تابعوا ڤوغ العربية

أكثر من مجرد فستان: هذا ما ينطوي عليه ابتكار فستانٍ راقٍ من شانيل

أدوت أكيش بيور تختتم عرض شانيل للأزياء الراقية لخريف 2018

تسرد مديرةُ أتيلييه شانيل فلو للأزياء الراقية، أوليڤيا دوشيه، بالتفصيل مراحل العمليات الفريدة لابتكار فستان الزفاف الراقي لمجموعة خريف وشتاء 2018، وتكشف السبب الذي من أجله يعتبر عمل حِرفيات الحياكة والترصيع هذا قطعةً فنيّةً بامتياز.

لا حاجة للبحث خارج انستقرام لمعرفة أن النساء بتنّ يخترن جميع موديلات الفساتين ليوم زفافهن. وفي عرض شانيل للأزياء الراقية لخريف وشتاء 2018، وعلى خلفية باريسية اصطناعية شُيِّدت أسفل القبة الزجاجية بالقصر الكبير، اختتمت العارضةُ السودانية أدوت أكيش بيور العرضَ بتصميم ضيق بالأخضر اللوزي تضمّن سترةً ذات سحَّاب وياقة ضابط مصنوعة من نسيج صوفي مطرَّز، وتحتها استقر فستان زفاف بلا أكمام ذو ياقة دائرية مصنوعة من القماش ذاته ومنمّقة بتنورة تحتية مضفورة من نسيج الكريب الساتاني.

قليلون فقط يستوعبون المجهود المضني والشاق الذي يتطلّبه ابتكار قطعة أزياء راقية. ووسط الأيام المحمومة التي سبقت جلسة التصوير، فتحت مديرةُ أحد مشغليّ فلو للأزياء الراقية التابعين لدار شانيل، وهي أوليڤيا دوشيه، أبوابَ مشغلها في شارع رو كامبون لتسلط الضوء على تقليد مغرق في القدم متاح لقلةٍ مختارة دون غيرها.

تقول دوشيه محذّرةً بينما توازن جلستها على مقعدٍ يستقر على بُعد مدى انتقال الصوت من الأتيلييه الذي تشرف عليه: “سأضطر للانصراف إن اتصلوا بي”. تفصلنا أيام قليلة عن بدء العرض، ويجري العمل بصمتٍ على قطع من الفساتين، ولا شيء يقاطع إيقاع أصوات الخياطة. تمتلك دوشيه خبرةً سابقة طويلة في العمل لدى واحدة من أعرق دور الأزياء الراقية في باريس، حيث بدأت مسيرتها المهنية قبل 13 عاماً في دار جيڤنشي، وقبل ذلك نما شغفها بالخياطة مع رؤية والدتها “تخيط دائماً -الستائر والفساتين- وأصبح من الطبيعي بالنسبة لي أن أفعل شيئاً بيدي أيضاً. لطالما أردتُ عملاً إبداعياً. إن الرضى الناتج عن رؤية شيءٍ تدبُّ فيه الحياة أمرٌ سحري”.

نُشِر للمرة الأولى على صفحات عدد أكتوبر 2018 من ڤوغ العربية.

وفي نهاية المطاف، سعت دار شانيل لتوظيفها. ومن جانبها، بذلت دوشيه جهودها خلال مقابلات العمل التي استمرت على مدار ستة أشهر. تقول مستذكرةً تلك المرحلة: “كانت مقابلتي مع كارل لاغرفيلد هي الأخيرة”، وتؤكد: “لقد جعلني أشعر بالارتياح حقاً. يمكنكم الاعتماد عليه في هذا”. وتضيف: “لم أعرف ماذا أقول أو كيف أروِّج لنفسي. عندما وصلت ومشيت باتجاهه في الطرف الآخر من الأتيلييه كان أول شيءٍ قاله: ’أوه لا لا، أنتِ شابة صغيرة!‘ وبعد نصف ساعة سألني: “متى تبدئين [العمل]؟‘ اعتقدت أنني سأبكي. إنها أجمل ذكرياتي”.

تطريزات أوراق الزيتون باستعمال عيّنة وافق عليها كارل لاغرفيلد. بإذن من شانيل

وكانت بدايتها نقطة انطلاق دورة لا نهائية من الابتكار. وبوصفها مديرة أحد المشغلين -وهو فلو، المخصصين للأزياء الراقية الأثيرية والمنسابة– فإن مراحل العمل التي تشرف عليها تتمم مراحل عمل مشغل التيور المخصص لابتكار أزياء راقية ورسمية وقوية. ولا تستعمل أيٍ من ورش العمل الخامات أو التقنيات ذاتها، ولكن نتاج عملها يُعرض سوياً، وفستان -مثل فستان الزفاف ذاك- يمكن مشاركة ورش متعددة فيه. وبالنسبة لهذا التصميم الراقي، ابتكر مشغلها فستان الزفاف في حين صنع أتيلييه التيور السترة، بينما أُرسِلت بقية العناصر إلى مشاغل شانيل المتخصصة العديدة. وقد تطلبت تطريزات إطلالة العروس وزركشاتها 530 ساعةً من العمل من أجل أن ينفذ مشغل مونتيكس تطريز 82 ألف و500 قطعة من الترتر والخرز، حيث صُنِعت أوراق الزيتون والزركشات المضفورة باستعمال 62 ألف و500 قطعة ترتر تتخذ شكل زبدية، و20 ألف خرزة روكاي، وهي مطرَّزة باستعمال إبرة الكروشيه لونيڤيل. وقد حيكت تطريزات لونيڤيل على الجانب السفلي للقماش فوق قالب للتطريز، حيث تمسك إحدى اليدين بالإبرة في حين تسحب اليد الأخرى برفقٍ الترتر والخرز لأسفل القالب. وبعدها جُمعَت الأوراق لتشكل أغصان الزيتون باستعمال إبرة.

وقد استوحيت هذه الأغصان -التي ترمز إلى السلام أو النصر- وتزيّن السترة، مباشرةً من البذلات المدنية الخضراء التي كان يرتديها أعضاء الأكاديمية الفرنسية، الذين يمثلون نخبة المثقفين الفرنسيين.

وبعدها تمت إضافة زركشات الضفائر، على طول السحّابات على الأكمام وكذلك على سحّاب الفستان. وقد أشار لاغرفيلد إلى هذا التصميم بوصفه قصَّة “رفيعة المستوى”. “بإمكانكِ إغلاق الأكمام أو فتحها. كما يمكنكِ فتح التنورة، وتبدو فتحة الساق أكثر جمالاً من الجانب، ما يمنحكِ ساقاً بطولٍ لا متناهٍ”. وبعد الانتهاء من الفستان، أُضيف إليه إكسسوارات مؤلفة من طرحة فاتنة من ميزون ميشيل، وحذاء طويل الساق مصنوع من جلد الحمل بالأخضر اللوزي من دار هاوس أوف ماسارو طُرِّز في مشغل مونتيكس.

وفي معرض وصفها لعملية ابتكار الأزياء الراقية تقول دوشيه مبتسمةً: “أنتظر المجموعة بفارغ الصبر”. وبعد تلقيها اسكتشات لاغرفيلد، يبدأ العمل بلا توقف من الساعة التاسعة صباحاً إلى التاسعة مساءً على مدار خمسة أسابيع. تصرح بالقول: “عليَّ حقاً أن أكون حاضرة مئة بالمئة من أجل كارل”. وتردف: “نحن في مرحلة الابتكار وأنا أعشقها. فمع فريقي الذي يضم 40 فرداً -37 خياطة حرفية وثلاثة رجال- نعمل جميعاً بدقة وصبر. لا يمكنكم الاستعجال عندما تفصِّلون أزياء راقية”. وبعد دراسة الاسكتشات، تبتكر دوشيه أنماطاً وتنظم تخطيط الفستان وتنفيذه. وبعدها تُركِّب لوحة قماشية.

جمع القطع المطرَّزة. بإذن من شانيل

ومن ثمَّ تتم الموافقة على القماش والتطريزات – إن لم يخترها لاغرفيلد مسبقاً. وبعد جلسة قياس، يُرسَم نموذج على ورق شفّاف من أجل إضافة التطريزات. تقول مؤكدةً: “عليَّ أن أُطلع كارل كيف تبدو القطعة بأسرع وقتٍ ممكن، فهو يصل إلى الأتيلييه مساءً، بين الساعة السابعة والتاسعة، ومن النادر جداً أن يقوم بتغيير شيء. حتى إنه يكون قد قرّر سلفاً كيف سيتم إغلاق الفستان، وحدد عدد الأزرار التي تثبت عليه. فخمسة أزرار لا تعني مطلقاً أربعة”. ويعزو لاغرفيلد الفضل إلى فريق الدار ومشاغل خارجية متعددة، استثمرت فيها شانيل على مرِّ الأعوام وفي أحيان كثيرة تملكها بالكامل. يعلِّق لاغرفيلد بالقول: “مفهوم الهوت كوتور هو طريقة لصنع الفساتين. نحن محظوظون بمشاغل تعرف كيفية القيام بكل شيء”، ويضيف: “لصنع التطريزات وجميع تفصيلات القصات، تحتاج إلى حرفيين يتحلُّون بذوقٍ تقليدي. لو لم تشتري شانيل كل تلك الدور، لا أعلم كيف كنَّا سنقوم بهذا. ما أحبه هو أن لدي الإمكانية لابتكار أي شيء أريده، بأفضل الظروف الممكنة، ومع أفضل الأشخاص. إنه ترفٌ بالغٌ”.

وفي وقتٍ لاحقٍ من ذاك الأسبوع، تم الكشف عن الإطلالات الراقية البالغ عددها 68 إطلالة، بما فيها فستان الزفاف الأخضر اللوزي. وقد تهادت أكيش بيور بجانب أكشاك بيع الكتب المستعملة ممسكةً بيد عارضٍ صغير (هو ابن لاغرفيلد بالمعمودية)، هدسون كرونيغ، وقد انضم إليهما المصمم في نهاية العرض. لقد بدا لاغرفيلد، الذي يعيش في باريس منذ أن كان في الثامنة عشرة من عمره، مثل سمكة في الماء على خلفية ضفة النهر من خلفه، والذي، وبالرغم من شهرته وثرائه، نادراً أو (ربما لم يحدث ذلك مطلقاً) ما حظي بفرصة الاستمتاع بجولةٍ بجانبه في الصباح.

العارضة أدوت أكيش بيور خلال الجلسة الأخيرة لقياس الفستان من مجموعة شانيل للأزياء الراقية لخريف 2018. بإذن من شانيل

توضح دوشيه، لدى الحديث عن انطلاق الجزء الثاني من رحلة الفستان بعد عرضه المذهل، بالقول: “بعد العرض، تأتي بعض الزبونات إلى الصالون لرؤية الفساتين عن قُرب”، وتضيف: “بعض الزبونات يردن التصميم تماماً مثلما تم صنعه، في حين ترغب أخريات بإدخال تعديلاتٍ عليه. بوسعنا القيام بالقليل من التعديلات فحسب”، تقول مؤكدةً وتردف: “أن نجعله مناسباً لامرأة ما مع الحفاظ على تصميم كارل”. ومن تسجيل الطلب حتى توصيل الفستان، يمكن للزبونة أن تنتظر من ثلاثة إلى أربعة أشهر، في حين يمكن أن يستغرق فستان زفاف راقٍ وقتٍ أطول ليتم الانتهاء من صنعه.

وتشير دوشيه إلى أن الأشهر التي تعقب العرض تعتبر أكثر انشغالاً من الأسابيع الخمسة التي تسبق الكشف عن المجموعة. تقول: “أسافر كل ثلاثة أسابيع حيث تقدم الأزياء للعديد من الزبونات -في لندن ودبي– إذ نعرض المجموعة بكاملها للنساء اللواتي لم يشاهدنها في باريس”. ويتم بيع فستانٍ واحدٍ في كل قارة. وتكشف لنا بنظرةً عارفة بالقول: “علينا أن نتوخى الحذر، إذ تمتلك زبوناتنا منازل حول العالم، وإن حصل أن حضرت امرأتان الفعالية ذاتها بفستان راقٍ متطابق من شانيل سيكون ذلك محرجاً”، مضيفةً: “ولهذا السبب نبيع الفستان نفسه مرتين فقط”.

والآن اقرئي: بريانكا شوبرا تحتفل بتوديع العزوبية خلال عطلة نهاية الأسبوع متألقة بأزياء راقية

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع