تابعوا ڤوغ العربية

تعرّفوا إلى المصممين العرب الشباب الذين يغيِّرون مشهدَ الموضة في الشرق الأوسط

من تصاميم علامة سمسم

إن كان هناك أمرٌ بعينه تشتهر به النساء في الشرق الأوسط، فهو بالتأكيد ذوقهن الرفيع في اختيار الملابس؛ إذ تشق الأزياءُ الراقية متقنة الصنع طريقها نحو الرياض، وأبوظبي، والمنامة، وبيروت. وفضلاً عن ذلك، تصطف حقائب شانيل وأوشحة هيرميس فوق رفوف معطرة ومختارة بعناية بالغة، بينما تلفت أحذية لوبوتان وجيمي تشو الأنظار إليها. وبالنسبة للمرأة العربية، ليست هناك مناسبة أقل من أن تتفاخر تلك المرأة فيها بفستانها من إيلي صعب، وليس هناك اجتماعٍ أقل من أن تعرض فيه فستانها من زهير مراد. وفي حين سلط السيد صعب وأمثاله من المبدعين، على مدار العقود القليلة المنصرمة، الضوءَ على المنطقة بإبداعاتهم المذهلة على السجادة الحمراء، فإن دفعة جديدة من المصممين باتوا يستحوذون على اهتمام الجيل التالي من بنات العرب؛ وهي دفعة تمتاز برؤيتها الخاصة في دنيا الأناقة.

من تصاميم نبيل النيّال

في الأعوام القليلة الماضية، أصبحت الأزياء العربية أكثر تنوعاً؛ ففي حين كانت المنطقة تركز في بادئ الأمر على أزياء المناسبات، بات المصممون يزدهرون الآن في كل فئة من فئات الأزياء، من إطلالات الشارع حتى ملابس السباحة. والمصمم السوري المقيم في لندن نبيل النيّال واحدٌ من المصممين الشباب الجدد. ومؤخراً، تلقى منحة مالية من صندوق الموضة التابع لمجلس الأزياء البريطاني لمساعدته على تنمية علامته واستدامتها، والتي يستعين في تصاميمها بدلالات تاريخية يمنحها طابعاً عصرياً. يقول المصمم: “لديّ إطلالة محددة ترضي ذوق المرأة الشغوفة بالابتكار – وتحترم التاريخ وتبحث عن شيءٍ ذي قيمة ومعنى”. ويردف النيّال مؤكداً أن التصميم العربي هو للنساء الواثقات، فهو يحدد مكانته الخاصة عبر الارتقاء بمعايير التصميم [السائدة] بينما يحافظ على احترامه وتقديره للتراث العربي. وثمة موهوبة أخرى تتبع البُعد الاستراتيجي في نهجها التوسُّعي وهي لما جوني، حيث أطلقت المصممة اللبنانية -التي سبق لها العمل لدى بالمان وريد كراكوف– علامتها للأزياء الجاهزة في العام 2013. ويسفر أسلوبها في التفصيل عن مجموعات مستوحاة من الهيب هوب تألقت بقطع منها كلٌ من بيلا حديد وريهانا – وتعاونت المصممة أيضاً مع علامة بوما لإصدار مجموعتين حصريتين من الأزياء الرياضية.

من تصاميم دانة ديزاين

نُشِر للمرة الأولى على صفحات عدد فبراير 2019 من ڤوغ العربية.

وللمصممين العرب منظورهم الخاص، حيث يستمدون معرفتهم من ثقافة باعثة على الفخر لكنها منعزلة في بعض الأحيان، وانفتحت منذ مدةٍ وجيزة لا غير على إعادة التأويل والتجريب. وهذه الفكرة تثير حماس ليس فقط المطلعين في هذه الصناعة فحسب، بل والسوق ذاتها أيضاً. “عندما بدأتُ تقديم مصممين عرب للجمهور العالمي في العام 2011، لم تكن ردة الفعل بتلك القوة”، هكذا صرح فراس الوهابي، وهو استشاري في مجال الموضة والأزياء ومالك وكالة “فو كونسلتنسي” الإبداعية، التي تضم دفاترها أسماء بعضٍ من أفضل مواهب التصميم في الشرق الأوسط، ويردف بالقول: “كانت منطقتنا لاتزال تعتبر منطقة استيراد لا تصدير، ولم يعرف وكلاء التجزئة ما إن كان زبائنهم سينجذبون إلى أسماء ووجهات نظرٍ عربية. ولكن هذا الأمر قد تغيّر بدرجة هائلة خلال العقد الأخير- فالصحافة والمشترون متحمسون وداعمون لما يجري في المنطقة”. وما يجري هو استنهاضٌ لشعور الفخر بالثقافة وإعادة ابتكارٍ لما قد يعنيه ذلك. أما المصممة رسيل شلهوب المولودة في بيروت، والتي تقدم علامتها بذلات توكسيدو رسمية تتصف بالأناقة وتعدد الاستعمالات، فقالت: “غالباً ما يحمل المصممون العرب رسالةً قويةً مستوحاة مما مرت به المنطقة من أحداث إيجابية وأخرى سلبية”، وأضافت: “هناك طاقة معينة تنبع من الفوضى في المنطقة، والتي تترجم لاحقاً إلى تصاميم جميلة ذات لمسات حساسة وراقية. وتلك الجماليات المحددة المستوحاة من إرثنا الشرق أوسطي لا مثيل لها”. ويردد مصممون آخرون أصداء ذلك حيث يدمجون ببراعة جذورهم في أزياء ذات جاذبية عالمية. تقول ريما البنا، مصممة علامة ريمامي التي تتخذ من الإمارات مقراً لها: “من المهم الاستمرار بإدخال ثقافتنا ورسوماتنا في تصاميم الأزياء الجاهزة العصرية للاستمرار بتثقيف جيل اليوم حول تراثنا”. بينما تُدخِل علامة سمسم رسومات مصرية مثل زهرة اللوتس في ابتكاراتها -التي ارتدتها نجمات مثل بليك ليفلي، وأوليفيا باليرمو، وجيجي حديد– مع اعتزاز مؤسِّسَة العلامة، عبير العتيبة، بإرثها الشرق أوسطي بكل فخرٍ. وتدمج أروى البنوي تراثها السعودي وثقافتها السويسرية في قطعها اللامعة المستوحاة من إطلالات الشارع. ومن ناحية أخرى، تمحو الفساتين المعدنية المنسابة والأغطية وبذلات الجمبسوت للمصممة السعودية المقيمة في دبي، دانة بوحمد، الخطَ الفاصل بين الأزياء اليومية وأزياء المناسبات الخاصة، فهي تستقي الإلهام من تراثها وتحوله إلى قطع عصرية تحمل دلالات خفية تشير في طيّاتها إلى شبه الجزيرة العربية. وعن ذلك تقول: “العناصر المختلفة التي تؤثر في التصميم العربي مثيرة للاهتمام. والأعمال اليدوية، والحِرَف، والمناظر الطبيعية، والتقاليد، والظروف… خلال عملية التصميم التي أتبعها، أبحث في العناصر المحيطة بنا طوال الوقت، والتي ربما نتعامل معها كمسلَّمات، وأستكشف تلك العناصر. إنَّ رؤية شيءٍ تقليديٍّ يذكرنا بآبائنا وأجددنا على منصات عالمية أمرٌ مثيرٌ للغاية”.

أروى البنوي مع جيدن سميث

ومع فعالياتٍ مثل مهرجان سول دي إكس بي، ومتاجر الفخامة مثل بلوم كونسبت في بيروت، ومنافذ البيع الإلكترونية العالمية التي تبيع إبداعات المصممين العرب، فإن أسلوب الأناقة في المنطقة ينفتح على عالمٍ جديدٍ من الفرص. وأزياء الشارع من أكثر أنواع الملابس إثارةً للاهتمام، مع انجذاب المصممين الشباب نحو مجموعات صغيرة من المتزلجين ومغنيي الراب ليعرضوا، بالتعاون معهم، مواهبهم المبدعة. يقول فراس الوهابي: “تشهد إطلالات الشارع لمسات عربية من فن الخط العربي، وإلهامٍ مصدره ثقافة المنطقة وتاريخها”. ويذكر العلامةَ الأردنية روماني وعلامةَ ذا نو بروجيكت كعلامتين ينبغي أخذهما بعين الاعتبار – والأخيرة هي علامة أحذية سنيكر، أسستها السعودية نور التميمي واللبنانية بسمة شدياق، وتتعاون مع فنانين لابتكار أحذية سنيكر محدودة الإصدار. ويواصل حديثه بالقول: “مع بزوغ هذه الفئات الجديدة، سنبدأ برؤية تدفق مصممين جدد وحتى فئات تصميم جديدة أكثر”.

من تصاميم مدية الشرقي

“من المثير للاهتمام أن هذا التحول يحدث بالفعل – فقد بدأت علامة مثل مدية الشرقي كعلامة تركز على أزياء المناسبات، وتضم الآن في معظمها قطعاً مفردة عصرية. يتأقلم المصممون هنا لما يريده الجمهور العالميّ”.

إلا أن هناك تحذيراً لهذه النقلة النوعية في المنطقة كما يشير فراس الوهابي، حيث يقول: “إن كنا نريد مشاهدة نموّ مصممي المنطقة، سنحتاج لمنشآت إنتاج أكثر – فعددها قليلٌ جداً هنا، وفي هذه المرحلة هذا كل ما يعيق النمو”. وتؤمن رسيل شلهوب بأن العالم يعي حقيقة أن المصممين العرب لديهم أكثر من ميزة واحدة؛ وأن بإمكانهم تصميم طيفٍ واسعٍ ومتنوعٍ من الموديلات والإبداع في ذلك، وأن هناك المزيد من المصممين العصريين في هذه المنطقة. وعن ذلك تقول: “أنا فخورة دوماً برؤية نجاح شخصٍ من أصول عربية، وسبب ذلك في الغالب لأنه يعني أنهم على الأرجح قد عملوا بجدٍ أكبر بكثيرٍ مما بذله الآخرون للوصول إلى هذا النجاح”، وتضيف: “لا حدود لما يمكن أن أحققه، خصوصاً في هذا اليوم وهذا العصر حيث يتجه الجميع نحو شمولية أوسع وانفتاح على التنوّع وكل ما هو جديد”.

والآن اقرؤوا: لهذه الأسباب يتعيّن عليكم دعم مبادرة #شراء_التصاميم_العربية

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع