب المهنية التي خضتها دلّتني على الطريق الذي أريد أن أسلكه. رأيت نفسي في التلفزيون، هذا لا يعني أنني أفضّل الإعلام المرئي على المكتوب، فالمذيعة قبل أن تكون وجهاً على الشاشة هي صحافية صانعة محتوى وليست فقط مسؤولة عن تلو الكلمات الجاهزة والمحضّرة مسبقاً. 

منذ النشرة الأولى التي شاركت في تقديمها على القناة الأولى في التلفزيون السعودي، أجهّز يومياً لتقديم الأخبار المسائية قبل خمس ساعات من حلول موعدها. خلال نصف ساعة أخضع للمسات المكياج، وبعدها أتوجه إلى صالة الأخبار وأجلس إلى جانب المدقق اللغوي لأقرأ كل كلمة في النشرة. أسأل عن النطق الصحيح لاسم كل مدينة أو سياسي لست متأكدة تماماً من طريقة لفظ اسمه. وإذا تخلّل النشرة اتصال هاتفي أو حوار مع ضيف أجري أبحاثاً وأغوص في تجهيز الأسئلة التي سأطرحها، بعد ذلك اتوجه إلى الاستديو قبل عشرين دقيقة من تقديم النشرة وأتوكل على الله. لن أنسى النشرة الأولى. كنت متحمّسة وسعيدة، شعرت بالرهبة وبشيء من الخوف لكني كنت جاهزة تماماً. 

بصراحة لم أتوقع أبداً هذا الاهتمام الإعلامي العالمي بأن تشارك مذيعة في قراءة نشرة الأخبار على التلفزيون السعودي. ولا أنكر أنني سعدت بهذا الاهتمام، وهو أمر أجده طبيعياً، نابعاً من طبيعتنا البشرية. لكن ما أراه ضرورياً هو التفاعل مع هذا الاهتمام بتواضع حتى لا يفقد الإنسان نفسه وسط زخم الأضواء. لقد انضمّ اسمي إلى أرشيف التلفزيون، والأرشيف يوثّق الحدث في زمانه ومكانه. تاريخ 20/9/2018 محفوظ في ذاكرة التلفزيون ولن ينسى. وأنا لن أنسى هذا اليوم. بعد الانتهاء من أول نشرة لي فتحت باب الاستديو، وإذا بي أفاجأ بعدد كبير من الزملاء ينطقون جميعاً في الوقت نفسه بكلمات التهنئة “ألف مبروك وئام”. كم فرحت. تملّكني شعور صادق بالانتماء والتقدير لزملاء يدعمونني ويشجعوني. 

“لم أتوقع هذا الاهتمام الإعلامي العالمي بالنشرة الإخبارية الأولى التي قدّمتها”

ثم انهالت المقالات والأخبار التي تناولت النشرة. بعدما تصفحت تويتر وقرأت عناوين الصحف والتعليقات لاحظت أن الحدث نفسه جذب كل هذا الاهتمام في الصحافة العالمية لأنه يخصّ المرأة السعودية. أما في الصحافة المحلية فقد كان لاسم وئام الدخيل نصيب من الاهتمام. وردود الأفعال أسعدتني، ولا أخفي أن بعضها كان سلبياً، لكن لم يعكّر صفو فرحتي. لأنّ بعض هذه التعليقات يعكس ما في داخل الأشخاص أنفسهم. فكل شخص ما هو الا مرآة لما في داخله. بعض هذه التعليقات تركّز على مظهري، وأنا بصراحة كمذيعة أخبار يهمني أدائي أكثر من إطلالتي على الشاشة. أهتمّ بجذب الانتباه للمضمون وليس المظهر. ما يهمّني هو أن أكون على مستوى شعوري بالمسؤولية، مسؤولية اغتنام الفرصة التي أُتيحت لي، وتقديم الأداء الأفضل. ثمة تقدير للمواهب الآن، وقرار بإعطاء الفرص لأبناء الوطن وبناته حتى يتمكن الشخص المناسب من الوصول إلى المكان المناسب في الوقت المناسب. ولأنني أشعر بالمسؤولية أسعى إلى إتقان عملي والتجهيز له عبر متابعة الأخبار على الشاشة والقراءة اليومية لأهم المقالات في الصحف المحلية والعالمية على تطبيقات إخبارية. كما أحرص بين حين وآخر على الالتحاق بدورات تدريبية في التقديم التلفزيوني الإخباري والحواري. وأستشير مَن يحيطون بي وتهمّني آراؤهم متقبّلة النقد البنّاء حريصة على سماعه. ولا أمتدح نفسي لأن المدح هو الحق الوحيد الذي يُستحب كتمانه. لكني أعرف بيني وبين نفسي أنّ الالتزام والاجتهاد رفيقاي.  

ما لا يعرفه كثيرون عني هو أنني قبل أن أكون مقدّمة أخبار في القناة السعودية أشغل منصب مديرة عمليات فيها… أستمتع بعملي الإداري وأؤديه من القلب، لأنني أشعر بأنني جزء من هذه المنصّة، التي أعمل فيها ولها، وبأنني أساهم في التغيير الذي نريد أن نراه على شاشة الوطن، وفي رسم ملامح شابة وطموحة تواكب رؤية وطن طموحه عنان السماء. لذا أؤدي دوري بحبّ، وأخطّ بثقة أفكاراً طموحة. ما أطمح إليه هو تقديم برنامج حواري سياسي. أظنّ أنّ هذا الهدف سيتحقّق في الوقت المناسب لأسير على خطى إعلامية قديرة أحترمها هي نجوى قاسم التي يبهرني أداؤها. أركّز على كل سؤال تسأله، على كل مداخلة وتعليق ولفتة… جذابة الست نجوى “متل زهر البيلسان” (وصفها في Bio حسابها الشخصي على تويتر). 

من مكاني الآن، بعدما تحقّق حلمي بالمشاركة في تقديم نشرة الأخبار على التلفزيون السعودي، أرى الغد مزهراً بالوعود، وملوّناً بالأخضر، لون الحياة». 

تعرّفوا إلى رائدة التمكين الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع