تابعوا ڤوغ العربية

إليكِ ما يهمكِ معرفته عن تقنية تجميد البويضات

Getty

في عصر تتطلع فيه المرأة العربية، أكثر من أي وقت مضى، إلى حياة مفعمة بالنشاط والاستقلالية، ومع تنامي الوعي بالقضايا الصحية، يتزايد عدد النساء اللواتي يلجأن إلى تجميد بويضاتهن. فهل يمكن إيقاف ساعتكِ البيولوجية وإعادة عقارب الزمن إلى الوراء؟

نُشر للمرة الأولى على صفحات عدد سبتمبر 2018 من ڤوغ العربية.

كل 28 يوماً تقريباً، تبدأ بويضة واحدة من بين مئات الآلاف من البويضات رحلتها من أحد المبيضين إلى الرحم. وتعتبر البويضة أكبر خلية في جسم الإنسان –إذ تحتوي على مواد غذائية– ويمكن رؤيتها بالعين المجردة. ولكنها لا تستطيع الحركة من تلقاء نفسها، فهي تحتاج إلى كل ما يمكن من مساعدة لتكون في موقعها الصحيح وتبلغ مصيرها الوراثي – أي التخصيب وتكوين جنين سليم. وتتسبب الهرمونات التي يتم إنتاجها وإفرازها بفعل المبيضين والغدة النخامية في اندفاع البويضة الناضجة من جريبها إلى داخل قناة فالوب. وهناك، تتحرك البويضة تحت تأثير هياكل دقيقة تشبه الشعيرات، يطلق عليها اسم الأهداب، وتنخرط في صراع بين الحياة والموت من أجل الإخصاب. وإذا ما التقت البويضة بحيوان منوي ينجح في اختراق جدارها الواقي الذي يحتوي على الإنزيمات والبروتينات السكرية، ترحل البويضة المخصبة عبر قناة فالوب حيث تنقسم وتنمو كجنين خلال خمسة أيام تقريباً قبل أن تهبط برقة إلى الرحم، لتُزرع على جداره.

ويحدث هذا إذا سارت الأمور على ما يرام، بالطبع. ولكن ماذا إن كانت بويضاتكِ ترغب في أن تبني لنفسها مستقبلاً مهنياً أولاً؟ أو ربما لم تلتقِ بعد بفتى أحلامها. ولعل بويضاتكِ ليست حتى متأكدة ما إن كانت ترغب في الانطلاق مطلقة السراح… وماذا تفعل الخلية التناسلية للأنثى؟ ربما تكمن إجابات جميع هذه الأسئلة في جهاز الفريزر.

يشير المتخصصون إلى أن تقنية تجميد البويضات –والتي تُعرف علمياً باسم حفظ الخلية البيضية الناضجة بالتجميد، وتعني أساساً إزالة جزء من الجسم والحفاظ عليه طازجاً عبر التبريد الشديد واسترجاعه وقت الحاجة– قد تبدو حلماً من أحلام المستقبل، ولكنها في الواقع تقنية تتم بأمان تام منذ أن أُعلن عن نجاح أول محاولة على يد الدكتور كريستوفر تشنغ في أستراليا عام 1986. ويرجع الدافع للحفاظ على الخصوبة صناعياً إلى أسباب عدة، إذ تختار بعض النساء تأجيل الزواج –بسبب العمل، أو الدراسة، أو عدم العثور على الشريك المناسب– في حين يخضع البعض الآخر إلى علاجات مؤلمة من مرض السرطان يمكن أن تؤدي إلى العقم. أياً كانت الأسباب، فإن هذه التقنية تفتح أبواب الأمل أمام النساء اللواتي يتمنين الإنجاب يوماً ما، وفي أي وقت كان، واللواتي ينتابهن القلق بسبب تراجع الخصوبة مع تقدم العمر. ولكن لديكِ مشكلة واحدة، عليكِ التعجيل في هذا الأمر وتنفيذه في أقرب وقت ممكن وبلا إبطاء – والأفضل قبل أن تبلغي 35 سنة، ولكن من الشائع أن تلجأ النساء إلى هذه الوسيلة وهن على أعتاب الأربعينيات.

يقول الدكتور ديڤيد روبرتسون من مركز بورن هول لعلاج الإخصاب في دبي إن كل أنثى تولد وفي مبيضيها عدد محدد من البويضات –من مليون إلى مليونيّ بويضة تقريباً– وكل بويضة منها تنتظر دورها لتكون البويضة الناضجة خلال الشهر. ويضيف: “لا تستطيع المرأة إنتاج أي بويضات جديدة طيلة حياتها. ومع بداية مرحلة البلوغ، تبدأ البويضات في الانطلاق كل شهر. ولكن في النهاية، يأتي وقت يتناقص فيه إمداد البويضات ومن ثم لا تتمكن من إنجاب الأطفال طبيعياً”. ويحدث ذلك، في المتوسط، في أواخر الأربعينيات، وأوائل الخمسينيات من العمر ما يشير إلى بدء انقطاع الطمث. ولكن في السنوات التي تسبق هذه المرحلة، يبدأ عدد البويضات ونوعيتها في الانخفاض أيضاً – تذكري أن هذه البويضات كان يحملها المبيضان لبضعة عقود في انتظار الإنضاج. ويضيف روبرتسون: “ما يحدث، تحديداً، أنها يمكن أن تُنتج أجنة مصابة بالتشوهات الصبغية والوراثية”.

ولهذا السبب يفتح تجميد البويضات البابَ أمام استمرار خصوبتكِ. وهو إجراء بسيط نسبياً ويمكن لأي امرأة –سواء كانت متزوجة أم عزباء- أن تجريه في الإمارات، شريطة أن تتمتع بصحة جيدة وأن يكون لديها بويضات سليمة. ويقدم هذا الإجراء خياراً للنساء كما يمنحهن الأمان. ولكنه ليس طريقاً مضموناً تماماً لحدوث الحمل – فالطبيعة هي مَن تقرر في النهاية، حتى إن كان العلم الحديث قد نجح في التكيّف والتحايل أفضل من الماضي. ولكنه حتماً يسهم في التخفيف من الضغط الذي ينوء به كاهل المرأة عندما تجد نفسها في وضع لا يسمح لها بالإنجاب، سواء لأسباب اجتماعية أم مادية أم ذهنية. إنها عملية كانت هدى أبو جمرة، المدير التنفيذي لمجموعة بورن هول، لتتمنى لو أنها أجرتها عندما كانت أصغر عمراً. وتقول بحزم: “أنصح جميع صديقاتي بأن يجرينها. فأنا نادمة لأنه لم يكن لديّ هذا الخيار عندما كنتُ في الثلاثينيات من عمري. فهي تمنح المرأة خيارات – ومع الخيارات يأتي التحرر من عبء الضغوط والقدرة على اختيار كيف ترغبين أن تعيشي حياتكِ”.

إحدى صديقات هدى، وهي ناتالي عبده التي تشغل منصب المدير الإداري لشركة ون ورلد تريدينغ في دبي، التزمت فعلاً بنصيحتها. تقول: “قررت، عند بلوغي 38 سنة من عمري، إن لم أكن متزوجة بعد، أن أجمد بويضاتي. فنحن لا نعلم ما الذي تخبئه لنا الأقدار، ويمكن أن تفقدي خصوبتكِ بسبب مرض أو حادث. وتجميد بويضاتكِ مثل وثيقة تأمين لكِ”.

قد تبدو هذه التقنية قادمة من أحد أفلام الخيال العلمي. ولم لا وغرف العمليات والمختبرات توحي بأنها تستخدم تكنولوجيا فضائية حديثة، بيد أن عملية استخراج البويضات وتجميدها وحفظها ليست معقدة إلى هذا الحد. يشرح الدكتور أحمد فقيه، أخصائي أمراض النساء والتوليد بمركز فقيه للإخصاب في دبي: “نحتاج أولاً إلى إخضاع المريضة لفحوصات طبية وتقييم عملية الخصوبة لديها. ويتم ذلك عبر استخدام جهاز الموجات فوق الصوتية وإجراء اختبار للدم. ثانياً، نقرر للمريضة حضور جلسة استشارية طبية لنضع لها خطة مناسبة. قد تجري بعض المريضات هذه العملية مرة واحدة، فيما قد يحتاج البعض الآخر إلى القيام بمزيد من الإجراءات”.

بعدما يتم حقن المريضة بالهرمونات المُعدة لها يومياً لتحفيز إنضاج عدة بويضات في الدورة الواحدة، ومع زيارة الطبيب بضع مرات لتقييم تقدم العملية، يمكن حصاد من 10 إلى 15 بويضة تقريباً. وهي ليست عملية مؤلمة – لأنها أساساً تجرى تحت تأثير المخدر طيلة مدة العملية. يوضح الدكتور روبرتسون: “يمكن استخراج البويضات بعد تلقي المريضة تخدير موضعي ولكن معظم النساء يجرينها بعد تناول أدوية مهدئة أو الخضوع لتخدير عام. وقد تشعر المريضة بعدم الراحة قليلاً لو كانت تحت تأثير المخدر الموضعي فقط”. وتستغرق هذه العملية الجراحية البسيطة 15 دقيقة تقريباً، حيث يقوم الطبيب باستخراج البويضات عن طريق المهبل باستخدام إبرة رفيعة موجهة بالموجات فوق الصوتية. ويؤكد الدكتور روبرتسون: “إنها عملية سريعة للغاية ومباشرة. والهرمونات تحفز الجريبات على النمو على المبيضين. ويشبه الجُريب الكيس وهو يمتلئ بسائل يحوي البويضة داخله. ويمكننا رؤية هذا الكيس عبر جهاز التصوير بالموجات الصوتية (السونار)، لذا نضع الإبرة داخله ثم نعزل البويضات عن السائل الجريبي”.

تقع غرفة العمليات، بمركز بورن هول، بجوار المختبر، ولا يفصل بينهما سوى نافذة حتى يمكن تسليم البويضات إلى فني المعمل فور استخراجها. بعدها تُترك المريضة للتعافي في غرفة خاصة لبضع ساعات أو طوال الليل. وقد تعاني بعض النساء انتفاخاً بسيطاً أو يشعرن بالضيق. تقول ناتالي: “العملية ليست مخيفة أو مؤلمة. إنها فقط تتطلب الالتزام. المرة الوحيدة التي شعرت فيها بالتعب عندما كنت في فترة التعافي. فقد نمت طوال اليوم”. وعادةً، لا تستغرق العملية برمتها، من الحصول على استشارة طبية إلى أن يتم تخزين موادكِ الجينية خارج جسمكِ، أكثر من أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. وماذا يحدث بعد ذلك لبويضاتكِ؟ يتم تخزينها في مادة النيتروجين السائل، بعد معالجتها بالمواد الكيميائية لحفظها باستخدام عملية تُسمى التزجيج، أو التجميد السريع للبويضات. وعن ذلك، يقول الدكتور فقيه: “عززت عملية التزجيج كثيراً من معدلات بقاء البويضات على قيد الحياة بنسبة 70% إلى 90٪. وقد كانت معدلات بقاء البويضات، قبل ظهور هذه العملية عام 2011، تنخفض إلى 30٪”. ويتم تخزين بويضاتكِ في نفس مكان إجرائكِ للعملية ويمكنكِ الاحتفاظ بها إلى حين الحاجة إليها، إن كنتِ من مواطنات دولة الإمارات، وحتى خمس سنوات إن كنتِ من الوافدات.

ورغم أن تجميد البويضات متاح لجميع النساء في الإمارات، إلا أن ثمة قوانين معينة تخضع لها المنطقة. أولاً، لا يمكن أن تأخذي بويضاتكِ المجمدة خارج البلاد – فمن المحظور قانونياً استيراد البويضات والحيوانات المنوية والأجنة أو تصديرها. ويشرح الدكتور روبرتسون: “حتى إن جمدت مواطنة إماراتية بويضاتها وانتقلت إلى السعودية، لا يمكنها اصطحابها معها. كما أنه لا قانون يمنع امرأة عزباء من تجميد بويضاتها ولكنها لا تستطيع استخدامها إلا للحمل من زوجها بعد الزواج. ولا يمكن للمرأة أن تنجب طبيعياً باستخدام البويضات المجمدة – إذ يجب أن تخضع لعملية تلقيح صناعي. فبعد إذابة البويضة المجمدة، تُخصب في المختبر باستخدام حيوان منوي للزوج بعد غسله وتنظيفه. وتنمو البويضة الملقحة في المختبر خلال خمسة أيام تقريباً (نفس المدة التي تقضيها البويضة عادةً في قناة فالوب قبل أن تزرع في الرحم)، وبعد ذلك يضعها الطبيب في الرحم باستخدام أنبوب يحتوي على هرمونات لإعداد الرحم لتقبل هذه البويضة.

ومن المهم أن تُدركي ثلاثة أمور إن كنتِ ترغبين في تجميد بويضاتكِ: أولاً: كلما بكرتِ في إجراء هذه العملية، كان ذلك أفضل لكِ؛ ثانياً: هذه العملية عالية التكلفة؛ وثالثاً: لا تضمن لكِ حملاً صحياً. ولكن لتحققي أقصى قدر من الاستفادة، عليكِ إجراء هذه العملية قبل أن تبلغي 35 سنة، لأن جودة بويضاتكِ تكون أفضل في هذه المرحلة (متوسط عمر النساء اللواتي يجرين هذه العملية لدى مركز بورن هول هو 38 سنة). ومع كل احتفال بعيد ميلادكِ، سيقل عدد البويضات الجيدة لديكِ. ويؤكد الدكتور فقيه: “كلما كنت أصغر عمراً أثناء تجميد بويضاتكِ، كانت الفرصة أفضل لنجاح حملكِ في المستقبل، وذلك لأن البويضات الشابة تتمتع دائماً بصحة جيدة. فالعمر هو أسوأ عدو للمبيضين”.

وتوافق ناتالي على هذا الرأي: “أعمل دائماً على حث صديقاتي على إجراء هذه العملية. فقد منحتني راحة البال”.

التكلفة

يجري مركز بورن هول لعلاج الإخصاب اختباراً لتحديد قدرة المبيض على توفير البويضات تبلغ تكلفته 325 درهماً إماراتياً، ويمكن لأي امرأة إجراء هذا الاختبار سواء قررت تجميد بويضاتها أم لا. ويجري المركز تحليلاً كاملاً للهرمونات واختباراً لاحتياطي المبيض تبلغ تكلفتهما 700 درهم إماراتي. أما دورة تجميد البويضة فتبلغ تكلفتها 18 ألف درهم إماراتي. Bournhall-clinic.ae، Fakihivf.com

الآن اقرئي: ماذا يحدث لو سافرتِ إلى النصف الآخر من الكرة الأرضية للحصول على علاجات الوجه؟

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع