تابعوا ڤوغ العربية

حليمة آدن وماريا إدريسي في حوارٍ يناقش حركة الأزياء المحتشمة

بعدسة زيغا ميلسيك لصالح عدد مارس 2018 من ڤوغ العربية

نُشِر هذا المقال لأول مرة على صفحات عدد مارس 2018 من ڤوغ العربية.

لقد تجاوزت حركة الأزياء المحتشمة مرحلةَ بزوغ فجرها حتى باتت تسطع بكلِّ جلاء في سماء عالم الموضة، وهي بالتأكيد ليست حالة طارئة وإنما ستبقى جزءاً لا يتجزأ من هذا القطاع.

منذ إطلاق أسبوع الأزياء المحتشمة في عام 2016 بمدينة اسطنبول، دخلت هذه الحركة إلى جدول الفعاليات الرئيسية حيث أصبحت تُقام بعد ذلك مرتين في لندن، كما أُقيمت منذ مدةٍ وجيزة في دبي خلال ديسمبر الفائت، إذ تهادت كلٌّ من العارضتين حليمة آدن وماريا إدريسي فوق منصة هذا الحدث الذي استمرَّ على مدار يومين، وشهد مشاركة مصممين مخضرمين وصاعدين من أكثر من عشرين بلداً في أربعين عرضاً، الأمر الذي ساعد على تعزيز مكانة المنطقة بوصفها عاصمة ناشئة للموضة.

وبينما قد تبدو هذه التطورّات نقلةً للأمام، فإن رواج الأزياء المحتشمة -التي تخفي مفاتن الجسم ولا تبرزها- ليس أمراً مفاجئاً على الإطلاق؛ إذ من المتوقع أن تصل قيمة إنفاق المسلمات على الأزياء إلى نحو 368 مليار دولارٍ أمريكيٍّ بحلول عام 2021. وبالنظر إلى هذا الطلب الهائل على الأزياء المحتشمة، تُرى هل هناك حاجة حقاً لتكريس أسبوعٍ لها؟ لا، ليس في اعتقاد آدن -أول عارضة أزياءٍ محجبة تشارك في العروض العالمية، بما فيها عرض  ألبيرتا فيريتي وعرض ييزي في موسمها الخامس- التي تقول: “في البداية، شعرت أن ذلك أمراً مهماً لأنه كان جديداً، وبالتجربة وتدارك الأخطاء يمكن تحسينه وإنجاحه، إلا أنني مع مرور الوقت أشعر الآن بأن الحاجة إلى ذلك لم تعد بتلك القوة، خصوصاً في مناطق المسلمين حيث امتزجت الأزياء الرئيسية مع المحتشمة بطبيعة الحال”.

بعدسة زيغا ميلسيك لصالح عدد مارس 2018 من ڤوغ العربية

وتوافقها في ذلك إدريسي، أول عارضةٍ مسلمة محجبة تظهر في إعلان لعلامة إم آند إتش، والتي تقول: “الأزياء المحتشمة طريقة عالمية في ارتداء الملابس، فهي مفتوحة أمام الجميع. وأعتقد أنَّ أفضل العروض على المنصات هي تلك التي تقدِّم إطلالاتٍ من أقصى طرفيّ الطيف وشيئاً بينهما. ومن المهم أن يشعر الجميع أن بإمكانهم إيجاد أزياء تناسبهم وتناسب أسلوبهم الخاصة في التأنق”.

وبينما أصبحت الأزياء المحتشمة منتشرةً على نطاق أوسع، تُصرُّ آدن أنها ليست بدعةً مؤقتة ستتغير مع المواسم، بل تقول: “إنها ليست مجرد طريقة في ارتداء الملابس، بل إنها أسلوب حياة. وبما أنَّ أصولها تنبع في الغالب من معتقدات دينية، فهي صيحة لن تزول مع الزمن”. إلا أنَّ العارضة ذات العشرين ربيعاً تسارع إلى الإشارة إلى أنه ليس بالضرورة أن تكوني مسلمة أو محجبة لترتدي أزياء محتشمة، ووكلاء التجزئة يدركون ذلك – فقد وسَّعت سلسلة متاجر ماركس آند سبنسر وسلسلة ماسيز نطاق خطوطهما لتضم مجموعاتٍ محتشمة.

بعدسة زيغا ميلسيك لصالح عدد مارس 2018 من ڤوغ العربية

وعلاوة على ذلك، تعاونت علامة يونيكلو مع مصممة الأزياء هناء تاجيما لإطلاق مجموعة من الأحجبة، وفي سوق المنتجات الفاخرة أطلقت علامات دكني، وأوسكار دو لا رينتا، وتومي هيلفيغر مجموعات لمرة واحدة لموسم شهر رمضان المبارك والعيد، كما أطلقت دولتشي آند غابانا مجموعة دائمة من الأحجبة والعبايات لاقت أصداء إيجابية جداً. وبفخرٍ تُصرِّح آدن: “منذ أقل من سنة، لم يكن هناك عارضةٌ محجبة واحدة على منصات العروض. وفي 2017، تمكنتُ من أن أجسّد ذاك التغيير في عالم الموضة الراقية فوق منصات العروض وخارجها”. وتردف بالقول: “أنا واثقة من أن المزيد من المحجبات سوف يدخلن الآن إلى هذا القطاع. وأنا متحمسة جداً لرؤية ما يخبئه المستقبل”.

أصبحت آدن، التي لم تخش مطلقاً التميُّز عن الأخريات، عارضةً تمثِّل “النساء من نفس خلفيتي الثقافية، نساء يضعن الحجاب، ونساء لا يخشين مواجهة التحديات التي قد تضعها الحياة في طريقهن. يمكن للصورة أن تقول ألف كلمة، وقد كان من المهم لي عندما يرى الناس صورتي، أن يجدوا شيئاً يلقى أصداء لديهم”.

بعدسة زيغا ميلسيك لصالح عدد مارس 2018 من ڤوغ العربية

وقد صعدت عارضة الأزياء صغيرة الجسم التي يبلغ طولها 165 سنتمتراً، والمولودة لأبوين صوماليين في مخيم للاجئين في كينيا وانتقلت إلى الولايات المتّحدة الأمريكية في سن السادسة، إلى عالم الشهرة بوصفها أول منافِسة محجبة تشارك في مسابقة ملكة جمال مينيسوتا. وقد وصلت إلى قائمة أفضل خمس عشرة متسابقة، وارتدت البوركيني في فئة بذلة السباحة. وقد لفت ظهورُ آدن على وسائل الإعلام بوصفها حسناء متألقة وواثقة من نفسها انتباهَ وكالة آي إم جي موديلز برئاسة إيڤان بارت، وعندها ولدت نجمةٌ جديدةٌ في سماء عالم الموضة.

وفي حين اختارت إدريسي عدم الظهور فوق المنصة كعارضة أزياء، إلا أنها تفخر بما حققته آدن، حيث تقول: “عندما سمعتُ لأول مرة أن هناك امرأة محجبة تسير فوق منصة العروض، انتابني الارتياح لأنني كنت أشعر بالوحدة في قطاع الموضة. كما شعرت بالارتياح أيضاً لدى رؤية إطلالاتها الجميلة وحسن تقديمها لها”. وتثني آدن بنفس الطريقة على العارضة البريطانية ذات الأصول المغربية والباكستانية إدريسي، التي تعتبر -ومع وجود أكثر من 74 ألف متابعٍ لها على انستقرام- وجهاً معروفاً في مجال الموضة المحافظة. تقول: “كنت متحمسةً للغاية لرؤية فتاة تشبهني تحصل على فرصة رائعة كهذه”.

وبالرغم من صعود “الجيل ميم” (إشارة إلى النساء المسلمات من جيل الألفية) بصفتهن إحدى الفئات الأكثر إنفاقاً في عالم البيع بالتجزئة، فإن نجاح آدن وإدريسي لم يتحقق بسهولة. تقول إدريسي: “على الرغم من أنني لم ألمس بشكل شخصي التحيّز ضد معتقداتي أو مظهري خلال فترة معيشتي في المملكة المتحدة، إلا أنني أشعر بالتأكيد أنه أمرٌ مازال البعض يجدون صعوبةً في فهمه في مشهد الموضة”، وتضيف: “ما زالت بعض العلامات أو المصممين يشعرون أنه يجب الاستعانة بالمرأة المحجبة عندما تكون ’ذات صلة‘ أو كوسيلة للفت الانتباه”.

بإذن من ماريا إدريسي

وبالنسبة إلى آدن، يتمثّل أحد أكبر الضغوطات المؤثّرة عليها في أن تكون مثالاً يُحتذى به. وعن ذلك تقول: “أحياناً أشعرني الخوفُ من خيبة ظنِّ المعجبات بي بالرهبة البالغة. تصلني الكثير من الرسائل من فتيات وأريدهن أن يعلمن أنني كنت قوية بما فيه الكفاية لأكون جزءاً من هذه الصناعة، مع عدم التنازل عن قيمي. لا أسمح أبداً لفكرة كوني الأولى بأن تخيفني أو تجعلني أنسحب من هذا المجال، فكوني من العِرق الأسود ومسلمة ولاجئة جعلت من قصتي أمراً يلقى أصداءً عند الكثيرات”.

والعارضتان متفائلتان حيال مستقبل الأزياء المحتشمة. تقول آدن: “أتمنى أن نتمكن من مواصلة الاحتفاء بالرجال والنساء من جميع مناحي الحياة لا أن تكون صيحةً تدوم موسماً واحداً فقط”، وتضيف: “يؤدي هذا القطاع دوراً رائعاً من خلال الثبات على مبادئه، وأنا مؤمنة بشدة أنه سيواصل إحداث تغييرات إيجابية”. وتدعم إدريسي أيضاً شمولاً أوسع فوق منصات العروض، حيث تقول: “أتمنى ألَّا يكون استخدام عارضات أزياء من خلفيات متنوعة جهداً رمزياً فحسب، بل طريقة حقيقية لتعزيز انفتاح عالم الموضة على الجميع. أتمنى رؤية المزيد من الأشخاص داخل صناعة الموضة يتحلُّون بروح الريادية والانفتاح”.

موضوع متصل: حليمة آدن في حوارٍ شيّق مع ڤوغ تتحدث فيه عن دبي والأزياء المحتشمة وأسرار النجاح

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع