“إن الأناقة ليست ميزان تمييز اجتماعي بل تمييز حسّيّ” هذا ما قاله تشارلز جيمس، موضوع معرض الميتروبوليتان لهذا العام الذي يأتي تحت عنوان “تشارلز جيمس: ما وراء الأزياء”. وقال أيضاً: “إن العقل يتوحد مع الجسد ليطوّر حواسه ووظائفه ومظهره.” ومن دون شك، كافح ضيوف حفل الميتروبوليتان لهذا العام ليعكسوا تعريف الأناقة لدى جيمس، لكن لم يتمكن الجميع من إدراكه. ولجأت بعضهن ممن يملكن خلفية عن الأزياء من أمثال كارن إيلسون وليو ون إلى المصمم زاك بوزن، الذي مستمداً إلهامه من المصمم الراحل طيلة رحلته المهنية بات يوشك يكون جيمس آخر معاصر كما يمكن للمرء أن يلاحظ.
وألمحت نعومي كامبل، حين تم سؤالها ما إن كان موضوع الحفلة مألوفاً لها، قائلةً “إن كنت تعرفين زاك بوزن فأنت تعرفين تشارلز جيمس!” (وكانت العارضة في الواقع رفيقة ريكاردو تيشي إلى الحفل). أما فساتين الحفلات التي ابتكرها بوزن خصيصاً للحدث (وحسب تقديره أنه صنع أحد عشر واحداً منها) فأتت مجسدةً فلسفة جيمس الجمالية وأصالته على نحوٍ بعيد. وظهرت مرافقة بوزن ديتا فون تيز متألقةً بفستانٍ ملاصقٍ للقوام مقتبس من الفستان الأيقوني بأسلوب ورقة البرسيم “كلوفر ليف” من تصميم جيمس. وقالت النجمة الاستعراضية بصوتها العذب واقفةً على السجادة الحمراء: “إنني أعرف الكثير عن تشارلز جيمس. لقد كان يصمم أزياء جيبسي روز لي التي كانت أشهر نجمة تعري في الأربعينيات والخمسينيات. وقد يقول البعض ما علاقة التعري بالأزياء؟ فأجاوبهم لطالما كان هناك ارتباطٌ بينهما منذ زمنٍ طويل.” وأضافت النجمة بأن زيها لا يشكل ضغطاً على جسدها مطلقاً “إنني مستعدةٌ للشروع بالرقص!”.
أما سارا سيلفرمان، والتي ارتدت أيضاً من تصميم زاك بوزن، لم تشارك فون تيز شعورها هذا، وقالت صارخةً بسخرية وهي تتعثر صاعدةً على السلالم: “إنه كجلد ثان خانق!” في حين صرحت ريتا أورا “ليس هناك شيء مريح يناسب حفلة الميتروبوليتان.” وسواء أكان ذلك صحيحاً أم خاطئاً، فإنه من المؤسف رؤية الكثير من الفساتين المرهقة التي بدت كأزياء تنكرية بدل أن تكون بمثابة إشارة للقدرة العبقرية لجيمس في النحت.
وعلق برابال غورونغ مازحاً “أشعر بأنني داخل فيلم ذهب مع الريح مع كل هذه الفساتين!” وكان المصمم قد ابتكر مقاربةً ذكية في تصميم فستان هايلي ستاينفيلد. وقال غورونغ مشيراً إلى الفستان: “إنه فستان ضخم ويبدو بسيطاً من المقدمة بأسلوب مخادع. وقد وجدته المزيج المثالي بين الملابس الرياضية مع مبادئ الأزياء الراقية، وهذه هي الفكرة الكامنة في أسلوب تشارلز جيمس.” وبالفعل كان الفستان حيوياً مع قصاته البسيطة وجيوبه المخفية وهو التفصيل الذي كانت ستاينفيلد شاكرةً له على وجه الخصوص. وبحركة جريئة قامت ستيلا مكارتني بتصميم مظهر ريانا وكارا ديليفين بطلة بيضاء مكشوفة الوسط وقطعة علوية مؤلفة من حمالة للصدر وبنطلون، حسب هذا الترتيب. وأتى هذان المظهران البسيطان غير متوقعين، ففي حين أنهما لا يخضعان للمبادئ الجمالية الجيمسيّة بأي شكلٍ من الأشكال، إلا أن ذلك بالتالي جعلهما يندرجان تحت الأسلوب الجيمسي من حيث المنطلق الفكري. أما جينا ليونز فقد استخلصت إلهامها من نمط اللباس المعتمد للرجال في خصوص ربطة العنق البيضاء من أجل ابتكار بذلتها. ولإنصافها، كان هناك القليل من أسلوب جيمس أيضاً في زيها هذا. “أظن بأن زيي يجسد روح ما كان جيمس ليقدمه لو كان حياً اليوم” قالت هذا مشيرةً إلى أن حجم بنطلونها وقماشه من الساتان يأتيان كإشارة لأزيائه.
وبالحديث عن ربطات العنق البيضاء، فقد تجاهل الشبان هذه القاعدة إلى حد كبير، عدا ستيوارت فيفيرز وكريستوفر كين وبينديكت كمبرباتش وكأننا نقول دعوا الأمر للبريطانيين! وقال كمبرباتش ضاحكاً “إنني أتهم بشكل متكرر بأنني ممثلٌ حاد الأناقة، ولا أعرف ما لذي يقصده الناس من قولهم. فبالطبع لا أملك الستر المذيلة!” وكان النجم قد طلب بذلةً من رالف لورين. أما نسخة كين فكانت من بريوني، وهو لم يعترض على البذلة على الإطلاق، قائلاً: “إننا معتادون على ارتداء تنانير “الكيلت” في اسكتلندا، لذا فإن الطقم ليس أكثر إزعاجاً من تلك الأزياء.” ومتماشياً مع الشكل العام الموصوف، ارتدى مصمم بالمان أوليفر روستينغ بنطلوناً جلدياً بأسلوب راكبي الدراجات النارية مع سترته المذيلة والذي أتى متناسقاً تماماً مع الفستان الجلدي الذي ارتدته مرافقته إلى الحفل روزي هنتينغتون-وايتلي. وقد صرح المصمم إلينا: “إن الأناقة تتعلق بالسلوك، والأمر ليس مجرد ملابس.” ووافق تيشي على هذا قائلاً “إنها شيٌ لا يمكنك شرائه ولا يمكنك صناعته. إنها أمرٌ تملكينه داخلك، وأحياناً تكون البساطة هي الأناقة.” وكان المصمم بالإضافة إلى ثوب نعومي قد صمم أزياء كل من بيونسي وجي- Z الخاصة بالحفل.
أما لوبيتا نيونغو، فإنني وحتى قبل أن أترك السجادة الحمراء، كنت ما أزال أسمع عن النقد اللاذع الذي كان يلحق بها نتيجة اختيارها زياً شبكياً مفرغاً من برادا، الأمر الذي أرد عليه بأنه هراء. فهذه الممثلة إلى جانب إريكا بادو، التي ارتدت بدلةً وقبعةً عملاقة بيضاء (والتي صممت لها خصيصاً من جيفنشي بالطبع)، كانت إحدى أكثر النجمات تمثلاً بأسلوب جيمس بين الحضور، وإن لم يكن ذلك بالشكل فبالسلوك. ومن بين كل الحاضرات اللواتي تعثرن بفساتينهن متذمرات على طول السلالم، بدت نيونغو تلقائية ومتألقةً تماماً. ونظراً إلى ابتسامة الممثلة فإن ارتداء فستانها بدا ممتعاً للغاية. أما القدرة على الظهور بكل هذه الأريحية ضمن حدث كحفل الميتروبوليتان؟ فإن هذا ما أدعوه الأناقة الحقيقة.