اليوم هو أول يوم في روزنامة حدث الأزياء الراقية لشتاء وخريف 2013 Haute Couture Fall/Winter 2013. سوف يشهد المحررون وزبائن الأزياء جوهر الأزياء الراقية والإكسسوارات الفخمة خلال هذا الأسبوع، تماماً كما سيتم عرضها وتقديمها من قبل أشخاص مثل دوناتيلا فيرساتشي Donatella Versace وكريستيان لاكروا إهداءاً لسكيابريلي Christian Lacroix for Schiaparelli وفيكتور آند رولف Viktor & Rolf وكارل لاغرفيلد Karl Lagerfeld لشانيل Chanel وزهير مراد Zuhair Murad والكثيرين. يبرز بقوة من بين هذه الدول المختارة مصمم لامع ومتفرد في أسلوبه وهو شاب في ال 31 من عمره يجب أن يطلق عليه ويفضل بأن يوصف “بالتصوري” بدلاً من مصمم، لأنه أحد الأشخاص اللذين يعشقون استكشاف الفنون التصويرية كالتصوير والهندسة والموسيقا والأفلام والتصميم والأدب. اسمه رعد حوراني وهو المصمم الوحيد الذي سيعرض مجموعة أزياء موحدة للجنسين في برنامج عروض أسبوع الأزياء الراقية في باريس Paris Haute Couture.
وعلى الرغم من أن رؤية حوراني للباس الموحد للجنسين هي فريدة جداً ومخالفة لأسلوب الأنوثة المتمثل بالكشكشة والتخريمات والرسومات التي يمثلها مصممين مثل إيلي صعب وبيير باولو بيتشولي وماريا غراتزيا تشيري، فإن فكرة الألبسة موحدة الجنس هي ليست شيء جديد. فقد انبثقت في العشرينات من القرن العشرين عندما بدأن النساء بارتداء البنطلونات كلباس يومي بعد أن اعتدن على ارتداء البنطلونات وهن يشغلن مناصب عديدة في أعمال الرجال خلال الحرب العالمية الأولى. لكن لم تصبح هذه الظاهرة ثابتة بشكل منتشر إلا في الستينات من القرن العشرين حيث بدأ الجنسين بارتداء الجينزات موحدة الجنس ذات الطابع المتماثل.
“لطالما كنت فضولياً ومعجب بأزياء الجنس الموحد،” يبين رعد وهو يتكلم على الهاتف من مونتريال. “من طور القوانين؟ ومن قال بأنه علينا أن نرتدي ملابسنا بهذه الطريقة؟” أنا متشوقة لأدخل في جدال حول تاريخ الموضة فيما يخص القوانين التي وضعها المصممين والمجتمع والعادات والتقاليد ولأذكر أيضاً أن ظاهرة أزياء الجنس الموحد ما زال ينظر لها من منظور واحد. وهو أنه توصف أزياء المرأة التي ترتدي الأزياء موحدة الجنس بأنها ذكورية. ارتداء سترة رياضية أو حذاء البروغ الإيرلندي أو ربطة العنق أو قميص أبيض رسمي أو بنطلون أو حمالتي البنطلون أو جاكيت قصير (بوليرو) أو قبعة الفيدورا، لا يهم فإن المرأة جميلة ويتم تشجيعها لاختياراتها في الأزياء. أما الرجل فسيتم وصفه من قبل المجتمع بكونه يرتدي ملابس الجنس الآخر إن ارتدى فستاناً أو تنورة. لكنني متأثرة ببساطة حوراني الأنيقة. فهو يتغاضى عن قوانين الموضة الخارجية ويتمسك بمبدئه الأساسي الجمالي الذي يقوم على عدم تحديد الزمن والعمر والموضة التي ينحصر فيها زي معين.
لو سألتم من هو أيقونة الموضة بالنسبة لرعد حوراني فسوف يجيبكم بكل صراحة: “أنا.” ولد في الأردن عام 1982 من أب أردني وأم سورية وانتقل إلى مونتريال كندا عندما كان عمره ستة عشر عاماً. وذهب إلى باريس عام 2005 كي يعمل كمنسق للأزياء وأطلق بعد سنتين مجموعته الأولى للأزياء الجاهزة، وأطلق عليها اسم رعد RAD من تصميم رعد حوراني. وبعدما ساعده مستشاره الرئيس التنفيذي في كريستيان ديور Christian Dior سيدني توليدانو، أصبح المصمم “التصويري” الذي علم نفسه بنفسه عام 2012 أول مصمم أزياء موحدة الجنس في التاريخ تتم دعوته من قبل الاتحاد الفرنسي للأزياء French Federation of Fashion.
يشرح لنا حوراني عن أسلوبه في التصميم والذي أتى دون خلفية نظامية في تعلم تصميم الأزياء: “أنا لا أبدأ أبداً برسم الأزياء الفعلية، وإنما أبدأ برسم الأشكال الهندسية والخطوط والنماذج. ويمكن أن تكون هذه الأشكال أي شيء، أثاث أو مباني، أي شيء. ومن هناك تحولت تلك الأفكار إلى أكمام وسترة قصيرة وحذاء كعب عالي.” وأما بالنسبة لدقته فقد أخبرنا أنه كان دائماً يهتم بالتفاصيل. “أتذكر أنني عندما كنت صغيراً في الأردن، كانت والدتي تصمم كافة فساتينها في ورشة الخياطة. كانت دائماً دقيقة وواضحة فيما أرادته في تفاصيل الأكتاف إن أرادتها مرفوعة قليلاً أو إن أرادت أن يكون أحد المنحنيات أكثر أو أقل طولاً. وعلى الرغم من أن أسلوبي الجمالي مختلف جداً عن أسلوب ارتدائها لملابسها، إلا أنني أهتم بالتفاصيل تماماً كما كانت تفعل عندما تكون في غرفة القياس.”
تم تصميم الألبسة ذات طيات قماش الأوريغامي واللمسات الهندسية باللونين الأسود الغامق و/أو الأبيض. حيث يبين رعد “يمثل هذين اللونين الأنوثة والذكورية التي نحملها جميعنا داخلنا،” “أنا أعود دائماً للون الأسود لأنه قوي، لكن هناك أيضاً الوجه العملي. فإن كنت تنفقين آلاف الدولارات على زي معين لا يجب أن يتسخ هذا الزي بسرعة وللأسف هذا ما يحصل باللون الأبيض.”
“يجب أن تكون أزيائي قطعاً يجمعها عاشقي الأزياء،” يكمل حديثه. “وأنا أشعر بالحرية المطلقة ولا أهتم لرأي أي أحد. فلا أهتم بالصيحات ولا يلهمني أي من المصممون الآخرون. أنا أستلهم من نفسي ومن النتائج المستمرة لتجاربي في حياتي الخاصة.”
أما بالنسبة لرسمات التصاميم، فإن حوراني يستلهم من الهندسة وليس من الضروري أنه يتبع مدرسة أنتوني غودي فهو لا يتبع أحد. خطوطه دقيقة وعامودية غالباً كي تساعده في تصميم استطالة شكل الجسم. تبدو النتيجة “ملساء” وهي كلمة يستخدمها حوراني عادة كي يصف أسلوبه الجمالي. الدقة هي المفتاح الأساسي حيث يخيل لنا أن كل طبقة وثنية وانسدال تم حسابها رياضياً بدقة متناهية. يقول، “أنا أصمم الطبقات كأنني أنحت تمثالاً،” صمم في إحدى المرات مخالفاً لقوانين التصميم ومبتكراً مخططه الخاص، ثوباً من ستة أنواع من القماش وابتكر به 22 إطلالة جديدة.
يمكن أن يتساءل البعض، عندما نرتدي الملابس الموحدة الجنس، ألا نكون بذلك نخبئ ما نحن عليه؟ ربما كانت إرادة حوراني أن يجذب النظر، لكن ليس من خلال صدر المرأة الجذاب أو وركها الأنثوي ولا من خلال كتفي الرجل القويين، وإنما من خلال ابتكار مجموعة ألوان تترك المرتدي والمراقب كليهما مفتونين بما يزينه حوراني وهو ليس الجسم وإنما العقل البشري. يدعونا حوراني من خلال تصميمه للأزياء الموحدة الجنس ذات اللون الواحد إلى تقبل هوية لا يحدها أي حاجز ولا يوجد أي حد لفرصها. الأهمية وراء تصاميم رعد حوراني هي تمهيد الطريق لحوار جديد يحدد الصراحة والصدق بأن لا يكون هناك حدود خاصة بالعمر والموسم والصيحة والعرق والجنسية وأنها متساوية بالنسبة للمرأة والرجل كليهما. لا تحد الحقيقة أحد. الحقيقة هي البداية وحوار رعد حوراني هو أحد الحوارات التي نتطلع إلى فهمها بشكل أعمق.
سوف يعرض رعد حوراني مجموعته للأزياء الراقية لخريف/شتاء 2013 يوم الخميس القادم، 4 يوليو حيث سيحضر مخرج الأفلام الأمريكي المشهور لاري كلارك. وهو يعمل حالياً على الملخص الاستذكاري الأول لأعماله حيث سيعرض في مركز Phi Centre في مونتريال كندا، وسيضم المعرض مجموعة الصور والفيديوهات من تصويره كما سيضم أزياءه.