لا نبالغ إذا قلنا إن فنون تصميم الأزياء تسري في عروق آن ماري كيرلس. وتروي المصممة الشابة، التي تنحدر من عائلة ذات باع طويل في عالم صناعة الأزياء والمنسوجات في مصر: “كان جدي كيميائياً وأسس شركة كانت تتولّى تنفيذ كل ما يتعلق بصناعة المنسوجات وصباغتها وإنتاج الملابس. كما أن والدتي أسست أيضاً علاماتها الخاصة. وتصنع مع أفراد عائلتي الملابس وتصدرها إلى كبرى علامات الأزياء العالمية إلى جانب إنتاج الزي الرسمي للفنادق الفاخرة وشركات الطيران”.
وقد قررت المصممة الشابة، التي تخرجت في جامعة سنترال سانت مارتنز (تعد أول مصممة أزياء مصرية تحصل على درجة علمية من هذه الجامعة اللندنية المرموقة والتي درس بها كل من ألكسندر مكوين، وجون غاليانو)، أن تسير على درب عائلتها فأطلقت علامتها الخاصة في شهر سبتمبر الماضي، بالشراكة مع مجموعة بركة. تقول: “الأزياء بالنسبة لي أكثر من مجرد تصاميم لافتة أو متميزة. فقد وُلدت من رحمها، وتعلمتها، ولم يخطر ببالي أن أعمل أي شيء آخر سوى تصميم الأزياء”.
وبوحي من الملكة المصرية ’تي‘ جدة توت عنخ آمون، لم تراودها فكرة إطلاق علامة للأزياء النسائية سوى منذ خمسة شهور فقط. وتروي: “كنت أخطط للإقامة في نيويورك والعمل بضع سنوات قبل العودة إلى القاهرة. ولكن ما إن عدت إلى وطني حتى بدأت العمل في شركة عائلتي، ما قدم لي رؤية تفصيلية عن السوق في مصر فأدركت أن ثمة فجوة عميقة بها”. وشرعت في البحث عن مستثمرين، حتى تمكنت من التواصل مع مجموعة بركة، التي قررت تأسيس شراكة معها وتحقيق حلمها في إطلاق علامة لها. ومن هنا ولدت ’تي‘.
ومن أجل العلامة التي تتميز تصاميمها بروح البساطة، أخذت كيرلس تبحث عن الإلهام في المتاحف، والمعارض، وتراثها المصري العريق. وتقول: “لا أصمم سوى ما أود أن أرتديه حقاً”، بينما تضع مفهوم تمكين المرأة في صدارة علامتها، لتعلن: “كانت ’تي‘ أول ملكة تقف في تماثيلها شامخة وعلى قدم المساواة مع زوجها في جميع المتاحف. وهي الشخصية التي يتعين على جميع النساء التطلع إليها”. وبتصفح دليل تصاميمها، لا يسع المرء سوى الإيمان بأن الأزياء التي تتضمنها هذه المجموعة كانت سترتديها الملكة المصرية لو كانت على قيد الحياة. ومن أجمل قطعها البذلات الجذابة بالألوان الزاهية للأزرق الملكي والأحمر، والسترات الواسعة الفضفاضة، والفساتين السوداء التي تنسدل باتساع، والبناطيل المفصلة بإتقان، وكلها تزيد من جمال هذه المجموعة وبهائها. ولكن، ما أكثر التصاميم التي تلفت الانتباه؟ إنها الأغطية طويلة الساق التي توضع على الأحذية، والتي تُمكّنكِ من تغيير إطلالاتكِ في أقل من الثانية. وتوضح المصممة، التي تصف علامتها بأنها علامة للأزياء الراقية المفعمة بالفخامة: “بدلاً من شراء خمسة أحذية مختلفة بكعبٍ عالٍ، يمكنكِ شراء حذاء واحد مريح مع مجموعة من الأغطية طويلة الساق التي يمكنكِ وضعها بسهولة لتغيري إطلالتكِ فوراً”.
وتهدف العلامة باستخدام نسيج التَلّي، أحد فنون التطريز التراثية التي تتقنها سيدات قرية شندويل بمصر، في تصاميمها إلى رفع شأن النساء عبر التعاون مع أكبر عدد ممكن من الحرفيات المحليات. وتوضح آن: “وأسعى أيضاً إلى إسناد جميع أعمال التطريز إلى النساء اللواتي يقطنّ في المنازل المنتشرة على جوانب الطرق السريعة في مصر ممن يعملن من داخل منازلهن تلبيةً لرغبتهن في ألا يبتعدن عن أدوارهن كربات بيوت، مع توفير دخل جيد لعائلاتهن”، وتضيف: “إطلاق علامة تؤثر [إيجابياً] على صورة مصر وتسهم في التنمية الاقتصادية لأمر يثير في نفسي الفرحة، وأتطلع لأكون جزءاً من ذلك”.
وبالتطرق إلى الانتقادات التي طالت صناعة الأزياء لآثارها السلبية على البيئة، كتلوث المياه، واستخدام المواد الكيميائية السامة، وزيادة مستويات نفايات المنسوجات، تسعى المصممة المصرية إلى مواجهة هذه القضية باستخدام المواد مستدامة المصدر. فواقع الحال يؤكد أن مستقبل صناعة الأزياء سيكون بين أيدي العلامات والمصممين الذي يدعمون التغيير، وآن تستوعب تماماً هذا المفهوم. ومع استخدام العلامة للمنسوجات التي تراعي مصادرها القواعد الأخلاقية، والأقمشة الصديقة للبيئة، لن تقع المتسوقات في حيرة الاختيار بين الرغبة في التسوق بوعي أو الاهتمام بأناقة المظهر فقط. وتبدع المصممة المصرية –التي تعتزم افتتاح متجر لها بمول العرب في أوائل شهر نوفمبر– أزياءً لجميع النساء من مختلف الأعمار والأحجام (بمقاسات تصل إلى 50) لن تجعلكِ تتألقين بكامل أناقتكِ فحسب، بل وتشعرين بالرضا عن نفسكِ أيضاً.
الآن اقرئي: درة زروق تتوهج كالسندريلا في حفل توزيع جوائز السينما العربية لعام 2018
تصوير: عمرو عز الدين من شركة أنيمالوول
تصوير الفيديو: سيرجي بلاناس من شركة أنيمالوول
الإخراج الفني: إيكون شيبا
الإنتاج: سناب 14
المكياج: ديانا حربي
تصفيف الشعر: مايكل من صالون فلير آند فلير
العارضة: ڤيكا بيروشيڤا من وكالة إيجنت مانجمنت
