قدمت المملكة العربية السعودية مؤخراً وجهاً ثقافياً من خلال الترويج للفنانين المحليين وإبداء اهتمام متزايد في تطوير مشهدها الفني المعاصر، وقد نرى ذلك جلياً مثلاً في جائزة جميل للتصوير الفوتوغرافي التي تم إيجادها حديثاً للفنانين السعوديين، والافتتاح المرتقب لأسبوع التصميم السعودي في الرياض. وقد شهدت جدّة على وجه الخصوص، مجموعةً من الأحداث الفنية التي ازدهرت على أراضيها، عاكسةً فكراً جديداً يتم تعزيزه من خلال أعمال المواهب المعاصرة من الشرق الأوسط. وتحتضن جدة في هذا الشهر، ثلاثة معارض كبيرة للفن المعاصر: أسبوع الفن في جدة وفن جدة 21,39 و”المملكة المعاصرة”. وكانت المدينة قد تقدمت أيضاً ليتم إدارجها ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
عقدت النسخة الثانية من حدث المملكة أسبوع الفن في جدة في نادي الفروسية في حياة بارك في جدة، تحت رعاية وزير الثقافة والمعلومات، ومبادرات عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع، مختتماً أعماله الأسبوع الفائت. واستمر الحدث على مدى أسبوع كامل، ذاخراً بأعمال الفن المعاصر من المنطقة والعالم، والتي عرضت عن طريق عددٍ من المعارض وعروض الشارع والأعمال التنصيبية في الهواء الطلق.
وتصادفت الأحداث الرئيسية ضمن أسبوع الفن في جدة مع حدث الفن المعاصر *”21,39 “* الذي تم إحداثه مؤخراً، ومع المعرض المستمر حالياً لدى غاليري أيام *”المملكة المعاصرة”، والذي يعرض أحدث أعمال ستة من الفنانين الموجودين والصاعدين في السعودية.
وتطمح هذه المبادرات ليست فقط لحثّ المشهد الفني المحلي من خلال إنشاء حوارٍ إبداعي يعكس التأثيرات الثقافية المختلفة المألوفة في المنطقة، بل أيضاً لجذب الاهتمام العالمي من خلال عرض بعض الأعمال المختارة لفنانين عالميين مشهورين.
وضمن السياق ذاته، تم عرض عمل داميان هيرست ترانكوالتي “السكينة” 2008 وهار ميجيدو 2008 ضمن معرض “إضاءات معاصرة” لدى سوثبي، وكان إل سيد قد دعي لتقديم أداء من فن الشارع تحت عنوان “القصيدة الشعرية”، مفتتحاً المعرض الفني. وقد أوعز لإل سيد بزخرفة منطقة البلد، المنطقة التاريخية في المدينة، من خلال *أسلوبه الخاص في فن “الكليغرافيتي” الكتابة الزخرفية.
وتم ضمّ فنانين آخرين من بينهم مواهب صاعدة من الشرق الأوسط مثل فنانيّ الثقافة-الشعبية هدى بيضون وشاويش، والذين قدموا نقداً بروح النكتة للوضع السياسي والإجتماعي القائم في المملكة. وبالإضافة إلى هذا، تم تقديم أسماء مشهورة بشكل أوسع ومن ضمنها الفنان السعودي خالد زاهد وعرضه المنفرد “أنا أحلم بالمملكة”، إلى جانب فنانيّ الخط العربي التونسيين نجا مهداوي وخالد بن سليمان والذين قدما عرضهما تحت عنوان “سمت الخرائط”: عملان خطّ صاعد، وهو عبارة عن تنصيبات تحتضنها غاليري المرسى.
وبرزت أهمية معرض أسبوع الفنون في جدة أيضاً من خلال تسليطه الضوء على موضوعات اللحظة، مثل أثر وسائل التواصل الإجتماعي والإنترنت على حياتنا اليومية (“ESC”، الحقيقة الافتراضية، المعرض التنصيبي الذي صممته نور كيلاني، والتقديم النمطي للمرأة السعودية (سعوديات عازبات، معرض لوسمة منصو، والمعرض الذي مازال مستمراً “الإستشراق” وهي مجموعة أعمال للفنان الدكتور محمد أبو النجا).
ورغم انتهاء أحداث الفن المعاصر رسمياً، سيستمر معرض “أسبوع الفنون في جدة” في نادي الفروسية و “المملكة المعاصرة” في غاليري أيام حتى الثامن والعشرين من شهر فبراير.