تابعوا ڤوغ العربية

إليكم هذا العطر المستوحى من سحر الشرق الأوسط وجاذبية القمر

الصورة: Unsplash

الصورة: Unsplash

لا شيء يضاهي القمر في جماله ورقّته. ومن وحي هذا الجُرم السماوي المتأصل في ثقافة الشرق الأوسط، استلهمت دارُ فريدريك مال أحدثَ عطورها، وهو الرابع في مجموعة “ديزرت جيمز”. يعود مصدر إلهام العطر الجديد إلى الشرق الأوسط، وهو من ابتكار الشاب الواعد في صناعة العطور، جوليان راسكوينت. وفي السطور التالية، يروي لنا جوليان القصة وراء هذا المزيج الفاخر.

كيف أصبحت صانعاً للعطور؟

في الحقيقة، لم يخطر ببالي يوماً أني سأصبح صانعاً للعطور، فلم يتبدّى لي ذلك على الإطلاق. ولن أردد مقولة “أدركت رغبتي في أن أصبح صانعاً للعطور منذ كنت في الخامسة من عمري”، مثلما يفعل عديد من صانعي العطور. فلم أكن أعلم حتى بوجود هذه الوظيفة. ولكني أستطيع أن أجزم أني منذ كنت مراهقاً والعطور تشكل عنصراً بالغ الأهمية في حياتي، وكأنها امتداد لشخصيتي.

أتذكر أول لقاء جمعني بالعطور التي بدأت أستعملها، فقد كان بنفس قوة الحب الأول للفتى المراهق. وإذا ما أخذنا الموسيقى على سبيل المقارنة، فقد ثبت أنه إذا سألت أحدهم “ما أغنيتك المفضلة” فسوف يجيب بوجه عام باسم الأغنية التي كان يفضلها عندما كان ابن 14 عاماً. فالعواطف في هذه المرحلة العمرية، من وجهة نظري، تكون شديدة الخصوصية ولا تُمحى ذكراها من الأذهان، مثل حبنا الأول، وعطرنا الأول، وتجاربنا الأولى في الحياة.

كيف التقيت بفريدريك مال وكيف بدأتما العمل معاً؟

التقيت بفريدريك في بداية مسيرتي المهنية، منذ 14 عاماً تقريباً. ذلك حيث كنت أتدرب آنذاك على صناعة العطور على يد صانع العطور الأسطوري بيير بوردو، وكنت أجلس أحياناً للدراسة بمكتب بيير في الوقت الذي كان فريدريك وبيير يتعاونان معاً على إبداع عطرهما الرائع “فرينش لوڤر”. ورغم أني لم أشترك في هذا العمل الإبداعي، فقد أتاح لي وجودي هناك للدراسة فرصة الاستماع إلى الكثير مما كان يدور في اجتماعاتهما.

لقد كانت علاقتهما أكثر من مجرد علاقة عمل، فقد كانا صديقين يحترم كل منهما موهبة الآخر، وكانا يتبنيان نفس القيم ونفس الفلسفة. وقد ساعدني الاستماع إلى نقاشاتهما التي لا تنتهي عن الفنون وصناعة العطور في توسيع مداركي ونظرتي للعالم عموماً ولابتكار العطور خصوصاً، كما ساعدني في تشكيل شخصيتي الإبداعية نوعاً ما. كان أبعد شيء عن خيالي وقتها أن يطلب مني فريدريك يوماً أن أصنع له عطراً. وها قد جاء ذلك اليوم، فمنذ أربعة أعوام، اتصل بي فريدريك فيما كنت أعمل في دبي وأخبرني أنه سيأتي لزيارة دبي وأنه يريد أن يتناول الإفطار معي (فقلت بيني وبين نفسي متعجباً “معي أنا؟!”).

لقد تشرفت وسررت بالتعرف إليه عن قرب. أمضينا معاً وقتاً لطيفاً وكان هناك انسجام بالغ بيننا. لقد أبهرني ببساطته وأناقته غير المتكلفة. ورغم أنه لم يُجر أي اتفاق بيننا على صعيد العمل في ذلك الوقت، فقد أسعدني اهتمامه بي وبمتابعة تطوري منذ أن عرفني كطالب. وبعض مضي بضعة أشهر، جاءني فريدريك حاملاً إليّ عرضاً لا يمكن رفضه بأي حال من الأحوال: “أود أن أتعاون معك” (“معي أنا؟!” ثانية). لقد أخبرني أن بيير قد رشحني له بقوة، بل وقدمني له على أني “خليفته”.

صانع العطور جوليان راسكوينت. بإذن من فريدريك مال

صانع العطور جوليان راسكوينت. بإذن من فريدريك مال

وضح لنا مراحل عملية ابتكار العطور من واقع عملك مع فريدريك مال.

في معظم المشروعات، كنّا بطبيعة الحالة نتنافس مع دور العطور الأخرى. أما مع فريدريك مال، فالأمر مختلف. إذ يتمتع فريدريك بأسلوب متميز وفريد من نوعه في ابتكار العطور، كما يتصف بطابع حميم وودود يضفي روحاً على عطوره. ويكمن جوهر علامته في علاقته بصانعي العطور الذين يعملون معه. فصناعة العطر من وجهة نظر فريدريك أشبه بالحوار . فهو يختار مَن يتحاور معه، إذ يختار صانعاً للعطور يكنّ له الاحترام ويستطيع أن يضع ثقته فيه. ومن رحم هذه العلاقة التي تقوم على الثقة والحوار، يخرج العطر.

وتحتفي مجموعة “ديزرت جيمز” بجمال صناعة العطور بالشرق الأوسط وثرائها البالغ. وعندما قرر فريدريك أن يبتكر تحفة فنية جديدة، جاء إليّ وطرح عليّ سؤالاً بسيطاً: “كيف يمكنك كصانع عطور شاب أن تمنح العود منظوراً جديداً؟”. ومن هنا، قررنا أن نبرز جمال هذه المادة الخام ومزجها بجمال منظر الليل في الشرق الأوسط. وقد قادتني فكرة “القمر” التي جاء إليّ بها للتفكير في الشيشة ذات النكهات، والتي تتشبع بها ذكرياتي عن نسمات الهواء من جدة إلى دبي، وعبر أنحاء المنطقة. عطر “القمر”، هو عطر حكائي يروي قصة المنطقة، وهو معدّ خصيصاً لكل عشّاق العطور الراقية.

وأستطيع أن أقول بكل أريحية إن عدم وجود منافسة لا يعني بالضرورة أنني تخليت عن الدقة في عملي. فرغم يقيني بأني سأصل لتوليفة هذا العطر في نهاية المطاف، فقد بذلت فيه مجهوداً ضخماً من تنقيح وتقييم دقيق وأيضاً في محاولة تحقيق التوازن السليم بين جميع العناصر والوصول للمستوى المناسب لقوة رائحته. لقد استغرق الأمر مني عامين كي أصل للتوازن المثالي لهذا العمل الإبداعي.

ترى، ما أولى ذكرياتك المرتبطة بعطر “القمر”؟

في الواقع، ترتبط ذكرى أول نسخة تجريبية لي من العطر ارتباطاً وثيقاً بالمرحلة النهائية من إعداده. فقد كنت أعتقد أن الهدف الإبداعي كان واضحاً، وكانت نسخته التجريبية الأخيرة تحتوي على بضع مكونات لم تكن موجودة في تركيبة نسخته التجريبية الأولى. لقد كان الهدف من هذه العملية برمّتها التحقق من أن فكرة العطر الأصلية باتت أكثر وضوحاً وفهماً وأكثر إقناعاً أيضاً. ولكنه كان يحتوي بالفعل على الجلد وتوت العليق بوفرة، وهو ما كنا نراه من البداية عاملاً أساسياً في تركيبة هذا العطر.

ويلعب القمر دوراً رئيسياً في قيادة دفّة الحياة بمنطقة الشرق الأوسط، فبداية كل الاحتفالات والأعياد ونهايتها ترتبط بظهوره الأثيري. وعلاوة على ذلك، يعدّ القمر في اللغة العربية أيضاً رمزاً للرومانسية، فقولك لإحداهن “يا قمري” يعني الإشادة بجمالها والإخلاص لها إلى الأبد. فالقمر يروي قصة حب شاعرية.

عطر "القمر" من فريدريك مال الذي أبدعه جوليان راسكوينت. بإذن من فريدريك مال

عطر “القمر” من فريدريك مال الذي أبدعه جوليان راسكوينت. بإذن من فريدريك مال

حدثنا عن نفحات هذا العطر.

ورود، وبخور، وعود، وكثير من الفاكهة السكرّية حمراء اللون.

يمتزج كثير من نفحات الورود الدافئة بقدر مذهل من التوت الناضج أحمر اللون.

استحضاراً لصورة الشيشة بنكهة الفاكهة المنتشرة بالشرق الأوسط، تعمل إضافة نفحات الكشمش الأحمر والتوت العليق بوفرة على تعزيز لون العطر ونكهته السكرية.

إلى أي مدى يختلف عطر “القمر” عن العطور السابقة التي تفوح بعبير العود؟

“القمر” هو عطر أبدعته أيادي صانع عطور شاب، ولذا أرى أنه سيروق للجمهور من الشباب. إنه عطر يحمل كل صفات العطر العربي، بكل ما فيه من عود ، وورود، وجلد، وزعفران، ولكنه أيضاً فرنسي الإيحاء، وهو ما يتجلّى من خلال نفحات الفاكهة الحمراء المتوهجة والمنعشة. لقد كان من المهم بالنسبة لي ألا تكون هذه النفحات المرتكزة إلى الفاكهة مجرد نفحات علوية يتلاشى أثرها على الفور، وإنما أردت لهذا العبير المنعش للفاكهة أن يدوم طويلاً.

تعيش متنقلاً بين دبي وباريس. تُرى، ماذا تعلمت عن العطور في المنطقة؟

لقد اندهشت في البداية ما أن علمت بأني كنت أصنع عطوراً عربية حتى قبل أن أتعرف إلى هذه السوق. وعند زيارتي الأولى للمنطقة، أدركت أن هناك انسجاماً كبيراً بيني وبين الشرق الأوسط، فهناك الكثير من القواسم المشتركة بيني وبين شعب هذه المنطقة: فلديّ نفس ذوقهم، ونفس حبهم للعطور، ويعتريني نفس الشعور بالسعادة عند اكتشاف عطر جديد، ولديّ نفس الانفعال إذا كان العطر مثيراً للعواطف بشكل كبير (وهو الابتسام). عندئذ، بدا واضحاً بالنسبة لي أن هذه المنطقة تناسبني تماماً، وتقت لمعرفة المزيد عنها.

سمعت أن شركة “آي إف إف” تبحث عن صانع للعطور يعمل بالمنطقة، ومن جانبي كنت أريد أن أكرّس إبداعاتي لصناعة العطور العربية، ولو على الأقل لفترة من حياتي. وما أن شرعت في العمل حتى اكتشفت أن مجال صناعة العطور بالمنطقة يمتاز بمستواه الفائق واعتماده على الحدس والمجازفة والحماس الجارف. وخالجني شعور بأني في قلب أوروبا خلال فترة الثمانينيات حيث كان الإبداع في كل شيء ممكناً.

اقرؤوا أيضاً: دوناتيلا ڤيرساتشي تزيح الستار عن خطها الجديد للعطور الفاخرة

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع