تابعوا ڤوغ العربية

مقابلة حصرية: ريم عكرة مستشارة لمصممي الشرق الأوسط

exclusive-interview-lebanese-designer-reem-acra-in-dubaiعندما كانت ريم عكرة بعمر الخمس سنوات عام 1976 أمسكت والدتها بيدها واصطحبتها إلى السوق في بيروت لتعلمها كيف تشتري القماش. وقد أرشدت ريم الصغيرة وعلمتها أن تتخذ القرارات بنفسها وشجعتها على أخذ النقود لتدفع لصاحب المتجر بنفسها. هنا، في سوق بيروت تمت زراعة البذرة التي أزهرت يوماً لتقود صانعة قرارات قوية ومصممة إلى قمة النجاح العالمي. لم تكن الأزياء هوسها وهي تكبر بل كانت تحلم ريم عكرة بأن تصبح فنانة. بدأت ترسم في عمر الحادية عشرة، وبعمر السابعة عشرة بدأت تقبل عروضاً هامة، وتم نشر أعمالها في جرائد مثل النهار ولوريان دو جور. درست ريم عكرة إدارة الأعمال في الجامعة الأمريكية في بيروت عندما أصبحت شابة وهنا لفتت ثيابها المصنوعة من الأقمشة الفاخرة التي صممتها بنفسها أنظار زملائها في الجامعة. عُرض عليها في عام 1982 أن تقدم عرض أزياء وتم إعطاؤها عشرة أيام فقط للتحضير. شهد 2000 طالب عرض الأزياء الأول لريم عكرة ومنذ تلك اللحظة عرفت أن الأزياء قدَرُها.

قالت ريم عكرة وهي جالسة بجانبي على أريكة في جناحها في فندق كارلتون: “أعتقد أنه كان أول عرض أزياء قدمه مصمم لبناني على الإطلاق. كانت الفساتين خالية من العيوب ومنسقة بشكل مذهل وبدا كل شيء فخماً. عندما أنظر إلى ما فعلته حينها أقول “يا إلهي!” لقد كان بالفعل إنجازاً بارزاً. عرفت عند تلك اللحظة بأن الأزياء ستكون مهنتي وبأنني سأحقق نجاحاً باهراً”. إنها الآن في دبي كعضو في لجنة تحكيم جائزة الأزياء من ستايل.كوم/العربية ومجلس دبي للتصميم والأزياء وعلى الرغم من أنها العاشرة صباحاً إلا أنها بكامل أناقتها مرتدية سروالاً أسود وقميصاً من الدانتيل الأسود كما أن شعرها الأشقر مصفف بشكل رائع وتتدلى من عنقها سلاسل ذات قلادات ساحرة. تضع على وجهها القليل من المكياج الخفيف كما أنها تبدو منفتحة على الآخرين ومشرقة. نجلس بمفردنا في الغرفة وتقوم الخادمة بنفض الوسائد الموجودة على سريرها. ألقي بنظرة على مكتبها فأرى عليه أوراقاً مبعثرة باعتقادي أنها كانت قد تفحصتهم مسبقاً لأكثر من ساعة.

طلبت ريم عكرة من والديها في عمر الحادية والعشرين أن يرسلاها إلى أمريكا لوحدها فنزلا عند رغبتها فذهبت واستقرت في نيويورك لتدرس في معهد الأزياء للتكنولوجيا. “لم يعرف والداي أي أحد حينها وكنت وحيدة ولم يكن هناك أي طالب لبناني. لم تكن نيويورك المدينة المنفتحة كما هي عليه الآن”. تفوقت عكرة في الجامعة. “كانوا ينادوني “العبقرية”، لم يصدق والداي ذلك، هذه الفتاة الصغيرة من بيروت عبقرية في معهد الأزياء للتكنولوجيا في نيويورك! إنه بالفعل لأمر رائع”. تخرجت عكرة عام 1986 بتقدير شرف وفازت بجائزة قسم تصميم الأزياء في صفها.

في هذه المقابلة الحصرية مع كاترينا منت تسترجع فيها ريم عكرة أيام الماضي والكفاح وتحدثنا عن حياة المصممة الصعبة دون تحفظ بالإضافة إلى وصفتها الشخصية للنجاح كما تتحدث عن الرضا الكبير الذي تشعر به لكونها أول مصممة في الشرق الأوسط تصل للعالمية.

collage-b-exclusive-interview-lebanese-designer-reem-acra-in-dubai

كاترينا منت: أشرتِ إلى أنك صممتِ عرض أزيائك الأولى خلال عشرة أيام، وبأنك تفوقتِ في الجامعة في نيويورك. قد تكون السنوات العشرين الأولى من حياة المرء حساسة ويضل الكثيرون طريقهم فيها، كيف نجحتِ في التركيز إلى هذا الحد؟

ريم عكرة: إنه لمن السهل جداً أن يضل المرء طريقه. أعتقد بأنه من المهم التركيز على فكرة مفادها أنه إذا أردت أن تصبح مصمماً عالمياً فعليك التفكير بأنه من الجيد أن أصمم فقط بعض الفساتين لتسلط عليّ الأضواء وهذا “أمر جميل جداً”.
والأعظم بكثير من ذلك أنه ثمة العديد من العوامل التي تلعب دوراً في تحديد نجاح الأشخاص. عليك أن تكون مُركّزاً لأنك لا تستطيع تشتيت انتباهك. أعتقد بأني بقيت عزباء حتى الآن لأني لا أستطيع التركيز على أي شيء آخر. لم يكن لدي أي مجال للتركيز على حياتي الشخصية. كان يشكل ما أقوم به نسبة 100% من حياتي ولم يكن يعنيني أي شيء آخر عدا عائلتي بالطبع، ولكن كل شيء كنت أقوم به كان للأزياء.

هل يحدث هذا عادةً في هذا الميدان؟ هل مهنة التصميم طريق عديمة الرحمة؟

إنه أكثر من ذلك، لا يمكنك حتى أن تتخيلي ما يحدث. إن هذه [جائزة منافسة التصميم من ستايل.كوم/العربية ومجلس دبي للتصميم والأزياء] هي البداية فقط. على الناس أن يكافحوا، أعتقد بأنه إذا قرر المرء أن يكون جزءاً من هذا العالم فعليه أن يعلم بأنه سيتلقى الضربات من عدة أشياء [قبل أن ينجح] وهذه هي البداية فقط.

ما هي بعض الصراعات التي ساهمت بصقلك في طريقك بهذه المهنة؟

أعتقد بأن كل يوم هو عبارة عن صراع. يوجد العديد من الأبواب المغلقة ولا يمكنك التفكير بالتصاميم فقط فعليك التفكير أيضاً: “كيف لي الانتقال من هذه الخطوة إلى الأخرى” ليس كل شيء مَجْداً.

يوجد العديد من الأشياء التي عليك فهمها من أجل النجاح خلف الكواليس. بإمكانكِ تصميم ثياب رائعة ولكن كم تستطيعين بيعه منها؟ عشر قطع، وماذا بعد ذلك؟ ما هي حدودك؟ كيف تصنّعين الأزياء؟ هل تقومين بوضع السعر المناسب؟ هل تكسبين المال حقاً؟ هل بإمكانك دفع فواتيرك؟ هل بإمكانك دفع آجارك؟ وبعدها كيف تريدين أن تفتحي متجراً ومتجراً آخر؟ أو كيف توزعين تصاميمك؟ كيف تتفاوضين؟ كيف لك أن تجعلي الأسعار قابلة للمقارنة مع تصاميم أخرى حول العالم؟ كيف تعرفين نفسك؟ لماذا أنت مصممة؟

أعتقد أن هذه هي الخطوة الأولى وبعدها، حسناً، سيبدو الأمر رائعاً ولكن هل أنت مختلفة عن أي مصمم آخر؟

علاوة على ذلك ينبغي على العديد من المصممين الصاعدين أن يحسبوا حساباتهم أيضاً.

collage-a-exclusive-interview-lebanese-designer-reem-acra-in-dubai

بالضبط، عليك أن تكوني المديرة وتديري الشركة. أو أن تستعيني بشخص آخر ليكون شريكك، حينها سينبغي عليك التفاوض. أعتقد بأنه ليس بوسع المرء العمل بمفرده هذه الأيام. لقد عملت بمفردي ولا أزال بمفردي ولكن تلك الأيام ولت والأشخاص مثلي نادرون جداً.

في الحديث عن بناء فريق، كيف للمصممين الصاعدين إحاطة أنفسهم بالأشخاص المناسبين؟ نعلم جميعنا بأنه إذا لم يتخذ المصمم القرار الصحيح فالقليل فقط من مديري العلاقات العامة والشركاء الموزعين سيتمكنون من العمل معه.
أعتقد بأنه عندما يكون المرء شاباً يعتقد بأن حضور الحفلات هو الطريقة المثلى لإدارة موضوع العلاقات العامة. على الرغم من أني لم أفعل ذلك لم تكن هذه طريقة تفكيري. كنت أعمل بجد وأعلم بأن لدي شيئاً مختلفاً عن الجميع وهذا ماكنت أقوم بالتركيز عليه. كنت أفكر بأن: “ذلك ما سيوصلني إلى مكان ما”. عدم مقارنة نفسي بالآخرين وعدم الخروج يومياً للبحث عن أناس أختلط بهم. ولكن لا أعلم، ربما العالم اليوم مختلف عما كان عليه. من الممكن أن العلاقات الاجتماعية هي جزء من عالم اليوم. ولكن هذا لا يعني بأن ذلك هو الطريق الصحيح.
هؤلاء الشباب المرشحون للنهائيات بحاجة للتركيز والعودة إلى الوراء ليقولوا: “حسناً لقد نجحت اليوم، لقد صممت مجموعتي، ما هي الخطوة التالية؟ ماذا أريد أن أصبح خلال عشر سنوات؟ من سيكون شريكي أو هل سأقوم بذلك بمفردي؟ هل لدي القدرة المادية لأقوم بذلك بمفردي؟ هل لدي القدرة على التعامل مع هذا الأمر بمفردي أم علي البدء بالبحث عن شريك الآن؟”

إن قراءة تعابيرك تقول بأنك غير نادمة على ما فعلتِه خلال مهنتك. في الواقع إنك تشعّين.

(مبتسمةً) لقد وجدت الرجل المناسب في حياتي أخيراً ولكن لا لست نادمة.

آه، الآن باستطاعتي فهم إشراقتك. أنت مغرمة!
نعم، ولكنني كنت أمتلك هذه الإشراقة دوماً لأنّي مبهورة بما أقوم به. لقد امتلكت هذه الإشراقة دوماً والرغبة في التعبير عن نفسي وعن ذوقي. ولم يحبطني شيء. لوضربتِني عشر مرات سأقف مجدداً وأبتسم وأمضي في طريقي.

هل تعتقدين بأنك الآن قادرة ومستعدة لتخصيص المزيد من الوقت لحياتك الشخصية؟

أعتقد ذلك. لقد استمتعت بمهنتي كثيراً كما ترين. والآن يوجد حياة شخصية وأنا الآن أتألق في طريق مختلفة. بالنسبة لي هذا هو الصحيح وأنا أستمتع اليوم بكل دقيقة من حياتي ولكني استمتعت بالحياة سابقاً أيضاً ولدي علامة تجارية تعبّر عني بشدة. لم أبتعد عمّا أنا عليه فقد عشت في قوقعتي التي خلقتها لنفسي. إنها حلم وخيال ولن أبدّلها بأي شيء آخر.

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع