مع تصاعد احتجاجات حركة ’حياة السود مهمة‘ التي اندلعت في أعقاب الحادث المفجع لمقتل جورج فلويد يوم 25 مايو في مينيابوليس نستعرض لكم افلام عن العنصرية ومشاكلها، بدأت الحوارات المفتوحة حول التمييز العِرقي داخل أمريكا تتطرق إلى الآثار طويلة الأمد التي خلفتها النظم العنصرية. فعلى مستوى الأفراد، سعى عديدون إلى توسعة نطاق معرفتهم بمظاهر التعصب والإجحاف العميقة التي تعرضت لها مجتمعات السود في شتى أنحاء العالم في ظل دعوة مدوّية للانضمام كحلفاء لهذه الحركة عن علم ودراية، وكذلك حرصوا على التعرف إلى الدور المنوط بهم أداؤه والسعي للتخلص من التحيّز غير الواعي الذي ربما ينتابهم.
أفضل افلام عن العنصرية
وعلى الرغم من توفر الكثير من المصادر للانطلاق في رحلة التثقيف الذاتي تلك، كما هو واضح من قائمة الترشيحات الطويلة المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن هناك أفلاماً تتماشى مع المناخ الذي نعيش في كنفه الآن، وتلقي مزيداً من الضوء على قصص السود التي طال الانتظار لسماعها. ولا شك أن مثل هذه الأفلام تشكل نقطة انطلاقة بارزة بالنسبة لكثيرين من بيننا. وبدايةً من الأفلام الوثائقية الزاخرة بآراء الخبراء حول قضايا الساعة، وصولاً إلى القصص الحقيقية الملهمة، إليكم هذه القائمة من الأفلام الحائزة على الجوائز والتي تناقش قضية التمييز العِرقي. ونعدكم بأن تترك هذه الأفلام في نفوسكم انطباعاً يدوم طويلاً على طريق رحلتكم إلى تغيير وجه الحياة لتتفكروا وتنضجوا
وتتغيروا…فيلم الرحمة فقط – Just Mercy أشهر افلام عن العنصرية
يستند الفيلم الدرامي “الرحمة فقط” Just Mercy، المقرر بثّه بالمجان على تطبيق iTunes طوال شهر يونيو، إلى السيرة الذاتية لحياة الشاب بريان ستيڤنسون مؤسس “مبادرة المساواة في العدالة”، فيما يلقي الضوء على العنصرية المنهجية المتفشّية داخل نظم العدالة الجنائية داخل الولايات المتحدة. ويعد الفيلم أشهر افلام عن العنصرية تدور أحداث هذا الفيلم المأساوي والملهم حول شاب تخرج في كلية القانون من جامعة هارڤارد (يقوم بدوره مايكل بي جوردان) انتقل إلى ولاية ألاباما للدفاع عن مجموعة من المسجونين المحكوم عليهم بالإعدام من غير القادرين على توكيل محام يدافع عنهم. وكانت من أولى القضايا البارزة التي تولى أمر الدفاع فيها قضية والتر ماكميلان المدان ظلماً (يقوم بدوره جيمي فوكس) الذي حكم عليه بالإعدام بتهمة قتل لم يرتكبها لفتاة بيضاء، رغم وجود كل الأدلة التي تثبت براءته. وبعيداً عن الأحداث الدرامية داخل قاعة المحكمة، فإن هذا الفيلم الحائز على العديد من جوائز الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين يقدم لمحة مهمة عن المعركة الدؤوبة للمطالبة بالمساواة في العدالة والتي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.
فيلم الثالث عشر – 13TH
تضم الولايات المتحدة 5% فقط من تعداد سكان العالم، بينما تأوي داخل سجونها 25% من سجناء العالم، وهي نسبة كبيرة تتجاوز بفارق كبير نظيرتها في الدول الأخرى. نعم، لم يعد يخفى على أحد أن دورة السجن الجماعي في أمريكا تمثل إشكالية لا يمكن إنكارها، إلا أنه غالباً ما يُغَض الطرف عن حقيقة كون ثلث هؤلاء المساجين من السود. وفي الفيلم الوثائقي “الثالث عشر” (13th) الذي طرحته نتفليكس والزاخر بمعلومات ثرية، تناقش المخرجة الغنية عن التعريف آڤا دوفيرناي في احد أشهر افلام عن العنصرية الآثار السلبية لنظام السجون الربحية على مجتمعات السود، كما تتطرق للعلاقة بين العِرق والعدالة في هذا الشكل العصري للعبودية. ويذكر أن هذا الفيلم رشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي عام 2017، كما حصل على جائزة الإيمي.
فيلم سيلما – Selma
يستعرض فيلم “سيلما” Selma تصويراً دقيقاً للحظة حاسمة في تاريخ أمريكا، حيث يروي قصة حياة زعيم الحقوق المدنية الدكتور مارتن لوثر كينغ الابن – تلك الشخصية المناضلة التي تحظى بشهرة واسعة في التاريخ الأمريكي. ويؤرخ الفيلم للمسيرات الحاشدة المطالبة بمنح الأمريكيين السود حقوق متساوية في التصويت بولاية ألاباما عام 1965، في ظل أوقات عصيبة حافلة بالاضطرابات بالجنوب. وبالفعل، استطاعت هذه الاحتجاجات السلمية والتظاهرات الحاشدة في نهاية المطاف أن تحرك المياه الراكدة بسن قوانين تمنع ممارسات التمييز العنصري في التصويت داخل الولايات المتحدة، وهي مشكلة يرى البعض أنها لا تزال قائمة حتى يومنا هذا، ولكن مع تطبيق أساليب إقصائية جديدة تستهدف السود، مثل فرض “ضرائب الرؤوس” وقوانين إثبات هوية الناخبين.
فيلم شخصيات خفية – Hidden Figures
رغم أن قصة عالِمات الرياضيات الأمريكيات الثلاث المنحدرات من أصول أفريقية، اللواتي ضربن بعلمهن الرياضي نموذجاً للتفوق والتميز بوكالة “ناسا” الفضائية إبان ستينيات القرن العشرين، لم تُعرف إلا مؤخراً نسبيا، فإن فيلم “شخصيات خفية” Hidden Figures يلقي الضوء على الدور الريادي الذي لعبته هؤلاء السيدات في إنجاح تجربة إرسال أول رائد فضاء أمريكي إلى المدار الفضائي، ليحفظن بذلك مكان أمريكا في سباق الفضاء. وجدير بالذكر أن هؤلاء البطلات المغمورات بالنسبة لنا واللواتي اضطرتهن الظروف لمواجهة ممارسات التمييز العنصري والتمييز بين الجنسين داخل مقر العمل قد أسهمن بشكل منقطع النظير في تمهيد الطريق أمام الأجيال المستقبلية من أصحاب العقول الفذة لتحقيق مزيد من نقاط التحول في الحياة. والفيلم من بطولة الثلاثي المتألق تاراجي بيندا هينسون، وأوكتاڤيا سبنسر، وجانيل موناي، ورُشِّحَ للعديد من جوائز الأوسكار من بينها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم، كما حصد جائزة نقابة ممثلي الشاشة “ساغ” عن فئة الأداء المميز لفريق العمل.
فيلم اللون البنفسجي – The Color Purple
مضى 35 عاماً على طرح فيلم “اللون البنفسجي” The Color Purple للمخرج ستيڤين سبيلبيرغ، ولا يزال تأثيره طويل المدى يمتد إلى مجتمعنا حتى يومنا هذا. ويروي هذا الفيلم، للكاتبة أليس ووكر والمقتبس عن رواية تحمل الاسم نفسه وحائزة على جائزة بوليتزر، قصة حياة مأساوية لفتاة في سن الرشد تدعى سيلي (قامت بدورها الممثلة ووبي غولدبيرغ)، وهي شابة أمريكية من أصل أفريقي نشأت في ريف جورجيا في بداية تسعينيات القرن العشرين. وبين ثنايا الأحداث، يتعرض الفيلم لكم الظلم والإجحاف الذي تعرضت له هذه الفتاة وغيرها من النساء السود على مدار حياتهن، بداية من العنصرية والتمييز بين الجنسين، ووصولاً إلى الفقر والعنف الأسري. وقد رُشِّح هذا الفيلم لـ11 جائزة أوسكار من بينها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم، كما نال جائزة الغولدن غلوب. وأخيراً، نقول إن هذه القصة الخالدة التي تقدم نموذجاً للتمكين والصمود في وجه القهر والأزمات أقل ما يمكن أن توصف به أنها مؤثرة بكل ما في الكلمة من معنى.
فيلم اخراج – Get Out
خلف عامل الصدمة التقليدي والقفزات التخويفية الشائعة في أفلام الرعب يكمن مستوى آخر أكثر عمقاً من الرعب في تجربة الإخراج الأولى للمخرج جوردان بيل، حيث العنصرية العارضة التي تظهر جلية في فيلمه “اخرج” Get Out. وتدور أحداث الفيلم حول الشاب الأسود كريس (أدى دوره الممثل دانيال كالويا) الذي قام بزيارة منزل حبيبته البيضاء في الريف لمقابلة والديها لأول مرة. وهناك، اكتشف سراً مخيفاً عن جيرانهم. وحرص مخرج هذا الفيلم، الذي قدم الرعب في قالب ساخر، على تقويض الصورة النمطية لأفلام الرعب من أجل الإدلاء بتعليق اجتماعي كنّا في أمسّ الحاجة إليه عن مظاهر الاضطهاد المرعبة التي تخيم على العلاقات العِرقية المعاصرة كي يتلقى جمهور السينما القضية بأسلوب جديد، كما يصور التعقيدات المحبطة المرتبطة بتهميش المجتمعات والأعمال العدائية اللاشعورية الطفيفة.
فيلم اسوار – Fences
فيلم “أسوار” Fences هو فيلم درامي مثير للمشاعر مقتبس عن مسرحية تحمل الاسم نفسه للمؤلف أوغست ويلسون حائزة على جائزة بوليتزر. ويقوم بدور البطولة دينزل واشنطن وڤيولا داڤيس، وتدور أحداثه حول رجل أمريكي أفريقي الأصل لم يستطع تحقيق حلمه كلاعب بيسبول في الدوري الرئيسي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية لأسباب عِرقية، وما تلا الحرب من آثار مدمرة على حياته وحياة أسرته ككل. ومن جهة أخرى، نجح الفيلم في الحصول على أربعة ترشيحات لجوائز الأوسكار، حيث رشحت بطلته ڤيولا داڤيس لجائزة أفضل ممثلة مساعدة، كما رُشِّح لجائزتين في حفل توزيع جوائز الغولدن غلوب، هذا علاوة على اختياره من قبل معهد الفيلم الأمريكي كواحد من بين أفضل عشرة أفلام لعام 2016.
فيلم 12 سنة من العبودية – 12 Years A Slave
يلقي فيلم “12 سنة من العبودية” 12 Years a Slave الضوء على الاعتداءات اللإنسانية التي كان يعانيها ملايين الأمريكيين المنحدرين من أصول أفريقية في المزارع الجنوبية خلال خمسينيات القرن التاسع عشر، ويوثق لقصة حياة رجل أسود حر تم خطفه وبيعه ليصير عبداً لاثني عشر عاماً لقي فيها ما لقي من الشقاء والعذاب. وهو فيلم تثقيفي بالدرجة الأولى، ومقتبس عن مذكرات حقيقية، واستطاع عن جدارة انتزاع ثلاث جوائز للأوسكار دخل بها التاريخ من أوسع أبوابه، من بينها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم لعام 2014، بالإضافة إلى حصوله على جائزة الغولدن غلوب عن فئة أفضل فيلم درامي، وجائزة البافتا عن فئة أفضل فيلم، لتصويره المضني لماضٍ حافل بالأعمال الوحشية التي لا يزال نزيفها مستمراً حتى يومنا هذا.
فيلم لو كان لشارع بيل أن يتكلم – If Beale Street Could Talk
“لو كان لشارع بيل أن يتكلم” If Beale Street Could Talk هو فيلم درامي حائز على عديد من الجوائز ومقتبس عن رواية حققت أعلى المبيعات تحمل الاسم نفسه للروائي جيمس بالدوين. ويروي الفيلم قصة حب تنفطر لها القلوب بين حبيبين مهددين بالفراق بسبب قهر نظام العدالة الجنائية. وعلى الرغم من أن أحداث الفيلم تدور في نيويورك خلال ستينيات القرن العشرين، إلا أن أوجه الشبه العجيبة بينه وبين التفرقة العِرقية التي نعيشها في الوقت الحاضر تلخص لنا حقيقة واحدة، ألا وهي أن طريق الإصلاح لا يزال طويلاً أمامنا.
فيلم أفضل الأعداء – The Best Of Enemies
يستند فيلم “أفضل الأعداء” The Best of Enemies السينمائي إلى أحداث قصة حقيقية تصور نجاح بعض الشخصيات المؤثرة في إحداث تغيير جذري في مجتمعاتهم، حيث يغوص في أحداث رحلة مليئة بالتحديّات لتسوية الخلاف بين ناشطة جريئة في الحقوق المدنية وزعيم حركة “كو كلوكس كلان” اللذين اجتمعا على مضض على مائدة اجتماعات واحدة في لقاء تاريخي يناقش إنهاء الفصل العِرقي في المدارس وتمييز البيض بإحدى مدن ولاية نورث كارولاينا.
فيلم فلتعلمنا كلنا – Teach Us All
يعتبر توفير فرص متكافئة للتعليم من الموضوعات التي غالباً ما يُغفَل عنها في سياق التفرقة العِرقية. غير أن فيلم “فلتعلمنا كلنا” Teach Us All الوثائقي الذي حاز على إعجاب النقّاد يعرض للمشاهدين كيف أنه بعد مرور أكثر من ستة عقود من الزمان على قضية براون ضد مجلس التعليم –التي غيّرت وجه التاريخ بعد أن أنهت الفصل العنصري القانوني في المدارس الأمريكية- لا تزال تلك التفرقة قائمة بشكل متخفٍّ تحت صور أخرى، تتراوح بين إجراءات القبول التحيزية والموارد التعليمية غير المتكافئة من ناحية وضعف تمويل المناطق التعليمية ذات الأغلبية السوداء من ناحية أخرى.
فيلم أنا لست زنجياً تملكه – I Am Not Your Negro
لقد أسهمت كلمات الروائي الأمريكي جيمس بالدوين حول الصراع العِرقي في أمريكا في تحريك وعي أمة بأكملها، بداية من حركة “الحقوق المدنية” وصولاً إلى حركة “حياة السود مهمة”. وفيلم “أنا لست زنجياً تملكه” I am Not Your Negro مستوحى من سير ذاتية كان يعتزم بالدوين كتابتها تخليداً لحياة أصدقائه مارتن لوثر كينغ الابن، ومالكولم إكس، وميدغار إيڤاز، واحتفاءً بمثلهم العليا كذلك. ويصاحب هذا الفيلم -احد أشهر افلام عن العنصرية الذي رُشِّح لجائزة الأوسكار والحائز على جائزة الإيمي- التعليق الصوتي للممثل صامويل إل جاكسون، كما جمع بين النص الذي لم ينته المؤلف منه والمشاهد الأرشيفية معاً في نسيج واحد لإلقاء الضوء على العنصرية في الحياة المعاصرة من وجهة نظر ثورية.
فيلم محطة فروتڤيل – Fruitvale Station
أوسكار غرانت (الذي يقوم بدوره الممثل مايكل بي جوردان) ما هو إلا اسم آخر يضاف إلى القائمة الطويلة التي تضم آلاف السود غير المسلحين ممن قتلوا على يد ضباط شرطة من البيض. وتستند أحداث فيلم “محطة فروتڤيل” Fruitvale Station إلى قصة حقيقية تقشعر لها الأبدان لحادث وقع في محطة قطار لوس أنجلوس قبل أكثر من عقد من الزمان، ليفسر بذلك الأعمال الوحشية التي ترتكبها الشرطة بلا رادع لدوافع عنصرية في الوقت الراهن، كما يصور في إطار درامي الظلم الذي لا يزال يدمر حياة الكثيرين قبل الأوان بأوان بمعدلات كبيرة للغاية.
اقرؤوا أيضاً: مشاهير عرب يتضامنون مع جورج فلويد