تابعوا ڤوغ العربية

رسالة في زجاجة

LUCA TURIN

لوكا تورين

لقد تم نشر مقتبس عن هذه المقابلة في البداية على موقع ستايل.كوم.

لم تصدق عيناي أن ما قرأته كان مجرد تقرير عن أحد العطور، فقد شعرت أنني كنت أقرأ ما يمكن أن أصفه بأحد الأعمال الأدبية الهامة. لذلك عدت لقراءة الكلمات مرة أخرى.

يتميز عطر أوداليسك بمزيج ساحر من عبق زهور الياسمين والسوسن المركز والمؤثر إلى جانب نفحة ملحية من طحلب السنديان الذي يمنحك للوهلة الأولى تأثيراً لطيفاً ومن ثم يظهر عبقه القوي والبارز بعد الاستخدام. وكأنما استخلص العطّار المواد العطرية من مزيج الشيبر chypre حتى وصل إلى خلاصة مفعمة بالرقة والنقاء.

أخذت نفساً عميقاً وهرعت إلى الهاتف كي أتصل بالناشر وأخبره: “لقد وجدت خبير العطور المناسب ليعمل معنا. اسمه لوكا تورين وهو عالم في الفيزياء الحيوية. وأعتقد أنه يعيش في مكان ما في اليونان. هذا الرجل عبقري.”

 لطالما كنت أتحاشى الدخول في مجال العطورات. ولم أهتم بذلك إلا في نهاية فترة التسعينات، لكن عالم العطور كان قد امتلأ بالعطورات المشهورة في ذلك الوقت. فكان يتم الترويج للعطورات “الكلاسيكية” من ديور Dior وسان لوران Saint Laurent وغيرها على أنها سبل للجاذبية والإغراء. حيث ظهرت صوفي دال ذات البشرة الناصعة البياض في دعاية إيف سان لوران Yves Saint Laurent لعطر أوبيوم Opium عام 2000 وهي ترتدي الصندل والمجوهرات فقط وتجلس بوضعية غير لائقة. وقد انتشرت هذه الصورة التي التقطها المصور ستيفن مايزل في كافة أنحاء العالم وحازت على جائزة، ومن جانب آخر أثارت غضباً شديداً في أوساط المدافعين عن حقوق المرأة. لكن كان كل شيء واضحاً.

وقد تساءلت عما سيكون رأي لوكا تورين عاشق العطور حول كل ذلك. وفي الحقيقة لم يكن ما يعجبني هو حبه للعطور وإنما لمساته السحرية التي تحول العطور إلى سبل للتواصل بشكل خيالي. يتميز لوكا تورين بقدرته الاستثنائية على فهم العطور وكشف أسرارها الجوهرية أفضل من أي شخص آخر.

يبدأ لوكا بالقول: “إن العطور بعيدة كل البعد عن شيئين: الذاكرة والإغواء. وهي التعبير المثالي عن الجمال والحكمة.” “وإن العطر ليس مجرد عبق وإنما هو رسالة في زجاجة كتبها العطار وقرأها الشخص الذي استنشق عبيرها.”

وقد بين لوكا قائلاً، “عليك أن تأخذي بعين الاعتبار أنني كنت بعيداً عن مجال العطور لعدة سنوات [خمسة سنوات على وجه التحديد]. وكانت أحد الأسباب التي دفعتني إلى ذلك أنني شعرت بأن صناعة العطور قد بدأت بالانهيار.” لكنه يعتقد بأن الترويج للمشاهير والغواية كان قد شغل غرفة ضيقة على سفينة كانت قد غرقت منذ وقت طويل. اضطر العطارون عبر مرور السنوات إلى إضافة بعض الجزيئات لتحل محل عناصر أخرى في العطر كي يتماشوا مع القوانين المتغيرة التي تتعلق بالارتفاع المتزايد المتعلق بالمواد المسببة للحساسية.

“فمن من جهة كانت تنهار العطورات الكلاسيكية العظيمة شيئاً فشيئاً دون أي سبب مقنع. ومن جهة أخرى كانت الابتكارات العطرية الجديدة التي تتميز باستثناءات جديرة بالذكر عبارة عن نسخ متماثلة من التراكيب العطرية التي تحاكي بنود المنافسة ذاتها. فالتقت كلها عند نقطة فقيرة بالمعنى. وقد كانت صدفة عندما كتبنا كتاب [العطور، دليل من الألف إلى الياء إعداد لوكا تورين وتانيا سانشيز]، نهاية لفترة زمنية معينة.”

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع