تابعوا ڤوغ العربية

لقاء ڤوغ العربية مع المصمم الشهير توم فورد

توم فورد. بإذن من توم فورد

نُشر للمرة الأولى على صفحات عدد مايو من ڤوغ العربية.

ثمة بريق غامض يتلألأ في عينيّ توم فورد السوداوين الحولاوين، فيما تعلو وجهه ابتسامة توحي وكأنه اكتشف سراً من أسرار الكون. وربما كان ذلك؛ فهو يتمتع بنفوذ بالغ في عوالم الأزياء والجمال والسينما، وأي شيء يضعه في ذهنه يتحول فوراً إلى ذهب. ولا عجب في أنه كان فيما مضى عارض أزياء بقامته الفارعة التي تصل إلى مترين، وقوامه المثالي وجسمه الرشيق وأناقته اللافتة. وهذا الرجل الذي دائماً ما يرتدي بذلة كاملة وينتعل حذاءً طويل الساق إلا فيما ندر، لم يبتكر علامة فحسب، بل نمط حياة يحمل اسم توم فورد.

أمضى فورد نشأته في مدينة أوستن بولاية تكساس، وغادرها ليلتحق بجامعة نيويورك لدراسة تاريخ الفن. وبعد مرور عام، ترك كاليفورنيا ليشق طريقه في عالم التمثيل. وحين نجح في توفير قدر كاف من المال، التحق بكلية بارسونز للتصميم لدراسة الهندسة المعمارية. ولأنه لم يكن قد حسم أمره بعد على أي مجال يسلكه، تحوّل إلى عالم الأزياء، وهو القرار الذي لم يندم عليه قط.

وفي بداية مسيرته المهنية، شغل فورد وظيفة مساعد أزياء لدى المصممة كاثي هاردويك. ثم عمل بعدها مديراً للتصميم لدى بيري إليس، وانضم لاحقاً إلى دار غوتشي. وعام 1990، سافر فورد إلى إيطاليا ليعمل مع مصممة الأزياء الجاهزة دون ميلو، حيث رُقي لمنصب المدير الإبداعي للدار عام 1994. وخلال سنة واحدة، أصبح المحرورن يلاحقونه للحصول على دعوات لحضور عروضه. وعبر الصور المغرية والبذلات الواثقة، أعاد فورد تشكيل امرأة غوتشي – حتى إنه في غضون خمس سنوات ارتفعت قيمة العلامة لتصل لأكثر من 4 مليارات دولار أمريكي، فيما ازدادت مبيعاتها بنسبة 90٪. وفي عام 1999، عُيّن فورد مديراً للإبداع والعلاقات العامة لدى دار إيڤ سان لوران بعدما استحوذت غوتشي على العلامة الفرنسية بناءً على توجيهاته. وكان صعوده سريعاً خلال الفترة التي قضاها متنقلاً بين ميلانو وباريس. ويشرح فورد طبيعة عمله كمصمم قائلاً: “أشارك بقوة في جميع جوانب العمل. وأمضي دائماً وقتاً طويلاً في عمليات الإنتاج والتطوير لأنني شغوف بطبيعتي بهذه المهنة. وهي بحق ما أعشق عمله”.

توم فورد خلف كواليس فيلم رجل وحيد (2009). بإذن من توم فورد

وبعدما غادر مجموعة غوتشي سنة 2004، فكر فورد في تأسيس علامة تحمل اسمه. وبدأ علامته بتصميم النظارات والعطور. “كنت محظوظاً لأن لدي اسماً وسمعة كانا من القوة بحيث دعما هاتين الفئتين قبل أن أبتكر مجموعتي من الأزياء. وقد كان قراراً جعل شركتي تحقق أرباحاً منذ اليوم الأول لها”.

وبدأ فورد تصميم الأزياء عام 2006. ويشرح: “كنت في سبيل تأسيس علامة تحمل اسمي، لذا أطلت التفكير في طبيعة زبائني. وفكرت في الأشياء التي لم أكف عن حبها، أو اختيارها، أو التي أغرمت بها”. وكانت بداياته في عالم الأزياء الرجالية. وسرعان ما حققت البذلات والإكسسوارات والأحذية التي صممها نجاحاً واسعاً، حتى إنه في غضون عام افتتح متجراً رئيسياً مؤلفاً من طابقين بشارع ماديسون أفينيو في نيويورك. ويقول: “كنت أنا الملهم لنفسي. فلدي مقاييس عارض الأزياء، لذا أقيس جميع أزياء الرجال بنفسي أولاً”.

وفي عام 2010، أطلق مجموعاته النسائية. وتعمّد آنذاك الاحتفاظ بباكورة مجموعاته بعيداً عن الأنظار وعرضها فقط على جمع من الشخصيات المقربة منه. وبعد شهرين، كشف عن أزيائه في مقال حصري نشر بمجلة ڤوغ الأمريكية. ويقول: “عندما أبتكر مجموعة للنساء، أضع في اعتباري دائماً جميع النساء اللواتي عرفتهن في حياتي واللواتي يمثلن مصدراً للإلهام”. ومن هؤلاء النساء الملهمات بيونسيه، وجوليان مور، ودافني غينيس اللواتي يحضرن دائماً عروضه.

عطر توم فورد فابيولاس من مجموعة برايڤت بلند. بإذن من توم فورد

وقرر فورد أن يتوقف قليلاً عن ابتكار الأزياء سنة 2005، ليؤسس شركة لصناعة الأفلام أطلق عليها اسم “فيد تو بلاك”. وشاركت جوليان مور في أول تجربة له في الإخراج في فيلم رجل وحيد الذي رُشحت عنه لنيل جائزة غولدن غلوب. وعن ذلك يقول: “إخراج الأفلام كان شيئاً لطالما أردت القيام به”. كما رشح الفيلمُ ذاته بطلَه كولين فيرث للحصول على جائزة الأوسكار. وأخرج فورد بعدها فيلم الإثارة حيوانات ليلية (2016)، وهو الفيلم الذي قدم فيه إبهاراً بصرياً بالغ الجمال، ونال عدة ترشيحات، لينجح آرون تايلور جونسون في اقتناص جائزة غولدن غلوب كأفضل ممثل مساعد عن دوره في هذا الفيلم. ويصف فورد عالم التمثيل قائلاً: “إنه عالم يبرز الجمال من كل الزوايا والاتجاهات. وكل الأشياء -من تصميم موقع التصوير، وخطة الإنتاج، والموسيقى، والممثلين- تمثل أدوات للتعبير الفني الخالص من خلال عين المخرج”.

ويشكل عالم الجمال بوابة أخرى للإبداع لدى توم فورد. “لست من هواة البساطة في عالم الجمال. ولكني أحب الفخامة، مع تغليفها بشيء من البساطة”. وقد قدم أحدث عطوره، فابيولاس، في البداية لمن حضروا عرضه لمجموعة ربيع وصيف 2018. وأثار اسم العطر، الذي لم تمنعه الرقابة، دهشة الجميع وأحدث ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي. ويتوافر هذا العطر، الذي يعد جزءاً من مجموعة عطور توم فورد برايڤت بلند والتي تشمل ثلاثين رائحة، حالياً في أنحاء المنطقة. “عندما شممت التركيبة الأخيرة لعطر فابيولاس، قلت فعلاً ’فابيولاس‘ (أي: مذهل) بصوت عال، وهكذا أصبح اسماً له”. ويشرح: “أعتقد أنه يوفي بوعده. فرائحته تتمتع بطبقة جلود شرقية تتميز بالثراء، في حين تبعث حبوب التونكا والعنبر إحساساً بالدفء. وهي رائحة باعثة للثقة للغاية”. والجدير بالذكر أن عطور برايڤت بلند، التي أطلقها عام 2007، كانت تعرض في البداية بمتاجر توم فورد فقط. ولكن الزبائن أحبوها للغاية فأصبحت تُوزع على نطاق واسع، ولكن عددها ما يزال محدوداً. ويفسر ذلك قائلاً: “إنها مصممة أساساً لخبراء العطور، ومبيعاتها تتجاوز اليوم عطورنا الأكثر انتشاراً تجارياً”.

ولأن المصمم مولع بالعطور منذ طفولته، فإنه يتعاون حالياً مع أفضل العاملين في هذا المجال. “أشعر بالفخر لأني أعمل معهم. وأغتنم أي فرصة لأتعلم منهم بقدر الإمكان جودة المكونات، أو الإلهام الذي يجعل الناس تسبح في عالم الأحلام”. ويشعر فورد بأن صناعة التجميل تغيرت مثلما تطور مفهوم الفخامة. ويقول: “يرى معظم الناس أن الفخامة الحقيقية تمنحها منتجات الجمال الأنيقة التي تقدم أيضاً فوائد فعلية ومصممة بقدرات وخبرات حقيقية”.

ويكمن سر نجاح فورد الذي لا يتزعزع في فهمه لما تريده المرأة في نهاية المطاف. “زبونتي امرأة ناجحة، وأنيقة بفطرتها، ومرغوبة للغاية. إنها تجسد الإغراء، ولكنها تتمتع بالتلقائية وتتألق ببريق لا تنافسها فيه أي امرأة. ويبدو أنها نفس الصفات التي عبرت عنها أغنية فريق بوينتر سيسترز التي صدحت خلال عرض توم فورد لربيع وصيف 2018، والتي تحمل عنوان“I’m so excited!” أو “أنا في غاية الحماس!”.

اقرئي الموضوع التالي: كل ما ترغبين في معرفته عن المعرض المبهر الذي أقامته توم فورد احتفالاً بإطلاق عطرها فابيولاس في دبي

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع