ملائكة جما فنا Jama Fna Angels تصوير حسن حجاج
قابلت الفنان حسن حجاج والمصمم أمين بن درويش خلال أسبوع الموضة في تونس حيث كانوا يعرضون مجموعتهم المشتركة الأولى. إن أسلوب حجاج المتميز بالجمال المتطرف وإعادة تخصيص الحضارة المغربية الممتزج مع طبيعة الحضارة العربية في الاستهلاك الجماعي، بالإضافة إلى عودة بن درويش للأزياء العصرية وجرأة الشباب العرب، جعلتهما اثنين من أكثر الشخصيات المبدعة والطموحة في المملكة المغربية.
مجموعة حسن حجاج وأمين درويش المشتركة خلال أسبوع الموضة في تونس Tunis Fashion Week
كيف حصل هذا التعاون بينكما إذاً؟ كيف التقيتما وكيف بدأت هذه المحادثة عن الأزياء؟
حسن حجاج: يعود تاريخ ذلك إلى السنوات الماضية. عندما أخبرني أمين أنه معجب ببعض أعمالي حين كنت أقوم بتصميم تيشيرتات أساسها صور مغربية كنت قد صورتها من قبل.
لقطة من مجموعة أمين بن درويش كوتور آند بولشيت Couture and Bullshit لربيع 2013
أمين بن درويش: كنت في المدرسة الثانوية. كان من المشوق جداً أن أرى شخصاً مغربياً يصنع هذه الأشياء الرائعة، كما تعلمين. لذا كنت أمر دائماً بجانب متجره وأنا في طريقي إلى المدرسة فقط لكي ألقي نظرة على التيشيرتات التي كان يصنعها.
حسن حجاج: رأيت قبل بضعة سنوات بقليل من ذلك التاريخ حوالي سنة 2007، ذاك المخلوق الشرس يقفز نزولاً وصعوداً بطاقة مهولة في مهرجان للموسيقا وهذا كان لقاءنا الأول.
وكانت هذه المرة الأولى أيضاً التي أرى فيها شخصاً من الغرب يقوم بشيء مختلف. كان شعار البيوما الفهد الأمريكي puma هو الذي لفت نظري، لكن بدلاً من الفهد رأيت شعار “حمار”. بدأ أمير بتنظيم الكثير من الحفلات في الدار البيضاء تجمع ما بين الموسيقا والفن والموضة. كنت فخوراً جداً أن أرى شخصاً يقوم بشيء جريء. وقد كنا منذ ذلك الحين ندعم بعضنا البعض ونحاول أن نجد طريقة كي نتعاون. لكن لم نرد أن يكون ذلك بالإجبار ودون تخطيط.
كنت أصور تلك الصور من أجل سلسلتي “نجوم موسيقا الروك” Rock Stars، لكي أبتكر المجموعات الكلاسيكية، وقد حققت ذلك من خلال استيراد خياط وأقمشة من باماكو فقط لهدف تصوير تلك الصور.
بدأنا بالحديث وقد كانت فرصة جيدة لاستخدام تصاميم أمين والاستفادة من أسلوبه في قص وتصميم ألبسته.
صورة أمين بن درويش تصوير حسن حجاج
أخبرني أكثر عن تلك الأقمشة الرائعة.
حسن حجاج: القماش الموجود هناك مستخدم فقط لغاية الدعاية. عندما زار أوباما أفريقيا، كان ينظر للملابس طوال الوقت، وقد كانت من أكثر الأقمشة الأفريقية مبيعاً. يمكنك استخدام هذه الأقمشة لشيئين – لا في الحقيقة ثلاثة أشياء: لديك السياسيين المحليين والمتدينين، بالإضافة إلا أنه عندما يموت أحداً، يقوموا بطباعة وجهه على هذه الأقمشة.
أمين بن درويش: تستخدم الرسومات والمطبوعات عادة للدعاية السياسية والدينية. على سبيل المثال، يقوم السياسي بصنع قطع القماش لبلده وتوزيعها على الشعب. هناك العديد من الكنائس في أفريقيا ودول الصحراء الجنوبية. حيث يقوم الكرادلة بالترويج لأنفسهم من خلال المطبوعات على الأقمشة. كان شيئاً مشوقاً وممتعاً جداً أن نأخذ هذه الأشياء كلها وننقلها إلى عالم الموضة.
حسن حجاج: إن ما فعله أمين هو شيء ذكي جداً. حيث قص الرسائل المتكررة وأعاد جمعها. يوجد على السترة المفضلة لدي كلمة “سلام” فوق منطقة القلب وكلمة “الحقيقة” على اليمين وكلمة “العدل” على الظهر. إن خياطة السترات والدقة في الرسم على ظهرها وجيوبها هو شيء خيالي.
لقد صممت هذه المجموعة على الطريقة الأفريقية. فافتخرت بألوان بلدك جداً لكن ما هي الرسالة وراء هذه المجموعة؟
لقطة من مجموعة أمين بن درويش كوتور آند بولشيت Couture and Bullshit لربيع 2013
حسن حجاج: نحن نحاول أن نساعد أبطالنا المحليين. إنها خطة طويلة الأمد. لكننا نريد أن نطور أقمشتنا الخاصة ونقدم أبطالنا الخاصين.
كلاكما جزءاً من جيل الأصوات الجديدة في المغرب. فقد بدأت أنت يا حسن هذا الفن المغربي الشعبي.
حسن حجاج: في الحقيقة أنا أتمنى أن أتوسع بذلك إلى خارج المغرب، وأمين يتمنى ذلك أيضاً. أتمنى أن يؤثر هذا الفن ببقية أنحاء العالم العربي. لقد استلمت في السنوات السابقة العديد من الرسائل الإلكترونية من المعجبين وجيل الشباب ومن كل أنحاء العالم. ليس فقط في المغرب، وإنما نحاول أن نشتهر كفنانين عربيين.
حسن، لديك حضور كبير في منطقة مجلس تعاون دول الخليج العربي وفي الشرق، وصحيح أنه توجد هناك قوة وأموال أكثر من تونس والمغرب. هل تعتقد بأنه على أمين الذهاب إلى الخليج كي ينجح؟
حسن حجاج: إنه مهم جداً بالنسبة لي عندما تكون مصمماً قادماً من بلد عربي أن يتقبلك العرب أولاً. أمين سيذهب إلى دبي الشهر المقبل. الخليج هو مركز الفن العربي. حيث يدعم العملاء هناك الفنانين العرب بجدية، فهم فخورون جداً. وبالنسبة للفنانين من أفريقيا الشمالية، فنحن في الركب ذاته بطريقة أو بأخرى، لكن ليس لدينا التخطيط الكافي وسهولة التنقل لدعم الفن.
أعتقد حالياً أن المشكلة بالنسبة للفن في العالم العربي هي في الانتقاء. فعندما يقيمون مهرجانات الموضة أو البحث عن المواهب، يركز الناس على الجنسية، فهم يبحثون عن المصممين والفنانين العرب فلا يكون اختيارهم مبنياً على الموهبة. فهنا أسبوع الموضة في تونس هو مثال آخر. حيث يمكننا أن نتمتع بقوة أكبر بكثير لو ركزنا على النوعية والموهبة بدلاً من بلد المصمم وجنسيته.
كرة القدم تصوير حسن حجاج
حسن حجاج: في النهاية يعتمد كل شيء على وجهة نظر الناس ورأيهم في أعمالك، وإنني فعلاً أتمنى أحياناً بأن يأتي أحداً معجباً بعملي ويقول بأنه جيد بدلاً من أن يذكر أنه مغربي أو عربي.
أمين بن درويش: بالضبط.
حسن حجاج: فبالنسبة لعملنا المشترك، إن لم نضع أسماءنا ونذكر أننا من المغرب، سيفكر الناس بأن المصممين من أفريقيا أو أحد أولئك المصممين الأوروبيين الذين ينطلقون بصيحات جديدة.
لقطة من مجموعة أمين بن درويش كوتور آند بولشيت Couture and Bullshit تصوير فرانك ثيل
أمين بن درويش: عندما أخبر الناس في المغرب أنني مصمم أزياء، يعتقد الناس أنني أصمم لباس القفطان، ويعتقدون العكس تماماً عندما أعرض مجموعاتي في أوربة. حيث يندهشون عندما يعرفون أنني مغربي. يفكرون، “أنت مغربي، إذاً عليك أن تصمم هذا أو ذاك. أنت تونسي، إذاً عليك أن تصمم لباس “الفوطة” وما إلى ذلك …”
أسمع الكثير عن ذلك في كل مرة أجري بها مقابلة مع المصممين، فلا يريد المصمم أو المصممة أن ينظر الناس إليهم من منظار جنسيتهم. لكنني لم أسمع قط أي مصمم إيطالي يقول، “أنا لا أريد أن أكون إيطالياً.” حيث يقوما دولتشي وغابانا بكل شيء في صقلية وكل مجموعاتهم تتكلم عن موطنهم …
حسن حجاج: بالطبع علينا أن نمثل حضارتنا، لكن الآراء الخارجية هي الشيء الغريب في الموضوع.
أمين، هل تعتبر نفسك فنان أم مصمم عندما تقوم بتصميم مجموعتك؟
أمين بن درويش: القصة دائماً مهمة كما تعلمين. فأنا لم أبتكر السترة أو البنطلون. ولكن ما أقدمه لك هو الطريقة التي أرى بها السترة أو البنطلون. إن عالم الموضة محدود جداً. لقد تقدمت في ساحة الموسيقا والفن وتعاونت مع الفنانين والموسيقيين والمصورين … أعتقد أنني في الوسط.
كانت المرة الأولى التي أعرض فيها مجموعة في الدار البيضاء خلال حدث يطلق عليه فيستيمود Festimode والذي أصبح فيما بعد أسبوع الموضة في الدار البيضاء Casablanca Fashion Week. ولاحظت بأننا كنا نقيم هذا الحدث فقط لكي نقول بأنه لدينا ساحة للموضة أو أسبوع للموضة، لكننا فقط كنا نحاول أن نكون كالآخرين. في الوقت ذاته تلاحظين أن الناس لا يفهمون ما تقومين به. حيث يجتمعون لكي يقضون وقتاً ممتعاً ويلتقون بناس آخرين ثم ينتهي الحدث. وأنا أقف هناك لأعرض مجموعتي وأنا أراقبهم وأقول في نفسي، “يا شباب!” لقد أردت أن أقول لهم ذلك حقاً، لكن كل ما يقولونه لك هو، “آه إن التصاميم لطيفة.” “إنها جميلة.” ولذلك لاحظت بأن الناس بحاجة للحضارة أكثر من حاجتهم للموضة. ولكي أساعد الناس على فهم ما أقوم به، عليهم أن يفهموا حضارتي وثقافتي وشعبي والمكان الذي جئت منه والحضارة التي أنتمي إليها.
لقطة من سلسلة نجوم الروك Rock Stars تصوير حسن حجاج
