يقابل المحررون في عالم صناعة الأزياء الكثير من الأشياء الجميلة وعادة ما يرون الملابس والأحذية والحقائب والمجوهرات المذهلة عن قرب. يمكنكم تسميتها مغامرة مهنية.
لذلك وبعد أسبوع أزياء راقية آخر مليء بتحليلات “الأشياء الجميلة” قبلتُ دعوة إلى مكان مخفي على مقربة من “بلاس فوندوم” في باريس لإلقاء نظرة عن كثب على تصاميم علامة مجوهرات راقية فرنسية تديرها مصممة سعودية.
وعندما دخلت ذلك المكان وبعد نظرة سريعة على قطع المجوهرات الراقية الموضوعة بإتقان على الأطباق الزجاجية، نظرت إلى تلك السيدة المتواضعة الواقفة إلى جانبي. وراودني شعور أنني أقف وجهاً لوجه أمام إحدى أهم المواهب الفريدة في المنطقة. كانت السيدة التي رحبت بي بابتسام هي المصممة التي أتيت للقائها، إنها سمو الأميرة نورة الفيصل.
وفي محادثة مع الأميرة دينا عبد العزيز المديرة والمؤسسة الشريكة لعلامة D’NA والسيدة التي يعتبرها الكثيرون موسوعة حقيقية في عالم الأزياء، تأكد لي شعوري الأولي بقولها: “عمل نورة استثنائي ولا نظير له في المنطقة. أقرب ما يمكن أن أشبه عملها له هو علامة جار JAR من تصميم جويل روزنتال (أحد أهم صناع المجوهرات الراقية الذين مازالوا على قيد الحياة). تتمتع مجوهرات نون بتفاصيل ومهارة في الصنع لا نجدها لدى صناع المجوهرات في أيامنا هذه.”
ظهور موهبة تصميم المجوهرات الراقية
عرضت سمو الأميرة نورة الفيصل أول مجموعاتها من المجوهرات في فندق مندرين أورينتال في لندن منذ ستة عشر عاماً. علمت إحدى مالكات المتاجر في ذلك الحين أن الأميرة نورة شديدة الاهتمام بتصميم المجوهرات فدعتها لعرض رسوم تصاميمها. وقالت لي الأميرة نورة بينما كنا نحتسي الإسبرسو في المكتب الواقع في شارع هونوري: “لم أدخل أية ورشة عمل قبل تلك المرحلة، لكنها كانت ترغب بمشاركة مصممة سعودية في المعرض، لذلك أخذتني وتصاميمي إلى باريس. تنقلنا بين ورشة عمل وأخرى حتى وجدنا واحدة بإمكانها صناعة التصاميم. كانت تلك بداياتي… ويا لها من تصاميم سيئة” تقول ضاحكة.
بالانتقال إلى وقتنا الحاضر نجد أن لدى الأميرة نورة العديد من الطلبات الخاصة للصديقات والعائلة، كما تعتزم افتتاح أول متجر
نون جويلز” Nuun Jewels في باريس قرب فندق لو بريستول. وذكرت الأميرة بينما كانت تستعيد ذكريات نشأتها وعلاقتها بالمجوهرات والأحجار الكريمة بعض أهم مجموعات المجوهرات الراقية في العالم وقالت: “كانت المجوهرات بالنسبة لي مجرد هواية ولم يكن الأمر جدياً.” وكذلك قالت الأميرة أنها أحبت المجوهرات في سن مبكرة (والتصميم بشكل عام) ودرست التصميم الداخلي في لندن. “كنت أصمم القطع طوال الوقت…هنا وهناك. وكنت أجرب صناعتها بالخشب والياقوت والزمرد والمرجان واليشم.
وبعد أول معرض لها في أواخر تسعينيات القرن الفائت، تلقت الأميرة دعوة للمشاركة في ورشة عمل متخصصة بصناعة المجوهرات. “كان والدي سعيد، وقدم لي دعماً غير محدود. كانا يحب باريس كثيراً، وعادةً ما كان يقول لي قبل وفاته أن علي أن أفعل أكثر من ذلك في مجال المجوهرات. لكنه توفي قبل تأسيس علامة “نون جويلز”، وأصبح صوت الأميرة نورة متقطعاً هنا. كانت قد عانت كثيراً بعد وفاة والدها، لكنها حرصت على تحقيق ما كان يحلم به.
وأضافت: “كانت والدتي لتشتري أي شيء أصنعه لو استطاعت، وقد فعلتها ذات مرة.” وأخبرتني الأميرة أن عنايتها بأدق التفاصيل موروثة عن والدتها، وأخذت تشرح بكل تواضع بينما أشارت إلى قطع المجوهرات الراقية أمامها: “تفعلين ما بوسعك وتشترين الأحجار الكريمة ذات الجودة العالية. لم أشك أبداً في جودة عمل هذه الورشة لأنني كنت واضحة من البداية حول أهمية جودة العمل بالنسبة إلي…أعلم إن كان شيء ما متقن الصنع أم لا. إن كان هنالك شيء وحيد يقلقني فهو أسلوب تصميمي. إنه أمر نسبي قد يعجب البعض دوناً عن غيرهم.”