أكتبُ كلمة رئيس التحرير هذه من أسبوع باريس للموضة، ولكن عقلي وقلبي في لبنان. وعن نفسي، أشعرُ بالمرارة والمشقّة من مزاولتي لعملي وحضوري للعروض بينما تتفاقم الأوضاع الأليمة في البلاد. وتجول في عقلي الخواطر دونما توقف، مفكرًا في الدور الذي يمكنني القيام به لتحسين الوضع بعض الشيء. وللأسف، لم أتوصل إلى الإجابة بعد.
وأشد ما يزعجني حقًا هو مشاهدة كل هذا على شاشة هاتفي من غرفة مريحة بالفندق. ولا يمكنني تصوّر مدى صدمة الناس الموجودين بالفعل على أرض لبنان أو اللبنانيين المقيمين في الخارج، بعيدًا عن عائلاتهم. ومن المؤلم أن كثيرًا من الموظفين في مكتبنا في ڤوغ العربية يعانون من هذا الوضع. أبناء بعيدون عن آبائهم، وأمهات بعيدات عن أطفالهن…
إن لبنان بلد يتمتع بجمال لا مثيل له وبه أروع المناظر الطبيعية وأكثرها تنوعًا، والتي يمكن الاستمتاع بها في جميع فصول السنة. وتعاودني ذكرى الأيام الرائعة على الشواطئ في الصيف، والثلوج الساحرة في الشتاء. وكان كثيرٌ من هذه المواقع خلفيات لعدد من أجمل جلسات التصوير التي لا تُنسى لـڤوغ العربية.
بيد أن جمال هذا البلد ينبع أيضًا من شعبه الذي يتميّز بالدفء والترحاب، فضلاً عن قدرتهم على الصمود – حتى عندما تُلقي الحياة بمصاعبها العديدة على اللبنانيين. ومؤخراً، قرأتُ على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقًا يقول: «لقد سئمنا من الصمود». ورأيتُ كيف كانت هذه الكلمات مؤثّرة للغاية، وتبرز تمامًا شعور اليأس الذي تملّك الناسَ على مدى العقود الماضية.
لقد كان لبنان على مدى قرون مركزًا للإبداع في المنطقة العربية، وليس أدلّ على ذلك من أن كوكبة من أكثر المصممين والمصورين والنجوم موهبةً ينحدرون من لبنان. وبالطبع، دعونا لا ننسى الموسيقى ونجمات الغناء اللامعات مثل صباح، وماجدة الرومي، ونجوى كرم، والمطربة الأيقونة فيروز. وكما قلتُ من قبل، أنا لا أعرف حقًا ما الحل لمواجهة ما يحدث في الوقت الحالي، لذا سأحاول التركيز على صور السعادة والجمال والإبداع النابع من هذا البلد الذي نحبّه جميعًا ونعتز به. ومع هذه الذكريات، أبعثُ أيضًا خالص أمنياتي المفعمة بالأمل والنور إلى لبنان وشعبه.