تابعوا ڤوغ العربية

رائدة أعمال سعودية تعلّمكِ كيف تخلّصين حياتكِ من الفوضى

ترى رائدة الأعمال السعودية سارة العيسى أنه قد حان الوقت لإعادة النظر في عاداتنا الاستهلاكية، وتنظيم حياتنا على هذا النحو.

أسست رائدةُ الأعمال السعودية سارة العيسى شركة ’سورتد‘ في جدة لتقديم خدمات تحسين نظام الحياة في البيوت. الصورة بإذن من سارة العيسى

تتمتع سارة العيسى، وهي رائدة أعمال سعودية وأم لطفلين، بحسن التنظيم والترتيب منذ نعومة أظافرها. وقد مكّنها حرصها على العيش في بيئة متقنة التنظيم بمنزلها الواسع في جدة من الموازنة بين واجباتها كأم ومتطلبات رعاية أسرتها. وكانت صديقاتها أول من لاحظن هذه الميزة الاستثنائية التي تنفرد بها، فقد كنّ كثيراً ما يستعن بها حين ينتقلن إلى منازل جديدة، أو حين يرتبن فوضى الغرف المهملة في منازلهن. تذكر سارة: “قلن لي: ’الناس لا يفكرون بهذه الطريقة، ولا يستطيعون رؤية المساحات كما تفعلين أنتِ، ولا ترتيب الأمتعة مثلكِ‘. ولم يطرأ ببالي مطلقاً أنه يمكنني تحويل مهاراتي التنظيمية إلى مهنة أو أنه سيكون هناك طلب على مثل هذا النوع من الخدمات”.

“لا يقتصر الأمر على مجرد التخلص من الأشياء، بل يُعنى كذلك بما سنفعل بها عندما لا نحتاج إليها”. الصورة بإذن من سارة العيسى

وبفضل دعمهن وتشجيعهن، أسست سارة شركتها سورتد في جدة لتقديم خدماتها في تحسين نظام الحياة في البيوت. ومنذ أن أطلقت شركتها قبل خمس سنوات، أخذت هذه الشركة –التي يختص قسم من أنشطتها بتصميم الديكور فيما يعنى قسم آخر بخدمات التنظيم– تنمو باضطراد من خلال أحاديث الناس وحساباتها على مواقع التواصل، حيث يتابعها على انستقرام ويوتيوب وفيسبوك نحو 50 ألف متابع. وتتبع سارة نهجاً شاملاً في مشروعاتها، إذ تستغل دراستها للفنون البصرية بجامعة فرانكلين في سويسرا وكذلك دراستها لـ”فينغ شوي” (ممارسة صينية تختص بتنظيم المساحات بحسب تدفق الطاقة) لتحقيق نتائج عملية وجمالية ممتعة في آن واحد. وتعد تحديثاتها على انستقرام عرضاً جذاباً للخزانات التي تصطف بها أوعية تحمل ملصقات، وكتب مميّزة بالألوان، وأرفف تزينها لعب الأطفال بأسلوب يجعل منها حلماً للمرأة عاشقة الكمال. وعلى موقعها، تقدم إرشاداتها في قوائم تشبه قوائم مستلزمات العودة إلى المدرسة، أو ما يتعيّن على الحجاج حزمه من أمتعة قبل السفر.

وكان لمستشارة التنظيم اليابانية العالمية ماري كوندو، مؤسِّسَة طريقة “كونماري” [طريقة متخصصة بترتيب الأشياء] أثراً كبيراً في طرق سارة. وعن ذلك تقول: “جعلتني أدرك كيف يمكن أن تغيّر عمليةُ التطهير والتنظيم من حياتنا. فقد أشارت إلى ’أن السؤال عن ما تريدين امتلاكه بمثابة سؤال عن كيف تودين عيش حياتكِ‘. وترشدنا هذه الفلسفة في كل عمل نقوم به، من أجل إسعاد الناس وإثارة البهجة في نفوسهم بمساعدتهم على تغيير أسلوب حياتهم في البيوت وأماكن العمل”.

تنصح سارة بضرورة تسمية صناديق التخزين والأدراج والأرفف بوضع ملصقات تعريفية عليها حتى يسهل عليكِ تصنيف أشيائكِ المنزلية ووضع كلٍ منها في المكان الذي يناسبها دون عناء. الصورة بإذن من سارة العيسى

وتسعى سارة حالياً لأن تصبح أول خبيرة بالسعودية متخصصة في طريقة الكونماري [لترتيب الأشياء]. “أريد أن أصمم طرقاً خاصة بي تلبي الاحتياجات الخاصة للمنطقة بناء على ما نشعر به، كما تخلصنا من الأمتعة التي لم تعد تسعدنا. وقد اجتذبت هذه الفلسفة الناس من جميع أنحاء العالم، ليس فقط لكفاءتها بل لاهتمامها بجعل الإنسان واعياً، ومحباً للتأمل، ومتطلعاً للمستقبل”.

وتتحدث خبيرة التنظيم عن مشكلات امتلاك “أمتعة أكثر من اللازم” قائلةً: “يعتبر ظهور ثقافة الاستهلاك على هذا النطاق الواسع في المنطقة ظاهرة حديثة نسبياً. ولكنها لم تبدأ في الانتشار على نفس مستوى الغرب إلا بعد عدة عقود من الطفرة النفطية في الستينيات والسبعينيات. في الماضي، سواء عند البدو أم سكان الحضر أم المزارعين، كان الناس في المنطقة يعيشون بموارد محدودة. لذا كنا نهتم بما لدينا وننقله للأجيال التالية. وقد أدى ظهور البضائع التي تباع بأسعار ميسورة ويتم إنتاجها بكميات هائلة في الأسواق إلى ظهور ثقافة الإفراط في الاستهلاك التي نشعر بآثارها اليوم”.

“العيش في منزل منظم جيداً يرفع معنويات سكانه ويبث فيهم النشاط”. الصورة بإذن من سارة العيسى

ويمثّل ذلك أيضاً انعكاساً لتغيّر أساليب المعيشة. فمنذ بضعة عقود فقط، كانت مساحة المنازل العادية في الخليج أصغر حجماً مما هي عليه الآن، وكانت تسكنها عادةً أُسَر كبيرة العدد تضم أفراداً من عدة أجيال. وحين انتقل الناس للإقامة في بيوت أوسع تسكنها عائلات صغيرة، أصبح لدى كل فرد غرفته الخاصة – وسرعان ما امتلأت هذه المساحات الإضافية بالملابس، والكتب، والأثاث، والورق، والأجهزة. وأدى ذلك إلى انضمام الخليج إلى هذا السؤال الذي يؤرق العالم: ماذا نفعل بكل هذه الفوضى؟ وسواء كان الفساد البيئي ناتج عن التخلّص من القمامة في مدافن النفايات أم بالحرق، أصبحت هذه المسألة قضية ملحّة أكثر فأكثر. وترى خبيرة التنظيم، التي مدت نطاق خدماتها لتشمل أيضاً مساعدة عملائها على العثور على جمعيات خيرية للتبرع بأمتعتهم: “أجبرت ظاهرة الاحترار العالمي الكثير منا على التفكير في ما يستهلكونه، وكيف يستهلكونه. ولا يقتصر منهجي في عملي على مجرد التخلص من الأمتعة، بل يتخطاه ليناقش ماذا يجب علينا عمله حين لا نحتاج إلى الأشياء الزائدة. نحن في حاجة إلى البحث عن وسائل أفضل لإعادة توزيع هذه الأشياء، والعثور على مستخدمين آخرين لها، وتعزيز الاستهلاك الواعي”.

ورغم أن تغيير ثقافة الاستهلاك وعادات المستهلكين المستمرة منذ زمن طويل سيستغرق وقتاً، إلا أن أي إنسان أحسّ بالانتعاش فور تخلّصه من الأمتعة غير المرغوبة سيدرك طبيعة عمل سارة الذي يبعث الرضا في النفس. تقول سارة: “العيش في منزل منظم جيداً يرفع معنويات سكانه ويبث فيهم النشاط. وفي رأيي، يكمن الهدف في النهاية في إثارة البهجة في حياة الناس والتأكد من أنهم محاطون بالأشياء التي يحبونها”.

تسعى سارة حالياً لأن تصبح أول خبيرة بالسعودية متخصصة في طريقة الكونماري. الصورة بإذن من سارة العيسى

نُشر للمرة الأولى على صفحات عدد فبراير 2020 من ڤوغ العربية.

اقرئي أيضاً: جولة داخل منزل مهندسة الديكور اللبنانية منى حاج الثري بالتأثيرات العالمية في بالتيمور

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع