التغيير آتٍ. خلال الستة أشهر الأخيرة، شاهدنا أهم النقاد والصحفيين المعنيين بالموضة في النيويورك تايمز إيريك ويلسون وكاثي هورين وآخرهم سوزي مينكس يغادرون الصحيفة. (حيث ارتحل ويلسون إلى إنستايل واتجهت مينكس إلى انترناشيونال فوغ، أما هورين فقد غادرت لأسبابٍ شخصية). لكن هذا لا يعني أن الصحيفة، التي وبفضل فطنة ويلسون وقلم هورين الواخز وفراسة مينكس المتمكنة، قد استطاعت تقديم إحدى أكثر الصحافة المعنية بالأزياء اطلاعاً وتسلية خلال العقدين المنصرمين، قد باتت تفقد فعاليتها. ففي الأمس قامت التايمز بتأكيد شكوك الضالعين في الصناعة من خلال تعيين فانيسا فرايدمان، التي كانت سابقاً تعمل لدى الفاينانشال تايمز، في منصب ناقدة الموضة الرئيسية ومديرة قسم الأزياء في الصحيفة. ومثل زملائها السابقين في النيويورك تايمز، فإن فرايدمان التي كانت أول محررٍة للأزياء في الفاينانشال تايمز عام 2002، تمتلك مهارةً ليست فقط في نقد الموضة بل أيضاً في مساعدتنا على فهمها ضمن سياقٍ تاريخيٍّ و ثقافيٍّ أوسع. وكل ما على المرء فعله هو قراءة نقدها الحديث لأول ظهورٍ لجيريمي سكوت في رحاب موسكينو، والتي افتتحتها بالسطر التالي: “كانت كييف تحترق بينما في ميلانو سجل جيريمي سكوت حضوره الأول لدى موشينو مع مجموعةٍ من النكات السيئة” لتفهموا ما أتحدث عنه تماماً.
بيد أن فرايدمان تصرّ على أنها صحفية متفردة بذاتها وليست كاثي هورين ولا سوزي مينكس، وحين ستنغمس في كتابة منشورها الجديد في الشهر القادم، تعزم فرايدمان على أن تلتزم بما تمتلكه من ذخيرة وستمجد رأيها الخاص، بدلاً من التركيز على المحافظة على ما عرف به زملاؤها السابقون من سمعةٍ في الصحيفة. وهنا، تتحدث فرايدمان إلى ستايل.كوم عن منصبها الجديد، وعن الحالة النقدية للأزياء ولماذا وعلى الرغم من كل الضجيج الإيجابي الموجود على شبكة الإنترنت، ما يزال القراء يسعون للحصول على رأي الخبراء.
_كاثرين كي. زاريللا
لقد تم تعيينك للتو في أحد أكثر المناصب المحترمة ضمن عالم صحافة الأزياء. ولكن لمَ وفي عصرنا هذا نجد بأن صحافة الأزياء مهمةً إلى هذه الدرجة؟
أعتقد بأن أي نوعٍ من النقد مهم سواء كان في مجال الموضة أو في إطار آخر من الدراسة التحليلة الثقافية. وأظن أنه لطالما كان الأمر هكذا. هناك كلام كثير عن نهضة المدونين ومواقع التواصل الاجتماعي وكيف أن حصول الجميع على فرصة أن يصبح ناقداً قد قللت من أهمية النقاد الأساسيين. لكنني أظن بأنه قد بات الجميع يجد مساحةً واسعة من الآراء المختلفة، والتي قد يكون بعض أصحابها مثقفين في حين أن بعضهم الآخر هم أميين وحسب. وأظن أيضاً بأن التايمز هي منصةٌ ممتازة من حيث جمعها للتحليلات الثقافية والموضوعية والمنطقية والتاريخية والمتعددة الحضارات والمتسقة السياق ضمن ملتقى واحد سواء كان في مجال الكتب أو الموسيقى أو الأفلام أم الموضة.
يقول البعض بأن نقاد الموضة لا يعاملون بذات الاحترام كغيرهم من المراسلين الصحفيين. هل تجدين بأن هذه هي الحال فعلاً؟ هل يستحق مجال نقد الأزياء مقدار الاحترام ذاته كما هي الحال مع الأنواع الأخرى من الصحافة؟
للصدق، لا أجد أن هذه هي الحال أبداً. وتعرفين أنني أعمل الآن في صحيفة ذات منحى اقتصادي حاد، وأشعر بأن وجودي أساسي ومحترم كأي أحد آخر. وأظن بأنك إن قمتِ بمعاملة موضوعاتك بالجدية والاحترام، فسيذهب الآخرون إلى معاملتك بالمثل. وتملك صحيفة التايمز تاريخاً من معاملة المجال بتلك الطريقة الحسنة، وأظن بأن هذا الأمر رائع. إن ما يثير الاهتمام بالنسبة للموضة في الوقت الراهن هو أنها قد باتت عنصراً نافذاً في حديث الثقافة الرائجة العامة نتيجة مواقع التواصل الاجتماعي ونهضة الفنون البصرية كأداة تواصل أساسية. إن أول شيء يتحدث عنه الجميع سواء كانوا يتحدثون عن الأفلام أو الموسيقى أو الرؤساء هو ماذا كانوا يرتدون. وهذا ما يجعل الأزياء موضوعاً مثيراً للاهتمام حين تنظرين إليه، وكثير الترابط ضمن سياقٍ واسعٍ للغاية.
نظراً للقوة التي يمتلكها المعلنون هذه الأيام، أتعتقدين أنه من الممكن أن تكوني ناقدة بلا قيود؟ هل تشعرين بأنه بإمكانك أن تقولي ما تريدين قوله حقاً؟
لم أملك يوماً مشكلةً في هذا الصدد. ولم يخطر في بالي ولم يكن أبداً موضوعاً يتم لفت نظري إليه. إن شعوري هو إن كنتِ ناقدةً، فإن ما يهم هو أن تكوني عادلة، وسيحترم الناس هذا. قد لا يحبون الأمر، لكنهم سيتقبلون وجوده. وإن لم تكوني مستعدةً لأن تقولي عن أمرٍ ما بأنه سيئ أو أنه خطأ، عندها لن يكون لقولك أنه جيدٌ أيضاً أي معنى على الإطلاق.
ما هي رؤيتك لصحيفة التايمز؟ هل تعتزمين تغيير أي شيء؟
أعتقد بأنه ما يزال الوقت مبكراً على هذا الكلام. أنا متحمسةٌ حقاً لأصل إلى الصحيفة، الأمر الذي لن يحصل قبل أسبوعين آخرين وأن ألتقي بالجميع. وبكل وضوح، أنا شخصٌ مختلف وكاتبةٌ مختلفة عن كاثي أو سوزي أو أي أحدٍ آخر، لذا مهما كانت إضافتي ستكون من وجهة نظرٍ معينة. لكنني أظن بأنني سأعرف ما علي فعله حين أصل إلى هناك.
ضمن السياق ذاته، في أي طريقة تجدين نفسك ملائمةً للفريق ولتاريخ صحيفة النيويورك تايمز مقابل كاثي؟ لقد امتلكت سمعةً بكونها ناقدة رائعة لكنها عادةً لا تعرف الرحمة. هل تعتزمين بأن تكوني مثلها؟
لا، أنا أعتزم أن أكون أنا. لن أعتزم أبداً أن أكون كما كانت كاثي. لقد كانت ممتازة، وأملك احتراماً هائلاً لها وأقرأ كل ما تكتبه. وكنت أحب أن أجلس بجانبها في عروض الأزياء، وكنت أحب أن أحدثها بكثير من الأشياء، الأزياء وغيرها. لكننا شخصين مختلفين ونحن كاتبتين مختلفتين. وما سأقوم به سيكون مختلفاً.
لقد كان تقييمك لعرض موشينو لاذعاً للغاية. ما نوع الردود التي أتتك على تلك المقالة؟
لقد أحبها بعض الناس، ووافقني وخالفني البعض. لقد أتتني معظم الردود عبر تويتر. وأظن أن جيريمي سكوت قام بتغريد عدد إعجاباته على الفيسبوك. لكن لم يقل أحدٌ أي شيء، ولم يتصل بي أي أحد من موشينو ليقول “كيف فعلت هذا؟” لقد كان هناك سببٌ لما قلته ، لم يكن الأمر اعتباطياً، وآمل أن أكون قد عبرت عنه كما يجب. وأتطلع قدماً لأرى ما سيقوم بفعله لاحقاً.
بالحديث عن تويتر، هل تعتقدين بأن العالم الرقمي بما فيه من المدونات والنشر الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي يساعد أم يعوّق مجال نقد الموضة الرسمي؟
لأسبابي الخاصة، أجد بأنه من الرائع أن نحظى بطرقٍ متعددة لنتواصل مع القراء. إنه من المثير للاهتمام فعلاً أن أعرف ما يظنه الآخرين بكتاباتي. يساعد تويتر والمدونات على هذا. وأظن بأنه بعدٌ آخر لما تعتقدينه بالنسبة للعلامات والمجموعات وهذا ذو قيمة حقاً.
عدا عدد الكلمات المختلف، هل تكتبين بشكلٍ مختلف على تويتر منه في الصحيفة؟
بالتأكيد. إن تويتر بالنسبة لي هي محادثة. إن أردت أن أكتب تقييماً من ألف كلمة، فلن أقوم بكتابته على تويتر، ولحسن الحظ فإن المنشور فيه محصورٌ في 140 حرفاً وحسب. وإن كان الأمر ممكناً فعلي حقاً أن أفكر بما أكتبه. إن الشيء المهم هو أن تفرقي بين كتابتك في مدونة أو في تويتر أو ضمن عامود أو في تقييم.
نشرت ” ذا بيزنيس أوف فاشن” مؤخراً مقالةً تتساءل فيها ما إذا كان هذا الجيل قادراً على إنتاج نقاد موضة من أمثالك وأمثال كاثي هورين. هل تعتقدين أن هذا الاعتقاد حقيقي؟ وإن كان كذلك، هل هو خطأ الكتاب أم هذا نتيجة الحال التي وصلت إليها منشورات الموضة؟
أعتقد بأنه من المبكر أن نقول بأن هذا الجيل لن يصبح هذا أو لن ينتج ذلك. أظن بأن هذا ليس عادلاً وغالباً ليس دقيقاً. إن التواصل يحتاج إلى التغيير، ومن الواضح أن ما يحصل في مجال التكنولوجيا يؤثر على كيفية تواصل الجميع، وكيف تتطور أدوار الجميع وسواء كنت صحفيةً أو ناقدة أزياء أو مراسلةً سياسية أو محامية. ولا أظن بأن هذا سيء. سيكون هناك دائماً حاجةٌ لنوعٍ من أنواع التحليل ولرأيٍّ مطلع، وعلى الرغم من كل الضجيج الإيجابي والآراء التي نراها على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يزال الناس يريدون معلوماتٍ وحقائق حقيقية.
من هم النقاد الذين تقرأين لهم وتكنين لهم الاحترام؟
أقرأ كل ما تكتبه كاثي. وأقرأ أيضاً لسوزي، وسأستمر في القراءة لسوزي. وأظن بأن سارة ممتازة. وأجد تيم بلانكس ونيكول فيلبس من ستايل.كوم جيدين للغاية. وأظن بأن روبن جيفان من مجلة نيويورك مثير للاهتمام حقاً، والكثير من النقاد البريطانين من أمثال سوزانا فرانكل هم رائعون بالفعل.
مما أفهمه، هو أنك ستتلقفين أدوار كل من سوزي مينكس وكاثرين هورين معاً. إن هذا عمل ضخمٌ حقاً.
أعتقد بأن الأمر سوف يبدو مختلفاً قليلاً. إن قسم الموضة بالكامل لدى صحيفة النيويورك تايمز يشهد إعادة هيكلةٍ ليحاكي الصحف والأوساط العالمية والمحلية. لذا لا أظن أن الأمر هو مجرد هيا لندمج العالمين في عالمٍ واحد. أظن أنه سيكون أمراً مختلفاً بعض الشيء. وضمن عملي في الفاينانشال تايمز، أقوم بتغطية الصناعة العالمية وأرى الأزياء والفخامة كصناعةٍ عالمية. إنها موضوعٌ واحد، لذا من المنطقي أن أقوم بتغطيتها على أنها موضوعٌ واحد.
ماهو التغيير الذي ترغبين في رؤيته في مجال صحافة ونقد الموضة اليوم؟
أود أن أرى تواصلاً أكثر، محادثاتٍ بين الأخذ والرد أكثر. أنا مهتمةٌ فعلاً في مايقوله الغير مختصون، وكذلك أولئك المختصين الآخرين. وأظن بأن حصول مثل هذا النوع من المحادثات النشيطة هو أمرٌ ممتازٌ حقاً..
بما أنك قمت بإثارة موضوع المحادثة سأسألك عن هذا، ماذا تظنين بالنسبة لكل تلك الرسائل المفتوحة التي يتلاقاها نقاد الموضة؟
أظن بأنه قد فاتني بعضها. لقد كتبت ما اعتقدت به حول ماحدث لكاثي وأظن أنه من السخيف نوعاً ما بأن نحظى بهذا النوع من المحادثات لأنها ليست عن الأخذ والرد، بل إنها تتمحور حول الاتهام في العلن. لكن هذا من حق الجميع. لذا إن اختار مصمم أو علامة ما القيام بهذا، فهذا خيارهم الخاص.
هل تظنين حقاً بأنه يمكن أن يكون المصممون رقيقوا المشاعر للغاية؟ إنه من النادر أن نسمع عن فنانٍ أو صانع أفلام يصاب بنوبةٍ عصبية حين يحصل على تقييمٍ سيئ.
أنا لا أملك وسيلةً لمعرفة صحة هذا من عدمه. وحسب علمي، إن مارتن سكورسيزي الآن يجلس خلف الأبواب الموصدة يركل الحائط. أظن أن عالم الأزياء هو أصغر من عالم السينما، وأظن أنه يميل إلى التذمر. إنه عالم يحب أن ينظر إلى نفسه وأن يحلم بنفسه، و جزء من هذا يعود إلى صغير الحجم. لذا لا أظن بأن الناس هم أكثر حساسية ضمنه أو أنهم فقط يحبون الحديث عن كونهم حساسين.