ما زلت أذكر عندما تم تحميل الصور الأولى من أحذية درمكي أوريغامي ذات الكعب العالي على شاشة حاسوبي. حيث تمكّن المصمم البالغ من العمر ثلاثاً وثلاثين عاماً والذي ينحدر بالأصل من منطقة العين (مدينة في أبو ظبي تقع على الحدود مع سلطنة عمان) سلطان الدرمكي من ترجمة رؤيته الشخصية بفطنة وذكاء. راسلته حينها على الفور لأطلعه على رأيي بتصاميمه قائلة “مجموعة مذهلة للجنسين. فهي تناسب النساء أو الرجال الذين يعملون على ترسيخ هويتهم الشخصية وإرضاء فضولهم الدائم وبحثهم المستمر عن التطور والرقي الشخصي”. تضمنت التشكيلة تصاميمً متنوعة من أحذية الكعب العالي الثخينة الصلبة (والخفيفة) و الأحذية الأنيقة. فقد أصبحت مجموعة “شاندا” من جلد الظباء التي ابتكرها الدرمكي للتو إحدى أهم التصاميم الافتراضية التي أعتمد عليها إلى جانب مجموعتي الخاصة من أحذية الستيليتو للمصمم والتر ستغير.
في كل مرة أقابل فيها درمكي الطويل (حوالي 190 سم) أراه مرتدياً ملابسه الاعتيادية السوداء من علامة ثمانية وشعره المجعد إما مسحوباً للخلف أو متروكاً بشكل عشوائيّ حول وجهه في تسريحة أ لا سيرفانتس. درمكي هو مصمم أحذية ناشئ قادم من الشرق الأوسط وهو أحد المواهب العالمية الصاعدة. لكن ليس عليكن التأثر برأيي في هذا الخصوص ولا حتى برأي مدير مشتريات ليفل شوز ألبيرتو أوليفيروس الذي قام بطلب تصاميم درمكي الحصرية لعدة مواسم حتى الآن والذي يقوم بعرضها للبيع إلى جانب علامات من أمثال علايا وأكوازورا. تم تعيين سلطان الدرمكي الرائع المتواضع من مدينة العين كواحد من أهم ثمانية عشر مصمم أحذية ناشئ للعام 2016 هذا الأسبوع من قبل مجلة فوت وير نيوز المتخصصة في مجال الأحذية.
ترك لي الدرمكي في الليلة التي سبقت هذا التكريم رسالة يصف فيها السحور (التي حضره كل من مصممة الأزياء فايزة بوقصة ومصمم علامة ثمانية أحمد عبد الرحمن ومصممة الإكسسوارات ناتالي تراد ومصممة المجوهرات نادين قانصوه الذي استضافهم به ذاك الأسبوع في دبي. حيث قال “كان الكثير من المصممين والفنانين والصحفيين وحتى الموسيقيين الشباب يعملون بشكلٍ منفرد ومنعزل خلال السنة الماضية، وأردت أن أقوم بإحضارهم وجمعهم. يجب أن نعرف بعضنا بعضاً وأن نعمل سويةً وبشكلٍ جماعي”. وتابع قائلاً “نحتاج لأن نلقي بفكرة العمل المنفرد خارجاً. لقد أصبحنا في العام 2016 ولم يعد من المجدي العمل بهذه الطريقة بعد الآن”.
هذا ولم يكن الدرمكي الموهبة الشرق أوسطية الوحيدة في مجلة فوت وير نيوز. فقد كانت مصممة الأحذية الأردنية الرومانية البالغة من العمر ثلاثون عاماً ومؤسسة علامة أوسكار تاي أمينة معادي من الأسماء التي ذكرتها المجلة أيضاً. حيث تُعرف المصممة التي تتمتع بشعبية كبيرة بين نجمات الصف الأول اللواتي منهن جيجي حديد وميراندا كير وكايلي جينر بابتكار أحذية متقنة (ومثيرة للغاية).
كشفت لي معادي عام 2014 في مقابلة أجرتها مع ستايل.كوم/العربية كيف أثر الشرق الأوسط على مجموعتها. حيث شرحت قائلة “استوحيت الكثير من أحذيتي من العالم العربي والتي حملت دلالات ثقافية قوية جداً”. وأضافت “فعلى سبيل المثال استوحيت حذاء كساندرا من عمارة مسجد أبو ظبي الكبير. واستوحيت حذاء جميلة من أوشمة الحناء حيث يظهر شكله في قدمك مثل الوشم باللونين الأحمر والأسود. بينما يُمثِّل حذاء الملكة بالكعب العالي شكل الخنفساء وترمز الأجنحة إلى قيام الخنفساء بالطيران”. وتشير الخنفساء بهذا الخصوص إلى شعار العلامة وهي صورة رمزية تعبر عن جذور معادي وهويتها العربية.
وفي الوقت الذي يعتبر فيه هذا النبأً خبراً مثيراً لكل من المصممين خصوصاً ومنطقتنا عموماً، فلم يغب عن بالي أنه بينما تنحدر هاتين الموهبتين من الشرق الأوسط فإنهما يفتقدان إلى الوسائل والموارد اللازمة لإدارة شركتيهما من العالم العربي. ذهب الدرمكي في بداية حياته المهنية إلى ميلانو للتعرف على المصممين والشركات المُصنِّعة في إيطالية، بينما درست معادي اتصالات الأزياء في المعهد الأوروبي للتصميم في المدينة ذاتها. أسس الدرمكي علامته حالياً في لندن بينما تتمركز علامة معادي بين ميلانو وباريس، في حين تضع علامتي أحذية درمكي وأوسكار تاي عبارة “صنع في إيطاليا”. هذا وربما يكون الشرق الأوسط مركزاً متنامياً لمواهب التصميم والأزياء غير أن المصممين يحتاجون إلى بيئة حاضنة ومناخ مناسب للتطوير والابتكار. حيث يعتبر وجود المصانع العالمية والمدارس إضافة للإرشاد والتوجيه أمور ضرورية من أجل الظهور والتفوق على الساحة الدولية. ويُعرب سحور الدرمكي الرمضاني عن رغبة المصمم الإماراتي هذا في التواصل والتعاون مع معاصريه المحليين ويجب علينا جميعاً القيام بواجبنا للمساعدة في بناء المنصة التي يمكننا من خلالها إدراك قدراتنا الجوهرية الجماعية.