يفتح معرض جديد لكريستيان ديور أبوابه في الدوحة هذا الشهر، ويقدم تسع إطلالات رائعة مستعارة من صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر نعرضها حصريًا في هذا الموضوع
تتمتع قطر وفرنسا بعلاقات وثيقة تمتد لسنوات، وتشمل المجالات الفنية والثقافية والفندقية الفاخرة والرياضية. ومن مظاهر ذلك مجموعة آل ثاني التي ستعرض قريبًا تشكيلتها الواسعة بفندق لا مارين العريق في باريس. وتملك قطر علامتيّ “ڤالنتينو” و”بالمان”، ولا يمكن إغفال امتلاكها كذلك نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم. وعلى سبيل المثال لا الحصر، قدم معرض “مهراجا الهند” بمتحف الفنون الزخرفية في 2019 قطعًا مستعارة من المجموعات القطرية، كما صمم المهندس المعماري الفرنسي جان نوڤيل متحف قطر الوطني في الدوحة.
وداخل مبنى M7 -الذي يحتضن مركز قطر للابتكار وريادة الأعمال في مجالات التصميم والأزياء والتكنولوجيا ويتبع هيئة متاحف قطر التي تقودها سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني- سيفتح معرض “كريستيان ديور: مصمم الأحلام” الذي تقدمه متاحف قطر، أبوابه خلال الفترة من 6 نوفمبر إلى 31 مارس 2022. ويعلق أوليڤييه غابيه، القيّم على المعرض ومدير متحف الفنون الزخرفية والرجل الذي يقف وراء مشروع متحف اللوفر أبوظبي، على هذا الحدث قائلًا: “في عالم اليوم الذي يعمل على الموازنة بين المحلية والعالمية، أؤمن بأنه أول معرض استعادي حقيقي للموضة على الإطلاق يقام في هذه البقعة من العالم. إنه حقًا معرض رائد، وأعتقد أن هذه الكلمة تصف ببلاغة ما تمثله “ديور” والدوحة اليوم. فالموضة صناعة عالمية، ولكن لا بد لها أن تكون كذلك تجربة عالمية قريبة من أنواع البشر كافة”.
ويصف غابيه الرموز المميِّزة للبلد ودار الأزياء بهذه الكلمات: “الإبداع والتقاليد والمستقبل والاستدامة والحوار والبحث والقوة والأمل والانفتاح…”. ويضيف متحدثًا عن المديرة الإبداعية للدار قائلاً: “الكلمات جسور، نحن بحاجة إليها، وكثيرًا ما تستخدمها ماريا غراتسيا كيوري في عروضها ومجموعاتها”. يُذكر أنه عند وضع تصور للمعرض، روعي أنه من الضروري أن تتسم أي فعالية عن كريستيان ديور في الدوحة بروح تتحلّى بالتميز والدقة الشديدة في التنظيم.
ويشير غابيه: “يجب أن يكون العرض قويًا: مثل معرضي باريس ولندن”. ومن استعارة القطع المناسبة إلى اختيار قطع من قسم التراث في دار “ديور”، كان غابيه يعلم أن نجاح نسخة هذا المعرض في الدوحة يكمن في أيدي القطريين أنفسهم بطلب من دار ديور للأزياء، قد أعارت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، تسعة فساتين صممتها لها دار”ديور” على مدار سنوات. وعن هذا العرض السخي الذي قدمته سموها يقول غابيه: “إنها فرصة لا مثيل لها. لقد اعتدنا أن نعرض للزائرين نماذج أولية من المجموعات أو فساتين ڤينتج نادرة، ولكننا لم نتوقع أبدًا أن نعرض طلبيات خاصة بعميلات استثنائيات”.
وتشمل المعروضات تسع إطلالات من “ديور”، من بينها جاكيت ملتف باللون الفوشيا مع تنورة طويلة باللون الكحلي ارتدتهما الشيخة في زيارتها لقصر ويندسور أثناء لقاء الملكة إليزابيث الثانية ودوق إدنبرة الراحل الأمير فيليب خلال افتتاح مؤسسة قطر بلومزبري للنشر؛ وبدلة بتنورة بالأخضر الزمردي مع شال مماثل كانت قد ارتدتهما في حضور صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير قطر السابق، على مأدبة أقيمت أثناء زيارة دولة رسمية للهند؛ وفستان عاجي ارتدته سموها في حفل استقبال خاص أقيم بقصر الوجبة بمناسبة الاحتفال بافتتاح متحف قطر الوطني؛ وبدلة بلون الحبر الأزرق ارتدتها في زيارة إلى قصر وستمنستر بلندن.
ستعرض هذه الإطلالات وغيرها الكثير –الإطلالات التسع بكاملها معروضة حصريًا على صفحات هذا الموضوع– إلى جانب إبداعات أخرى من الأزياء البارعة التي تألقت بها بعض الشخصيات الملكية من الماضي والحاضر، ومن بينها الأميرة مارغريت كونتيسة سنودون، والأميرة ديانا أميرة ويلز.
ويعدّ كريستيان ديور من أكثر الشخصيات التي تمتعت بعقلية متفتحة وثقافة واسعة في المجتمع الباريسي في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، بل وكان لديه حب اطلاع لا حدود له. ولأنه كان قارئًا نهمًا وزائرًا معتادًا للمتاحف والمعارض، فقد أحب السفر، وأصبح ذوّاقًا في مجالات عديدة، من قصر ڤرساي إلى الفن الإسلامي. واستمر الاحتفاء بحوار الثقافات على يد المديرين الإبداعيين الستة الذين خلفوه في “ديور”، وهم: إيڤ سان لوران، ومارك بوهان، وجيانفرانكو فيري، وجون غاليانو، وراف سيمونز، وماريا غراتسيا كيوري. “إنها حقًا قوة إبداعية رائدة، ومنفتحة تمامًا على الثقافات والحضارات الأخرى، والتي تكنّ لها كل احترام”، هكذا يؤكد غابيه موضحًا هدف كيوري من إقامة حوار مع الفنانين والحرفيين من شتى أنحاء العالم. ويردف: “قررت أن تكرس عملها للاحتفاء بالموضة والاحتفال أيضًا بالنساء من جميع الثقافات والأجيال والبقاع حول العالم”.
وخلال تنظيمه للمعرض، وضع غابيه هذا الحوار الجماعي نفسه على رأس قائمة أولوياته. يقول: “وضعت في اعتباري النساء اللواتي أسهمن في صناعة الموضة حتى أصبحت ما عليه اليوم، بداية من كاثرين ديور، شقيقة كريستيان وبطلة المقاومة، ووصولاً إلى جميع ملهماته والمتعاونات معه”. ويضيف: “فهذا يجبرك على الظهور بالمستوى اللائق كما ينبغي، فلا مجال لما دون ذلك -مع الوضع في الاعتبار النساء اللواتي سيأتين لزيارة المعرض في الدوحة– إذ إنهن يحببن الموضة، كما أنهن عميلات رائعات، ويرغبن بالتأكيد في معرفة المزيد وبالأخص ما يجري وراء الكواليس في عالم الموضة. إنهن انتقائيات في مطالبهن ولديهن حب اطلاع”. وفيما لا يمكن أبدًا معرفة ماهية الذكريات التي تظل عالقة بأذهان الزوار بعد انتهاء أي معرض، يأمل غابيه أن تسيطر على كل زائر فكرة الإبداع والجمال، والاحترام والخيال، وحب الاطلاع وتفتح العقل – أي: كل ما تمناه كريستيان ديور وما دأبت دار “ديور” على نقله إلينا منذ عام 1947. “آمل أن يغادر الزوار المعرض وهم مدركين إلى أي مدى يمكن أن تكون الموضة وسيلة رائعة للإبداع والتعبير عن المشاعر، فضلاً عن كونها شكلاً مستقلاً بذاته من التعبير الفني”.