تابعوا ڤوغ العربية

الرحلة تبدأ هنا

nicolas-ghesquiere-louis-vuitton-style-print-magazine

إنه نوفمبر 2012: يقف عالم الأزياء مترنحاً بعد ورود خبر أن نيكولا غيسكييه، المصمم الرائد بين أبناء جيله، والمحبوب لمفاهيمه الفخمة وتقنيات أزيائه الراقية، قد غادر بالنسياغا. ولو أن أحداً قد أخبرنا في ذلك الحين أنه سيقوم بإرسال سترة كحلية خفيفة وبنطلون قصير الأرجل من الجينز على ممشى عرض أزياء لويس فويتون بعد أقل من عامين، من كان ليصدق؟

قد صنع غيسكييه خلال الـ15 عاماً التي قضاها في بالنسياغا ملابساً والتي بحسب وصفه الآن: “للمتاحف”. لقد صم كعب “الليغو” البلاستيكي والفيزونات المعدنية بأسلوب سي-3 بي أو؛ كما عمد إلى توليف وتحديث خطوط الأزياء الراقية الخاصة بكريستوبال بالنسياغا لتناسب القرن الواحد والعشرين. ومع شهرته بالتجربة واحتضان الفكر الطليعي، يندرج هذا المصمم ضمن المواهب الأكثر بعداً عن إنتاج الملابس “المناسبة للحياة الواقعية”. لكن ومع هذا، كالمصمم الجديد لدى لويس فويتون، إن بناء دولاب ملابس كامل هو ما يقوم به تماماً.

أما المجموعة الأولى لغيسكييه لدى لويس فويتون التي عرضت في آذار الماضي في كور كاريه في اللوفر، وهو المنصة نفسها التي قام خلفه مارك جايكوبز بتقديم عرض أزيائه الساحر عليها، فقد أرست وقعاً جديداً ليس فقط للعلامة المملوكة من قبل إل في إم إتش، بل أيضاً للمصمم نفسه. ومشت عارضات الأزياء بخطى سريعة في أرجاء المساحة مرتديات التنانير المصممة بشكل الحرف A والقمصان ذات الياقات الفسيحة، أو الفساتين المصنوعة من جلد الظباء المتعددة الألوان ذات المقدمة المغلقة بسحاب مع الأحزمة التي تحصر الخصر بأناقة. لم يبدين كالزائرات من فيلم خيال علمي أو صالون غامض للأزياء الراقية مع أصداء من منتصف القرن الماضي في باريس، بل وكأنهن تأتين من حيّ من الأحياء الذي بدا مألوفاً. فقد بدين العارضات كنسخ أكثر حيوية منك ومني.

nicolas-ghesquiere-louis-vuitton-style-print-magazine-2

وورد الخبر القاضي بأن المجموعة كانت مكونة من أزياء جاهزة للشارع للغاية. لقد كانت تلك نقطة تم إيصالها داخل التحفة للمصممة من قبل فرانك-غيري والتي تشكل فاونديشين لويس فويتون في بوا دو بولون، موقع عرض أزياء غيسكييه لربيع 2015. ظهرت كل من جينيفر كونيلي وميشيل ويليامز وصوفيا كوبولا وتشارلوت غينزبورغ مرتديات من لويس فويتون من أعلى الرأس وحتى أخمص القدمين، وكذلك فعلن نساء أخريات شابات وغير شابات للغاية واللواتي بحثن عن المجموعة في المتاجر. وخلال العرض، كان من المستحيل غض النظر عن المحررات والمنسقات والمتسوقات وهن يحملن بفخر حقائب بوتيت مال ودورا الجديدة.

وهذا لا يعني أننا لم نشاهد نساء ارتدين من بالنسياغا، فقد فعلن حقاً. لكن وبحكم أن عمل غيسكييه لدى الدار يتمحور حول التقدم بشكل متواصل، حول “القفز عن المنحدر”، كما وصفته معاونته منذ وقت طويل، المنسقة ماري-أميلي سوفيه، في مجلة سيلف سيرفيس، اعتبرت مجموعته الخاصة بالربيع لفويتون تقدماً عن الخريف. إن مقطع الفيديو الذي افتتح العرض، والذي أظهر وجوهاً شابة تتحدث كلمات من فيلم ديون (Dune)، وهو أحد الأفلام المفضلة لدى غيسكييه، قد عبر عن الفكرة أصدق تعبير عبر أصوات الوجوه الشابة التي كانت تتداخل فيما بينها: “إن البداية هي وقت حساس، الرحلة تبدأ هنا.”

“إنني لست خائفاً من التبسيط”، هذا ما قاله غيسكييه عبر الهاتف من ورشة العمل الخاصة به في باريس، بعد أسبوعين من عرض أزياء الربيع. وأضاف المصمم: “أحافظ على اتساقي، أحافظ على قصتي، لكن أتجه في منحى أكثر بساطة. أريد بناء دولاب ملابس مع فتيات لويس فويتون. وإن كنّ سيستثمرن في تنورة أو سترة أو فستان، فإني لا أعدهن بأن هذه القطعة لن تصبح عتيقة الطراز تماماً، أو أنها لن تصبح بائدة الرواج أبداً، بل أقدم التزاماً بأنني لن أقول لهن أبداً ’ها-ها، إن كل شيء اعتقدتموه جيداً قبل ثلاثة أشهر بات مكانه النفايات الآن.‘” إن هذا يبدو مقبولاً بما يكفي، وخاصة نظراً إلى الأسعار التي تتطلبها أزياء مصممي الأزياء هذه الأيام، لكن الأمر في الواقع هو تحد حقيقي. وعلى ممشى عرض الأزياء، حيث تعد الجدة البضاعة الأكثر جاذبية، فإن التفكير بالثورية هو أمر ثوريٌّ عملياً. لا يختلف ما يقوم به هادي سليمان لدى سان لوران كثيراً عن هذا. لكن نظراً إلى سمعة غيسكييه كمبتكر، إن تحوله نحو التدريجية (حيث تتم التغيرات باستعمال العديد من الخطى الصغيرة) قد وضح أن التغيير الواسع على مستوى الصناعة في ذلك الاتجاه ليس جيداً وحسب، بل ضروري أيضاً.

ويعزو غيسكييه أسلوبه الجديد الذي لربما علينا أن ندعوه بالأزياء البطيئة على نسق الطعام البطيء؟ إلى النضج. وصرح المصمم: “أستطيع أن أكون عالماً عظيماً وأبحث عن الأفكار، لكنني أريكم أنني أستطيع أيضاً أن أكون مصمم أزياء كلاسيكي عظيم. إنني أتقدم في السن كالجميع، والآن بعمر الـ43 عاماً أريد أن أفكر ’حسناً، أمتلك بصمة، لكنني أستطيع تماماً أم أبني شيئاً خالداً أكثر.” إن للطموح دور أيضاً. حين ترك غيسكييه بالنسياغا، أملت بعض الأصوات المؤثرة في الصناعة أن يقوم بإطلاق علامته الخاصة وأيدت أن تقوم إل في إم إتش أو ريتشمونت أو تكتل أزياء آخر بدعم هذا المشروع. أما غيسكييه فقد استمتع بما دعاه “عطلة على مدى سنة كاملة” بين مغادرته بالنسياغا ووصوله إلى لويس فويتون، وفهم ضمنياً أنه قد دخل في مباحثات مع عدد من الكيانات المختلفة في عالم الأزياء. أما واقع أنه لم يقم بشيء تحت مظلة اسمه الخاص فكان أمراً مخيباً لآمال البعض، لكن ليس للمصمم نفسه. وصرح المصمم: “أن أعمل لدى علامة مثل بالنسياغا التي كان بعض الناس يعتبرها مترفعة الأسلوب، لتصبح فجأة قادرة على التحرك قدماً والتواصل مع المزيد من الأشخاص، هو أمر جميل بحسب اعتقادي، وهو شيء كنت أتوقعه لسنوات عديدة.”

nicolas-ghesquiere-louis-vuitton-style-print-magazine-3

بالطبع، إن الحجم الضخم للويس فويتون يؤثر على ما يصممه غيسكييه. فمع 462 متجراً في 63 بلداً، إن لويس فويتون هي بالتأكيد ليست بالعلامة المترفعة. لكن غيسكييه لا يحن إلى ماضيه. يعلق المصمم: “كنت أقوم بدفع أفكاري إلى حافة التطرف لأحرص على أن تكون تجريبية ومتفردة ولتكون صعبة التقليد أيضاً، لأكون متطرفاً للغاية في ما أقدمه. وبالنسبة لي، كانت هذه هي القاعدة الأساسية لدي في بالنسياغا: شيء مميز ومعقد. إن لويس فويتون عالمية قطعاً، لذا لا بد لإنتاجي أن يكون أكثر وضوحاً بكثير وأكثر مباشرة وأقل تعقيداً ربما. وبالطبع، يكون هذا أحياناً على حساب خسارة شيء رائع. لكنني تمكنت من القيام بهذا بمتعة كبيرة والكثير من الإنجازات لدى بالنسياغا، لذا كنت مستعداً لتجاوزه نحو مقاربة مفهومية أخرى.”

تقوم مقاربة غيسكييه بشكل أساسي على إلقاء نظرة استذكارية على سبعينات القرن الماضي. لقد كان وقتاً مفعماً بالنجاح بالنسبة لعلامة فويتون، حسب اعتقاده، حيث بدأت حقائب السفر التي تحمل رموز العلامة تُحمل من أمثال جين بيركن وسيرج غينزبورغ (صديقته تشارلوت؛ إن الروعة تجري في عروق هذه العائلة). ومنذ تأسيس الشركة في 1854 وحتى السبعينات، لطالما ارتبط رمز العلامة بشكل وثيق بالحياة البرجوازية الراقية الفرنسية. وعلّق المصمم مختصراً مهمته الخاصة بكلمات عديدة: “لقد أسهموا (أيقونات مثل بيركن وغينزبورغ) في نقل فكرة لويس فويتون إلى جيل جديد.” كانت تجربته حتى الآن مفعمة بالتحرر. فتبعاً لوصفه الشخصي، لقد كان غيسكييه مناضلاً نوعاً ما في وظيفته السابقة، مستعداً ومصمماً على الدفاع عن نقطة معينة ليحصل على ما يريد. ولحسن حظه، ومع دعم الرئيس والمدير التنفيذي مايكل بيورك ونائبة الرئيس التنفيذية ديلفين آرنو، فإن طبيعته الشخصية لم تعد ذات وظيفة ضرورية في فويتون. وصرح غيسكييه: “إنني حر للغاية، وأعتقد بأنه بإمكانكم رؤية هذا من خلال عملي.” الشيء الإضافي الذي كان في بالنسياغا هو شبح كريستوبال الذي كان لا بد للمصمم من التنافس معه. ويعلق المصمم: “إن إحياء دار أزياء راقية هو أمر هام للغاية، خاصة في باريس”. بالمقابل كان لدى فويتون تاريخ قصير وحسب، لكن ليس عديم الأهمية، للأزياء الجاهزة: فقد بدأت حقبة مارك جايكوبز في الدار عام 1997 وانتهت عام 2013 (وهو قوس زمني يحاكي حقبة غيسكييه نفسه لدى بالنسياغا). وهذا يعني أن غيسكييه قادر على اتباع خطاه الخاصة.

nicolas-ghesquiere-louis-vuitton-style-print-magazine-4

بعث غيسكييه في مجموعته الأولى للويس فويتون التي قدمها في آذار، بالتحية إلى جايكوبز مع بطاقة وضعت على كل المقاعد، وورد فيها: “إنني أحيّي عمل مارك جايكوبز، الذي آمل أن أكرم إرثه من كل قلبي”. ومنذ ذلك الحين، قام المصممان بتبادل العديد من التحيات. وصرح غيسكييه: “أن أملك موافقته هو شيء مهم للغاية بالنسبة لي، وأنا شاكر لهذا للغاية.” لكنه ليس على وفاق تام مع ألكساندر وانغ، الذي خلفه في بالنسياغا. وعلق المصمم: “بيني وبين مارك، هناك الكثير من الاحترام. لقد عبرت عنه لمارك منذ وقت مبكر للغاية. في أحد الأيام سألقي نظرة على بالنسياغا مجدداً، لكن لأكون صادقاً، لا أملك أي نوع من الفضول لأقوم بهذا في هذه اللحظة. حين نتمكن من حل بعض المشاكل، سأنظر إليها بصفاء وسلام.” (كيرينغ، الشركة المالكة لبالنسياغا، وغيسكييه يعملان على حل قضية تدعي أن غيسكييه قد أخل بالشروط الواردة في اتفاقية مغادرته). وتابع المصمم: “ما زلت أظن بأن بالنسياغا هو اسم جميل، ذو قصة جميلة، وأمتلك أفضل الآمال. حياتي في مكان آخر، لكنني أقدر حقاً الفترة التي قضيتها معهم.”

ولبناء دولاب الملابس الذي يتحدث عنه غيسكييه، قام المصمم باعتناق فكرة السفر، التي يرى أنها جوهرية الوجود في الحمض النووي لعلامة لويس فويتون. وفي مجموعة الربيع الجديدة، ظهرت أفكار الحركة والتدفق في الكعوب البلاستيكية للجزم التي تصل حتى الكاحل المقطوعة على شكل رمز الدار الوردة الرباعية البتلات؛ والتنانير المصممة على شكل الحرف A ذات النقشات المطبقة عليها بواسطة القضبان الحارة وعلب وجبات الطعام؛ وبنطلون التزلج الأسود ذو الركب المبطنة والبارزة. ومع إرجاعها لصدى فيزونات السي-3 بي أو من بالنسياغا ربيع 2007، أتت هذه البنطلونات لتذكرنا بأيام مفهوم الأزياء الراقية لدى غيسكييه. كما أنها أكدت على واقع أنه بالرغم من كون هذه الملابس أكثر مباشرة، فإن غيسكييه لم يتخلى عن جانب الخيال العلمي لديه بالكامل. ويقول المصمم أن العروض سوف تصبح أكثر إدهاشاً، كما كان ذلك جلياً في عرض الربيع في وسط فاونديشن لويس فويتون والمؤثرات الصوتية والإضاءة في ممشى عرض أزياء “كلوز إنكاوترز أوف ذا ثيرد كايند”. لكنه لن يعود مجدداً إلى الملابس التي تحتاج استعمال دفتر إرشادات في أي وقت قريب؛ وحين يتعلق الأمر بالمجموعة، فإن غيسكييه يصرّ بالقول: “أريد أن أبقي أقدامي على الأرض.”

ليست المبيعات السريعة لحقائب بوتيت مال ودورا هي المؤشر الوحيد على أن الزبائن باتوا مستعدين لغيسكييه أكثر بساطة ووضوحاً. إن تفحصاً سريعاً لمجموعات كروز التي عرضت بعد أشهر قليلة من المجموعة الافتتاحية لدى لويس فويتون، يوضح جرأته الكبيرة في التخاطب ومدى حماسة المصممين الآخرين لسماع صوته من جديد. لكن إن كان غيسكييه سعيداً بمعرفة أنه يتمتع بتأثير كبير الآن كما كان يوم غادر بالنسياغا، فإن ما يجعله يستمر حقاً هو كل تلك الفتيات اللواتي حضرن مرتديات زيهن الجديد من لويس فويتون إلى الفاونديشن، وعلق المصمم: “تعرفين. أحب كيف أن هذا الشعور ينتمي إليهن الآن، ويقمن بتنسيقه، وهن حرّات بالتعامل معه.”

لمشاهدة الملف الصوري الكامل من 18 صفحة من جوغن تيلر الخاص بمجموعة ربيع 2015 لويس فويتون، اطلبوا نسختكم من ستايل.كوم/المطبوعة عدد 07 اليوم. كل الملابس والإكسسوارات من لويس فويتون، ربيع 2015. العارضات: إيمي راب من اي إم جي وألمبيا كامبل من فيفا، ولولوليكا ريفن ليب من سكوب، وآنجل راتلدج من ذا ليونز. خبير الشعر: بول هانلون. خبيرة المكياج: بات مغراث.

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع