تابعوا ڤوغ العربية

في حوار حصري: الشيخة لطيفة آل مكتوم تبرهن على أن الفوز بالبطولات ليس مرتبطاً بسن محددة

الشيخة لطيفة آل مكتوم، بعدسة ألكس بلوند لعدد سبتمبر 2019 من ڤوغ العربية

الشيخة لطيفة آل مكتوم، بعدسة ألكس بلوند لعدد سبتمبر 2019 من ڤوغ العربية

تستهل الشيخةُ لطيفة آل مكتوم حديثها قائلةً: “بصراحة، لا أتذكر متى امتطيتُ حصاناً لأول مرة”. ولكن هذا الاعتراف لا يعكس عدم اكتراثها بالأمر، بل يدلل على عكس ذلك تماماً؛ فقد نشأت الشيخة لطيفة -ابنةُ الشيخ أحمد بن جمعة آل مكتوم من زوجته الشيخة حصة بنت راشد آل مكتوم أخت صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي– وسط الخيول، وتكاد لا تذكر يوماً واحداً مرّ عليها دون أن تكون حولهم. تقول: “هذه الحيوانات متجذرة في عمق ثقافتنا”، وهنا صهلت الخيول خلفها في الإسطبلات كما لو كانت توافقها على رأيها.

الشيخة لطيفة آل مكتوم، بعدسة ألكس بلوند لعدد سبتمبر 2019 من ڤوغ العربية

الشيخة لطيفة آل مكتوم، بعدسة ألكس بلوند لعدد سبتمبر 2019 من ڤوغ العربية

وقد طارت الشيخة لطيفة الشهر الماضي إلى المغرب للمشاركة في التصفيات المؤهلة لأولمبياد طوكيو 2020. ولكن للأسف لم يحالفها التوفيق، إلا أنها لحسن الحظ لا زالت تتذكر أول مشاركة لها في الأولمبياد. “نجحتُ في التأهل لأولمبياد بكين 2008، حين كنت في الـ22 من عمري. كنتُ صغيرة للغاية ولم أكن أعلم شيئاً”، وهنا أومأت برأسها قليلاً إشارة إلى أن تلك المشاركة لم تكن نهاية المطاف. ولكنها بالطبع تقسو على نفسها كثيراً، إذ لم تبدأ قفز الحواجز بمستوى رفيع سوى قبل عام واحد فقط من المنافسة؛ ولا شك أن افتقارها للخبرة الكافية هو ما وقف دون فوزها بالميداليات.

الشيخة لطيفة آل مكتوم خلال مشاركتها في منافسات عرض لقفز الحواجز، بعدسة تايرا هاميلتون

الشيخة لطيفة آل مكتوم خلال مشاركتها في منافسات عرض لقفز الحواجز، بعدسة تايرا هاميلتون

ولكنها اليوم أصبحت رائدة رياضة الفروسية النسائية في الإمارات –بعدما تمكنت من تحقيق أكثر من عشر انتصارات خلال فترة تزيد قليلاً عن عشر سنوات، كان آخرها فوزها مع زملائها الفرسان –عبد الله المرّي، ونادية تريم، وعبد الله حميد المهيري– في بطولة لونجين العالمية لقفز الحواجز واحتلالهم معاً المركز الثالث بفارق بسيط عن فريقهم الخصم من أيرلندا الذي احتل المركز الثاني، فيما فاز الفريق الألماني بكأس البطولة. وعن ذلك تقول: “أبلينا بلاءً حسناً كفريق وكان التواصل بيننا جيداً. وحظينا بدعم من الجميع، بما في ذلك الاتحاد. والإحساس بالدعم يحدث فارقاً كبيراً. وكنّا على وشك تحقيق المركز الثاني، ولكننا نعلم أن بوسعنا أن نقدم أداءً أفضل المرة القادمة. فهناك دائماً فرصة للتطوّر”. وهذا التصريح الأخير يكشف مدى ولعها بالمنافسة. تعلق ضاحكةً: “بين أفراد أسرتي، كلنا نحب المنافسة”.

ولا شك أنها قطعت شوطاً طويلاً منذ أن مارست لأول مرة رياضة قفز الحواجز حين كانت في الثالثة عشرة من عمرها. تعترف: “وجدتُها صعبة للغاية. فأنا عاشقة للكمال إلى حد ما وأحبُّ أن تسير الأشياء بطريقة معينة. لذا أضغطُ على نفسي كثيراً”. وتشير إلى ابنة خالها الشيخة ميثاء بنت محمد بن راشد آل مكتوم كملهمة لها، وتصفها قائلةً: “إنها رياضية رائعة. فقد مارستْ الكاراتيه، والتايكوندو، والجوجيتسو، والآن تلعب البولو. وتبذل قصارى جهدها دائماً، وهي ناجحة للغاية”. كما تعتبر الفارسةُ والدتَها قوةً دافعة لها، وعنها تقول: “إنها صارمة جداً معي ومع الخيول. وعلمتني أن أعمل بجدّ وأبذل كل ما في وسعي لأقدم أفضل ما لديّ لتمثيل بلدي، وأن عليّ إثبات جدارتي طوال الوقت، ولا أظن أن لي الحق في أي شيء”.

وقد أتت دروس والدتها أُكُلها. وشرعت الشيخة لطيفة، التي بدأت الاشتراك في المنافسات حين كانت في الثامنة عشرة من عمرها، في التدرب والعمل بلا كلل، مثل أي رياضية أخرى، دون أن تستغل مكانتها لتحقيق أي مصلحة لها. “أعلم أن الرياضيين الآخرين يلمسون ذلك ويحترمونه”. ولا تخجل الشيخة لطيفة من اتساخ يديها حين تعمل في تنظيف الإسطبلات ورعاية الخيول – أصدقائها الأعزاء. تؤكد: “إذا كنت سأخبر أحدهم بطريقة عمل شيء ما، فلا بدّ أن أعرف كيف أفعله أنا أيضاً”.

وساعد على الارتقاء برياضات الفروسية في المنطقة نجاحُ الشيخة لطيفة، وجهودُ اتحاد الإمارات للفروسية والسباق، وبالطبع، رعايةُ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي يُشاد بفريقه غودولفين في المحافل الدولية. “من المدهش أننا نستطيع المقارنة بين الماضي والتقدّم الذي أحرزناه في الأعوام القليلة الماضية. وأصبح لدينا حالياً عدد كبير من الفرسان وسباقات الخيول. وكنا، منذ ثلاثة أعوام، نكافح من أجل تشكيل فريق واحد، والآن بات لدينا أكثر من ثمانية فرسان مدربين على قفز الحواجز”. وبفخر تقول الفارسة البالغة من العمر 34 عاماً، التي تتمتع بمواصفات ومواهب فارسة من الطراز العالمي: “أقمنا على مدى عامين متتاليين مسابقة من فئة الخمسة نجوم في دبي. وقد أخبرني أصدقائي الأوروبيون بأنهم لم يروا مثل هذا النوع من المسابقات في أي مكان آخر في العالم”.

الشيخة لطيفة آل مكتوم، بعدسة ألكس بلوند لعدد سبتمبر 2019 من ڤوغ العربية

الشيخة لطيفة آل مكتوم، بعدسة ألكس بلوند لعدد سبتمبر 2019 من ڤوغ العربية

ورغم مشوارها الباهر في رياضة قفز الحواجز، تتمرن الفارسةُ يومياً وتمتطي ستة أو ثمانية من جيادها لمدة من خمس إلى ست ساعات قبل أن تذهب إلى الجيم لممارسة تمرينات الكروس فيت، وتؤكد أنها تمكنت من تجاوز بضع عقبات – بخلاف رياضة قفز الحواجز. “كانت العقبةُ الحقيقية أمامي الاعتقادَ الخاطئ بأن الجواد يقوم بكل شيء. وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق. إذ يتعيّن عليكِ إقامة علاقة قوية مع جوادكِ، فلن تقضي سوى دقيقة واحدة في المضمار وعليكِ اتخاذ قرارات سريعة، فليس لديكِ وقت للتفكير. ويجب أن تعرفي إمكانات جوادكِ النفسية والجسدية. وقدراتكِ وقدراته. وهذا يتطلب عملاً كثيراً، ولا مجال لارتكاب أي أخطاء”.

ورغم نجاحها، فإنها لا تعتبر نفسها مثلاً يُحتذى به بل تفضّل أن تكون جزءاً من الحركة النسائية في الإمارات التي حققت إنجازات ملموسة. تقول بحماس: “كثير من الناس في أوروبا يعتقدون أن السيدات الإماراتيات لا يشاركنّ في الرياضة، ولكن إذا ما نظرتِ إلى السنوات القليلة الماضية، ستجدين أنه أصبح لدينا الآن مسابقات من فئة الخمسة نجوم للسيدات فقط في الإمارات. ولن تشاهدي ذلك في أي مكان آخر في العالم. ومستواهن يزداد ارتفاعاً وقوةً. إن الأمور تتحسن كثيراً الإمارات”.

تُرى، بم تنصح الشيخة لطيفةُ سائرَ النساء؟ تقول: “اخترنّ شيئاً تحببنه حقاً ولا يكون صعباً عليكنّ أبداً حتى في أقسى الأوقات خلال مسيرتكنّ. وإذا أحببتنّ ما تفعلنه، ستستمتعنّ به دوماً”. ويبدو جلياً أنها تتمتع، إلى جانب قوتها الذهنية، بطاقة إيجابية ملهِمة، ومن اليسير أن نرى أثرها على أي فريق. وحين سألتُها عن طريقة تعاملها مع الضغوط أجابت: “أعرفُ جيداً قدراتي وما يتعيّن عليّ القيام به. أحتاجُ فقط إلى أن أركز على ذلك. ولن يكون بوسعكِ عمل سوى ما تجيدينه، ولكنكِ في النهاية ستتذوقين ثمار عملكِ الجاد. قد يكون الأمر صعباً في بعض الأيام، ولكن إياكِ والاستسلام”.

الشيخة لطيفة آل مكتوم، بعدسة ألكس بلوند لعدد سبتمبر 2019 من ڤوغ العربية

الشيخة لطيفة آل مكتوم، بعدسة ألكس بلوند لعدد سبتمبر 2019 من ڤوغ العربية

إن الاستسلام فكرة لا تطرأ على بالها أبداً، وتتمنى مواصلة قفز الحواجز “لسنوات طويلة أخرى قادمة”، وأيضاً ركوب خيول جديدة. وهي تدربهم من سن أربع سنوات، وتواصل عملها بعد أن تبدأ الاشتراك في المنافسات، كما تصطحبهم إلى العروض التدريبية. وعن ذلك تقول: “تجهيزهم والوصول بهم إلى هذه المرحلة يشعرني بعاطفة كبيرة نحوهم. فأنتِ تعرفينهم جيداً وكثيراً ما يقاتلون من أجلكِ. إنهم أطفالي وأحبائي الصغار”.

وحين تطرقنا إلى أولمبياد بكين مرة أخرى، تحدثت عن فخرها بتمثيل بلادها قائلةً: “ينتابكِ أجمل إحساس في العالم حين يعزفون نشيد بلادكِ. ومن الرائع أن أمثّل بلادي في هذا المحفل الدولي. فحلم كل رياضي أن يمثّل بلده في دورة الألعاب الأولمبية. إذ تشعرين بحماس عارم ومتعة حين ترين ثمرة عملكِ الجاد، لأن الأداء الجيد هو انعكاس للمجهود الذي بذلتِه في بلدكِ وليس بالضرورة ما قمتِ به على أرض البطولة”.

ورغم أن أول تجربة لها في ركوب الخيل قد تكون ذكرى بعيدة، إلا أنه تظل هناك حقيقة تشهد على أن العمل الجادّ والمتواصل لسمو الشيخة لطيفة آل مكتوم ونجاحاتها لن تُمحى من الذاكرة بسهولة.

اقرئي أيضاً: سيدات شرق أوسطيات مؤثِّرات يبرهنّ على أن العمر مجرد رقم

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع