تابعوا ڤوغ العربية

الشيخة ماجدة الصباح تفتح قلبها وتتحدث عن معركتها مع مرض الاكتئاب

الشيخة ماجدة الصباح. بعدسة جنان السويِّح لعدد أكتوبر 2018 من ڤوغ العربية

حين أصيبت رائدة عالم التجميل الشيخة الكويتية ماجدة الصباح باكتئاب حاد، واجهت معركتها معه بشجاعة. والآن تتحدث عن رسالتها التي تهدف إلى كسر حاجز التعامل مع المرض النفسي كوصمة عار في الشرق الأوسط.

“أصيب والدي بجلطة دماغية منذ بضع سنوات، فأقمت معه شهرين في المستشفى. وهناك، أرهقتني مشاعر القلق والشك في وقت كنت أعمل فيه بلا توقف، فخارت قواي. ويوماً ما، أصبت بانهيار. سمّى البعضُ تجربتي بالاكتئاب، ولكن كل ما أتذكره أنني فقدتُ الإحساس بنفسي. كنت مخدَّرة. وقد أطلقتُ أنا عليه اسم كارثة، ولكنها كانت من تلك الكوارث التي توقظكِ من سُباتكِ.

نُشر للمرة الأولى على صفحات عدد أكتوبر 2018 من ڤوغ العربية.

ولدتُ في الكويت عام 1970، ووالدي هو الشيخ جابر الحمود الجابر الصباح ووالدتي هي الشيخة أمثال الأحمد الجابر الصباح، شقيقة أمير الكويت الحالي، صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. ولديّ ثلاث شقيقات وشقيق يكبرني، ماجد، الذي أعتبره مرشدي حتى اليوم. ورغم أنني لم أدرس خارج البلاد، كانت عائلتي وما زلت منفتحة دوماً على عالم المعلومات. ولكن – كانت تردد ’إذا رغبتِ في عمل شيء، فاِبحثي عنه هنا‘. وقد أمضيتُ طفولتي في أجواء محافظة. كنا نذهب إلى المدرسة ثم نعود فوراً إلى المنزل، ولكن هذا لم يمنعني من التعلم أو الشغف بما أحبه. ومنذ بداية حياتي، وأنا أهوى الرسم، والتلوين، وتجربة الألوان. ولكني تزوجت وأنا في السابعة عشرة من عمري ولم يكن لدي وقت لأتابع دراستي أو هواياتي. وعندما بلغتُ الثامنة عشرة من عمري، رُزقت بطفلتي الأولى. والآن، لدى أربع بنات وأصبحت جدة.

وعندما كبر أطفالي. رأيت أن الوقت قد حان للتفكير في نفسي. أردتُ أن أبدأ عملاً لم يسبقني إليه أحد قبلي، ومع شقيقتي أسسنا شركة للتجميل عام 2007، متخصصة في تقديم الخدمات الجمالية في المنزل وكانت الأولى من نوعها في الكويت، ورغم نجاحها، لم يكن يُنظَر للتجميل كعمل مرموق آنذاك. وقد أسسنا الشركة بأموالنا الخاصة، من دون أي مساعدة من زوجينا أو أبوينا. ومع أننا لم نعتمد في الترويج لها على الفتيات النافذات أو الإعلانات، كان العمل ناجحاً. وسرعان ما توسعنا بالانتقال إلى مكان أكبر وحتى إننا أطلقنا خطنا الخاص من المنتجات الممزوجة بالزيت المغربي التي تلبي الاحتياجات الجمالية للنساء العربيات. ولا زلت أذكر كيف أطلقناه في رمضان. وكنا صائمتين ولم ننل أي قسط من النوم وكانت الطلبيات تعلو السقف. وصالوننا يزدحم بأبراج من العُلب.

الشيخة ماجدة الصباح. بعدسة جنان السويِّح لعدد أكتوبر 2018 من ڤوغ العربية

وفي هذا الصالون تحديداً كانت شقيقتي تمضي جلّ وقتها. وحين أصابتني ’كارثتي‘، أتذكرُ أنني كنت أجلس هناك وأنظر إلى ساعتي، وأتمنى أن يغادر الجميع المكان. فقد كان الاكتئاب يُنهك قواي. وحين تحدثت عما أشعر به، قيل لي إنني شخصية عامة ولا ينبغي أن أتحدث عن ذلك لأن الناس سيقولون أشياء سيئة عني. ولكني فكرت بأنها فقط مسألة أحتاج لإصلاحها. وطلب مني البعض الآخر الصلاة وقراءة القرآن. إنها وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي والتي تظهر في كل مكان، وقد رأيتها بشدة هنا، في بلدي. وأوقفت حينها أنشطتي الاجتماعية وزاد وزني بصورة كبيرة وسريعة. وكنت، حين أجد نفسي وحدي، أُحدق في أي لوحة على الجدار لنصف ساعة وأتجاهل كل شيء. كان عقلي نهباً للأفكار الوجودية: ’لماذا أنا هنا؟ ماذا لو كانت هذه الحياة لا تساوي شيئاً؟ ماذا لو كانت مجرد حلم؟‘ وكنتُ محطمةً من كثرة الأسئلة والشكوك. وبتُ أمقت الحياة.

حدث ذلك منذ عام مضى وقد غرقت في تلك الأفكار لمدة شهرين، إلى أن تدخلت شقيقتي يوماً واصطحبتني لطبيبة نفسية. وبمواجهتها، كان أول شيء فعلتُه هو الانخراط في البكاء. شعرتُ أنني دخلت أخيراً مكاناً يمكن أن يزيح هذا الحجر عن كاهلي.

أوضحت لي الطبيبة أنني أعاني من خلل في التوازن الكيميائي، والذي يمكن علاجه بتناول الأدوية. وأجبت تلقائياً بأنني سأفعل أي شيء من أجل الشفاء. وأوضحت أن الجميع لديهم انطباع بأن الأدوية تسبب الإدمان وهو ليس صحيحاً. وقد بحثتُ بنفسي وعرفتُ أن ذلك ليس صحيحاً فعلاً. وقد أخبرتُ بناتي بأنني أسعى للحصول على مساعدة وعلاج طبي، ودعمنني تماماً في قراري. في البداية، كنت أتردد على الطبيبة النفسية مرة كل أسبوعين والآن أذهب مرة كل شهرين. وبعد ثمانية أشهر من العلاج بالأدوية، سأتوقف عن تناوله قريباً.

الشيخة ماجدة الصباح. بعدسة جنان السويِّح لعدد أكتوبر 2018 من ڤوغ العربية

في الربيع، كنتُ أنا وشقيقتي نبحث لشركتنا في مجال الاستثمار الاجتماعي للمؤسسات. وقد سعينا إلى دعم مختلف المؤسسات، مثل دور الأيتام؛ ولكن في النهاية أردنا أن نستثمر في شيء لم ينتبه إليه أحد في المنطقة. وأحياناً تجدين الإجابة عن تساؤلاتكِ أمامكِ مباشرة. وقررنا أن نطلق مبادرة للصحة النفسية. وقد ساعدني هذا التخطيط الإستراتيجي في الخروج من دائرة الاكتئاب أيضاً. فقد كنتُ أذهبُ إلى العمل يومياً -تملؤني التعاسة– ودون أن أضع أي مساحيق، وأرتدي عباية فضفاضة بسبب وزني الزائد، وأعقص شعري وراء رأسي بإهمال. ولكن كلما عملت بجد، أجد راحة أكثر. فقد أصبح لدي شيء أتطلع إليه.

وحين كنتُ في أسوأ حالاتي النفسية، أخذتُ استراحة من مواقع التواصل الاجتماعي لثلاثة أشهر. وعندما عدتُ أخبرت متابعيّ بأنني ابتعدت لأني لم أكن بخير. ’أُصبتُ باكتئاب. وأتلقى علاجاً الآن ولا أخجل من أن أخبركم بذلك. والآن، سنعمل معاً -أنا وأنتم- لمحو وصمة العار‘. في البداية، كنتُ خائفة. وفجأة، وجدتُ المشاهدات يتضاعفن. وأصبح الجميع يتحدث عن ذلك. ثم بدأ الناس يتحدثون بصراحة. ’أعالج بـ[عقار] بروزاك، وأتناول زاناكس. وأعيش حياة تعيسة. شكراً على حديثكِ. يمكننا جميعاً أن نتحدث الآن‘”.

تعمل مبادرة ’أساب‘، وهي حملة خاصة تمولها علامة ’أساب بيوتي‘ التي شاركت في تأسيسها الشيخة ماجدة الصباح، على التوعية بالمرض النفسي وتمويل المبادرات المحلية والإقليمية والدولية. وإن كنتِ تبحثين عن إحالات طبية في المنطقة، فتوجهي إلى Asap.com.kw

والآن اقرئي: حارسة الحقيقة: نادين لبكي تستثمر موهبتها في دعم التغيير

روتها إلى: كاتيرينا مِنت

تصوير: جنان السويِّح

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع