لا ينقص سيسيليا أليماني النفوذ في عالم الفن. كانت من مهامها في منصبها كمديرة لبرنامج هاي لاين آرت High Line Art العناية بالقطع الفنية التي يأتي ملايين السياح الذين يزورون المنتزه سنوياً لمشاهدتها. وكما لو كان تقديم الفن مع مراعاة ذوق العموم أمراً سهلاً، قامت أليماني بالإشراف على معرض فريز بروجكتس Frieze Projects منذ أن افتتح نسخته في نيويورك منذ ثلاثة أعوام. شهدت فريز بروجكتس من خلال العمولات الفنية نسقاً حيوياً من الأعمال على جزيرة راندالز Randall’s، ابتداءاً من حانة ليز غلين Liz Glynn المخفية ومروراً بقصة قصيرة خاصة للروائي ريك مودي وإعادة إحياء لمطعم سوهو Soho الأسطوري لغوردون ماتا كلارك. تقدم أليماني هذا العام عربون تقدير لمركز هوليوود الإبداعي الشهير في السبعينيات وهو آلز غراند هوتيل Al’s Grand Hotel. تبادلنا الحديث مع القيمة على المعرض بالشأن المتعلق بعدم المساواة بين الجنسين في صالات العرض والجماهير الدولية وعمّا إذا كان عملها جعل الفن شيئاً في متناول عدد أكبر من الناس.
—كريستين أندرسون، ستايل.كوم
يبدو أن تحسناً ملحوظاً طرأ على المعارض الفنية في السنوات الأخيرة، هل تعتقدين أنها تغير خارطة العالم الفني؟
بصفتي قيمة على معرض فإنني لا أذهب إلى المعارض الفنية لأشتري، فهي بالنسبة لي مكان آخر يمكنك فيه رؤية القطع الفنية معروضة بشكل مقنع. ربما ليست هذه الطريقة الأمثل لكنها الأسهل في النظر إلى الفن. إنه المكان الذي يمكنني أن أذهب إليه لإجراء الأبحاث والتفكير بمعرض آخر. يمكنني هنالك ترتيب أفكاري ومشاهدة القطع الفنية ومقابلة الفنانين. يظن الناس في نيويورك أن هذه المدينة مركز العالم الفني لكنك تكتشفين أنها ليست كذلك. (تضحك)
هل تعتقدين أنه ثمة فارق بين جمهور الفن في أمريكا وأوروبا؟
إنه سؤال صعب. يختلف الجمهور تماماً عندما نعرض في لندن لأن المعارض الفنية قديمة هناك وأصبحت عادة راسخة. أما هنا أشعر أن الفن مازال شاباً. لست بموقع يخولني القول أن الفن في لندن ليس شاباً لكن وجود الفنانين الشباب في المعرض يمنحك الحيوية، والتي هي شيء لا أتوقع وجوده في المعارض الفنية.
الحائزون على لقب مَهَرَة فريز هذه السنة هن من الفنانات. أتظنين أن الطريق طويل أمام العالم الفني ليصل إلى المساواة في التمثيل للجنسين؟
إنه لأمر هام جداً لكنني لا أفكر به. لم أعمل على تقديم الفنانات بالتحديد الآن، لكني دائماً أختار أن أعرض للسيدات اللواتي هن فنانات حاليات. أعتقد أن هذه مسألة مهمة جداً. لا أظن أنها (مشكلة) مقتصرة على أمريكا، بل أعتقد أن الأمور أسوأ في أوروبا لأني عادة ما أتفاجأ عندما أنظر إلى المعارض في الصالات الأوروبية ولا أجد فنانة واحدة. في أمريكا لا يمكن أن يكون الوضع كذلك لأنه يعتبر وجهاً سيئاً للمعارض.
تبدو فريز نيويورك أكثر ترحيباً بالأشخاص الذين لم يعتادوا ارتياد المعارض الفنية. هل تديرين المعارض آخذة إمكانية دخول الناس إليها بعين الاعتبار؟ وهل تعتقدين أن عملك مع هاي لاين أثر على نظرتك إلى ذلك؟
أفكر بالجمهور بالتأكيد، كما أن جمهور فريز جمهور “فني”، لكني أعتقد أن فريز تبلي بلاءاً حسناً من خلال مؤسسة فريز وأعمالها كفريز بروجكتس ومهرة فريز وفريز التعليمية ولقاءات فريز. نصنع بذلك مكاناً لكل نوع من الجمهور. بالنسبة لي أنا أفكر كثيراً من بين الجمهور بالفنانين المحترفين والقيمين على المعارض مثلي والصحفيين والطلاب والناس الذين يجولون خارج المعرض لأن ليس بمقدورهم الدخول. جميع البرامج التي نقوم عليها خارج الصالات مجانية.
هنالك خمسة ملايين زائر للمنتزه سنوياً في هاي لاين، وأظن أن القلة النادرة منهم من أهل الفن. أما فريز فتتكون بمجملها من أهل الفن بالإضافة إلى نسبة ضيئلة تأتي لمشاهدة الأعمال الفنية.
“عمل الطبيعة” لإيفا كوتاتكوفا 2011/12، هو عبارة عن منحوتات وقطع خشبية ومعدنية وحبال بأبعاد متنوعة، تركيبة فنية مميزة، كونشفيراين براونشفايغ، 2013 تقديراً لماير ريغر.
خلال عملك في هاي لاين، هل كان هناك صلة بين كونك مسؤولة في عالم الفن وبين محاولتك اجتذاب الناس الذين لم يعتادوا زيارة المعارض الفنية؟
عملت مع العديد من المنظمات والمعاهد الفنية قبل أن أنضم إلى هاي لاين ولم أفكر أبداً بالجمهور من الناس العاديين. أما هنا فالجمهور هام جداً ونفكر به كثيراً. لقد تعلمت أن خرافة تثقيف الناس، أن الناس لا تتذوق الفن خاطئة تماماً. ويمكنني أن أرى ذلك يومياً لأننا كلما عرضنا لوحة أو تمثالاً أو تركيبة فنية أو فيديو يتفاعل معها الجمهور العام أكثر مما نتوقع. أعتقد أن السحر يكمن هنا، فعندما تفاجئي المشاهد بشيء ما فقد يحزنه أو يفاجئه على نحو إيجابي أو يتركه دون أي مؤشر.
يبدو أن الأعمال الفنية التفاعلية تظهر أكثر فأكثر، فهل تعتقدين أن ذلك يخبرنا شيئاً عن الفنانين أو الجمهور؟
أعتقد أن ذلك يعتمد على السياق الذي توجد فيه. نحاول في هاي لاين أن نعرض من جميع الأنواع. نقدم التماثيل التقليدية والتركيبات الفنية ومن ثم نعمل على تفعيل الجمهور من خلال بعض العروض، حيث نقدم ثلاثة أو أربعة عروض سنوياً وعادة ما تكون تشاركية، إلا أني متحفظة تجاه الأعمال التشاركية. لكن في هاي لاين لا يمكنك إلا أن تقدمي الأعمال التفاعلية، (ضاحكة) وإلا فستقومين بعزلها. لا بد من أن تعتمدي على الجمهور فهو العنصر الأساسي في هاي لاين، أما في المتاحف أظن أن البعض من الجمهور سيشعرون بالتقييد. مثلاً لو دخلت إلى متحف الفن الحديث MoMA خلال عرض ما ستجدين عدداً من الأشخاص في دائرة، وذلك تقييد. (في هاي لاين) لا يأبه الجمهور كثيراً حيث يقتربون من المؤدين ويتحدثون إليهم ويشاركون في الأداء. أما في فريز فالوضع مختلف فهنالك عملين تشاركيين لكن ما يهمني أكثر هو أن أقدم للجمهور تجربة مختلفة عن تلك التي تحظين بها عندما تطوفين المعرض قمرة بقمرة.