مع انتهاء أحداث النسخة الثانية من معرض أبوظبي آرت، نتذكر قوة التعاونات بين عالمي الأزياء والفن. جلست محررة الموضة كاترينا منت مع سفيرة علامة روجر فيفييه، إينيه دو لا فريسونج، لتتعرف أكثر على آمبرا ميدا، واحدة من أقوى الشخصيات في عالم التصميم ونجمة هذه الدار الفرنسية في هذا الموسم.
إننا في أسبوع الموضة في باريس، وأنا في غرفة في الطابق الثاني من متجر روجر فيفييه في فوبورج سانت أونوريه قرب قصر الإيليزيه وعلى مقربة أيضاً من شقة قديمة من أملاك كوكو شانيل (ستخبرني دو لا فريسونج لاحقاً بأن كوكو كانت مكروهة من قبل جيرانها لأنها كانت كثيرة الجلبة). تجلس آمبرا ميدا ذات الاثنان والثلاثين عاماً إلى جانبي، وهي المحاربة القديمة في عالم التصميم. وفي الوقت الذي كان يجب أن تكون مقابلتنا قد بدأت، لم نكن قد دخلنا في حديثنا بعد لأن رئيس تحرير مجلة دبليو، ستيفانو تونشي، قد دخل الغرفة واتخذ مقعداً على أثر سعادته بلقاء ميدا. أخذ الاثنان بالحديث بالإيطالية، التي لا يفهمها أحد منا. قررت ألا أستمع إليهم وأن أتأمل الجدران المزينة بعشرين ألف ورقة فضية بدل من ذلك.
وفجأة هرعت سفيرة روجر فيفييه، إينيه دو لا فريسونج، من الباب ككتلة من الطاقة المكسوة ببنطلون أسود وبلوزة بيضاء مجعدة وسترة سوداء. كانت أنيقة كما يتوقع منها أن تكون…فهي تجسد الأناقة الباريسية. ولو أنني استطعت أن أفتح قاموس الصور وأبحث عن “لا أعرف ماذا”، لرأيت دو لا فريسونج. لكن دو لا فريسونج خرجت بذات السرعة التي دخلت بها فبدأت أنظر إلى الشابة النحيلة الفولاذية ميدا، الوجه الإعلاني لحملة روجر فيفييه لخريف 2014.
سمعت عن ميدا منذ خمسة سنوات عندما أخبرتني صديقتي عن هذه الإيطالية الأسترالية المتعددة اللغات التي كانت شريكة في تأسيس ديزاين ميامي Design Miami عام 2005 مع شريكها (السابق)، كريغ روبينز الشهير. خلال عملها كمديرة التصميم في ميامي ديزاين، فتحت الأبواب أمام زبائن أمثال براد بيت واستضافت أمثال زها حديد في ميامي المثقلة بتصاميم روبينز. بينما كانت ميدا تتصرف بهدوء، كان لدي حدس بأن هذا قناع لطموحها المتوحش الذي قد يكون مهووساً أيضاً.
في يونيو من عام 2013، أطلقت ميدا لاكو بالينو L’Arco Baleno (www.larcobaleno.com)، متجر إلكتروني مخصص بالتصاميم. يمكنكم أن تجدوا على هذا الموقع مصباحاً منحنياً من تصميم ألبان لو هنري بقيمة 4.373$ دولار أمريكي، إضافة إلى وسادة سويدية مربعة الشكل مزينة بنقوش الطيور من تصميم مريان ريتشر بقيمة 14.000$ دولار (نعم، ثلاثة أصفار)، أو أن تقرؤوا قصة حول المفروشات المزينة يدوياً من آن هولتروب. ومن خلال دراسة ميدا، لاحظت ملامحها (العينان اللوزيتان والشفاه الرقيقة والابتسامة العريضة) التي تشبه ملامح فراشة عالم الأزياء، أوليفيا باليرمو، على الرغم من أن ميدا هي النسخة الأكثر ثقافة من الفتاتة ذات الشعر البني والقوام الصغير.
“بالطبع فإن آمبرا ليست عضواً اجتماعياً بارزاً،” قالت دو لا فريسونج وهي تدخل الغرفة وتجلس معنا على الطاولة. لاحظت أنها بدلت بلوزتها المجعدة بقميص أكثر بساطة أدخلته بعض الشيء في بنطلونها. رمت دو لا فريسونج قبلة في الهواء إلى ستيفانو تونشي وهو يغادر الغرفة. “كان ذلك واضحاً (اختيار ميدا كوجه إعلاني لحملة مجموعة روجر فيفييه لخريف 2014) واضحاً للغاية. لكن من الصعب إيجاد جميلة ليست بعارضة أزياء لأننا نحتاج لصورها ولشخص يقوم بعمل رائع، وهو من عالم قريب جداً (من الأزياء). نريد شخصاً يتمتع بالعالمية إذ ينبغي أن نكون (روجر فيفييه) فرنسيين، لكننا لا نود أن نكون فرنسيين بشكل مبالغ.”
في الواقع، بقيت معامل روجر فيفييه في إيطاليا، وهي العلامة التجارية للأحذية والحقائب التي أطلقها المصمم الفرنسي بين عامي (1907-1998) والذي ابتدع الكعب النحيل (1954) والتي ميزت أحذيته ذات الإبزيم المسماة بيلغريم Pilgrim هذه الدار. والآن تنتشر متاجر هذه العلامة حول العالم، بين فلوريدا ودبي وسينغافورة.
بعد حملة روجر فيفييه لربيع 2015، التي ضمت المقاولة الصغيرة عبر الإنترنت، ميروسلافا دوما، دخلت آمبرا ميدا عالم أحذية روجر فيفييه ذات الإبزيم (وترتدي اليوم حذاء بيلغريم ذهبي مذهل). وبينما قد تلعب ميدا دوراً أكثر تواضعاً من دور دوما في عالم الأزياء، فإن المكانة التي تحتلها في عالم الفن والتصميم أقوى بكثير.
يستدعي نجاح ميدا تذكر اتصال روجر فيفييه الوثيق بعالم الفنون. بعد أن فقد فيفييه والديه في عمر التاسعة، انطلق إلى دراسة فن النحت في مدرسة الفنون الجميلة المرموقة في باريس. ومن ثم تابع مسيرته في تصميم الأحذية. كانت “منحوتاته” جميلة لدرجة أنها لفتت انتباه الأميرة إليزابيث الثانية في بريطانيا، التي اختارته لتصميم حذائها الذي ارتدته في تتويجها عام 1953. كما أوكل إليه كريستيان ديور مهمة تصميم مجموعته الأولى عام 1953 واستمر في ذلك لعقود من الزمن.
“تعني الحياة التعاونات بالنسبة إلي،” قالد ميدا. وقد أطلقت ميدا كتيباً بإصدار خاص حول شراكتها مع دار روجر فيفييه، وهو من تصوير صوفيا سانشيز وماورو مونجيلو الذي قدم المجموعة وركز على حقيبة ميس فيف Miss Viv. تم تصميم هذه الحقيبة أول مرة عام 2009 للسيدة الفرنسية الأولى كارلا بروني ساركوزي كدعم لمؤسستها التي تحمل اسمها. أما الآن فتأتيكم حقيبة مس فيف في إصدار خاص وتتضمن إصدارها الخاص المسمى تيمناً بموقع ميدا الإلكتروني. لاركو بالينو كلمة إيطالية تعني قوس قزح. وبشكل ملائم للمعنى فإن هذه الحقيبة مزينة بتطريزات متعددة الألوان وتزيينات من الساتان والفضة.
“يمكن لتعاونات التصميم والأزياء أن تكون مفروضة فرضاً، وأحيانا ما تخلو من أي عمق، لكن عندما تأتي دار أزياء عريقة بفنانة (أو في حال ميدا، بمقاولة بارعة) فيمكنها أن تخرج بنتائج غير متوقعة. تتجه الكثير من دور الأزياء نحو الفن لاستقاء الإلهام وتخرج بنتائج رائعة غير متوقعة. لكن يمكن لذلك أن يتم بطريقة سيئة مملة أيضاً.
“يمكن أن نكون أختين،” قالت دو لا فريسونج عندما وقفت لأخذ صورة إلى جانب آمبرا ميدا قبل أن يحين دورنا في المغادرة.