كان يصعب عليك المشي في شوارع سوريا دون أن تستنشق رائحة إكليل الغار التي تنبثق من مصانع الصابون والشوارع المرصوفة بالحصى، إذ يعد الصابون الحلبي أول صابون في العالم يصنع من تركيبة قديمة تعود لقرونٍ ماضية يستخدمها أشخاص من جميع أنحاء العالم بفضل فوائدها ورائحتها العطرة. كما تتم صناعة هذا الصابون الطبيعي بكمّيات كبيرة عن طريق مزج هيدروكسيد الصوديوم وزيت الغار وزيت الزيتون بالإضافة إلى مياه الصنابير الساخنة، وحالما يبرد الخليط، يتم تقسيمه إلى قطع سميكة لتختم وتكدّس في صفوف، تترك هناك لمدّة تسعة أشهر قبل أن تصبح جاهزة للاستخدام. وكان هذا الخليط الطبيعي من التراكيب المفضلة لدى كل من الملكة كليوبترا وزنوبيا ملكة سوريا، حيث يمكن استخدامه على الوجه والجسم وحتى الشعر، كما أنه لا يسبب تهيّج البشرة الحسّاسة. ولكن كباقي الصناعات، أصبح تقليد التنظيف القديم هذا ضحيّة الحرب التي اندلعت في المدينة الواقعة في شمالي غرب سوريا.
ولحسن الحظ، ساهم عدد من علامات التجميل الفاخرة وصنّاع الصابون في حفظ هذه الحِرفة القديمة لخلط زيت الزيتون وزيت الغار والغسول، والتي تناقلتها الأجيال عبر السنين الماضية. وتقول ريم الخليفة، مؤسِسة شركة غرين بار إنك البحرينيّة لصناعة المنتجات العضويّة عن صابونها السائل المضيء ذي اللون الأصفر: “بالإضافة لرغبتي في الحفاظ على هذه الوصفة الجمالية، أسميتُ الصابون الذي صنعته تيمّنا بالمدينة العريقة لأني أردتُ أن أستخدم التجارة كوسيلة للتواصل مع الناس، وأن يتذكروا مدينة حلب عند رؤية هذا الاسم”.
كما ساهمت بعض شركات الجمال في تحسين معيشة الأسر السوريّة النازحة التي احترفت صناعة الصابون، ومن ذلك إلهام منتظري مؤسِسة علامة بالتزار أند روز في لوس أنجلوس، والتي وظّفت صانعي الصابون السوريين ممن أجبروا – كالعديد غيرهم – على ترك بلادهم هرباً من دمار الحرب، ليعملوا في صناعه صابون Savon d’Alep، الذي تبيعة العلامة وتخصص نسبة من مبيعاته لدعم اللاجئين السوريين عن طريق الجمعيات الخيريّة. ومثلها، مؤسسة الكرم – وهي منظّمة غير ربحيّة مخصصة لمساعدة اللاجئين على إعادة بداء حياتهم – التي تبيع قوالب الصابون الحلبي الذي تصنعه السيدات اللاجئات في دمشق.
وفي طريقة أخرى لتقديم يد العون، يمكنكم المساهمة بالتبرّع المباشر لصالح الهيئة اليسوعية لخدمة اللاجئين لمساعدة اللاجئين في جميع أنحاء العالم بالضروريات الحياتيّة عن طريق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أو دعم منظّمة أطبّاء بلا حدود التي توفر المساعدات الطبّية للبلدان المثقلة بالحروب، كما يمكنكم أن تتبرعوا مباشرة للدعم الإسلاميليوفروا المؤن والإمدادات الطبية والوقود للعائلات والمستشفيات المحلية في سوريا.