بفضل ديور وجيزيل بوندشين، تخطو صناعة مستحضرات العناية بالبشرة خطوة واثبة نحو مستقبل أكثر فعالية واحتراماً للبيئة.
ترسل الشمس أشعتها الساطعة على متحف مينشنغ للفنون بشنغهاي الذي اختير قلب المدينة موقعاً له كي يتسنى له القيام بدوره في دعم الثقافة والفنون المعاصرة. وضمن فعالياته العديدة، استضاف المتحف مؤخراً قمة ديور العلمية للعناية بالبشرة، والتي التقى خلالها عديد من العلماء والخبراء والاختصاصيين معاً، ومن بينهم الوجهُ الإعلاني الجديد لمجموعة ديور كابتشر توتال، عارضةُ الأزياء البرازيلية جيزيل بوندشين.
تضطلع بوندشين بأدوار عديدة في الحياة، فهي عارضة أزياء، وأم، وكاتبة، وسيدة أعمال، وفوق كل هذا ناشطة بيئية. وبنظرة واحدة على هذه العارضة وحياتها الحافلة، سوف تدركين لماذا تعتبر حتى يومنا هذا أنجح عارضة في العالم، حتى بعد اعتزالها المشاركة في عروض الأزياء منذ 2015. بدت بوندشين هادئة، فيما اكتسى قوامها الممشوق بتيشيرت أبيض نسقته مع سترة بالأخضر الداكن وبنطلون جينز برجلين واسعتين. وبشعرها البرونزي غير المنمّق وإطلالتها الجمالية التي لا تتجاوز مسحات طفيفة من الماسكارا وبلسم الشفاه على وجه خالٍ من المكياج، بالكاد نلحظ تقدم عُمْر العارضة -التي تبلغ 39 عاماً- منذ أن لمع اسمها في عالم الشهرة في أواخر تسعينيات القرن الماضي. في ذلك الوقت، أحدثت العارضة انقلاباً في عالم الموضة، مبشرةً بانطلاق عصر جديد أصبحت فيه الإطلالة الرياضية والصيحة البرونزية مفضلة على الإطلالة النحيفة الباهتة التي كانت سائدة في بداية العقد بقيادة كيت موس. وتكرس بوندشين جهودها في الوقت الحالي نحو إحداث ثورة في عالم الجمال.
وتحمل مستحضرات ديور للعناية بالبشرة لواءَ هذا التغيير، مرتكزةً إلى مبادئ كريستيان ديور التي تدعو لأن “تكون المرأة أجمل، وأسعد أيضاً”. وتسهم ديور في سد الفجوة بين الجمال والعلم عبر اتباع نهج مميّز على مستوى مستحضرات العناية بالبشرة. “بصفتي من المنادين بالاستدامة في مجاليّ الموضة والجمال، يعجبني ما تقوم به العلامات من جهود واعية اعترافاً منها بالأثر الذي تخلّفه على البيئة”، هكذا تقول بوندشين، مضيفةً: “بدأت ديور هذه الحركة بتقليل نفايات مواد التغليف واللجوء إلى استخدام موارد طبيعية واحترام بشرتنا باعتبارها عضواً يحتاج إلى التغذية بمكونات غير سامة وصديقة للبيئة”.
يعتبر خط كابتشر توتال من الركائز الأساسية في عالم العناية بالبشرة منذ أكثر من 30 عاماً، والذي تخضع تركيبته للتعديل على الدوام كي تعكس أحدث التطورات التكنولوجية المعتمدة على أبحاث الخلايا. ويعمل علماء البيولوجيا لدى ديور وباحثوها، بالتعاون مع أهم المراكز البحثية والجامعات حول العالم، من أجل الوصول إلى حلول جذرية لمقاومة علامات التقدم في السن، ويشمل ذلك دراسة العمليات الحيوية بالخلية، بداية من الأيض إلى أن تشيخ الخلية وتهرم. وكان أحدث ما توصلت إليه أبحاث ديور أن “عدد الخلايا الجذعية لا ينقص مع التقدم في السن، وإنما تنقص طاقتها الكامنة، بنحو النصف، فتقل معها قدرتها على التجدد”.
وللتغلب على هذه المشكلة، توصل علماء ديور إلى ابتكار مجموعة كابتشر توتال سيل إنيرجي. وتعتمد هذه التكنولوجيا على منع فقدان الخلايا لوظائفها الحيوية، من خلال استعادة الخلايا الأم لقدرتها على التجدد بالكامل. وعبر جسيمات دهنية (ليبوزومات حصلت عنها الدار على براءة اختراع) يتغلغل محتواها إلى مستويات عميقة من الجلد، تشع موجة من الطاقة على سطح الجلد، فتتجدد خلايا البشرة وتستعيد نضارتها وتكتسب وهجاً جديداً. ويعتمد مركز ديور للعلوم على الطبيعة في الحصول على مكونات هذه التركيبة. فالزهور التي لطالما كانت شريكاً في إبداعات كريستيان ديور تأتي الآن في مقدمة مكونات مستحضرات العناية بالبشرة بالدار. وتنمو هذه الزهور في حدائق ديور الخاصة، حيث لا تتعرض لأي مبيدات حشرية أو أسمدة كيميائية، كما يتم حصادها بواسطة عمليات قطف مسؤولة بيئياً.
وتحتوي هذه التركيبات على مكونات طبيعية بنسبة 84%، وتم تطويرها بحيث تعمل في تآزر مع بعضها البعض. فبعد ترطيب البشرة باستعمال منظف لطيف والسيروم مع اللوشن، احرصي على معالجة بشرتكِ بسيروم ديور ذي الفعالية الفائقة، ثم استخدمي كريم العين والكريم المرطب لتحصلي على تهدئة مكثفة. “العناية بالبشرة والاعتناء بنفسكِ لا يقتصر على مرحلة عمرية دون أخرى”، هكذا تقول بوندشين مضيفة: “لكل منا طبيعة متفردة، واستخدام منتجات صحية وعلى درجة عالية من الجودة أمر ضروري من أجل اتباع روتين عناية بالبشرة يناسب احتياجاتكِ”.
وبصفتها سفيرة النوايا الحسنة لدى برنامج الأمم المتحدة للبيئة، تحرص بوندشين على التعاون مع علامات لا تضر بالعالم من حولنا. “إنكِ تحمين ما تحبينه”، هكذا علقت ببساطة موضحةً مدى أهمية استخدام عبوات صديقة للبيئة ضمن هذه المجموعة. فعبواتها الخارجية قابلة لإعادة التدوير، كما أصبحت أصغر حجماً عبر تقليل وزن الكرتون بنسبة 25%، فضلاً عن استخدام قوارير مصنوعة حصرياً من زجاج قابل لإعادة التدوير، حتى أحبار الكلام المدوّن على العبوات جاءت من أصل نباتي. “إذا شرع المزيد من العلامات، أمثال ديور، في تحسين عمليات الإنتاج على الوجه الأمثل بحيث تصبح أكثر استدامةً، فسيكون لذلك أثره العظيم على عالمنا”، بحسب قولها.
ويتجلى هذا الجهد الذي تبذله العلامة من أجل حماية البيئة في التزامها بتطوير نظرتنا للجمال. “الاتزان الداخلي عامل مهم لجمالنا الخارجي. والاتزان الداخلي ينبع من النضوج والثقة بالنفس. وبتحقيق الاتزان والعثور على ذاتكِ، سينعكس ذلك قطعاً عليكِ من الخارج”، كما تقول بوندشين. وقد نقلت ديور عنها هذه المُثُل العليا – والتي خلدت العديد منها في كتابها الأكثر مبيعاً والذي نشرته “نيويورك تايمز” تحت عنوان دروس: مسيرتي نحو حياة هادفة.
ومما لا شك فيه أن العافية تشكّل الشغل الشاغل للناس حالياً. فالعافية في طريقها لتصبح أسلوب حياة بعد أن كانت مجرد صيحة، وذلك في أعقاب تزايد أعداد المستفيدين من ممارسة رياضات التأمل والاستغراق العقلي وغيرها. وصارت بوندشين اليوم تمارس رياضة التأمل بصفة يومية بعد أن بدأت في ممارستها عام 2003 للتغلب على هجمات الذعر التي كانت تنتابها. تقول: “تشمل العناية بنفسكِ العناية ببشرتكِ أيضاً. فكلما رضيتِ عن نفسكِ، زادت ثقتكِ بنفسكِ”.
ستتم بوندشين عامها الـ40 في يوليو القادم، وهو ما يدفعها للتفكر والتأمل أكثر في حياتها. تقول: “أحب الحياة وأقدر كل لحظة فيها. لقد استمعت بحياتي حتى الآن بمختلف مراحلها، وأرى أن التقدم في السن عملية طبيعية”، مضيفة: “إنني فقط أدعو أن تدوم عليّ صحتي حتى أكون هنا لأطول فترة ممكنة وأقدم كل ما بوسعي لأجعل من عالمنا مكاناً أفضل”.
نشر للمرة الأولى على صفحات عدد يناير 2020 من ڤوغ العربية.
اقرئي أيضاً: 6 دروس نتعلمها من حياة كريستيان ديور