فيما يقترب موسمُ مهرجانات السينما التي تقام في الخريف وتشهد إقبالاً واسعاً من رواد صناعة السينما العالميين -مثل مهرجان البندقية السينمائي، ومهرجان تورنتو السينمائي، ومهرجان نيويورك السينمائي – من نهايته إيذاناً ببدء موسم الشتاء الحافل باحتفالات توزيع الجوائز وأمسيات عشاق السينما، يترقب الجمهورُ في الشرق الأوسط افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي هذا الأسبوع، لتكتمل بذلك هذه السلسلة البراقة من المهرجانات بحدث يقام في منطقتنا.
ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي السنوي ليس فقط الأقدم والأضخم من نوعه على مستوى المنطقة، وإنما الوحيد المعتمد دولياً في الشرق الأوسط وأفريقيا، ويملك تاريخاً حافلاً في بناء جسور التواصل بين السينما العربية والعالمية يمتد لعقود شهدت تقديم العروض الأولى للأفلام التي حازت على ثناء النقاد، واستقطاب المواهب اللامعة، وعقد الندوات البنّاءة. وإلى جانب ذلك، أصبح هذا الحدثُ أولَ مهرجان سينمائي عربي يُوقّع على ميثاق المساواة بين الجنسين المعروف باسم “5050×2020” في أكتوبر الماضي، الذي بموجبه يلتزم بتعزيز الشفافية، وإعلان الإحصائيات المرتبطة بنسب مشاركة النساء، والمساواة بين الجنسين في جميع فعالياته.
وقال محمد حفظي رئيس المهرجان: “مرّ مهرجان القاهرة السينمائي بأوقات صعبة كثيرة وعانى سوء الإدارة بسبب التغيّرات السياسية والاجتماعية في البلاد. ولكنه يحاول حالياً إعادة ترسيخ موقعه الريادي بين المهرجانات العربية. فهو يلعب دوراً مهماً ليس فقط لأنه أقدم مهرجان يقام سنوياً في المنطقة، بل لأنه الوحيد الذي يقام في القاهرة، عاصمة الشرق الأوسط للسينما والترفيه طوال القرن الماضي”.
وستبدأ الدورة الـ41 من مهرجان القاهرة السينمائي والمهداة لروح يوسف شريف رزق الله، الناقد السينمائي المصري والمدير الفني للمهرجان لسنوات طويلة، يوم 20 نوفمبر بدار الأوبرا المصرية. ويحفل المهرجان، الذي يستمر 10 أيام، بالأحداث السينمائية المهمة، منها عرض 150 فيلماً ما بين روائي طويل وتسجيلي قصير، منها 30 فيلماً ينفرد المهرجان بعروضها الأولى عالمياً، و90 فيلماً تُعرض للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ورغم أن المهرجان يعرض أفلاماً من 63 دولة حول العالم، إلا أنه سيواصل زيادة التمثيل العربي بعرض 20 فيلماً مختاراً من المنطقة.
وقال حفظي: “نعتزم خلال دورة هذا العام عرض مجموعة رائعة من الأفلام مع العديد من العروض الأولى. والأهم من ذلك، أننا نستهدف تقديم عرض أول لأحد الأفلام العالمية سيشكل مفاجأة للجمهور؛ وهو شيء لم يحدث في مهرجان القاهرة السينمائي منذ سنوات طويلة”.
وكان المهرجان قد كشف مؤخراً عن افتتاح دورته الـ41 بعرض فيلم “الأيرلندي” لأول مرة في الشرق الأوسط، للمخرج الشهير مارتن سكورسيزي وبطولة الممثلين الفائزين بجوائز الأوسكار روبرت دينيرو، وآل باتشينو، وهو التعاون الرابع بينهما على شاشة السينما. كما ستشارك ألمع المواهب العالمية في لجنة التحكيم، منهم كاتب السيناريو الأمريكي والمخرج الحائز على جائزة الأوسكار ستيفن غاغان، وكاتب السيناريو والمخرج الإيطالي دانيللي لوكيتي، والمنتجة المغربية لمياء الشرايبي، والممثلة الصينية كين هايلو، والذين سيقررون مَن سيفوز بجائزتيّ الهرم الذهبي والهرم الفضي لأفضل فيلم وأفضل مخرج على التوالي.
كما سيكرم المهرجان خلال هذه الدورة كاتبَ السيناريو والممثل البريطاني الأمريكي تيري غيليام المعروف بدوره في الفرقة الكوميدية مونتي بايثون، والمخرج المصري شريف عرفة، والممثلة المصرية منة شلبي بإهدائهم جوائزه لإسهاماتهم المهمة في صناعة السينما.
ويعتزم المهرجان هذا العام التركيز على ثلاثة أفرع هي: الواقع الافتراضي، وعروض منتصف الليل، والعروض الأولى للأفلام لاستقطاب أكبر حشد من الجماهير وتوسيع نطاق المحتوى المقدم خلاله. وبعد نجاح أيام القاهرة لصناعة السينما في العام الماضي، تعود هذه الفعالية في نسختها الثانية لتقدم منصة للسينمائيين الصاعدين للاشتراك في ورش العمل، والندوات، والدروس الاحترافية التي يقدمها أقطاب الصناعة الذين حققوا نجاحاً كبيراً، وذلك لتعزيز الساحة السينمائية المحلية. كما يتيح المهرجان للطامحين من السينمائيين العرب فرصة الفوز بدعم مالي يصل إلى 200 ألف دولار أمريكي لاستكمال مشاريعهم.
ورغم أنه لم يتبق سوى يوم واحد يفصلنا عن المهرجان، إلا أنه بدأ بالفعل يشكل حدثاً تاريخياً، لا لعالم السينما الإقليمية فحسب بل وعلى المستوى العالمي أيضاً.
اقرؤوا الآن: المصممون العرب يجتاحون السجادة الحمراء في مهرجان البندقية السينمائي