“يا له من خبر” غمغمت شفتاي عندما وقعت عيناي على هذا الخبر الصحفي. حيث تم الإعلان فيه أنه بعد عقد من الزمان، استطاعت عارضة ومصممة الأزياء وسفيرة منتج روجيه فيفيه إيناس دو لا فريسانج الحصول علي الحق في استغلال اسمها التجاري. لقي اسم إيناس الذي استخدم كعلامة تجارية لبعض الإكسسوارات والملابس بعض النجاح في فترة التسعينيات والآن وبمساعدة بعض أصدقائها (من الشرق الأوسط) تم إطلاق العلامة التجارية مرة أخرى. من المتوقع أن تتجاوز مبيعات هذه العلامة التجارية مبلغ 20 مليون دولار في نهاية هذا العام. جاء الاستحواذ على العلامة التجارية من باب المجاملة من المجموعة المالية The Luxury Fund ومقرها دبي، حيث ساعد أحد المستثمرين في العلامات التجارية مثل إيلي صعب شراء هذه العلامة التجارية من فرانسوا لويس فويتون مقابل مبلغ لم يتم الكشف عنه. و”بهذه البساطة” تم بث الحياة في علامة تجارية كانت تحتضر. ولا شك بأن المستثمرون لم يباليون كثيراً بتراث العلامة التجارية وإنما نبع من جهد إيناس دو لا فريسانج الذي لا يعرف الكلل لتعيش حياة تستحق أن تروى – ويعتقد بشكل عام أن الإرث الشخصي لعارضة شانيل السابقة يمكن أن يترجم إلى منتج يجلب الأرباح.
في حين يمكن للمرء أن يقدر مثابرة الفرد لاستعادة السيطرة على اسمه أو اسمها الفعلي، لا يتمالك المرء من التعجب من عدد دور الأزياء ذات التراث التي تركت لتختفي في طيات التاريخ ولكن تم نفخ الغبار عنها واحدة تلو الأخرى وإعطاءها فرصة حياة جديدة.
شيا باريلي وموينات وبالستاف وكارفن وفيونيت وبلماين ولانفا – ما هي إلا بعض من أسماء دور الأزياء التي أسست من قبل مصمميها الأصليين وبالتدريج اختفت من الأنظار ثم بثت فيها حياة الموضة مرة أخرى. باستثمارات جديدة، ومصممين جدد وحملة تسويقية جيدة كلها عوامل إذا أخذت بدفتها اليد الصحيحة تستطيع أن تستخدم كقبلة الحياة لإحياء العلامة الجارية. بالنظر إلى مواقع الإنترتت لدور الأزياء تلك فإنه من المحال عدم العثور على “جدول زمني” تراثي حيث المقالات القصيرة ذات الخلفية البيضاء والسوداء تغري القراء للعيش واسترجاع تاريخ العلامة التجارية.
ولكن لماذا تم إعادة إطلاق دار أزياء قديمة في المقام الأول؟ لماذا لم يتم إنشاء دار أزياء جديدة ببساطة؟ أولاً، إنه خيار أرخص. ثانياً، في عالم حيث أسواق الأزياء ناشئة وذات نمو مرتفع يكونوا حريصين على معرفة تراث العلامة التجارية، وبالتالي يستغل المستثمرون تراث دور الأزياء تلك. وليس هناك ما هو أكثر واقعية من دراما مسرحية مبنية على مزيج رومانسي من الحرب وحقوق المرأة والحب، وأفضل من ذلك: حب ضائع.
اتخذ شانيل كمثال، إنه من المحتمل جداً أن تكون أعظم قصة عودة في تاريخ الموضة ويرجع السبب في ذلك إلى الملابس وأيضاً إلى حياة كوكو شانيل الفعلية التي ألهمت العديد من أفلام السيرة الذاتية والنساء في جميع أنحاء العالم الذين يعتقدون أن أمهاتهم وكوكو أول سيدتين قدمن لهن الموضة. قد يجد الجيل الجديد اليوم صعوبة في تصديق أنه عندما استحوذ كارل لاغرفيلد في دار الأزياء في عام 1983 لم يكن للدار سوى عدد قليل من المتاجر ورائحة العطر تفوح فيه من خلال ممراته الفارغة. كما نعلم الآن حول لاغرفيلد العلامة التجارية إلى علامة عالمية تلهم المستثمرين والمصممين على حد سواء لمتابعة خطاهم.
ماذا بعد اتخاذ قرار إعادة إطلاق دار الأزياء؟ هل يقوم المصمم الجديد بتقليد الرؤية الأصلية للعلامة التجارية أم أنه يقوم بإنشاء واحدة جديدة؟ عموماً فإن إجابة هذا السؤال تعتمد على قوة ذاكره الجمهور لتلك العلامة التجارية. يخضع سانت لوران حالياً إلى ولادة جديدة من نوع ما مع المدير الإبداعي هادي سليمان، وقد حصد سليمان ردود فعل عنيفه بعد أن كشف خط تصميمه الجديد لدار الأزياء. في النهاية يتوجب على العلامات التجارية النظر دوماً إلى المستقبل ولكن اعتماداً على مدى الأفكار الراسخة في أساسيات دار الأزياء قد يضطر بعض المصممين الجدد الذين يتمتعون بعبقرية التصميم بأن يكونوا أكثر تحفظاً. نيكولا جاسكيار، هل يمكن أن تلبي دعوتنا؟
ما هو حال العلامات التجارية الجديدة إذاً؟ إنهم موجودون ولكنهم لا يدخلون في السوق بكثرة. أسماء مثل ستيلا مكارتني وفيكتوريا بيكهام ما هم إلا مثال لماركتين قد رحب بهم في عالم الموضة بمساعدة الدعم الذي قدم لهم من قبل مستثمرين مرموقين مثل لويس فيتون وسيمون فوللر. لا شك أن المستثمرين يأخذون بعض المخاطر في استثمارهم لهذه العلامات التجارية الجديدة، لكنهم أيضاً يستغلون أسماء ذات خلفية قوية – فستيلا هي ابنة الموسيقي المعروف بول ماكارتني من فرقة البيتلز وفيكتوريا هي زوجة أشهر لاعب كرة قدم في العالم. هل كان يمكن لستيلا مثلاً، على الرغم من موهبتها الفذة، أن تحصل على كل هذا الدعم بدون إرثها العائلي؟ إذا لم تكن تملك دار الأزياء إرثاً هذه الأيام، فإنه يجب أن تأتي إلى الساحة بمصداقية كبيرة و إلا ستفشل.
رسالة إلى مصممي الأزياء في الشرق الأوسط اليوم إنكم تصنعون أسساً لدور أزياء، في حال نجاحها حقاً، فإنها سوف تعمر لفترة طويلة. فإذا كنتم تبحثون عن الخلود فحافظوا على “طبعكم الخاص” واعملوا جاهدين على أن تكون رحلتكم المهنية بعد 100 عام من الآن ملهمة و محفزة للناس كي يتبعوا خطاكم مرة بعد مرة.