كان فستان ماركيز ألميدا ذو الكمّين الطويلين والمرصّع بالترتر الذي كانت ترتديه الممثلة الكويتية هيا عبد السلام ثقيلاً بما فيه الكفاية حتى قبل أن ترتديه هذه الرائدة وتغوص به في مياه المحيط الهندي. ولكن، لم تبدو عليها أي علامات تذمّر حينما خرجت به رويداً رويداً من البحر واتخذت وضعية التصوير أمام عدسة المصوّر الفوتوغرافي جيانلوكا فونتانا على شواطئ منتجع بولمان المالديڤ ماموتا. وخلال ذلك، تصرفت هيا باحترافية في كل الأوقات.
ومنذ الصباح الباكر، بدايةً من مراحل العناية بشعرها ووضع المكياج لها، التي انطوت على صبغ خصلات شعرها الأحمر الزاهي القصير بالبني الثري، ووصولاً إلى الصور التي التقطت لها في المساء، حينما أخذت تخفي جسمها المرتجف في المياه الباردة، ظلّت هيا ملتزمةً بكل سعادة بينما بقيت منتبهةً حرصاً على احتشام إطلالاتها. تعلق قائلة: “أحبّ التصرف باحترافية، ويعجب الناس بي لهذا السبب”، وتضيف: “سأبذل كل ما أستطيع، وبعدها يمكن أن نقرر ما إذا كانت الصور ملائمة أم لا”.
وبينما انعكس وميض المياه على سطح الرصائع المعدنية التي تزيّن الفستان، أوضحت الممثلة أنها مسرورة بهذا المشهد الذي يبعث على السلام في المالديڤ. تعلق: “إنها برأيي الرحلة المثالية، فهي تشبه شخصيتي تماماً”، وتضيف: “أحب العيش في مكان هادئ وخالٍ من الضوضاء. وأحب السباحة، والحيوانات، والشاطئ، واكتساب اللون البرونزي”.
وتعلم هيا، البالغة 36 عاماً والتي سيطرت على الشاشة الصغيرة لأكثر من 10 سنوات خلال عملها ما بين ممثلة ومخرجة، أن مسارها المهني لم يكن ممهّداً. ولأنها كانت خلال طفولتها خجولةً ولم تحب الواجبات المدرسية، فلم تؤهلها علاماتها لدراسة تصميم الديكورات الداخلية كما تمنّت؛ وإثر ذلك أقنعتها عائلتها بالتسجيل في تخصص الدراما بالكلية بدلاً من ذلك. ورغم أنها تخرّجت، لم يستهوها ذلك التخصص؛ فالتحقت بالعمل في السكرتارية إلى جانب عملها مساعدة ديكورات في المسلسلات التلفزيونية، حيث شاركت في نقل معدات الإضاءة من مكان إلى آخر. وفي الكواليس، اكتشفت شغفها بالإخراج، ومن ثمّ بالتمثيل.
وكان ظهورها الأول على الشاشة الصغيرة في مسلسل ’أم البنات‘، إلى جانب الممثلة الكويتية الأسطورية سعاد عبد الله التي تعدّ حتى يومنا هذا الشخصية الأكثر تأثيراً على هيا (إلى جانب الممثلة حياة الفهد). ومن هنا، شقّت هيا طريقها نحو عديد من المسلسلات التلفزيونية التي فازت بالجوائز، ومنها مسلسل ’ساهر الليل‘ بأجزائه الثلاثة، الذي يصوّر الحياة في الكويت إبان الغزو العراقي بين حقبتيّ الستينيات والتسعينيات.
ولدى سؤالها عن المساواة بين الجنسين في هذه الصناعة، أبدت الممثلة تحفظها. تقول: “الأنثى هي النجمة في هذه الصناعة”، وتضيف: “إنها ليست مثل هوليوود حيث يحصل الذكور على أجور أفضل. والأمر هنا على عكس ذلك. ربما يكون ذلك بسبب كثافة عدد المشاهِدات من النساء، ولكن المرأة هي العنصر الأهم، وهو أمر رائع”. ورغم كونها من ألمع مشاهير الشرق الأوسط، حيث حصلت على جائزة أفضل ممثلة في عديد من المهرجانات السينمائية العالمية فضلاً على قائمة طويلة من الأوسمة من المهرجانات الرمضانية في الكويت على مر السنوات، فإن هيا التي يحظى حسابها على انستقرام بـ6.7 مليون متابع تشعر بالارتياح البالغ حينما تكون خارج دائرة الضوء. وتكشف النجمة، التي تزوجت من زميلها الممثل والمنتج فؤاد علي قبل خمس سنوات، بينما توضح أن مسكنها يحتضن تسعَ قططٍ وكلباً: “أحب البقاء في المنزل، إنه مكاني المفضّل”، وتضيف: “فقط أستلقي وأشاهد التلفزيون. وبذلك أكون سعيدة”. وتضحك بصوت عالٍ قائلةً: “هناك شيء نفعله سراً. زوجي يهوى ركوب الدراجات النارية. وحين نضع خوذتينا لا يتعرف إلينا الناس، لذا نشعر بالسعادة حين نمر بجانبهم. وهي فرصتنا لنكون من عامة الناس”.
وفي إطار مشروعهما الحالي، تقف هيا أمام الكاميرا، أما زوجها فؤاد فيشارك ضمن فريق الإنتاج. وعنه تقول: “إنه مسلسل رمضاني من 30 حلقة بعنوان ’مانيكان‘. وتدور أحداثه عن مجموعة نساء يعملن في متجر لتفصيل الأزياء يحاولن التعايش مع لعنة عائلية تقضي باستحالة أن يكون في حياتهم أي رجال. وهو مسلسل فانتازيا يحمل رسالة عن تمكين النساء“.
ولطالما كان موضوع قوّة النساء حاضراً في حياتها منذ ميلادها. تقول مبتسمةً: “أمي امرأة قوية وهي أفضل صديقة لي”، وتضيف: “تغطي رأسها، وترتدي الحجاب و العباية ولكنها تتمتع بثقة تامة تضمن أن تكون فائقة الأناقة. أدعها تختار أزيائي، فلديها ذوق كلاسيكي رائع”. أما هيا نفسها فتفضّل إطلالات الكاجوال بارتداء بناطيل الجينز مع التيشيرتات، ولكنها مولعة بإكسسوارات شانيل.
“كان ارتداء الأزياء بتكلّف استعداداً لجلسة التصوير أمراً غريباً بعض الشيء عليّ لأني أفضّل أزياء الكاجوال، ولكني أحببتها. لقد كانت طريقة للاحتفال بنفسي”، هكذا صرحت بابتسامة، بينما وضعت إحدى يديها على شعرها القصير المبلل. وبينما أطلقت تنهيدة رضا، استلقت في مسبح إنفينيتي اللامنتهي، وأخذت تستمع إلى صوت المياه التي تتلاطم بهدوء بينما تعكس عيناها ألوان الأزرق والأخضر التي تغمر المنتجع النائي الذي تستجم فيه.
نشر للمرة الأولى على صفحات عدد يناير 2020 من ڤوغ العربية.
اقرئي أيضاً ڤوغ تقيِّم مرافق وخدمات فندق بارك حياة جدة