يبدو الأمر حالياً وكأن كل شيء يكاد يكون في مكانه؛ فبيتر كوبينغ في طريقه إلى أوسكار دو لا رنتا وغيلوم هنري يرسي سفنه لدى نينا ريتشي، فيما ودعت فريدا جيانيني غوتشي أخيراً بعد تحملها شائعات رحيلها عن العلامة لما يزيد عن عام كامل. ومع نهاية هذا الشهر، سنكون قد عرفنا بشكل حاسم تقريباً من سيستلم زمام الأمور لدى كارفن. (بحسب أصدقائنا في باريس، إن تقارير شهر ديسمبر التي قالت بأن أليكسي مارسيال كان المرشح الأول للمنصب ما تزال دقيقة). ومع بداية أسبوع الأزياء في باريس، قد نعرف من سيستلم المنصب لدى غوتشي. ولعله سيكون أحداً غير ريكاردو تيشي! إني أرشح شخصياً جوزيف ألتوزارا. تجسّد ملابسه المزيج الصحيح بين ما هو ذكي ومثير وجميل. ومع وجود مصمم الإكسسوارات المناسب إلى جانبه، سنشاهده يحلق.
لكن، ستكون هناك تغييرات أخرى أيضاً. ستعين سكياباريلي على الأغلب شخصاً جديداً، بعد التخلي عن ماركو زانيني الخريف الماضي، الذي على الأرجح أنه سيحط في مكان أيضاً. آه صحيح، ماذا حدث لتشارلز جيمس؟ قامت شركة واينستاين في مايو 2014 باستخراج رخصة باسم مصمم الأزياء البريطاني-الأمريكي، مع جورجينا تشابمان من مارشيسا كمستشارة للتصميم. لعل الأمر سيثمر هذا العام. (على المقلب التاريخي، إن حقوق تصاميم بواريه ما تزال في متناول الجميع، وهناك على الأقل مؤسس إمبراطورية معاصرة واحدة يدرس الأمر بعناية). ولا تحصروا تفكيركم بتغيير واحد أو اثنين ضمن واحدة من أهم دور الأزياء، فالمرء لن يستطيع الجزم أبداً متى يغادر مصمم ما القفص أو يتم دفعه خارج العش.
في هذه المرحلة من تاريخ الأزياء، بات خلط الأوراق وإعادة الإحياء وإعادة الترتيب أمراً متوقعاً. ومنذ أن بدأ المدير التنفيذي لإل في إم إتش، بيرنارد آرنو، بشراء دور الأزياء الفخمة في ثمانينات القرن الماضي، منصباً مواهب شابة لتعيد إحياء العلامات القديمة، عمل مصممو الأزياء كعمال مأجورين ممولين مجموعاتهم الخاصة أغلب الأحيان عبر العمل كمصممين لعلامات الآخرين. هذه هي طريقة سير الأمور.
لا يستطيع المرء الجزم أبداً متى يغادر مصمم ما القفص أو يتم دفعه خارج العش.
لكن ما تغير هو الدهشة والارتياع والإثارة التي كانت ترافق تعييناً ما في منصب ضخم في الماضي. (استمعوا لأحدهم يتحدث عن سنوات مكوين المضطربة لدى جيفنشي وستفهمون ما أتحدث عنه). ليس هناك حيز كبير للمخاطرة في عالم الأزياء، إلا إن كانت المخاطرة محسوبة. لقد كان ألكساندر وانغ خياراً عملياً لعلامة مثل بالنسياغا، والتي تريد توسيع جاذبيتها التجارية. استحق راف سايمونز منصبه لدى ديور! كان نيكولا غيسكييه خياراً منطقياً للويس فويتون بوصفها علامة تريد التوغل أكثر في سوق الرفاهية. وحتى جون غاليانو كان وبشكل غريب بعض الشيء، الطريق الوحيد المتاح سلوكه بالنسبة لرينزو روسو مع مارجيلا. إن موهبة غاليانو مضمونة على نحو من التأكيد، وكذلك الأمر بالنسبة للتغطية الإعلامية التي سيجتذبها. أما هنري، فهو على بعد خطوة واحدة من إتمام انتقاله إلى نينا ريتشي، في حين شكل كوبينغ الخيار الأكثر ملائمة لأو دي إل آر. كما نجد أن حتى تنصيب الشاب والعديم الخبرة نسبياً جوناثان أندرسون لدى لوف لم يكن بالمجازفة حقاً، نظراً لميوله التجارية الماكرة.
ليس هناك من عقبات هنا، ولا أولاد مشاغبين يجعلون الأزياء مكاناً معقداً وفوضوياً بشكل خاص. لم؟ لعل أول الأسباب هي أن مصممي يومنا هذا يدركون جميعاً متطلبات العمل قبل التوقيع على العقد. لقد شاهدوا سابقاً عباقرة في الإبداع يسقطون، وهم يدركون أن الأزياء لم تعد تتمحور فقط حول الإبداع بل أيضاً حول الصفقات التجارية. بل إن أصحاب السلطة التنفيذية خلف الكواليس باتوا أكثر دراية حول الصفات التي يحتاجونها من المدير الإبداعي أكثر مما كانوا عليه قبل عقد أو عقدين ماضيين. إنهم حذرون أكثر حيال مواهبهم حتى لو طالبوهم بالمزيد. إن كل شيء محصن للغاية بطريقة ما. والانتقالات والتعيينات باتت روتينية للغاية لدرجة أن الأمر سيتطلب شيء غير متوقع حقاً (على سبيل المثال، أن يقوم هيلموت لانغ بالعودة عن تقاعده لاستلام زمام الأمور لدى غوتشي، أو أن يقرر كارل لاغرفيلد مغادرة شانيل) للاستحواذ على مخيلتنا.
هل يعني ذلك أنه لا يوجد أية ملابس عظيمة تصنع الآن، أي لم يعد هناك من مكان لشيء يبدو جديداً بالكامل لاستحواذ اهتمامنا؟ بالطبع لا. لكن حين يتعلق الأمر بلعبة تبادل الكراسي التي يشارك بها المصممون، لا تتوقعوا أن يحدث الغير متوقع هذه السنة. إن هذه اللعبة ليست سحرية على الإطلاق.