ما زالت تحظى عطور قديمة نسائية بشهرة كبيرة اليوم رغم مرور سنوات على إطلاقها، ووراء كلّ منها قصّة مشوّقة ساهمت بنجاحه ودفعت بالشركات المصنّعة له بإطلاق نسخات جديدة منه مرارًا.
ثمّة عطور تحظى بشهر لفترة من الزمن وتختفي، وثمّة عطور تترك روائحها أثرًا يجعل التخلّي عنها صعبًا، فتصبح أيقونيّة بالنسبة للشركات المصنّعة لها، ولمن تثمّن الشعور المرهف الذي يرافقها عندما تضعها. فهي استثنائيّة بكلّ ما فيها، مكوّناتها التي يتفرّد كلّ منها بلمسات مرهفة، والروائح المدهشة التي تبرز عندما تندمج في ما بينها، والعبوات الفاخرة التي تحتضنها… وخلف كلّ عطر حافظ على أهميّته رغم مرور سنوات على إطلاقه، قصّة مشوّقة أدّت إلى الإتيان بتركيبة لم يكن مبتكرها على يقين بأنّها ستجعل اسمه خالدًا في تاريخ صناعة العطور.
أوّل اسم قد يخطر على بالك عندما تبحثين عن عطور قديمة نسائية، هو ”شانيل نمبر 5“، فهو الذي ما زال منذ أن حقّق ظهوره الأوّل في العام 1921، من الأكثر طلبًا. ولكن على اللائحة، أسماء كثيرة تحظى بالأهميّة نفسها التي تجعل كلّ إصدار جديد منها من الأكثر مبيعًا، حتّى أنّ منها، وخصوصًا التي تكون بإصدار محدود، ينفذ بسرعة فور إطلاقها، فتكون محظوظة من تمكّنت من الحصول عليها. في هذا المقال تأخذك ڤوغ العربية في رحلة عبر الزمن، حيث تتوقّف في محطّات مختلفة، لتعرّفك في كلّ منها على عطر، والقصّة المثيرة للاهتمام التي أدّت إلى ابتكاره.
أشهر عطور قديمة نسائية
عطر ”ميس ديور“
خلف عطر ”ميس ديور“ الأنثويّ المذهل الذي تمتلكه معظم الإناث، حادثة مؤثّرة وذكرى مؤلمة عاشهما مؤسّس الدار ”كريستيان ديور“، بعدما مرّت شقيقته كاثرين، بتجربة حوّلتها من أكثر النساء تفاؤلًا ونشاطًا، إلى امرأة يائسة وغير مكترثة بالحياة. فقد اعتاد مراقبتها من نافذة فيلا العائلة، ”Villa Les Rhumbs“ الموجودة في النورماندي في فرنسا، وهي تلهو في الحديقة بين الأزهار، وكان يرى في ابتسامتها وعينيْها ونشاطها، تفاؤلًا جعله على يقين بأنّ مستقبلها سيكون مزدهرًا. كان ذلك في العام 1924، ولكن في العام 1942، دخلت فرنسا في الحرب العالميّة الثانية، وبدأت ثروة عائلة ”ديور“ بالزوال، ما دفع بها إلى بيع الفيلا، فانتقل ”كريستان“ وشقيقته إلى باريس وعاشا في الشقّة نفسها، وهناك عمل في تصميم الملابس للأثرياء، في حين اختارت هي الانخراط في الأعمال السياسيّة. وبعد عاميْن، انقلبت حياتهما، فقد اعتُقلت كاثرين ولم يتمكّن شقيقها من إنقاذها رغم محاولاته، فتعرضت للتعذيب وتمّ نقلها مع آخرين في عربات الماشية التي حُشروا فيها، وطيلة عام، لم يسمع شيئًا عنها، إلى أن تلقّى خبرًا في شهر مايو من العام 1945 بأنّه تمّ الإفراج عنها وستصل إلى باريس. عندما ذهب لاستقبالها، رأى كاثرين مختلفة جدًّا عن الفتاة الأنيقة والجميلة التي عرفها، فقد عانت من التعذيب والجوع والتعب، وظهرت آثار كلّ ذلك عليها. وهنا، قرّر تصميم مجموعته الأولى ”نيو لوك“ بهدف مساعدة المرأة على استعادة أناقتها وأنوثتها، لكنّه أدرك لاحقًا أنّ الإطلالة ينقصها شيء، فأتى بفكرة صناعة عطر أطلق عليه اسم ”ميس ديور“ تيمّنًا بشقيقته.
جمع عطر ”ميس ديور“ الأوّل بين الأزهار التي امتلك ”كريستيان ديور“ شغفًا بها والتي كانت تنمو في حديقة الفيلا حيث ترعرع وشقيقته، وأبرزها الغاردينيا والسوسن والياسمين والنرجس والقرنفل والورد وزنبق الوادي والبرغموت والغلبانوم. أصبح هذا العطر من الأعزّ على قلب كاثرين، وكان ابتكاره ومساندة شقيقها لها ما جعلاها تحبّ الحياة مجدّدًا، فحرصت على الحفاظ على إرث شقيقها في عالم العطور بعد وفاته، حيث استمرّت بإطلاق إصدارات جديدة منه إلى حين وفاتها في العام 2008. وبعد ذلك التاريخ، بقي ”ميس ديور“ أيقونيًّا تقدّمه الدار بين الفترة والأخرى بنسخات مُطَوَّرة تكون دومًا من بين أجمل العطور النسائيّة.
عطر ”شانيل نمبر 5“
في العام 1921، كانت انطلاقة ”شانيل نمبر 5“ الذي يعدّ من أفخم العطور الفرنسيّة، والذي أتت ”غابرييل شانيل“ بفكرة إطلاقه، لتقدّم للمرأة التي أرادتها أن تكون دومًا مميّزة، عطرًا يجمع بين أكثر من رائحة أنثويّة، بعدما كانت العطور النسائيّة تحتوي خلاصة زهرة واحدة. وهكذا، قرّرت أن تقدّم عطرًا يجمع بين اللمسات المنعشة ورائحة الصابون التي عشقتها لسنوات، وكانت حريصة على أن يدوم على البشرة لساعات، وهذا التحدي لم يكن سهلًا، إذ واجهت صعوبة بإيجاد من يتمكّن من تركيب الرائحة التي أرادتها. وفي صيف العام 1920، كانت تمضي إجازة في الساحل الفرنسيّ مع عشيقها الدوق ”ديمتري بافلوفيتش“، وتعرّفت على صانع العطور ”إرنست بو“ الذي عمل مع العائلة الملكيّة الروسيّة، وكان يعيش بالقرب من ”غراس“، مركز صناعة العطور، وقد وافق على طلب ”كوكو شانيل“. تطلّب الأمر منه بضعة أشهر ليقدّم لـ ”شانيل“ 10 عيّنات، تمّ ترقيمها من 1 إلى 5، ومن 20 إلى 24، فاختارت العينة رقم 5 التي جمعت بين 80 مكوّنًا ثمينًا تتوزّع على طبقات مختلفة فيه. ولهذا السبب، اكتسب العطر الشهير اسم ”شانيل نمبر 5“.
عطر ”شاليمار“
يبرز اسم “شاليمار” على لائحة عطور نسائية قديمة أصبحت أيقونيّة، إذ أُطلق في العام 1921، وهو أيضًا أوّل عطر عالميّ يتألّف من مكوّنات شرقيّة في تركيبته، وخلف ابتكاره أكثر من حكاية ليس من المؤكّد أيّ منها الأصحّ. فالرواية الأولى تشير إلى أنّ مبتكره، “جاك غيرلان”، استوحاه من قصّة حبّ تعود للقرن السابع عشر، وهي عن الإمبراطور “شاه جاهان” الذي وقع في حبّ الأميرة “ممتاز محل” التي تنتمي لعائلة فارسيّة من الطبقة النبيلة. ولإثبات حبّه تجاهها، شيّد لها حدائق “شاليمار”، وبنى لاحقًا “تاج محل” تخليدًا لذكراها. وتشير حكاية أخرى إلى أنّ “جاك غيرلان” ابتكر العطر بالخطأ، بعدما مزج بين مكوّنات بطريقة عشوائيّة للتنفيس عن غضبه، وتقول قصّة أخرى أنه ابتكره خصيصًا لزوجته، كي تشعر أنّها الأكثر تميّزًا بين كلّ نساء فرنسا.
تتألّف النفحات العلويّة لـ “شاليمار” الذي يعدّ من أروع العطور الفاخرة، من الأزهار والبرغموت، وتمتزج في قلبه مع الياسمين والسوسن والورد، وتلتقي كلّ هذه المكوّنات في القاعدة مع الفانيليا والتونكا. أمّا الزجاجة، فهي تحفة لا تقلّ روعة عمّا في داخلها، فقد صمّمها “ريمون غيرلان” من زجاج “باكارا”، واستوحاها من أحواض المياه الموجودة في حدائق “شاليمار”، وصنع غطاءها بوحي من المياه التي تتدفّق فيها.
عطر ”لير دو تيمب“
ابتُكِرَ عطر ”لير دو تيمب“ من “نينا ريتشي” في العام 1948، كرمز للحبّ والسلام والحريّة والإيجابيّة والتفاؤل، التي عمّت الأجواء عقب انتهاء الحرب العالميّة الثانية. فقد كانت النساء في حاجة كبيرة إلى ما يعزّز شعورهنّ بكلّ ذلك، خصوصًا وأنهنّ عملن لمدّة في مصانع الذخائر وقاموا بمهام جعلتهنّ يشعرن بأنّ أنوثتهنّ تتلاشى. وفي تلك الفترة، كانت روائح العطور قويّة جدًّا وذكّرتهنّ بأيّام المعارك، وكنّ بحاجة لما يساعدهنّ باستعادة أنوثتهنّ ورومانسيّتهنّ وابتسامتهنّ. وهكذا، أُطلق “لير دو تيمب” ليكون أوّل عطر زهريّ حار في التاريخ، إذ يعكس روعة الأزهار الأنثويّة، مثل السوسن والورد والقرنفل الورديّ، والتي تمتزج مع دفء خشب الصندل. وليكون رمزًا للسلام حقًا، تمّ تصميم العبوة بما يعكس ذلك، حيث يصوّر غطاؤها مشهدًا مميّزًا لحمامتيْن متعانقتيْن بحنان.
عطور نسائية قديمة
تطول لائحة العطور النسائيّة القديمة المتميّزة بتركيبات أنثويّة فاخرة، والتي لن تتردّدي بامتلاكها كلّها إن أمكنك ذلك، لأنّ كلّ منها يتفرّد بما يمنحك إيّاه من لمسات أنثويّة مميّزة. ومن أفضل العطور النسائيّة القديمة:
- عطر “انترديت” من “جيفنشي”، ابتُكر خصيصًا للنجمة “أودري هيبورن” في العام 1957، ولم يصبح متوافرًا للعلن حتّى العام 1960.
- عطر “أوبيوم” من “إيف سان لوران”، أُطلق في العام 1977، ولاقى ردود فعل سلبيّة بسبب اسمه الذي يشير إلى نبتة مخدّرة.
- عطر “آنجل” من “تيري موغلر”، أُطلقَ في العام 1992، وقد مرّت تركيبته بـ 608 تجارب قبل التوصّل إلى الرائحة المطلوبة.
- عطر “تاباك بلوند” من “كارون”، أُطلِقَ في العام 1919، وهو يجمع بين الجلد الروسيّ وأندر الأزهار وأنبل الأخشاب.
اقرئي أيضًا: ماركات عطور إماراتية: 10 روائح مميزة لتجربيها إن كنت من عشاق العطور العربية الفاخرة