لا يأتي العيش الصحي، واسألي أي مخلصة لجلسات السول سايكل، بثمن بخس هذه الأيام. فهناك حصص أسبوعية بـ30 دولار أمريكي للحصة واشتراك شهري بـ180 دولار أمريكي بالنادي الرياضي وكوب عصير خضار معصور بارد يومي بـ10 دولار أمريكي ومستحضرات العناية بالبشرة الطبيعية بالكامل والعضوية المكلفة وأطنان من المكملات الغذائية المنتجة للتو التي يصعب العثور عليها من متاجر هول فودز، دون أن نذكر بعض الخيارات الموجودة الأكثر بذخاً (مدربون لقاء 500 دولار أمريكي للساعة أو جلسة علاجية للوجه بـ750 دولار أمريكي) وملابس رياضية أنيقة من مصممي أزياء ليكتمل مظهرنا. ولمعظم الناس قد يكون صرف هذا القدر الكبير من الأموال على المحافظة على رشاقة وصحة الجسم تبذيراً مناف للعقل، لكن بالنسبة لنسبة متزايدة من الأشخاص ذوي الدخل المرتفع الغير مشروط، بات نمط العيش الصحي جزء هام من أسلوب الحياة الفخم.
[Tweet “بات العيش الصحي جزء هام من أسلوب الحياة الفخم.”]
أثناء فترة الركود الاقتصادي التي حلت في 2008، تحول متسوقو سلع الفخامة ليكونوا أكثر تردداً في شراء السلع التي تستعرض ثراءهم علانية. وأفضت الظاهرة التي أطلق عليها حينذاك “الثراء المسترق” إلى حقبة من علامات الفخامة المتحفظة مثل ذا رو و سيلين، وفلسفة جمالية بلا بهرجة ودون أسماء جعلت من الصعب (لغير الضالعين) تقدير التكلفة الحقيقية لتلك الملابس أو حقيبة يد ما. والآن بعد بضع سنوات على ذلك الركود، يبدو أنه قد حدثت نقلة أخرى، حيث بات زبائن الفخامة يصرفون أموالهم على جلسات الرشاقة الداخلية الفخمة والأزياء الرياضية المكلفة. وإن كانت الخامة قبل خمس سنوات تتمثل بحمل حقيبة من سيلين، فإن رمز الفخامة المطلق اليوم قد يكون مجرد سترة بقبعة متصلة خاصة لجلسة سول سايكل أو ربما كوب من عصير الخضار.
“لقد بات نمط الحياة هذا علامة في حد ذاته بدرجة كبيرة، إنها نوع الرياضة والتمرين الذي تمارسينه،” تقول كانديس فراغيس، رئيسة قسم المشتريات لدى نيت-أ-سبورتيه، فرع أزياء الحركة الفخمة الذي أطلقه مؤخراً نيت-أ-بورتيه. وتابعت فراغيس: “إن الناس يفخرون به. إنهم لا يكتفون بالذهاب إلى باريز بوتكامب أو السول سايكل أو الإس إل تي، وهم يرتدون التيشيرتات الدالة على ذلك أيضاً.”
تقول آنا ذات السادسة والعشرين من العمر والعاشقة لجلسات السبن (الدراجة الثابتة) من مانهاتن: “لقد بات أشبه بأسلوب الحياة الوحيد الذي من المقبول التفاخر فيه. ستوصفين بالصفاقة إن تباهيت بسيارتك أو كم تملكين من المال، لكن التباهي بمقدار ممارستك للسبن فهو أمر طبيعي، وإن كان مزعجاً للغاية في الوقت عينه.”
يفصح روتين الرشاقة الذي تختارينه بالكثير عنك. وتماماً كما يوجد أشخاص ميالون للسيارات الرياضية وآخرون لسيارات البورش، هناك أيضاً من يفضلون اليوغا في حين يفضل آخرون معسكرات البوت كامب؛ أي باختصار، باتت التمارين الرياضية حلبة لمقارنة ومقابلة شخصيتك وأسلوب حياتك مع شخصية وأسلوب حياة الآخرين.
وصرحت فارغيس: “إنه موضوع اجتماعي. يتحدث الناس عن أماكن قضاء عطلتهم أو المطعم الجديد الذي قاموا بتجربته حديثاً. والآن باتوا يتحدثون أيضاً عن الجلسات الجديدة التي يذهبون إليها.”
[Tweet “يمكن لنمط تناول الطعام الصحي أن يمنح الطبقة المتنعمة بالثروة حساً بالتفوق الأخلاقي.”]
قد يكون الحصول على الجسم الذي ترغبين فيه هدفك النهائي، لكن بالنسبة للبعض، إن العضوية في هذه النوادي الرياضية قد تكون كافية. ويشرح لاري دي. كامبيو، أستاذ التسويق وسايكولوجيا المستهلك في جامعة كلاركسون: “الإحساس بأنك جزء من النخبة هو محفز كبير على الشراء،” وهو السبب الذي يجعل برنامج بلاك كارد من أميريكان إكسبريس يحظى بهذا النجاح الكبير. ويضيف كامبيو: “يتلخص الأمر بالرغبة في الانتماء إلى ناد حصري”.
هناك عوامل أخرى أيضاً. فمع عدم التساوي في المدخول بمعدلات عالية بشكل دائم واستمرار معدلات السمنة بالارتفاع بين الأشخاص الأقل دخلاً حتى خلال ازدهار ثقافة العيش الصحي، يمكن لنمط تناول الطعام الصحي أن يمنح الطبقة المتنعمة بالثروة حساً بالتفوق الأخلاقي. هذا لا يعني أن التسوق من متاجر هول فودز وارتياد حصص السبين سيجعلك متفوقة أخلاقياً، لكن هذا لن يجعلك غالباً تبدين أو تشعرين بالسوء أثناء تواجدك مع من هم أقل حظاً منك. ويشرح كامبيو: “حين تصرفين قدراً كبيراً من المال على تجارب يزعم أنها مفيدة لك، يبدو أن مقدار الذنب الذي تشعرين به أقل مما يكون عليه الحال حين يتعلق الأمر بسلع الفخامة الملموسة. قد يستدعي صرف 10,000 دولار على حقيبة يد وعياً أكبر بشكل واضح بعملية الشراء ويبدو الاستهلاك متقصداً للتفاخر أكثر من لو أن نفس مقدار المال قد صرف على عضوية في ناد حصري أو جلسات تمرين خاصة.” و تظهر الدراسات الحديثة بأن الأمريكيين المتنعمين بالثروة ما يزالون مترددين في الانخراط بالاستهلاك الملفت للأنظار. وأظهر استفتاء تم إجراؤه مؤخراً من قبل ‘أميريكان إكسبريس ببليشينغ’ و‘هاريسون غروب’ بأن فقط ثلث أفراد طبقة الأثرياء الأمريكية يرغبون بأن يصنفوا بهذا الشكل. ويعلق كامبيو: “شهدنا منذ فترة الركود بعض مظاهر العودة للاستهلاك الملفت للأنظار، لكنه لا يقارن على الإطلاق بما كان عليه الحال سابقاً.”
[Tweet “كوب عصير الخضراوات هو استعراض للثروة والانضباط والمسؤولية.”]
ويشير كامبيو أيضاً إلى أن فورة نمط العيش الصحي قد تكون امتداداً لصيحة استهلاك أكبر: “شهدنا منذ الركود تركيزاً أقل على الأشياء وتركيزاً أكبر على التجارب. لذا فإننا نرى أشخاصاً مقتدرين ينخرطون أيضاً في القيام بالعطلات الفارهة المتطرفة ويدفعون المزيد من المال ليحظوا بهذه التجارب الباذخة، والتي قد تشمل السفر أو الطائرات الخاصة أو الهوايات المكلفة.” وبالنسبة للضالعين في الأزياء، يحصلون على سبب لارتداء المجموعة الجديدة من ألكساندر وانغ وإتش آند إم .
تقول شارلوت بيلتكوف، مؤلفة ‘إيتينغ رايت إن أميريكا: ذا كولتشرال بولتيكس أوف فوود آند هيلث’: “إن العصائر وشربها كالعصائر الخضراء على وجه التحديد، هي بالتأكيد رمز للمكانة الاجتماعية في يومنا هذا. العصائر الخضراء على سبيل المثال، هي استعراض للثروة والانضباط والمسؤولية، والتي إن وضعت معاً تعكس وتعبر عن المكانة الاجتماعية.”
وإلى جانب كونها تجربة تستحق التحدث عنها والفوائد الصحية الواضحة، فإن الانخراط في نشاطات الصحة وخاصة المعنية بالرشاقة يقدم فرصة نادرة لذوي الدخل المرتفع أن يشعروا بعدم الرضا من دون الإحساس بالذنب حيال ذلك. ويقول كامبيو: “يرتبط معظم الناس على مدار الأسبوع 7\24 بوظائفهم. لكن بالنسبة لتلك الساعة التي تكونين فيها في النادي الرياضي أو في جلسة التمرين، ستتمكنين من إطفاء هاتفك أو وضعه بعيداً. فلا يمكن لرئيسك في العمل أن يطلب منك التفرغ خلال هذا الوقت.”
وضمن ثقافة اليوم المهووسة بالعمل، قد يكون ذلك هو الرفاهية المطلقة بعينها.
هايلي فيلان، ستايل.كوم—