قليلٌ من النساء فقط هم من يمتلكن تأثيراً مستمراً على الثقافة الشعبية مثل إيمان عبد المجيد. منح عرض الأزياء تلك الفتاة الصومالية تذوّقها الأول للشهرة؛ فقد عملت مع جميع العظماء بمن فيهم بيتر بيرد الذي اكتشفها كطالبة جامعية في نيروبي في كينيا وإيرفينغ بين وريتشارد أفيدون وهيلموت نيوتن وفرانشيسكو سكافولو. جعلتها شخصيتها المفعمة بالحيوية ملهمة لأكثر من مصمم، فقد كرّس إيف سان لوران مجموعة الملكة الأفريقية لها، أمّا جمالها فحطّ الرحال بها أيضاً في أدوار سينمائية صغيرة في أفلام ضاربة مثل فيلمي آوت أوف أفريكا ونو وي آوت في الثمانينيات. بعد ذلك، وجدت إيمان النجاح بعيداً عن الكاميرا كرائدة أعمال ومحبة للأعمال الخيرية. كما أنّها غيّرت نظرة صناعة التجميل للنجاح في التسعينيات من خلال علامتها التجميلية الخارقة. تتابع إيمان ممارستها للأعمال الخيرية، ولطالما كانت صوتاً مستمراً للتنوّع على مماشي الأزياء.
عشية عيد ميلادها الستين، جلست إيمان مع ستايل.كوم في نقاش حي عن اللحظات المحورية في مشوار عملها الذي امتدّ لعقود ولتتحدّث عمّا سيلي ذلك.
ماذا كانت انطباعاتك حول مجال عرض الأزياء عندما بدأت العمل فيه؟
وصلت إلى نيويورك في الخامس عشر من أوكتوبر 1975. التقط بيتر بيرد صوراً لي هناك في كينيا قبل أربعة أشهر من مزاولتي العمل. بعد أن التقط الصور، اعتقدت أنّ الأمر انتهى، لكنّ الأمر التالي الذي عرفته هو أنّ ويلهيلمينا كوبر اتصلت بي. كنت طالبة في جامعة نيروبي، وأخبرتني كم أحبّت صور بيتر. لم يكن لديّ فكرة بأنّه كان يعرض الصور على أيّ شخص، لذا كان ذلك مفاجئاً. قالت ويلهيلمينا أنّهم يرغبون بأن أسافر إلى الولايات المتحدة وأصبح عارضة. في ذلك الوقت، لم أكن قد رأيت مجلة أزياء في حياتي قبل ذلك. لم يكن لديّ أدنى فكرة عن وجود مجال العمل ذلك ولا أيّة فكرة عمّا كانت تتحدّث عنه.
هل واجهت أيّة صدمة ثقافية عندما وصلت إلى نيويورك أول مرة؟
أصبحتُ فجأة “عارضة سوداء.” بالنسبة لي، كان الأمر بمثابة “أهلاً في أمريكا.” لم أكن أدرك أنّها كانت طريقة لوصف شخص ما. لم أعرف أنّ لون البشرة سيكون أوّل وصف ينعتك الناس به. كان ذلك مفاجئاً لي لأنني بالتأكيد أنحدر من بلد يقطنه السود بنسبة 100%، لذا كانت طريقة مختلفة في وصفي.
ثمّ واجهت مشاكل الراتب التي كانت تواجهها العارضات السود في ذلك الوقت. كان هناك فارق كبير بين ما تجنيه العارضات السود والبيض، وكان ذلك مفاجئاً للغاية بالنسبة لي. لذا أخبرت ويلهيلمينا: “أعتقد أنني أحصل على الأموال مقابل خدماتي بغضّ النظر عن لون بشرتي.” إذا قال العميل: “لا أريد امرأة سوداء” فهذا مقبول بالنسبة لي، لكن إذا قرر أن يوظّفني، فيجب عليهم أن يدفعوا لي نفس المبلغ الذي يدفعونه للعارضات الأخريات.
كنت محظوظة لأنّ ظهوري عام 1975 صادف ثورة الهوية الثقافية السوداء. في ذلك الوقت، لم أكن أعلم أنّ العارضات السوداوات كنّ يوصفن دائماً بالمثيرات الشهوانيات الوقحات، لكن غير الجميلات أبداً. لذا عندما قال بيتر بيرد: “هذه أجمل امرأة قابلتها في حياتي” كان ذلك بمثابة تحوّل في وجهة نظر عالم الموضة.
خلال رحلتك المهنية، تمّ وصفك كملهمة للمصممين. ما هو شعورك تجاه ذلك اللقب؟
حسناً، الملهمة شيء رائع. أحبّ كلمة ملهمةلأنها تعني أنّك تلهمين مصوراً أو مصمماً. الجزء الأفضل في ذلك هو أنّك عندما تكونين ملهمة، عليك أن تترجمي وتحققي دورك من خلال الملابس ومن خلال العدسة مع المصورين، وهو أمر مجزٍ دوماً. وعلى عكس الرأي الشعبي السائد، نحن لا نقف مكتوفي الأيدي ونبدو رائعات دون بذل أدنى جهد. بل نعمل على ذلك في الحقيقة.
عندما تكون كاري دونوفان محررة الموضة في مجلة ذا نيويورك تايمز متأخرة عن عرض أزياء، تذهب إلى المصممين وتقول: “أوه، أروني أزياء إيمان فقط.” وستكون تلك المجموعة بأسرها. لأنّك كملهمة، سيمنحك المصممون أفضل الملابس في المجموعة وأسوأها. يقولون: “أوه، ستنجحين في أيّ زي.” الشيء الرائع أيضاً حول كونك ملهمة هو أنّك تعملين يداً بيد مع المصممين والمصورين الذين سيسألونك عن وجهة نظرك. وبتلك الطريقة ستكون العارضة أقرب ما يكون إلى الممثلة، لكن بالطبع مع خزانة أجمل وأروع من الممثلات! تعلمين أنّه ليس علينا أن نقوم بارتداء الملابس التاريخية الرثّة. عندما نرتدي الملابس التاريخية، نرتدي غاليانو!
هل تعتقدين أنّ عارضات اليوم لديهنّ نفس الفرصة ليكونوا ملهمات للمصممين؟
لقد تغيّر كلّ شيء؛ أصبح المصممون مشغولون للغاية بكل المجموعات التي يُتوقّع منهم أن يصمموها. يبدو الأمر وكأنّما هناك أسبوع موضة كلّما التفت المرء. أتمنّى أن يكون الجيل الجديد من المصممين الشباب قادرين على تشكيل علاقاتهم الخاصة مع العارضات وإيجاد ملهماتهن. لا أحب الحنين إلى الماضي: ستسمعين الناس في الكثير من الأحيان يقولون: “أوه، عارضات السبعينيات والثمانينيات كانوا أفضل؛ لا تُحضر العارضات كما المعتاد.” وسأقول أنا: “نعم، لأنّ هناك جمهوراً جديداً أفضل حالياً!” ليس من الممكن مقارنة كارلي كلوس بليندا إيفانجليستا! أعتقد أنّ ليندا هي إحدى أروع العارضات في كل الأوقات، لكن بعد سنوات قليلة سيقولون نفس الشيء عن كارلي.
أحد المصممين الذين عملتِ معهم بانتظام هو عز الدين علايا. كيف بدا التعاون معه على مدار العقود الماضية؟
علايا ديكتاتور! ولهذا السبب فهو يعرض مجموعاته فقط عندما يكون مستعداً لعرضها. ليس لديه جدول زمني كباقي المصممين. لكن لأنّه فنان حقيقي، كلّ شيء عنده يتعلّق بالفستان. كل تفصيل مدروس بعمق وملابسه رائعة ومتقنة. قدّمت نصف خزانتي لصديقاتي على مدار السنين، أعطي الأشياء التي لن أرتديها مجدداً. لكنني لم يسبق أن أعطي أحداً أيّ قطعة من علايا! ملابسه قطع فنية فريدة دائماً. لكنّه ديكتاتور. لديّ حزامٌ من علايا وهو جميل جداً، لكن هناك ثقب واحد فيه لا يترك ثقبين أبداً، بل ثقب واحد فقط؛ إمّا أن تعصري نفسك داخله أو تنسي الأمر بجلّه! لكنني مع ذلك أعشقه.
ارتكز إيف سان لوران في مجموعة كاملة عليك، كم كنت معنية مباشرة في تلك العملية؟
عندما أخبرني إيف أنّه يرغب بابتكار مجموعة كاملة حولي، فكّرت في نفسي: أوه، أوه، يا إلهي، بالطبع! ولم يكن لديّ فكرة عمّا كانت تنطوي عليه. ذهبت إلى باريس واتجهنا جميعنا إلى صالة عرضه. كان لديه المئات من لفائف الأقمشة، وكان عليّ أن أقف هناك وهو يضع القماش على جسدي دون أيّ شيء آخر، لا رسومات ولا دبابيس. أخذ المقص وبدأ بالقص. صمم مجموعة كاملة بتلك الطريقة. لم أر شيئاً مثل ذلك من قبل ولم أعمل بذلك الجدّ من قبل، لأنني كنت أقف هناك يوماً بعد يوم خلال مرحلة تصميم المجموعة.
نحبّ الألوان في أفريقيا، لكنّ حسي المفعم بالألوان وتنسيق الملابس ذات الألوان جاء من العمل معه. يستخدم إيف الألوان التي لم أعتقد أبداً أنّها تتناسب مع بعضها البعض، وبعد ذلك، مفاجأة، تبدو مناسبة. أطلق على المجموعة اسم الملكة الأفريقية The African Queen، وبعد أن قمنا بالعرض، جاء ديفيد بايلي والتقط الصور. كان وقتاً لا ينسى بالنسبة لي. أحببته. العمل مع أشخاص كثيري الرؤى مثله ومصممين مثله هي تجربة قد لا تتكرر في حياتك. وقد حظيت بهذا الامتياز مرات عدة، لذا أعتبر نفسي محظوظة حقاً.
قمتِ بتفويض آني ليبوفيتش لالتقاط صورة للعارضات السوداوات عام 2000. هل تشعرين أنّ ذلك كان مهماً؟
في الوقت الذي كنت أؤلف فيه كتاباً، قرأت الكثير من السير الذاتية، والسير التي أحبّها هي التي يكشف فيها الناس كلّ شيء. لم أكن مستعدةً لذلك حينها. لا أعلم إذا كنت سأستعدّ لذلك في أيّ وقت، لكنني أردت أن أشارك بعض المعلومات المتعلقة بمكان قدومي وأن أوفّر خلفية درامية عن رحلتي المهنية. عندما كنت أجمع الكتاب، فكرت بأنّه من المهم أن نلتقط صورة لأهم العارضات السود. في البداية، تحدّثت إلى إيرفينغ بين، فلقطته الشهيرة لمجموعة الخمسينيات كانت إلهاماً حقيقياً، واعتقدت أنّه لا يوجد شخص أفضل يلتقط هذه الصورة. لم يسبق أن التقطت صورة جماعية للعارضات السود الشهيرات قبل ذلك، لربما تصورت واحدة منّا أو اثنتان معاً في كلّ مرة، لكن ليس صورة جماعية تحتفي بنا جميعنا معاً. كان بين صادقاً. قال لي: “أريدك أن تتفهّمي لم لن أقوم بذلك.” قال لي أنّه لم يقم منذ الخمسينيات بالتقاط صورة لمجموعة لأنّ الجميع قلّدوا تلك الطريقة. لكنّه شجعني رغم ذلك. قال لي: “ستلبّي الفتيات نداءك، لكن ما يجب أن تعرفيه هو أنّك لا يمكنك أن تجعلي أيّ مصور يلتقط تلك الصورة. لا بدّ أن يكون مصوراً مهماً. ذلك ما سيجعلها قطعة فنية.”
لذا فكّرت في الأمر، من يمكنه أن يلتقط هذه الصورة ويرتقي بها إلى مستوى الفن؟ كانت آني ليبوفيتش هي الاسم الثاني الذي تبادر إلى ذهني. عملتُ مسبقاً معها وأخبرتها بما رغبته، وضعت كلّ شيء قاله لي السيد بين في رسالة إلكترونية إلى آني، وقالت: “حسناً، سأقوم بذلك لك. لكنّها منحتني يوماً واحداً، وكان هناك أسبوع فقط قبل حلول عيد الميلاد!
كيف قررت من هم العارضات اللواتي ستظهرن في الصورة.
فكّرت بالصورة كما لو أنّها قصة. كانت الفتاة التي ظهرت قبلي هي بيفيرلي جونسون، لذا علمت أنّها يجب أن تكون في الصورة. ثمّ كان التفكير بمن جاء بعدنا. وهذا ما جعل الصورة تبدأ من اليمين إذا نظرت إليها. بيفرلي ثمّ أنا ثمّ الفتيات الأخريات. لكن عليّ أن أخبرك وأخبر الجميع من نعومي كامبل إلى تايرا [بانكس]، جميعهم توافدوا. كانت معنا سينيثيا بيلي التي كانت عارضة فقط وأصبحت الآن في كلّ مكان. ونعومي لينوار وأليك ويك…
لم يكن هناك دراما؛ كان سحراً نقياً وحسب. كتبت رسائل للجميع قبل ذلك أشرح لهم أنّ هذا النوع من اللقطات لم ينفّذ من قبل، لذا فإنّ جميع المشاركات أرادوا أن يكونوا جزءاً من التاريخ. ما زالت لدي نسخة من الصورة في مكتبي وفي غرفة مؤتمراتي.
لماذا تعتقدين أنّ الأزياء ما زالت لديها مشكلة هائلة مع الاختلاف؟ كان أمامهما عقود ليوحدا بها الجهود.
بالنسبة لي، أعتقد أنّ النقلة النوعية للجمال من كونه أوروبياً صراحة حدثت بشكل تدريجي. أعتقد أنّ العارضات المختلفات يمكن أن يخطفوا أحياناً بريق الملابس. والسبب، ماذا يمكنني أن أقول؟ أنّ لدينا شخصية مميزة. هذا هو الشيء الذي كان منقوصاً من قبل. في ذلك الوقت، عندما كنت ترين مماشي الأزياء، كانت كل العارضات يبدين على نفس الشاكلة. كانوا مثل المستنسخات. لم يكن [المصممون] ليسمحوا لهم بالابتسام. كان عليهم أن يبدوا بنفس المظهر.
عندما قمنا أنا وبيثان [هارديسون] ونعومي بحملة بالانس دايفرسيتي، قال بعض المصممين: “لا يمكنهم أن يجبروننا على توظيف العارضات السود.” لكن لم يكن أحد يجبر أحداً. ثمّ سألني الجميع: “هل تقصدين أنّهم عنصريين؟” لا. لا أعرف أيّ مصمم عنصري، لكنهم لا يحرّكون ساكناً، وتلك مشكلة بحدّ ذاتها. يعود ذلك إلى ما كنت أقوله في وقت سابق: اعتاد المصممون أن يختاروا طاقمهم بأنفسهم. لكن الآن، أصبح وكيل توظيف العارضات هو الساحر أوز. قبل أن تري المصمم، عليك أن تري وكيل توظيف العارضات، وبعض هؤلاء الناس لديهم الجرأة على القول: “لا نرغب بتوظيف العارضات السود هذا الموسم.” عندما يكون لديه الجرأة ليقول ذلك للوكالات، فذلك يعدّ عنصرياً بالنسبة لي. ذلك تصرف عنصري. وليس هناك أحد يجبر الآخرين على توظيف أحد. إذا لم تكن العارضة هي المناسبة لك، فهي ليست مناسبة لك. أكره أن أرى مصمماً يستخدم العارضة السوداء الخاطئة لأزيائه لأنّ هذا يشبه قوله: “أرأيتم؟ لقد فعلتها، وهم ليسوا العارضات الصحيحات.”
تتمحور جلسات اللقاء التي تعرض بها العارضات أنفسهنّ حول انتقاء العارضة الصحيحة. تمّ اكتشاف بعض أفضل العارضات في مثل تلك الجلسات. التقت ليا [كيبيدي] بتوم فورد في جلسة لقاء وتمّ انتقائي أنا لأؤدي حملات غوتشي وإيف سان لوران الإعلانية. عندما يرى المصمم العارضة، فهو الذي يعلم إن كانت مناسبة، وليس وكيل التوظيف. إذا قال المصمم: “أوه، نحن مشغولون، مشغولون جداً ولذلك نوكّل وكلاء للتوظيف.” حسناً، ليس هناك شخص أكثر انشغالاً من توم فورد، وهو يقوم بانتقاء العارضات بنفسه. هذا هو رأيي بالأمر. لم يكن الأمر يتعلق بجعل أحد يقوم بشيء لا يرغب بالقيام به، لكن إذا كان تصرفك عنصرياً، فلا تبدأ بالتذمر بأنّك لست كذلك.
كنت مصدر إلهام للعديد من الناس في هذه الصناعة؛ إلى من تنظرين كمصدر إلهامك؟
أنجذبُ إلى النساء اللواتي يعملون كقوى للتغيير الإيجابي، مثل الدكتورة حواء عبدي [الناشطة الإنسانية الصومالية] التي ما زالت رغم كل الصعاب تعمل وتقدّم الخدمات لمجتمعها. إنّها مذهلة برأيي. ماريان رايت إيدلمان هي ناشطة لحقوق الأطفال. شاهدتها على تودي منذ زمن بعيد، كان براينت جامبل ما زال موجوداً، وهو ما يعطينا إشارة بعدد السنين التي مضت منذ ذلك الوقت. كانت تُجري مقابلة، وكان ذلك يتعلّق بسماع عازف المزمار. تذكرت البرنامج ذلك الصباح ووضعوني في اتصال معها، وكان لي شرف معرفتها منذ ذلك الوقت. بالنسبة لي، ذلك النوع من الناس هو ما يلهمني: الناس المرنين الذين يبقون مركّزين، والذين لا يبهرون بالصيحات ويبقون أعينهم على قيمة ما يقومون به. هؤلاء هم الناس الملهمون حقاً. أعتبر الدكتورة عبدي وماريان رايت إيدلمان بطلات مجهولات؛ إنّهما مثل الملائكة الذين يسيرون بيننا.
عندما كنت لاجئة مع عائلتي، لم يكن الناس الذين ساعدونا ينتمون إلى مؤسسات إغاثية، بل كانوا أناساً قدموا إلى بلاد النزاع. وبالنسبة لي، كنت أفكر في نفسي “لماذا تقومون بذلك؟ أنا ممتنة لكم لأنكم تقومون بذلك، أشكر الله لأنكم تقومون بذلك، لكن ما الذي يدفعكم للقيام بذلك؟” هذا هو السبب الذي يجعلني أقول: إنّهم مثل الملائكة الذين يسيرون بيننا. إن لم يكن هناك أناس مثلهم، لا أعرف أين كنت سأكون الآن. عندما أتيت إلى كينيا وأنا أحمل الملابس التي على ظهري فقط، أدخلوني المدرسة وسألوني ماذا يمكنني أن أفعل ليأمّنوا لي عملاً. كنت أتحدّث خمس لغات، لذا أخذوني إلى وزير السياحة لأنّهم أرادوا ترجمة بعض الكتيبات. تأكدوا من أنني أستطيع التنقّل من مكان إلى آخر وكان عليّ أن أتحقّق معهم من كلّ شيء. لم يكن هؤلاء الناس يعرفونني ولم يكن عليهم أن يساعدونني ولكنّهم فعلوا وأنا ممتنّة لهم لبقية حياتي.
ما الذي يوجّه عملك الخيري؟
تتمحور الأعمال الخيرية التي أقوم بها حول الأطفال والنساء، لكوني أفريقية أرى أنّ هؤلاء المجموعتين من الناس هم الأكثر تأثّراً. الحروب الأهلية لا يبدأها النساء والأطفال، وإنّما يبدأها الرجال، ومن ثمّ فإنّ النساء والأطفال هم الذين يتساقطون كضحايا حرب. النساء هم من يُغتصبون والأطفال هم من يصبحون عبيداً للحروب ويتمّ تجنيدهم كأطفال. إنّه ذلك النوع من العنف المنتظم الثابت الرتيب.
كما أنني أساعد النساء مثل د.عبدي. إنّها صومالية وتنحدر من جيل أمي الذي كانت فيه النساء متعلّمات ويشاركن في السياسة. لكنّها في بلد فوضوي غير خاضع للقانون. لم يكن هناك حكومة في الصومال منذ أكثر من 25 عاماً، والآن اتحدت مع حركة الشباب وهي جزء من القاعدة، لذا فهي تتحرك باتجاه الإسلام المتطرف. لا يسمح للفتيات بالذهاب إلى المدرسة؛ تمّ سلب حقوق النساء. تعمل الدكتورة عبدي في تلك الظروف. ولديها الجرأة لمواجهة أولئك الذين يهددونها وللثبات على موقفها.
أنت في مرحلة جديدة من حياتك ومهنتك. ما هي مغامرتك التالية؟
لا أعلم. أشعر أنّ هناك فصل ثالث قادم، لكنني لا أمتلك فكرة عمّا يحتويه بالمطلق، مثل جميع الأشياء الأخرى التي حدثت في حياتي: لم أكن أعرف أيّ شيء عن عرض الأزياء، لكن ها أنا الآن، ولم أكن أعرف أيّ شيء عن الجمال، لكنني هنا الآن. أبقي عيوني وآذاني مفتوحة لأرى أين سيقودني القدر.
أعتقد أنّ خطوتي التالية ستتركّز على وجه الخصوص على مجموعتي العمرية. أعتقد أنّ هناك طريقة عمياء تفكّر فيها أمريكا بالشباب، وعلى ذلك أن يتغيّر. كلّ ما يحدث ينبثق عن تجربتك الشخصية. ودعيني أقول لك: هناك الكثير من الأشياء التي تحدث الآن. لا يمكنني أن أعود إلى عمر العشرين أو الثلاثين [مرة أخرى] ولا أتمنى ذلك. أنا في الستين من العمر وأشعر برغبة بتغيير الطريقة التي ينظر بها الناس إلى عمر الستين.
_جانيل أوكودو، ستايل.كوم