تابعوا ڤوغ العربية

قائد المجموعة

أعد “نيكولاس جيسكيار” Nicolas Ghesquiere مجموعة هي الأفضل خلال الأسبوع هذا الربيع من أجل “بالينسياغا” Balenciaga. اليوم أعلن هو والدار خبر رحيله في نهاية هذا الشهر. “جو-آن فورنيس” Jo-Ann Furniss محررة Style.com جلست مع المصمم بعد نهاية أسبوع الموضة في باريس لتلقي معه نظرة إلى الخلف على أروع مجموعة قدمها ضمن مجموعاته على الإطلاق والتي إتضح أنها آخرها.

تصوير “أليسدير ماكليلان”McLellan  Alasdair

إن ستديو خال من أي خصائص تميزه، ويقع خلف حدود “لو بيريفيريك” في الأحياء الشمالية لباريس، ليس أكثر الأماكن إثارة لكي أجري حديثا مع المصمم “نيكولاس جيسكيار”. ولكن المثير في هذا المكان هو مجموعته الأخيرة للربيع من أجل “بالينسياغا”. قطعه من الأزياء كانت ترتديها عارضات صغيرات شابات يقوم “بالينسياغا” بالإشراف علىيهن بحرص، حيث كان يتم إعدادهن في هذه اللحظة للتصوير على يد “أليسدير  ماكليلان” من أجل Style.com/print ، واللائي كن يمثلن تناقضا صارخا بين سنوات مراهقتهن المليئة بالحيوية والقيود والصرامة للشخصية التي يمثلنها داخل هذه الثياب. ولكن بطريقة ما الشيئان يتواجدان جنبا إلى جنب بشكل مرئي واضح، دون أن يمنع أحدهما الآخر من الظهور: الكلاسيكية وتمرد الشباب يجتمعان في شيء واحد.

“قيد وتحكم بعملية تلصيق غير متوقعة لقصاصات من عوالم مختلفة”، كما يقول “جيسكيار” بعد ذلك خلال حديثنا العام عن أسلوب عمله. “هذا شيء من خطوات عملي الطبيعية في الموضة، أن أجمع معا هذه العوالم الغير متوقعة. أحاول دائما أن أفقد المرجعيات: هذه الأشياء موجودة هناك ولكن تم تحويلها إلى شيء آخر. هذا هو تحديدا الموضة بالنسبة لي: إنها حول الوقت الحاضر. يمكن أن تظل لفترة أطول، ولكن يجب أن يبذل الواحد كل جهده للحفاظ على الزمن الحاضر، أن يكون في إمكانك أن تقول، هذا للوقت الحالي”.

مجموعته الأخيرة تلصق العقل بالحس، الفرح والمأتم، المقدس والمدنس. وفوق كل ذلك يوجد في قلبها صرامة هندسية يشق خلالها شيء بري ومفعم بالبهجة. لقد وجد “جيسكيار” طريقة لعمل شىء قوي، حسي ومليء بالمشاعر. وكما يشرح “هذا الموسم يدور كثيرا حول الثقة بالنفس”.  يخفض صوته فعليا بعد ذلك. ” أريد أن أقول أشياء بصوت أكثر إنخفاضا”. حدد مجموعته للربيع كبداية لمقطع جديد من عمله مع “بالينسياغا”. كان يوجد آخرين: كمصمم يتقدم للأمام بدون أن يتعب أو يخاف خالقا مجموعات رائعة.

يقول: “هذه هي طبيعة الموضة لأنه إذا لم تتحرك إلى الأمام إذا فأنت ميت”.  ومع ذلك فهذه المجموعة تتضمن إشارة بطرق كثيرة إلى حيث بدأ.

هذا العام يصادف الذكرى ال15 لعمل “نيكولاس جيسكيار” كمدير إبتكار لدى “بالينسياغا”، كما يعلن هو ومديره للإتصالات، “لايونال فيرماي”. “جيسكيار” عمره 41 سنة ولكنه في الحقيقة يبدو أصغر من عمره، وسيم ولكنه أقل حجما وجدية عما يظهر في صوره. لديه شيئا مليئا بالشباب وبالتهور المعدي في الطريقة التي يتحدث بها عن الأشياء، ويظهر حماسا واضحا لما يفعله.

وخلال فترة عمله لدى “بالنسياغا”، أصلح سمعة الدار وبالتالي سمعة “كريستوبال” نفسه، بينما إلتزم بمباديء مؤسس الدار التي تدور حول الإكتشافات العصرية في الشكل والشعور، وإستمر على ذلك حتى حينما إرتبطت الماركة بإسمه الشخصي بشكل لا خلاص منه.

أحيا “جيسكيار” “بالينسياغا” وأعادها إلى مجدها السابق بطريقة عصرية تماما:  محترمة لكن جريئة وبدون أثر لمضار الحنين إلى الماضي جتى أصبحت المستوى الذي يحكم به على عملية إعادة الدور الاخرى الكبيرة للحياة.

لقد كانت هذه هي الماركة التي من شدة عدم الرغبة بها تركت بعض الفساتين من إبتكار العظيم “كريستوبال بالنسياغا” تتعفن في القبو الغارق بالمياه في ” 10 أفينيو جورج الخامس” بعد موته سنة 1972. كان واقعا في مصيدة تاريخه المهمل، كصوت من الماضي في مقابل الحاضر. وربما ليس من المستغرب إذا أن صعود “جيسكيار” حدث بشكل ما بالصدفة.

لقد تم إنتشال المصمم من الظلام كشخص غير معروف يعمل في الإتفاقيات الخاصة بآسيا – مصمما ملابس ذهبية وثياب للجنازات وفساتين للأفراح، لملء فراغ منصب مدير الإبتكارت لمدة سنة بعد الفراغ الذي أحدثه ترك “جوزفوس تيمستر” للشركة سنة 1997. يقول مضيفا: “بالطبع لقد كان كل شيء مجرد صدفة”.

واليوم ينظر إلى “جيسكيار” كأكثر مصمم تأثيرا في جيله بالتحديد وإن كان هناك عددا من أقرانه مثل “ريكاردو تيسي” و”راف سيمونز” و”هيدي سليمين” و”فيبي فيلو” وهم في حوالي نفس عمره يعملون أيضا على إحياء دور أخرى. وفي معظم الأحيان “نيكولاس جيسكيار” كان الوحيد البارز على الساحة، لا يوجد من يوازيه فيما أنجزه في أزياء النساء بدأب مستمر منذ أن كان في منتصف العشرينات.

يمكننا أن نقول اليوم إنه أبعد ما يكون عن الإدعاء وهذا في حد ذاته إنجاز إذا أخذنا في الإعتبار كل التوقعات التي أغرق بها على مدى السنين. كان ذلك واضحا بالذات من خلال الضجة التي تكونت حوله بعد مجموعته لربيع سنة 2001. “ما نسميه مجموعة السحب كانت بالتأكيد نجاحا كبيرا” كما يقول شارحا. “لقد كنت محميا ثم  إعتليت أمواج الرغبة التي من الممكن أن تعطيها لك صناعة الموضة أحيانا. ويجب أن تأخذها أيضا فهي لحظة من الممكن أن تكون مثيرة جدا وتدفعك للأمام.  كان ذلك في صيف 2001 عندما إتصل بنا “توم فورد” تليفونيا وعرض علينا أن نصبح جزء من مجموعة “غوتشي”. لقد هززت هذا الشيء المسمى “بالنسياغا”، حركت الجدران حاولت أن أجعلها أكبر حجما. وكانت هذه هي الفرصة لتكبيرها أكثر، وكان ذلك مثيرا”.

وفي نفس الوقت تمكن من عدم السقوط في دورة ألاعيب القوة والسيطرة التي كانت منتشرة في صناعة الموضة في ذلك الوقت والتي ما زالت على نفس الوضع حاليا. لم ينسى “جيسكيار” أبدا العامل الإنساني في أزيائه، وما تعنيه للنساء عندما يرتدينها. ولهذا السبب فمهما كان مدى محاولات التجارب في عمله يظل دائما ناجحا جدا.

ASHLEIGH GOOD, MAIDSTONE, ENGLAND

يقول المصمم: “أريد للمرأة أن ترتديها بدون أن تشعر بمدى الجهد الذي وضع فيها، وألا تشعر كم هي معقدة وأن تحس وهي ترتديها بالراحة”. “إنها علاقة مخلصة بيني وبين الزبونة ولكن كل موسم يجب البدء من جديد”. يجب أن يقول الواحد: “أنا هنا وهذا ما أقترحه”. أرغب في أن يكون للمرأة طرازها الخاص ولكن أريد المشاركة في صنعه.

وكما يلخص ببساطة فيما بعد: ” أشعر بالسعادة في إرضاء الناس، فهذا ما أحبه”.

في نفس الوقت “جيسكيار” مصمم جريء ويحب لزبونته أن تكون جريئة أيضا. لا يتكبر أبدا على مشاهديه. وكإبن للثمانينات لديه إيمان في ثقافة فن البوب الراقي – عمل معقد يمكنه أن يجذب كل أنواع الآراء ويعجب بشكل ديمقراطي كل أنواع البشر.

يقول: “يريد المرء أن يكون الرأي أقوى من سياق الكلام”. “فيقود وينطلق. إنه إختياره وهو المكان الذي يريد أن يتوجه إليه، إنها مغامرة ولكن هذا ما أحبه لأنها صادقة أيضا”.

يؤمن “جيسكيار” بالصدق ودرجة من عدم الإدعاء في الموضة. ما يقدمه قد يؤخذ من قبل الآخرين على أنه أروع شيء في العالم. ولكن ذلك يهزم ما يقصده المصمم نفسه. فهو يشرح: ”  الغرض من صناعة الموضة ليس معناه ليس البروز والتأثير على الإطلاق . على العكس إنها إنفعال قوي ويجب أن تكون صادقا جدا”.

ويهتم “جيسكيار” أكثر بأن يكون صادقا لأفكاره من أن يحاول أن يثير إعجاب أقرانه، حتى ولو كان ذلك يعني ظهور أزياء لموظفي المكاتب في مجموعته كما فعل في الموسم الماضي أو شيء كليشيه مثل ثوب الفلامنكو الذي يوجد في مجموعته الأخيرة.  يقول: “أن تكون محاطا بأناس بارزين لهم أصواتا معينة فهذا شيء يثير الإلهام”.

“نعم ولكنهم أيضا لا يحاولون أن يكونوا مؤثرين”. وهذا معناه أن مصادر إلهامه يمكن أن تأتي من أي مكان، وأنه يمكن تحويلها إلى أي شيء ما دامت النتيجة تحمل الإحساس بالحاضر.

وبهذه الطريقة رؤيته للنساء يمكن أن تكون أحيانا بإستخفاف ومرح. ولكنها بالتأكيد ليست لأصحاب القلوب الضعيفة.

فهو في الأساس يصمم لبطلات وإن كان من الممكن أن يأتين في أشكال وأحجام متعددة. يمكن أن يكونوا إناسا يعرفهم من الحياة الحقيقية مثل أصدقائه المقربين أمثال الممثلة والموسيقية “شارلوت غينزبورغ” و”ماري – إميلي سوفيه” المعدة لعروض “بالينسياغا”، أو ربما يكونوا أشخاصا لا يعرفهم مثل الأميرات “ستفاني” أميرة موناكو و”ليا أورغانا” أميرة ألدران- نعم هي نفسها التي كانت في حروب النجوم، والإثنان ظهر ما يشير إليهما في مجموعاته الأولى المبكرة.

وفي الحقيقة فأن الخيال العلمي يشكل إهتماما لدى “جيسكيار”. يتكلم بحماس عن “ريدلي سكوت”. فيقول: “كنت مندهشا عندما رأيت “برومثيوس”. إنه أروع مخرج خيال علمي على الإطلاق. وأحب الكاتب “فيليب ك. ديك”، إنه من نفس العالم”.

 وجهة نظر سينمائية وتأثير خيالي علمي ظهر في كثير من مجموعاته.  يقول: “أؤمن بالتوقع. إنه  مثل رؤية بطلة يمكن أن يعثر عليها في فيلم خيال علمي. شخصية قوية ومعقدة. هناك فكرة حول بطلة عادية يمكن أن تأتي من خلاله، وهذا ما أحاول عمله مع أزيائي. وربما من خلال اللجوء إلى الخيال العلمي يوجد توازن كان علي أن أجده، توازن بين التاريخ والتوقع من أجل “بالنسياغا”. لأن الدار لها تاريخ كبير، كان علي أن أنظر إلى المستقبل وأحترم الماضي من أجل لحظتي الحاضرة”.

عند تلك النقطة كان “جيسكيار” قد أمضى فترة طويلة في الدار إلى حد أن الماضي الذي يشير إليه قد أصبح ماضيه هو.

نشأ “نيكولاس جيسكيار” في “لودان”مدينة هادئة من القرون الوسطى في وادي اللوار جنوب شرق فرنسا. ولكنها لم تكن دائما على مثل هذا الهدوء. ففي القرن السابع عشر كانت “لودان” تتملكها القوى الشيطانية أو بشكل آخر يمكن القول أنه كان بها إندلاع وحشي لكم هائل من الهيستريا والتعصب الديني والكبت الجنسي، تلك الأشياء التي لم تتمكن صناعة الموضة من التنافس معها. كتب عنها “ألدوس هاكسلي” تحت عنوان “شياطين “لودان”، نشر سنة 1952.  وفي سنة 1971 صدر فيلما ل”كين راسل” بإسم “الشياطين” كان مبنيا على كتاب “هاكسلي”. كانت هذه كذلك بالصدفة السنة التي ولد فيها “جيسكيار”.

ربما كان من الصحيح القول أن “الشياطين” يطارد “جيسكيار” وعمله.يعترف ببهجة: “الشياطين ما زالت هنا”.  النشأة في مكان مماثل مشحون دينيا وخرافيا كان له معنى كبير بالنسبة له: “عندما كنت مراهقا كنت غامضا جدا بطريقة ما، وربما كان الغموض ما زال موجودا حتى ولو كان مجرد شيئا جماليا”.

الفيلم يصور إنتاجا هائلا لصورة الرائع للشاب “ديريك جارمان”، حيث القسوة والوحشية تتلازم الواحدة مع الثانية بطريقة تبدو مألوفة لمن لديه معلومات عن عمل “جيسكيار”. راهبات الأورسولين في الدير يتقمصهن الشيطان ويتحررن من القيود على الجنس، وخصوصا رئيستهن الأخت “جين” التي لعبت دورها “فانيسا ريدغريف” في شبابها.

لو سألت “جيسكيار” عن المرأة التي تظهر ملامح شخصيتها على مجموعته الأخيرة للربيع، سيجيب بعد وقفة قصيرة، “أنا لم أفكر في ذلك من قبل ولكنها شخصية “فانيسا ريد غريف” في “الشياطين”.

يقول “جيسكيار”: “أول مجموعة صممتها للدار كانت في ربيع 98”. “كانت مجموعة كلها من اللون الأسود صارمة جدا. وكان هناك شيئا يجمع بين هذه المجموعة الأولى والمجموعة الأخيرة. شيء من الراهبة، الراهبة المريضة نفسيا”. ثم يضحك.

” من المؤكد أنه توجد فكرة لها خيال ديني مع بعض الإنحراف”.

ومع ذلك فعندما يعيد “نيكولاس جيسكيار” الكبير زيارة نسخته الأصغر سنا، يجد أن شيئا آخر قدد تسلل إلى مفهومه لدار “بالنسياغا”: “أحيانا أجد أن لدي إتجاها لبناء شيئا أكثر ما يشبهه هو الدرع فأفقد القليل من العاطفة”. كما يقول المصمم.

وأحيانا إنه ما يشعر به الناس من العرض – ليس المجموعة بل العرض- ويقولون إنه يشعرهم بأنه ميكانيكي جدا. أنا أعمل على المشاعر لعدد من المواسم الآن. وبالنسبة لي كان هذا العرض الأكثر إمتلاء بالمشاعر من بين كل العروض التي أعددتها من قبل”.

|أيا كان المفهوم توجد دائما إنسانية في صميم “نيكولاس جيسكيار”: لهذا السبب فإن أزياءه ليست مجرد عملية عقلية ولكنها تملك جضور الإنسان داخلها.

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع