تابعوا ڤوغ العربية

تعرّفي على قصص نساء عربيّات وتجربتهنّ مع الشعر القصير

لطالما كان الشعر الطويل رمزاً للجمال والأنوثة وكان يُنظر إلى المرأة التي تقصّ شعرها بأنها تتخلى عن أنوثتها. إلا أن الأمر تغيّر في عشرينيات القرن الماضي، فحين وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، وجدت النساء في أسلوب لباسهن سجناً يأسرهنّ ويمنعهن عن حرية ينشدنها وتحوّل شعرهن الطويل إلى عائق قد يعرضهن للخطر أثناء أعمال جديدة أجبرن على ممارستها كالعمل في مصانع الذخائر. ومع هذه التغيرات اتجهت النساء إلى قصات الشعر القصيرة.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت قصة الشعر عاملاً يمكن الاعتماد عليه لفهم شخصية المرأة وأفكارها وحالتها النفسية. فمعروفٌ أن النساء يملن مع بلوغهن سناً معينة إلى التخلي عن الشعر الطويل لأسباب كثيرة، إلا أن قَصّة الشعر تبقى مرآةً تعكس تمرداً أو ترمز إلى التحرر أو تشير إلى امرأة مغناج أو تدلّ على امرأة عملية. فبين من تقصّ شعرها لتقدمها في العمر، أو لضعفٍ معين يظهر جلياً على شعرها، أو للتخلص من ذكرى ماضية مؤلمة، أو تماشياً مع الموجة الرائجة، تختلف أسباب كل امرأة عن غيرها ويبقى الأمر الثابت الوحيد هو أن تسريحة الشعر تخبر الكثيرعن المرأة.

اقرئي ايضاً : تسريحات للشعر القصير لعام 2024 على طريقة النجمات العربيات والعالميات

عرفت قصات الشعر تغيرات كبيرة من حقبةٍ لأخرى تماشت كلّ مرة مع أسلوب الحياة السائد. وعلاقة النساء بالشعر الطويل علاقةٌ قديمةٌ تعود إلى عهد الإغريق وعهد الرومان. فقد اعتنت النساء الرومانيات بشعرهن الطويل على اعتبار أنه يجسد أنوثتهن وجمالهن، كما ربطت ثقافات كثيرة بين الشعر الطويل ومعدل الخصوبة لدى المرأة وصحتها. إلا أن بقاء الحال من المحال، فمع الوقت ظهرت آراء تفضل الشعر القصير معتبرةً أنه يبرز شخصية المرأة العصرية ويحررها من القيود الاجتماعية التي تكبّلها.

كان لنا وقفات مع بعض النسوة العربيات اللواتي وضّحن وجهة نظرهنّ في ما يتعلق بالشعر القصير وعبّرن عن آرائهن بأنفسهنّ وبالمجتمع وحتى كتابة هذا المقال ورغم تطور الحياة والانفتاح على ثقافات العالم يهيم عشقاً بجمال شعر المرأة الطويل.

 هي أول رئيسة في الشرق الأوسط للرابطة النسائية الدولية للدراجات النارية التي أسست عام 1950، وكوتش معتمد من الاتحاد الدولي للمدربين وقد شاركت عام 2017 في تأسيس ليتاس دبي (أول مجموعة من راكبات الدراجات في الشرق الأوسط) وهي قيادية بحركة سائقات الدراجات العالمية في الشرق الأوسط التي تضم 80 دولة وتُعنى بمتابعة النساء الهاويات للدراجات النارية. تكشف لارا أنّها لطالما اعتادت مجاراة المجتمع بكافة عاهاته وجماله، لكن المعادلة تغيرت حين قررت اتخاذ منحى جديداً لحياتها. قرارها هذا كان نقطة تحول لا بد منها لتتمكن من حبّ نفسها في المقام الأول ولتشعر بالراحة مع نفسها، وقد قالت: «منذ ذلك القرار، أصبحت قراراتي تنم عن رغبة ذاتية وعن إرادة بعيش حياة مفعمة بالحب والتفاؤل وليس حياة تلفها الخيبة والتعاسة وتقيّدها آراء المجتمع والمعتقدات الخاطئة».

لارا طربيه صعب

ترى لارا أن المجتمع يرسم صورة نمطية عن المرأة الجميلة ويحدد المميزات التي تجعل من طلتها بهية بدءاً من تسريحات الشعر المنسدلة ومن طبقات المكياج الكثيرة وقد علّقت قائلة: «فلنتحدث بلا حرج عن الشعر المستعار وكسحه رؤوس السيدات يميناً ويساراً! ميّزني الله بشعرٍ ملفت كنت أقضي ساعات طويلة للعناية به. وجدتني في بعض الأحيان أقصّر بحق عائلتي من أجل شعري! وكل ذلك لأكون امرأة جميلة!» وليس غريباً أن تفكّر لارا وغيرها من النساء بهذه الطريقة، فهنّ ينتمين إلى مجتمع يتخبط بالمفاهيم الخاطئة ويتباهى بالشواذ.

تعرضت لارا لضغط نفسي كبير بعد أحداث لبنان وجائحة كورونا، من هنا راودتها فكرة التجديد وشعرت بحاجة لتغيير «اللوك» وأول ما فعلته كانت زيارة الصالون وقص شعرها. وعن هذه الخطوة الجريئة قالت لارا: «أردت اكتشاف ذاتي خارج الصورة النمطية التي اعتمدتها طول الوقت، وكنت أتساءل. هل ستنقص أنوثتي؟ تفاجأت أنني لا أزال أتفجّر أنوثة فأصبحت أرتدي الفساتين واستمتع باللوك الجديد».

قصّة شعر لارا لاقت تعليقات متنوعة، فالبعض مدح جرأتها ونعى بعضهم الآخر جمال شعرها الطويل المجعّد، ومنهم من تطاول وافترض أن قص الشعر يعني اضطراب نفسي، ومنهم من خاف على صحتها معتبراً أن قص شعرها عمل مشبوه. إلا أن الأمر عند لارا يأخذ منحىً آخر، وقد شرحت وجهة نظرها قائلةً: «تتبلور الهوية الجمالية للمرأة بإبراز ملامحها التي تميزها بدلاً من تغيير شكلها لتتماشى مع الموضة وتشويه ذاتها لتشبه الأخريات».

نادين قانصو، مصورة ومصممة مجوهرات فاخرة لبنانية تقيم في دبي زينت أعمالها جدران متحف فيكتوريا وألبرت، وشاركت في ليلة الجمعة في برنامج V&A وقدمت صوراً مجمعة لأشخاص من الشرق الأوسط، بعنوان Arabise Me ولاقى معرضها هذا نجاحاً كبيراً في العديد من صالات العرض في دبي. وسعت قانصو رحلتها في سرد القصص من خلال علامتها التجارية «بالعربي» التي نشرت روايات كثيرة عن معنى أن يكون المرء عربياً من خلال الجمع بين المعادن الثمينة والأحجار المنمقة بالخط العربي. مصممة المجوهرات الراقية هي أيضًا المؤسس المشارك لـ DRAKDesign Ras Al Khor، وهي مبادرة مكرسة لتحويل أحد أقدم الأحياء في دبي، منطقة رأس الخور الصناعية، إلى مركز إبداعي. ونجاح قانصو لم يكن يوماً مناطاً بالشعر الطويل، فهي لطالما اعتمدت الشعر القصير، وقد عبّرت عن حبها للشعر القصير قائلةً: «مررت في حياتي بلحظات كنت أختبئ في خلالها وأقصّ شعري بشكل قصير جدًا بدافع الجرأة وحباً بالتغيير،» وتضيف: «أجد أن الشعر القصير أكثر إثارة وجرأة ويميزني عن الأخريات. يتطلب قصّ الشعر فعلاً شجاعةً كبيرة، ويحتّم على المرأة أن تسمع تعليقات قد لا تحمل دائماً إطراءً أو مجاملة بل تكون مثقلة بالنقد لا سيما وأننا نعيش في ثقافة ما زالت تعتبر أن الشعر الطويل يعبّر عن الأنوثة وأن الشعر القصير لديه وصمة صبيانية». إلا أن قانصو لا تقوم إلا بما يناسبها وترفض الضغط على النساء أو وصمهن بأي نقطة عار وفرض عليهن معايير أنثوية معينة؛ وقد تابعت قائلةً: «لطالما أحببت أمي الشعر الطويل وحتى اليوم تعلق على إطالة شعري. في حين لا أراه معياراً للأنوثة، تجد أمي أن الشعر الطويل يعبّر عنها خير تعبير. كثرٌ هم الذين يعتقدون أنني رجل، فعندما أترجّل من سيارتي مرتديةً سروال الجينز مع الحذاء الرياضي يستقبلونني بـ«مرحبًا يا سيدي! إنها وصمة عار نموذجية لما يجب أن يبدو عليه الرجل أو المرأة».

نادين قانصو

مصفف شعر المشاهير الشهير طوني المندلق يعتقد أن الشعر القصير لا يرتبط بعمر المرأة إنما بشخصيتها، فهو يتطلب شخصية قوية وعملية، وإلا يفرض عليها اعتماد ملابس وإكسسوار ومكياج محدد. وبعد باعٍ طويل في مجال تصفيف الشعر، بات بإمكان طوني أن يعرف ما إذا كانت المرأة ترغب بقص شعرها لأنها اعتادت على هذه التسريحة أم لأنها تشعر بخيبة أو اكتئاب أو تريد فقط إجراء خبطةٍ في حياتها أو إخفاء عملية تجميل أجرتها مؤخراً. يرفض طوني أن تخرج المرأة من صالونه بهيئةٍ لا ترضيه فيحاول مدح المرأة أو تغيير مزاجها لمنعها من قصّ شعرها إن شعر أن طلبها نابع من اكتئاب أو ضيق ما فهو يعرف تماماً أن تأثير تسريحة سيئة أسوء من تأثير الاكتئاب.

توضح الدكتورة هزار زريق، الطبيبة اللبنانية المتخصصة في علم النفس السريري والتي تتمتع بخبرةٍ عملية تزيد عن ثماني سنوات في الإمارات، أن المرأة تتعرض للكثير من التغييرات بعد سن الأربعين منها الفزيولوجية كتساقط الشعر وفقدان بريقه مما يدفعها إلى قص شعرها واعتماد تسريحة «بيكسي»، ومنها النفسية التي تحّفزها على قص شعرها كوسيلة للتجديد وعلى تغيير مظهرها الخارجي كنوع من الثورة على ما عهدت نفسها عليه. وفي الفترة الأخيرة، أظهرت النساء ميلاً إلى الشعر القصير عند بلوغهن سناً معينة فيرغبن غالباً في الاختباء بدلاً من التباهي بأنفسهن والتبرج ضمن ما يُعرف بمصطلح (peacock) باللغة الإنكليزية. هذا الميل تحوّل بدوره إلى نوعٍ من أنواع الضغط الاجتماعي، فأصبح الشعر القصير واجباً على النساء اللواتي يتخطين الأربعين وكثيرات هن النساء اللواني خضعن فعلاً لهذا الضعط وتخلين عن شعرهن الطويل اللامع لمجرد أنهن دخلن في العقد الرابع من العمر.

إلا أن الأمر يبقى مرتبطاً بقناعة المرأة وتطلعاتها، فبعض النساء لا يزال يحافظ على الشعر الطويل بعد منتصف العمر رغبةً في البقاء ضمن دائرة الاهتمام أو للفت انتباه الرجال على اعتبار أن الشعر الطويل الناعم واللامع هو الأكثر جذباً للرجال. لهذا السبب، نلاحظ أن نجمات الموضة والسينما والروك اديبي هاري وكيم غوردون وغريس كودينغتون وديمي مور وصوفيا لورين يحافظن على طول شعرهن الأمر الذي يمثل مجرد امتداد لشخصية كلّ منهن.

الموضوع نشر للمرة الأولى على صفحات ڤوغ العربية عدد شهر مايو 2021 

أقرئي أيضاً: النجمة اللبنانية سيرين عبد النور تلفت الأنظار بلوك جديد

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع