ديكيدانس
من مارك جايكوبز
المكونات: الخوخ وورق البردي والعنبر
يرمز ديكيدانس إلى تلك الزّاوية حيث تقوم العطور التي تُطرح بكمّياتٍ كبيرة في الأسواق بتمييز نفسها. أوّلاً لم يسبق لي أن رأيت انفصالاً تامّاً بين رائحة عطرٍ ما وبين ما هو مفترض أن يكون مرغوباً لتلبية الحاجة لأسعارٍ مناسبة: زهرة السّوسن والزعفران والخوخ والياسمين والورد وورق البردي والعشبة الهندية والعنبر السّائل. إذ يبدو وكأنّ أحدهم عُيّن لتركيب عطرٍ ما مستخدماً مزيل العرق كمادّة أوّلية.
هذا الشّخص هو آني بوزانتيان، خبيرة العطور المحبوبة في مجال صناعة العطور. تضع آني ضمن إنجازاتها على مدى السّنين عطور تي روز (1971) وبليجرز (1995) وبيور ديستانس 1 (2008) ضمن قائمة إنجازاتها.
ومع هذا العطر من مارك جايكوبز، ترتقي تجربة الرّوائح الجديدة التي تنتشر بسرعة على الرّفوف الأمامية في المتاجر لتصل إلى القمّة. وبفضل مهارة بوزانتيان المذهلة، تنتشر رائحة ديكيدانس بشكلٍ مذهلٍ من أول دقيقتين من رذاذها وتشبه بذلك تلك الألعاب النّاريّة التي تطلق كرات من النّار بألوان مختلفة مفعمة بالحيويّة مع صوت صفير، وتنطلق روائح الليتشي والتّفّاح والنّعناع والبنفسج في الأجواء بسرعة خيالية، إذ يمكنكم شمّ كلّ رائحة على حدة وهي تطفو فى الجو لثوانٍ.
وبعد ذلك يحصل تغيير مفاجئ في هذا المشهد، إذ بعد خمس دقائق أخرى يقرر ديكيدانس تمثيل النّسخة العشوائيّة للرّائحة الأصليّة (الأولى) لدولتشي فيتا (ديور 1995) قبل تحسينها، والتي أعادتها إلى الحياة. وعند تلك اللّحظة حين تكونون حينها على وشك القول “هذا رائع” تبدأ شعلة الحماس بالانطفاء تدريجياً، ما يحدث بعد هذا يمكن وصفه بكولونيا ما بعد الحلاقة الرّخيصة ذات الرّائحة المزعجة، ذلك النّوع الذي يأتي بعبوة سوداء مكتوب عليها بأحرف حمراء لكنّها مشهورة الإسم فقط. هناك محاولة للحفاظ على الكم القليل من خلال إضافة تركيبة غريبة ولكن جميلة من ورق البنفسج التي تمتد بين رائحة السّفينة الصدأة إلى الرّائحة التي طرحت مؤخراً (تذكري أن هذا التركيب سريع التغيّر وتدوم رحلة فوحه لمدة 15 دقيقة). فإن بخخت ها العطر تماماً قبل مغادرتك المنزل، ستكون رائحتك عندما تصل سيارة التكسي وكأنك في طريق العودة إلى المنزل وقد لطّخت المسكرة وجهك بأكمله. استمتعي.
