لم تبدأ كاترينا أوتشيو التي ولدت وترعرعت في إيطاليا مسيرتها كمصممة مجوهرات، بل كمختصة في الجغرافية السياسية. وبعد سنوات من العمل في بروكسل مع المفوضية الأوروبية اتخذت حياتها السياسية منحى آخر عندما أصغت لقلبها وانتقلت إلى أمستردام. لعبت الحالة الرومنسية التي تسيطر على عقلها دوراً هاماً في المغامرة الجديدة التي ابتدأتها، حالة تمزج التصاميم الجميلة بالمنصات الاجتماعية (سي مي.أورغ هي العلامة التجارية الوحيدة الموثوقة للتجارة النزيهة في الشرق الأوسط). تتحدث المصممة هنا إلى كاترينا منت عن تأسيس العلامة التجارية مع قصة مؤثرة وكبيرة كقلائدها ذات جوهرة القلب كما تتحدث عن امرأة تعمل كل يوم من أجل حق المرأة في الحرية.
عن البدايات المبكرة لسي مي
كنت أعمل منذ عدة سنوات في تركيا مع ضحايا للعنف المنزلي. 60-70 بالمئة من النساء يعدن إلى مكان العنف الأصلي ويرجعن إلى المأوى لأنهن لا يمتلكن استقلالاً مادياً وهذه حقيقة. ومن بعدها تم إرسالي بمهمة إلى تونس. ولدت هناك في المدينة مغامرة الجواهر الجديدة، القلب. رأيت صورة لأحدهم على الإنترنت مرتدياً قلادة كبيرة جداً على شكل قلب وأحببتها. وعندما رأيت السلاسل التقليدية التونسية المصنوعة من حلقات أخذت بحلقة والتي تعتبر القطعة الأكثر تقليدية في شمال أفريقيا وقررت أن أصنع منها قلباً. قال لي الناس: “نصنع الحلقات فقط، لا نصنع قلوباً”. حاولت ثلاث أو أربع مرات لأجد أحداً يصنع لي قلباً.
كان القلب لي فقط في الأساس ولكن الناس بدأت تستوقفني في الطرقات. كنت أركب دراجتي الهوائية في أمستردام متزينة بالقلب لتسألني امرأة بعد ذلك ببضعة أيام قائلة: “يا هذه! رأيتك تركبين دراجتك الهوائية منذ بضعة أيام مرتدية ذلك القلب الكبير. من أين حصلتِ عليه؟” وفي أحد الأيام قابلت أنطونيلا دي بيترو التي أصبحت فيما بعد صديقتي المقربة وكشقيقة لي، وصدف أن كانت المديرة الإبداعية لكارل لاغرفيلد.
عن كيف وجدت توقيعها الخاص؟
قررت التوجه نحو الإكسسوارات لأنها لا تتطلب آلات ضخمة واستثمارات كبيرة وعليها إقبال أكبر. فإذا توجه المرء إلى الأزياء، سيعاني من مشكلة الخياطة والمقاسات التي تختلف من بلد لآخر، إنّه بالفعل كابوس. أريتُ تصاميمي لأنطونيلا دي بيترو وأخبرتها بالقصة. أخبرتني بأن القلب هو التوقيع الأقوى الذي عليّ العمل عليه.
سمعتُ نفسي أقول: “إذا صممت قلوباً فسأستبدل العنف بالحب بفعلي هذا”.
عن البدء من العدم
لم أعلم في البداية من أين أشتري السلاسل، لم أعلم أي شيء ولكني علمت بأني كنت بحاجة لشخص يقوم بإنشاء وحدة إنتاج لي وخلق نموذج إدارة متكامل اجتماعياً. أردت أن أوظّف الفتاة الآتية من الملجأ.
عن الشراكة مع مؤسسة أمل في تونس
أسوأ ما يمكن أن يحصل لامرأة في تونس هو أن يصبح لديها طفل خارج نطاق الزواج. تُعتبر هؤلاء النساء ساقطات ولا يهم إذا كُنّ قد تعرضن للاغتصاب أو لا، ففي جميع الحالات لا قيمة لهن. تُترك المرأة وحيدة وحتى والدتها ستقول لها: “إذا أردتِ الاحتفاظ بالطفل فلا تعودي للمنزل”.
تواصلت مع الملجأ وسألت: “ما هو التحدي الأكبر الذي نواجهه لمساعدة الفتيات حالما يتركن الملجأ؟” فأجاب: “تأمين عمل لهن ومساعدتهن على الانخراط في المجتمع”.
كان الصاغة الذين وجدتهم في البداية يعملون لصالح علامات تجارية كبيرة في تونس ولكن بعد الثورة ترك الجميع العمل وأصبحوا عاطلين عن العمل. سألت إذا كانوا سيبدؤون مغامرةً معي وإنشاء مشغل يتم فيه توظيف نساء من مؤسسة أمل فقط. فوافقوا على ذلك.
عن انطلاقة سي مي
بدأتُ حضور مناسبات وحفلات التواصل. قابلت أندريا بانكونيسي (الرئيس التنفيدي للويزا فيا روما) وأخبرته بقصة العلامة التجارية فأحبها وقام بشراء القطع. كانت لويزا فيا روما أول زبونة لي، أرقى الشركات! أعتقد بأن ذلك حدث لأنني كنت أبيع القلب وفي الوقت ذاته لأنّي كنت أبيع طريقة جديدة للنظر إلى الموضة. يجب أن يدرك الناس بأنه هنالك بَشَراً وراء كل شيء يرتدونه. الموضة هي من أكثر الصناعات التي تحتاج لجهد مُكثّف ويوجد إنسان وراء كل تصميم، فدور الآلات يقف عند حد معين.
عن كيف تصبح ملكاً
يوجد سوق متخصصة يتزايد فيها عدد الزبائن الذين يطلبون قطعاً فريدة في مجال صناعات الترف. ولكن إذا كنتُ سأعطي نصيحة لأي شخص يبدأ رحلته في مجال الموضة فستكون بأن المنتَج يجب أن يكون جيداً وإلا فلن تحقق أي شيء. استوقفني كل من أندريا بانكونيسي وأنطونيلا دي بيترو من أجل قطعة جميلة ولكن يمكنك الدمج بين الجمال والجودة.
عن امتلاكها لفكرة ومشاركتها مع الآخرين
كنت أتحدث يوماً لإحدى صديقاتي فقالت: “آه، تقومين بصناعة القلوب فقط؟ ألا يمكنك القيام بأي شيء آخر؟” فأجبت: “ألتزم بالقلوب”. اقترحت صديقتي أن أحيد عن القلب وفعلت وصنعت السوار. لا يعلم المرء من أين يمكن أن تأتيه الأفكار. أريد أن أقول للناس شيئاً: إذا كانت لديكم فكرة عمل أو فكرة تصميم لا تخفوها بل تحدثوا للناس، لأكبر قدر ممكن من الناس ليساعدوكم في تطويرها.
ملاحظة المحرر: إن الترقيق أحد أقدم تقنيات الصياغة في شمال أفريقيا. تتم صناعة الحلقات من جميع المقاسات وتُلف مع بعضها البعض لتشكل مجوهرات.
من مخيلة ليام ماهر وجينيفر ويليامز ماهر من مشروع إنرجي بلان كرييتيف
الصور: ميلودي ليفتينك
بمشاركة: زوشا زوفيا
المكياج: نيكي فوس