إنّ أثبتت كارين رواتفيلد أيّ شيء خلال عقودها الثلاث في عالم الأزياء فإنه خبرتها بتجديد نفسها وتجديد الآخرين. فكلّ ما عليك فعله لرؤية ذلك هو النظر إلى غلاف نسخة كتابها الأخير سي أر فاشن بوك الذي يُظهر كيم كارداشيان، نجمة التلفاز الواقعي التي تكاد تصبح سحراً في عالم الأزياء وهي تظهر أسنانها المطليّة بالذهب. تركت المحرّرة ومنسّقة الأزياء والمستشارة منصبها كمديرة تحرير مجلّة باريس فوغ في 2011 بعد عشر سنوات على تولّيها هذا المنصب، فقط لتطلق كتابها المذكور أعلاه الذي يصدر مرّتين في السنة لكي تشتهر أكثر في نيويورك بعد عام، وهي اليوم موضوع فيلم فابيان كونستونت الوثاقي الجديد، مادوموزيل سي. يؤرخ الفيلم الذي عرض أوّل مرّة في نيويورك ليلة الجمعة، مسيرة التحضير للعدد الافتتاحي لمجلة رواتفيلد، ويقدّم نظرة حميميّة عن حياة المحرّرة. قالت لنا رواتفيلد وهي ترتدي بلوزة شبابيّة قصيرة من سيلين Céline، وتنورة جينز من ميو ميو Miu Miu، “فوجئت جداّ عندما شاهدت الفيلم للمرة الأولى، فلم أكن أتصور أنه سيكون شخصياً إلى هذا الحد. تستطيعون رؤية كل شيء، عائلتي وأطفالي وزوجي وشقتي ودروس الرقص التي أرتادها، وكان ذلك صعباً جداً”. ولكن علينا أن نعترف أنّ رؤية المحرّرة المعروفة بالعمل مع الجميع من كارل لاغرفيلد Karl Lagerfeld وتوم فورد Tom Ford إلى بروس ويبر Bruce Weber وماريو تيستينو Mario Testino وهي تتصرّف بصراحة كبيرة أمام الكاميرا، كان أمراً منعشاً. التقت ستايل.كوم برواتفيلد قبل العرض الأوّلي للفيلم للتحدّث عن الحياة بعد فوغ ونيكولاس غيسكيور ومستقبل الأزياء وماذا يعني أن تكوني مثيرة.
قبل تشغيل مسجّلة الصوت كنت تتحدّثين عن حبّك الكبير لكوكو شانيل Coco Chanel. لماذا؟
عادت للعمل وهي بعمر اﻠ70 تقريباً، وعادت بنجاح، وكانت أمريكا أوّل بلد يرحّب بها، ولكن فرنسا لم ترحّب بها. إنّهم دائماً يقولون أنّك لن تكون ملك أو ملكة في بلدك.
ولهذا السبب عدت لنيويورك لإطلاق كتاب سي أر فاشن بوك؟ فهل تشعرين أن الأمريكيّين جعلوك “ملكة”؟
أعتقد أن أمريكا عاملتني بلطف شديد، لأنّني تلقيت اتّصالاً من أمريكا في نفس اليوم الذي تركت فيه فوغ الباريسية. وعندما تكون في نيويورك تتنقّل. باريس في الغالب هي للمتقاعدين – أحبّها، وهي مدينة جميلة ولكنّها بطيئة بعض الشيء. يمكنك القيام بأي شيء في نيويورك – يمكنك التصوير أيّام الأحاد وفي الليل، ويمكنك اقتناء كلب زهري، فكلّ ما تريدينه ممكناً. إنها كأغنية جاي زي عن بيغ آبل – لا تتوقّف أبداً.
هل تشتاقين لكونك مديرة تحرير مجلّة فوغ باريس؟
كلاّ. ما زلت أحب المنصب. أعتقد أنّه منصب سحري، وكان هناك فوغ من قبلي وسيكون هناك فوغ من بعدي. ليس لدي أي ندم. عشر سنوات هي مدّة طويلة جداً. وإلاّ ستبقين هناك للأبد وتستقرين في حياة المكتب، وأنا لا أحب حياة المكتب. إنّ القيام بأمور وحدك أمر صعب، ولكن بنظري هو أمر مشوّق جداً، والجميع يقول: تبدين أصغر سناً من ذي قبل، والسبب الوحيد هو أنّني أتعلّم أكثر.
هل تعتقدين أن إيمانويل آلت تأخذ باريس فوغ في الإتّجاه الصحيح؟
لن أنظر في هذا الأمر، فهو عملها، وهو مختلف تماماً. لا أريد أن أقارن ولا أن أحكم. أتعلمين أمراً؟ لقد انتهيت من هذا العمل. أقوم بعملي الخاص وهو يتطلّب منّي وقتاً كافياً وطاقة كافية، فأنا لست هنا لأنتقد. لا يهمني الأمر. لدي العديد من المشاريع، فلقد أصبحت فتاة الغلافات وجدّة في الوقت عينه. لدي الكثير من الأمور المثيرة في حياتي. فلست بحاجة إلى النظر إلى الوراء.
قبل إطلاقك كتاب سي أر فاشن بوك كان هناك إشاعات أنّه لم تكن علاقتك مع نيكولاس غيسكيور بأفضل حالاتها. كيف هي علاقتك به الآن؟
هذا هراء السياسة في عالم الأزياء. لم أواجه أيّة مشاكل مع نيكولاس. فقد أرسلت له رسالة نصيّة للتو قلت له فيها “اشتقت لك!”. عرفته من البداية. وأعتقد أنّه أكثر شخص موهوب في الأزياء. إنّه ذكي للغايّة. وأنا متأكّدة أنّه سيعود، وأتمنّى أن يحدث هذا عن قريب جداً لأنّنا مشتاقون إليه. وأعتقد أنّه سيفاجئ الجميع. فليس هناك العديد من المواهب اليوم، وهو واحد من هذه المواهب.
سوف يقارن فيلم مادوموزيل سي بذي سبتمبر إشو حتماً، وستقارنين بآنّا وينتور. كيف تشعرين حيال مقارنتك بها؟
قورنت بها لسنوات عديدة. ولكنّني عملت معها. وكنت أعمل عندها، وأعتقد أنها امرأة صارمة للغاية، ولكنّها صادقة جداً. إنها تعمل بجد وتتحلّى هي وغرايس كودنغتون بعاطفة شديدة. وتشعرين بالعاطفة في فيلم مادوموزيل سي أيضاً. ولكن بطريقة مختلفة تماماً. فوغ هي أكبر مجلّة في العالم؛ لديهم الكثير من المال. ففي عددنا الأوّل كان هناك أربعة أشخاص يعملون على المجلّة، ولكن كنّا نتحلّى بالعاطفة نفسها.
تتحدّثين في الفيلم عن كيف استطاعت الأزياء أن تحوّلك إلى شخص آخر. فهل أنت المرأة التي نراها تجلس في المقعد الأمامي بتنورة ديّقة وكعب عالي دائماً؟
أنا نفس الشخص تماماً. هذه طلّتي منذ ثلاثين عاماً. أرتدي تنّورة ضيّقة وكعب عالي وشعري على وجهي دائماً. أعتقد أنّ تنورتي أصبحت أطول بقليل، ولكن هذا كلّ ما تغيّر. ولكن إن كنت ستعملين مع بروس ويبير في الريف مع أطفال الحيوانات كما فعلت في الفيلم، فلا يمكنك ارتداء الكعب العالي. ستبدين غبيّة. لذا سيشاهدوني الناس بالجينز وحذاء مسطّح. ربّما سيخيب أمل بعض الناس لأنّهم سيفكّرون: إنّها كفتاة عاديّة وتعمل بجد. ولكن هذه أنا أيضاً.
كيف تعتقدين أنّ أسبوع الموضة أو بالأحرى شهر الموضة قد تغيّر منذ بدأت العمل كمنسّقة أزياء مستقلة قبل ثلاثين عاماً؟
لقد أصبح عالمياً. كنت أذهب في البداية إلى العروض الفرنسيّة، وكنت أذهب بالميترو. الآن عليك السفر إلى أماكن عديدة، وهناك صحفيّون يأتون من جميع أنحاء العالم. هناك مجلاّت عديدة، وربّما هذا أمر محزن بعض الشيء، لأنّه عليك دعوة كلّ مدراء التحرير وكلّ الشخصيّات المهمّة، لذا لم يعد هناك مكان لدعوة تلامذة الأزياء. كنت طالبة عندما بدأت، وسمحوا لي الناس بالدخول لأنّني كنت أحب الأزياء. والآن ليس هناك مكان للطلاّب. هذا محزن للغاية، لأنّ الطلاب يجلبون الحماس إلى العرض، وهو ليس مثير جداً من دونهم. أحاول أن أستخدم نفوذي دائماً [ تضحك ] لأحضر معي تلميذ أو اثنين، لأّنهم يضفون نكهة جميلة – فهم مهتمّون للغاية. كانت عروض الأزياء مجنونة أكثر. أصبحت الآن أكثر جديّة بقليل.
كان هناك أحاديث كثيرة عن كيفية إنكسار دورة الأزياء وأسبوع الأزياء. هل تعتقدين أنّ الأمر كذلك؟
إن الأمر صعب جداً على المصمّمين اليوم. كيف يستطيع أي شخص أن ينتج عروض أزياء كثيرة إلى هذا الحد؟ فهم ينتجون أربعة عروض سنوياً على الأقل. وننسى أنّ معظم المصمّمين هم فنّانين.لا يعترف بالأزياء كفن، ولكن بالنسبة لي هو كذلك. ولا يمتلك بعض المصمّمين القوة المناسبة لدعمهم تحت كلّ هذا الضغط. انظري ما حدث لأشخاص كأليكساندر ماكوين Alexander McQueen أو جون غاليانو John Galliano أو السيد سانت لورون Saint Laurent من قبل. فإن لم تكون كارل لاغرفيلدKarl Lagerfelf أو ريكاردو تيشي Riccardo Tisci أو توم فورد Tom Ford مع أكتاف كبيرة، فستشعرين بهذا الضغط. أصبحوا المصمّمين أقل إبداعاً ممّا يرغبون، وتخيّلي كم عرض علينا مشاهدته كمنسّقي أزياء. إنّه ضرب من الجنون! بعد شهر تكوني متعبة قليلاً. ولكن أحياناً تشاهدين عرضاً واحداً جيّد – مثل كوم دي غارسون، وهو عرضي المفضّل لأنّه ليس عرض لحقائب يد، بل هو مجرّد إبداع – وتصبحين سعيدة. لذا أعتقد أنّني ما زلت أحب الأزياء.
لقد ذكرت الطلاب سابقاً، ويشعر العديد من المتخصّصين في هذا القطاع أنّه هناك نقص في المواهب الشابّة النابعة من باريس. هل تعتقدين أن هذا الأمر صحيح؟
أعتقد أنه صحيح. كانت مدارس فرنسا مهمّة جداً من قبل. والآن فقدوا بعضاً من هذا الحلم. اليوم يفضلّون الناس الذهاب إلى لندن أو أنتويرب، ولكن لا يزال هناك مصمّمين شباب رائعين حول العالم، وإن لم تكن عضواً في مجموعة كبيرة فمن الصعب أن تصل. لذلك أحاول مساعدتهم ووضعهم في مجلّتي. تعلمين، أحافظ على أصدقائي القدامى، وأكبر معهم، ولكن أحاول أن أحافظ على شبابي. أن تكوني محاطة بأطفال أمر جيّد، لأنّهم يحافظون على شبابك. وبعد ثلاثين عاماً، أتمتّع بكافّة حيلي. إنّني منسّقة أزياء جيّدة، ولكن ما أستطيع فعله هو مساعدتهم. وفي المقابل يمنحوني الطاقة.
عندما أطلقت الأناقة الجريئة مع توم فورد Tom Ford وماريو تيستينو Mario Testino قبل عشرين عاماً، كان الأمر صادماً واستفزازياً. ولكن الجنس اليوم في كلّ مكان. فماذا يعني أن تكون مثيراً اليوم؟
عندما فعلنا ذلك لحملة غوتشي Gucci كان الأمر جديداً جداً لأنه لم يكن يتطرّق أحداً إلى الأزياء والجنس معاً. وكانت المرّة الأولى التي نضع فيها المرأة والرجل على المستوى نفسه. ولكن الحفاظ على الأناقة خلال هذا الأمر هو صعب للغاية. فهناك حدود لا يمكنك تخطّيها، واليوم أفكّر أحياناً أنّ الناس لا تعلم كيف تحافظ على التوازن. لقد تغيّرت كلمة مثير. فقبل عشرين أو ثلاثين عاماً كان يعتبر الذهاب إلى شاطئ سان تروبيه عاريةً أمراً مثيراً. أمّا اليوم فهو مشوّش. من قبل كان المثير يعني أن تُظهري الكثير. الآن المثير هو أن تحاولي أن لا تُظهري الكثير. ليحلموا بما تخبّئ المرأة تحت الملابس. يمكنك أن تكوني استفزازيةً من دون أن تظهري أي شيء.
ماذا تعتقدين علينا أن نفعل لدفع الأزياء إلى الأمام، وبماذا تشعرين أنّك تساهمين في سي أر فاشن بوك؟
أنا حالمة. والأزياء تعبر عن الحلم. الأزياء هو عمل تجاري ضخم أيضاً، ولكن في نهاية اليوم علينا ابتكار صور جميلة وملابس جميلة، وإذا كنت تؤمنين بها يصبح كلّ شيء ممكن. بهذه الطريقة أكتب قصّتي الخاصّة. فكلّ ما أريده هو أن أجعل مجلّتي أفضل بقدر استطاعتي، وأن أُبقى قرائي حالمين.