إن كان أسبوع الأزياء الراقية الذي ينتهي اليوم يُمثّل بعض التواريخ الاستثنائية على تقويم صناعة الأزياء والموضة فما زال التقرّب من زبائن الأزياء الراقية أشبه بالمستحيل. وخصوصاً من زبائن الشرق الأوسط. هذه المنطقة التي يُغطي زبائنها أنفسهم بالكثير من السرية. لكن تكشف لنا هنا محررة ستايل.كوم/العربية نورية الشطي آخر اعترافات زبونة الأزياء الراقية الكويتية سارة الوزان. حيث تعرض هذه المقابلة الحصرية نظرة مصممي الأزياء ودور الموضة العالمية لطريقة تفكير وكلاء وزبائن الأزياء الراقية في الشرق الأوسط.
عندما التقيت بسارة الوزان البالغة من العمر 34 عاماً في جيا كافيه بمدينة السالمية (الكويت) في الثاني من يناير الحالي فإن أول ما أذهلني هو مدى التواضع الذي كانت عليه. حيث كانت ترتدي سترة بنية محبوكة مترافقة مع بنطلون جينز وجزمة بنية مسطحة وقالت أنها في توهّج الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل. أخذنا مواقعنا على طاولة هادئة ثم انحنت الأم الحامل في شهورها الأخيرة لتهمس في أذني مشيرة إلى قبعتها الصغيرة الناعمة “لم أخلع قبعتي هذه لأنه لا يزال هناك القليل من البُرّيق متجذراً في شعري منذ احتفال ليلة رأس السنة.”
كنت قد سمعت عن سارة للمرة الأولى عندما بدأت تنتشر إشاعة حول حضور فتاة كويتية عرض أزياء مجموعة شانيل لخريف 2014. بحثت حينها فوراً على إنستغرام، لقد كان هناك بالفعل، حيث ظهرت بصورة تدفع عربة في عرض الأزياء الذي أخذ طابع السوبرماركت. وبتسارعٍ كبير وبعد سنتين، أعطاني أحد الأصدقاء رقم هاتفها مقترحاً أنها ستكون مرشحةً مهمة لإجراء حوار صحفي معها. حيث تواصلنا عبر الهاتف لمدة ثلاث شهور قبل الجلوس في لقائنا الأول.
علمت من خلال حديثنا بأن المرأة التي تفتخر بالمجموعة الساحرة من القطع البسيطة والعصرية هي في الواقع خريجة بمرتبة شرف من جامعة الكويت (حيث قالت لي “أنا خبيرة بالإقتصاد، أقولها بكل فخر”). سارة اليوم هي مؤسسة ومالكة بوتيك للعلامات المتعددة من ملابس الأطفال والمُسمّاة باناشيوس في ديسكفري مول بمدينة الكويت والذي أطلقته في البداية على أنه مخزن للتجارة الإلكترونية في السنوات الثمانية الماضية وبدأت بتطويره من ذلك الحين ليشمل متجراً مستقلاً قائماً بذاته. تقول لي الآن ونحن نحتسي القهوة “إنني مستمتعة بأجواء أسابيع الموضة والمصممين”.
السنوات الأولى لزبونة الأزياء الراقية المستقبلية
كانت الوزان التي نشأت في الكويت وقضت عطلات الصيف في لندن معتادة على ارتداء أجمل الملابس. حيث كانت تدخل كل سنة في عيد ميلادها إلى بيت عائلتها باحتفال كبيرٍ “بفستان الأميرة” مع حقيبة بشكل سلة والأزهار تُزين شعرها الأسود القاتم. لكنها سرعان ما بدأت بتجربة الملابس بأسس أكثر انتظاماً. تتذكر سارة قائلة “أذكر أنه كان عمري تسع سنوات عندما أردت الخروج من المنزل للعب مع بنات عمي وسألتني والدتي حينها لماذا ترتدين جوارب بلونين مختلفين؟ أعتقد أن أحدهما كان باللون الأرجواني والآخر باللون الأخضر. فأجبتها، لأنني أريد ذلك” ومنذ ذلك الحين شجعتها والدتها أن تحافظ على اختلافها وتتمسك بآرائها القوية فيما يخص الطريقة التي ترتدي فيها ملابسها.
كانت والدتها تأخذ أولادها (فللوزان شقيقتين وشقيق واحد) إلى سوق بورتوبيلو في لندن حيث تتذكر مرة على وجه الخصوص من رحلات التسوق تلك قائلة “أذكر عندما كنت في السابعة عشر من عمري وكان برين حينها مصمماً ناشئاً لم يكن أحد قد سمع به من قبل. كان لبرين بوتيكاً صغيراً في سوق بورتوبيلو وقد أخذت أول قطعة لي من عنده”. أثبتت الرحلات الصيفية إلى لندن تأثيرها على أسلوبها الشخصي في ارتداء الملابس وبدأت بارتداء الإصدارات المحدودة من حقائب الظهر إلى المدرسة في الوقت الذي كان فيه الطلاب الآخرين يحملون الكتب في أيديهم ومن ثم نقلت كتبها في وقت لاحقٍ إلى حقيبة فندي الكبيرة.
وتنتقل بالزمن سريعاً للوصول إلى سنوات بلوغها حيث تذكر الوزان ارتدائها لقبعة صغيرة من شانيل في ذهابها لحضور حفل زفاف. “مشيت داخل صالة الحفل وأنا أمسكها بيدي وتوجهت إلى الطابق العلوي حتى أرتديها. لكن قمت قبل ذلك بإرسال صورتها إلى صديقاتي. إلا أنهن جميعاً قالوا لي، لا لا يا سارة إياكِ أن ترتديها، حسناً، لسوء الحظ، لقد ارتديتها وكنت سعيدة. لقد كنت حقاً سعيدة جداً بارتدائها”.
حضور سارة الوزان الأول لعروض أزياء أسبوع الموضة في باريس
بدأت رحلة الوزان في عالم الأزياء الجاهزة وعروض الأزياء الراقية عندما حضرت أول عرض أزياء كبير لها خلال أسبوع الموضة للأزياء الجاهزة في باريس بشهر مارس 2014. حيثُ دُعيت سارة من قِبل دار شانيل بكونها زبونتها منذ وقت طويل لحضور مجموعتها لخريف 2014 الجاهزة المعروضة بطريقة التقليد الساخر لشكل سوبرماركت، والتي أُقيمت تحت القبة الزجاجية لمتحف غراند بالاس. تقول وهي تتذكر اللحظة الأولى عند تلقيها الدعوة الخاصة “لقد كنت مترددةً حقاً، فالخطوة الأولى هي الأصعب دوماً. فكرتُ بالأمر، هل يجب أن أذهب؟ وهل يجب عليّ أن أسافر فقط من أجل مشاهدة عرض أزياء؟” كما قلقت بشأن ترك أولادها الثلاثة الصغار ورائها في الكويت لمدة أسبوع. لكنها قبلت دعوة شانيل في النهاية. تبتسم ثم تضيف “انطلق كل شيء منذ ذلك العرض، فأنا الآن لا أتوقف عن حضور أي عرض”.